بينما كان يقفز عبر المبنى جرح كاحله.
لم يكن هذا خيالاً أو تمثيلاً، بل حادثة وقعت في أحد أجزاء سلسلة أفلام Mission Impossible.
يبدو أن توم كروز وقع في عشق هذه السلسلة، أو على الأقل أدرك قيمتها له كأكثر السلاسل موثوقية في هوليوود، ولذا كانت قصته مع Mission Impossible فريدة منذ بدايتها.
هكذا تختلف عن باقي سلاسل أفلام هوليوود
ما هو مستحيل حقاً في سلسلة أفلام Mission Impossible، هل هي الأقنعة المطاطية أو العلكة المتفجرة أو ساعات العد التنازلي النووية التي تتوقف دائماً قبل ثانية واحدة من انفجارها؟
تتسم جميع سلاسل الأفلام بجوانب غير معقولة، سواء تعلَّق ذلك بسيارات Transformers التي تتمتع بمشاعر، أو فان ديزل الحساس في Fast and Furious.
لكن سلسلة أفلام Mission: Impossible هي الوحيدة التي كانت تحظى بمراجعات إيجابية مع كل جزء جديد ينزل للسوق.
كما ظلت تتسلق سلم النجاح التصاعدي، حتى نجحت في اقتحام تصنيف موقع Rotten Tomatoes، كما لو كانت تتمتع بقوة جذب كهرومغناطيسية، حسب وصف إيمي نيكلسون مؤلفة كتاب Tom Cruise: Anatomy of a Actor، في مقال نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
في هذه الأثناء، عجز بروس ويليس عن تحقيق النجاح ذاته من خلال سلسلة أفلام داي هارد، حسب قولها.
وفي نهاية هذا الأسبوع، حصل Mission Impossible Fallout على أفضل التعليقات من قبل النقاد، ضمن مسيرة توم كروز، بل إنه تفوق على الأفلام الثلاثة التي ساهمت في ترشيحه لجائزة الأوسكار. كما يعد هذا الفيلم ثاني أعلى افتتاح له في شباك التذاكر، بعد فيلم War of the Worlds الذي صدر سنة 2005. ومن المحتمل أن Fallout كان سيتغلّب على ذلك الفيلم لو لم تتعطل خدمة حجز التذاكر MoviePass.
هكذا كان كروز يطارد أوسكار، لكن الأهم أنه يعرف متى يستمر أو يتوقف
كروز حقَّق نجاحات مبهرة من خلال مهنة لم يكن يعتزم من الأساس أن يعمل ضمنها، حتى إن سلسلة أفلام Mission Impossible كانت مستبعدة في إطار مسيرته المهنية.
وقبل أن يلعب دور إيثان هانت، رفض كروز المشاركة ما لم يكن هناك جزء ثان للفيلم، في الثمانينات.
في المقابل، فقد أبى كروز التمثيل في top gun 2 ليمثل The Color of Money وRain Man. وقد برَّر موقفه قائلاً: "لم يكن هناك مجال للتمثيل في جزء ثان".
خلال العقد الأول من سطوع نجمه في عالم السينما، كان كروز يطارد جوائز الأوسكار، بدلاً من الأشرار. وقد كانت الشخصيات التي أداها في مختلف الأفلام تقاتل وتتصارع مع شعورها بالذنب وتحقيق السعادة.
كممثل، كان ذلك كل ما يحتاج إليه كروز. لكن عندما قام بتأسيس Cruise / Wagner Productions، خلال فترة التسعينات، وقرر إنتاج أفلامه الخاصة، كان كروز في حاجة إلى تحقيق نجاح منقطع النظير.
أدرك أنه لا يصلح أن يكون نجماً مفتول العضلات، فجاءته الفكرة المجنونة
"كنت أبحث عن فيلم حركة"، هكذا يقول كروز عن تلك المرحلة.
في ذلك الوقت، كان ذلك يعني تقليد ستالون أو شوارزنيجر أو سيغال. لكن، لم يكن يناسبه لعب دور الشخصيات مفتولة العضلات.
في الأثناء، تملكته أفكار مجنونة، حيث تذكر أحد المسلسلات التلفزيونية المفضلة في طفولته، الذي كان يعرف "بمهمة مستحيلة". وقد استخدم الأبطال فيه أدمغتهم، وليس الرصاص. عندما طرح الفكرة لأول مرة على فريق العمل سنة 1992، عمل الاستوديو على إمعان النظر في الأمر عدة مرات.
ولكن الجميع بدا مندهشاً منه
"نظر الناس لي باستغراب، لأن الفكرة كانت مبنية على مسلسل تلفزيوني، ولم يكن المنتجون يتبعون هذا النهج"، هكذا يصف كروز ردَّ فعل المحيطين على هذه الفكرة.
وبفضله بات هذا النهج متبعاً، سواء كان ذلك أمراً جيداً أو سيئاً، حسب وصف كاتبة المقال.
ولم يتوان كروز عن خوض المزيد من المخاطر.
ثم اختار مخرجاً لم يسبق أن حقق نجاحاً كبيراً
عيّن كروز بريان دي بالما لإخراج الفيلم، ذلك العبقري الخبيث الذي لم يسبق له أن حقق أي نجاح كبير.
وبدلاً من إعادة تجسيد المسلسل من خلال لعب دور النجم الرئيسي جيم فيلبس، عمد إلى تصويره على أنه الشخصية الشريرة. والجدير بالذكر أن أحد أعضاء فريق العمل التلفزيوني كان مستاءً من شخصية فيلبس الشرير، لدرجة أنه خرج من المسرح.
