بين “بلوك” و”زوج أختي يعاكسني”.. هل تصلح نصائح رضوى الشربيني لكل الأنماط المجتمعية؟ العلم يجيب

«عدوة الرجال».. هكذا أصبح رواد شبكات التواصل الاجتماعي يُلقبون الإعلامية المصرية رضوى الشربيني، بعدما شنَّت حرباً علنية على الرجال، عن طريق نصائحها

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/09 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/09 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش
عدوة الرجال

"عدوة الرجال".. هكذا أصبح رواد شبكات التواصل الاجتماعي يُلقبون الإعلامية المصرية رضوى الشربيني، بعدما شنَّت حرباً علنية على الرجال، عن طريق نصائحها التي توجِّهها للسيدات والفتيات، وتطالبهن فيها بالدفاع عن حقوقهن.

تلك النصائح هي نتاج تجاربها الشخصية البحتة، وليست عن علم أو دراسة، الأمر الذي يجعلنا نطرح سؤالاً بديهياً: هل يمكن أن يؤدي المذيع دور المرشد الاجتماعي من دون أن يعرض كلَّ الجوانب للأمور؟ وما النصائح التي وجَّهتها رضوى إلى النساء، وما مدى صحة آرائها علمياً واجتماعياً؟

بلوك، بلوك، بلوك.. النصيحة  الشهيرة.. طريقة خاطئة!

كان الفيديو الأعلى مشاهدة لرضوى الشربيني على موقع "يوتيوب" هو الذي نصحت فيه فتاة تشتكي في مكالمة تليفونية من إهمال خطيبها لها، بأن تواجه كلَّ أفعاله بـ "البلوك"!

لم توجِّه رضوى للمتصلة أية أسئلة حول طبيعة علاقتهما أو شخصية خطيبها أو ظروف عمله، ولم تستمع بالطبع إلى الطرف الآخر.

هذه الطريقة الخاطئة وغير الممنهجة في حلِّ المشكلات كانت كفيلة بإضعاف موقفها، أمام سيل السخرية الذي واجه به روادُ شبكات التواصل الاجتماعي ردَّ فعل المذيعة على مشكلة المتصلة، ونصحها لحلها من دون طرح كل الجوانب، أو اتخاذ الحياد العلمي على الأقل، وتجاهلت ما يمكن عمله علمياً في تلك الحالة، مثل تناول الأمر على أنه "طرح فقط" يمكن تجربته، أو قياس ردود فعل الشركاء بطرق أكثر تمهلاً، أو إظهار التعاطف empathy  بحسب ما نشره الطبيب والخبير النفسي Aled davis  في مدونته العلمية.

على أثر ذلك ظهر هاشتاغ #رضوى_الشربيني، الذي أظهر فيه الرجال امتعاضَهم من تلك المذيعة، وطالبوا بوقف برنامجها، لكن معظم الفتيات وقفن في صفِّ رضوى، وبرَّرن موقفها، وفسَّرن هذا الهجوم من الرجال عليها بأنه رد فعل طبيعي لأي فعل يغير ثوابت المجتمع الذكوري.

شاركت تجربة إنقاصها لوزنها، وعملية تجميل أنفها، وطلاقها.. من دون أسس علمية

يحظى برنامج رضوى الشربيني "هي وبس" بنسبة مشاهدة عالية، ويبدو ذلك لأن المذيعة تشارك المشاهِدات تجاربها الشخصية، وتحكيها معهن على سبيل الفضفضة، فيشعرن بالقرب منها، كما أنها تجهش بالبكاء في كل مرة تستمع فيها إلى مداخلة هاتفية تحمل قصة مؤثرة، وهو ما يزيد من تعاطف جمهور النساء معها.

رضوى بالتأكيد لم تعرف بطريقة أكاديمية، أن من طرق إثارة انتباه الجماهير سرد القصص بضمير "أنا"، لكنها عرفت ذلك بذكاء الأنثى التي تستدعي أحياناً تعاطف مَن حولها بسرد تجاربها المؤثرة، وبالبكاء في أحيان أخرى.

