الحفلات الموسيقية في معقل المتشددين بإيران لأول مرة منذ عقود.. الأكثر مفاجأة هو موقف الرجل الذي منعها وكلمته فوق القانون

حفل موسيقى في مدينة مشهد الإيرانية.. ربما يبدو هذا الأمر غريباً على المدينة الدينية البارزة في إيران والتي لم تحتضن أي حفلات منذ عقود، لكن هذا ما حدث بالفعل

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/25 الساعة 14:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/04 الساعة 11:46 بتوقيت غرينتش

حفل موسيقى في مدينة مشهد الإيرانية.. ربما يبدو هذا الأمر غريباً على المدينة الدينية البارزة في إيران والتي لم تحتضن أي حفلات منذ عقود، لكن هذا ما حدث بالفعل.

"الحمد لله.. المقاومة ضد الموسيقى فى مشهد انتهت"، هكذا بدأ المطرب الايراني الشهير حسام الدين سراج المؤتمر الصحفي بعد انتهائه من حفله الموسيقي الأول في مدينة مشهد الإيرانية.

#ايران_من #hesamoddin_seraj #hesamoddinseraj

A post shared by حسام الدين سراج (@hesamoddin_seraj) on

تعد مدينة مشهد ثاني أكبر المدن الإيرانية من حيث عدد السكان، وتعد المدينة الدينية الأبرز بعد قم، حيث يوجد بها ضريح الإمام الرضا، ثامن الأئمة الاثني عشر عند الشيعة.

وتعتبر مشهد معقل المحافظين والمتشددين، وكانت من أهم  وأكبر المدن التي دعمت المرشح الرئاسي إبراهيم رئيسي، المنافس لحسن روحاني في الانتخابات الرئاسية عام 2017.

ولأول مرة منذ سنوات طويلة من المنع يقام حفل موسيقي في تلك المدينة، لذلك كانت أعداد الحاضرين كبيرة للغاية.

رجل واحد وراء المنع

فى حقيقة الأمر، لا يوجد أي سبب قانوني لمنع الحفلات الموسيقية، ليس في مشهد فقط، ولكن في سائر المدن الإيرانية.

ولكن المنع في مدينة مشهد يأتي من رجل واحد فقط، وهو إمام صلاة الجمعة في المدينة وأحد أهم رجال الدين الشيعة، آية الله أحمد علم الهدى، المعروف بآرائه المثيرة للاستغراب في بعض الأحيان.

بسبب آية الله علم الهدى لا يوجد في مشهد أي حفلات موسيقية أو فعاليات فنية، فأهالي المدينة محرومون من كل تلك الأمور، وعليهم السفر إلى المدن المجاورة للاستمتاع بالموسيقى والعروض الفنية.

فى إحدى خطبه قال علم الهدى إن "مدينة يوجد بها ضريح الإمام الرضا لا يمكن أن تقام بها الحفلات الموسيقية، فهذا الأمر إهانة للإمام".

يروي "عزت" أحد منظمي الحفلات في إيران لـ"عربي بوست"، أن علم الهدى يستدعي قوات الأمن في كل مرة تتم فيها إقامة حفل بمشهد، "نحصل على كافة التصاريح من وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، ولا يوجد أي مانع قانوني أو أمني، وقبل إقامة الحفل بسويعات، نجد قوات الأمن أمامنا، والسبب معروف: علم الهدى".

عندما تم انتقاد أفعال علم الهدى، صرح قائلاً "إذا كنت تريد الاستماع إلى الموسيقى، فيجب عليك العيش في مدينة أخرى غير مشهد، فلماذا تختار مدينة دينية؟".

أهالي مشهد لا يملكون الاعتراض على أوامر رجال الدين

في الواقع من غير القانوني في إيران أن يصدر رجال الدين وخطباء صلاة الجمعة أي أوامر تتعارض مع الأوامر والقوانين الحكومية، لكن في مشهد الأمر مختلف، والحجة التي تقال دائماً أنها مدينة مرقد الإمام الرضا.

في المحافظات الإيرانية المختلفة يوجد لكل محافظة ممثل للمرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، وهو المسئول عن إدارة الأمور الداخلية للمحافظة ويجب على الجميع بمن فيهم رجال الدين اتباعه.

ويجب على ممثل المرشد أن يتبع الحكومة المركزية في طهران ولا يخرج عنها، لكن في مشهد اتبع الجميع أوامر رجل الدين أحمد علم الهدى، ولم يستطع الأهالي الاعتراض على تلك القوانين التي وضعها علم الهدى.

تعرض علم الهدى لانتقادات واسعة بسبب منعه الموسيقى وخاصة وسط رجال الدين البارزين، فقال رجل الدين الشهير محسن غرويان إن إلغاء الحفلات الموسيقية في مدينة مشهد خطأ كبير ولا أساس فقهي له، وأضاف قائلاً إذا كان القانون الإيراني يسمح بإقامة الحفلات، فلا يوجد سبب لمنعها حتى وإن أراد ذلك رجال الدين.

يقول عزت منظم الحفلات لـ"عربي بوست"، "لن يستطيع أحد الوقوف ضد رغبة علم الهدى، حتى أن وزارة الثقافة قالت إنها ستوقف إصدار تصاريح الحفلات الموسيقية في مشهد، طالما أنها يتم منعها من قبل آية الله علم الهدى".

لكن كيف تمت إقامة هذا الحفل إذاً؟

حسام الدين سراج مطرب عرف بموسيقاه الفارسية التقليدية ويحظى بشعبية كبيرة بين الإيرانيين، منذ عدة سنوات حاول إقامة حفل موسيقي في مدينة مشهد، ولكن بطبيعة الحال تم إلغاء الحفل قبل بدايته، لكن تلك المرة نجح وسط استغراب أغلب الإيرانيين.

يستنتج منظم الحفلات عزت أن يكون حسام الدين لجأ إلى واسطة بعض الشخصيات الدينية المعروفة كي يحصل على موافقة علم الهدى، ويبرهن على ذلك بأنه بعد أيام قليلة من حفل حسام الدين، حاول البعض من مغنيي موسيقى البوب أن يقيموا حفلات في مشهد، ولكن تم منعهم كما جارت العادة.

بعد الحفل صرح حسام الدين سراج بأنه مندهش من الحظر المفروض على الموسيقى في مدينة مشهد، وقال "يجب أن نسمح للفنانين بإقامة حفلات وعروض فنية في جميع المحافظات الإيرانية، لنشر التذوق الفني لدى الإيرانيين".

إلى الآن لا يعلم أحد لماذا وافق آية الله أحمد علم الهدى على إقامة هذا الحفل، ولكن تشير التكهنات إلى أن موافقته جاءت بعد ضغوطات كبيرة من رجال الدين البارزين.

ويأمل أهالي مشهد أن لا تكون تلك هي الحفلة الأولى والأخيرة.


بالغناء في الشارع.. مغنٍّ إيراني يحارب العقوبات الأميركية وانهيار عُملة بلاده

لم يذهب سائح إلى سوريا إلا وتذوقها.. دمشق تغلق بوظة بكداش التاريخية للمرة الثانية، فهل لإيران علاقة بالأمر؟

علامات:
تحميل المزيد