تحكي رضوى أنها كانت تعاني من مشكلة نفسية مع أنفها، نتيجة لسخرية شخص ما منه، مما دفعها لإجراء جراحة تجميل من أجل تصغير حجمه، دون أن تذكر حتى أن عمليات التجميل قد لا تكون مناسبة للجميع، بخلاف الجدل حول جدواها وأضرارها، وسردت رضوى للمشاهِدات قصة نجاحها في إنقاص وزنها، وأخبرتهن عن سر ذلك في برنامج اتبعته هي، والذي ربما لا يكون مناسباً لكل الأشخاص والأعمار والحالات الصحية، بحسب ما نشره موقع كُلية contemporary health البريطانية.

تعدد الزوجات.. الحل الوحيد عندها لتلك المشكلة هو الطلاق.. ليس دائماً!

في إحدى الحلقات تظهر رضوى وبصحبتها امرأة عراقية تدعى "ميس محمد"، تقول إنها خبيرة في مجال التنمية البشرية، وجاءت خصيصاً من العراق لتوجه النصيحة لكل امرأة تزوَّج زوجُها من امرأة أخرى.

تتحدث ميس عن أن التفسير الوحيد لزواج الرجل من امرأة أخرى هو عدم حبه لزوجته الأولى، وعدم شعورهما بالسعادة معاً، إذاً فالحل هو أن ينفصلا، ويبحث كلا الزوجين عن السعادة مع أشخاص آخرين، تؤيدها رضوى، ويتحدثن معاً عن كيف تبدأ المرأة بالبحث عن عمل قبل أن تلجأ للطلاق.

لم تذكر رضوى أو ضيفتها أن هناك احتمالات أخرى تدفع الرجل للزواج، قد تكون خاصة بالزوجة نفسها، وليس بالزوج ورغباته، وشهواته، أو مثلاً أن بعض الرجال علمياً يمكنهم الوقوع في حب امرأتين في الوقت نفسه، ولكن في مراحل مختلفة، وبدلاً من ذكر الاستثناءات بشكل علمي، أو عرض كُل الجوانب للحقائق، اكتفت رضوى بالحلول النهائية وتوجيه اللوم إلى الرجال في المقام الأول.

على الرغم من أن البرنامج الذي تُقدمه الإعلامية رضوى الشربيني موجه لكل النساء، وأغلبهن من المسلمات، وبالتالي يُشرع لأزواجهن التعدد، لكنها تتحدث عنه وكأنه نوع من "الخيانة"، التي تعتبر في كل ثقافة ودين أمراً محرماً ومكروهاً بالفعل، لكن "الزاوية" الانتقامية، وردّ الاعتبار هما في الغالب ما تتناوله رضوى في برنامجها.

كيف تنالين التقدير من زوجك بطريقة رضوى الشربيني!

تحكي رضوى في مقدمة إحدى حلقات برنامج "هي وبس" قصة ممتعة -حسب وصفها- عن امرأة متزوجة لا تعمل، كانت تفتقد الشكر والتقدير من زوجها، وكان زوجها يتحجَّج بانشغاله وتعبه هو الآخر في العمل، من أجل تحقيق متطلبات الأسرة ودفع مصاريف مدارس الأبناء، وبينما تلك المرأة تتصفح الفيسبوك وجدت الحلَّ عند امرأة أخرى تعاني نفس مشكلتها، فطبَّقت ذلك الحل بحذافيره.

مكثت تلك الزوجة ثلاثة أيام تُخطط كيف ستُعلم زوجها درساً يجعله ممتناً لها بعد أي عمل تقوم به في المنزل، وفي نهاية اليوم الثالث عاد الزوج من عمله في نفس موعد رجوعه، فوجد أبناءه يجلسون على السلم بملابس رثة، وشعرهم غير مهندم، ويفتقرون للنظافة العامة، فانزعج ودخل عليها الغرفة، وجدها تقرأ في كتاب، وكانت هي الأخرى شعثاء مثل أبنائها وغير أنيقة، وفور دخوله أخذ يعنّفها على هذه الفوضى، لكنَّها ردَّت عليه بهدوء وقالت له، إنها تحكي له كلَّ يومٍ عن جهودها في تنظيم وتنظيف المنزل، ولكنه يُقلل من ذلك المجهود، ويعتبر أنها ما دامت تجلس في المنزل فهي مرتاحة.

وفي مشهد درامي تصف رضوى ردَّ فعل الزوج، وجلوسه منكّساً رأسه ليُفكر في الأمر، ليفيق بعدها وقد تعلَّم الدرس، وأصبح يشكر زوجته على أي مجهود تقوم به في المنزل، ويقول لها: "تسلم إيدك".

مَدَحت رضوى تصرف تلك الزوجة الحكيمة، ولم تتوقع أن ذلك الموقف ربما قد يؤدي إلى اشتعال المشكلات في بعض البيوت، وأن رد فعل ذلك الزوج ربما لا يتطابق مع ردود أفعال أزواج آخرين، وأن طريقة حصول الزوجة على تقدير زوجها ليست تلك الطريقة بالتأكيد، فهُناك طُرق أخرى موصى بها في علم الاجتماع والأسرة أكثر عقلانية وأقل جنوناً، مثل المُصارحة والاحتواء وتبادل الهدايا وإظهار التقدير والتعاطف، وأن تلك الطريقة قد لا تصلح من كل أنواع الرجال، التي ربما قد تسبب تفاقم الأمر، لو أن الزوج رجل عنيد مثلاً، أو عصبي وما إلى ذلك، فليس كل رجل بالشخصية والطباع ذاتها.

كيف أتعامل مع زوجي العصبي؟

في نصيحتها لسيدة طلبت منها أن تُخبرها عن طريقة التعامل الصحيحة مع الزوج العصبي، استدعت رضوى الشربيني ذاكرتها الدراسية، وأخبرتها أنها درست في الإعلام أن مواجهة الشخص العصبي تكون بأربع طرائق: توجيه النظرات الغاضبة، وإخباره بنغمة صوت منخفضة لكنها تُعبر عن الغضب  أنها لا تقبل ذلك، أو إخباره بعدم رغبتها في الحديث، أو عدم تنفيذها لرغبته التي يلح على تنفيذها أثناء غضبه.

يبدو أن كل تلك النصائح الإعلامية غير صالحة للتطبيق في نطاق الأسرة، إذ ليس من المناسب تحدي الزوج الغاضب؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى تصاعد الخلافات وتدمير الأسرة، ولكن الطريقة الصحيحة علمياً في مواجهة غضب الشريك بشكل عام هي عدم مجاراته في العصبية، وسرعة تقديم الاعتذار، وإشعاره أنه محل تقدير، وله مكانة عالية في الأسرة، ومحاولة احتوائه بالعطف والحب، وعمل كل ما من شأنه أن يُهدئ الموقف، بحسب أكثر من توجيه متخصص في علم النفس، أو في استشارات الزواج الاجتماعية.

زوج أختي يُعاكسني.. النصيحة الوحيدة التي اقتربت من الدقة العلمية!

في مشكلة أرسلتها إحدى الفتيات إلى البرنامج، روت فيها كيف أن زوج أختها يتحرش بها، ويستغل فرصة ذهابها إلى أختها ليُحاول أن يُقنعها بممارسة أفعال مخلة معه، حتى إنها امتنعت عن الذهاب، وتسأل رضوى: هل أُخبر أختي أم لا؟

أجابت رضوى بضرورة إخبارها لأختها؛ لأن هذا رجل مريض؛ ولأن سنها الصغيرة تحتم عليه أن يعتبرها كأخته الصغيرة، وإذا كانت الجرأة قد بلغت به أن يفعل ذلك مع أخت زوجته فماذا يفعل مع النساء الأخريات، وسألتها: هل تخافين أن تتعرض أختك للطلاق؟ لا داعي للخوف لأنها من الضروري أن تطلب الطلاق، وإذا لم تصدقك أختك فقد أديتِ ما عليكِ، وسوف تُدرك أختك أهمية كلامك هذا في وقت متأخر، وستأتي لتعتذر لكِ.

كانت هذه الإجابة من الإجابات الموفقة التي طرحتها رضوى كحلٍّ نهائي لمشكلة اجتماعية انتشرت مؤخراً، قد يكون السكوت عنها مدعاة لمزيد من المشكلات، وحيث إن التحرش بشخص آخر غير الشريك يدل علمياً على  السلوك النفسي غير السوي.

تحميل المزيد