ومع ذلك، كانت الجماهير منبهرة بإيثان هانت، الذي كان ينزلق هنا وهناك ويتخفّى بأقنعة عديدة، حتى إنه كاد يقطع رقبته بواسطة شفرة مروحية.
ورغم الاستعانة ببديل فإن كروز قرر أن يؤدي المشاهد الخطيرة بنفسه
وبصفته منتجاً، لم ينجح كروز فقط في إنهاء Mission Impossible في المواعيد المحددة، والالتزام بالميزانية المخصصة، بل تمكّن من إنهاء الفيلم قبل الموعد المحدد وبميزانية أقل مما رصد له.
استعان منتجو فيلم Mission Impossible بممثل آخر لتأدية المشاهد الخطيرة عوضاً عن توم كروز، إلا أنه نادراً ما كانت تظهر المشاهد التي يقوم بها على الشاشة، وكان كروز قد وكله بتأدية الحركات والحيل، لا لشيء إلا لفهم حجم المخاطر.
وقال كروز عن هذا البديل: "كان يقدم لي فكرة عن درجة الألم الناجمة عن كل حركة. ومن ثم كنت أصور المشهد الأخير بنفسي لأعايش بذلك الألم الحقيقي".
وتجنَّب صناع الفيلم المبالغة في الاستعانة بالتكنولوجيا
وفعلاً، تجنَّب صانعو الفيلم المبالغة في اعتماد الرسوميات الحاسوبية والمشاهد المعقدة. وعندما لم يتمكن كروز من الحفاظ على توازنه، قام بكل بساطة بتحويل وزن حذائه من خلال وضع عملات معدنية داخل جواربه.
في الوقت الراهن، باتت مشاهد الحركة الجريئة والمثيرة جوهرية في شباك التذاكر، ولا تقل أهمية عن توم كروز. لم يكن المراهقون موجودين بالفعل عند خسارة توم كروز لجائزة الأوسكار، حيث يعرفونه فقط في صورة ذلك الرجل الذي يتدلى خارج طائرة. في البداية، استمتع معجبو الفيلم بمشاهدة كروز ينفذ المشاهد الخطيرة بطريقة مثالية. وفي الجزء الرابع من الفيلم، كنا مستمتعين برؤيته وهو يتلقى ضرباً مبرحاً.
والأمر وصل إلى أن كاحله كسر وهو ينفذ قفزة عبر المبنى
في فيلم Mission: Impossible – Fallout – لم يكسر كروز كاحله فقط عند قفزه عبر المبنى، بل أكمل تصوير الفيلم على تلك الحالة.
في الجزء الرابع من سلسلة أفلام "Mission Impossible" الذي تم إنتاجه سنة 2011، "Mission Impossible Ghost Protoco"، لم تكن المعدات تعمل، حتى ذلك القفاز الكهرومغناطيسي سيئ السمعة.
وحيال هذا الشأن، اشتكى كروز قائلاً: "الشيء الوحيد الذي كان يعمل بشكل جيد في تلك المهمة هو فريق العمل".
بالفعل، فقد استعان كروز بمخرجين مشهورين، على غرار براين دي بالما، جون وو، جاي جاي أبرامز، وبراد بيرد، ومجموعة من الممثلين القادرين على إحداث نقلة نوعية في الفيلم، على غرار سايمون بيج الذي تولى مسؤولية إطلاق الدعابات، فيما جسد فينج راميز صورة مميزة، أما كروز فقد بدا للحظة جاهزاً لإعطاء الممثل جيريمي رينر دوره في هذه السلسلة. وفي نهاية الأمر، كان كروز يتقدم في السن، وبالتالي قد يصبح ذلك العجوز، كما سبق أن وصف شخصية جيم فيلبس الشريرة، الذي يلعب دورها جون فويت، في الجزء الأول من السلسلة. في ذلك الوقت قال كروز مازحاً: "لقد أصبحت مرناً في سن الشيخوخة".
ورغم كبر السن يبدو أنه سيواصل المهمة المستحيلة خاصة بعد تغلبه على أخطر أزماته
في حال تم إنتاج جزء سابع من سلسلة "Mission Impossible"، سيكون كروز أكبر سناً من فويت عندما قام بالدور لأول مرة، لكنه لن يكون مرناً مثله. وبالتأكيد لن يترك كروز السلسلة التي سمحت له أن يثبت أنه على الأرجح أفضل نجم سينمائي في سنة 2018.
ويعد كل جزء من سلسلة "Mission Impossible" بمثابة وسيلة للتكفير عن الأخطاء الواضحة التي هدَّدت بعرقلة حياته المهنية، بعد علاقاته العامة السيئة التي ظهرت للعلن في صيف 2005. لكن ذلك حصل قبل 13 سنة، وعلى أي حال، لم تحدث هذه المشكلة مجدداً، حسب وصف كاتبة المقال.
قفزة توم كروز الصادمة التي كررها فوق أريكة أوبرا
وهذه الأزمة تمثَّلت في ظهوره الكارثي في برنامج للمقدمة الأميركية أوبرا، (عندما قفز كروز مراراً على الأريكة التي كان يجلس عليها بجانب أوبرا، وأخذ يصافحها بقوة، ويهز يديها وكأنه يصارعها وهو يحدثها عن حبه لكاتي هولز، ثم ذهب إلى الكواليس لاصطحاب هولمز التي حاولت الهرب منه).
هذا الحدث الذي وقع قبل 13 عاماً يراه البعض قد أثر على صورة كروز بطريقة يصعب ترميمها، على الرغم من استمرار نجاحه.
ولكن رغم ذلك فقد اكتسح فيلم War of the Worlds، الذي تبوأ المركز الأول في شباك التذاكر، دور العرض عام 2005، بعد شهرين من هذه الواقعة، حسب الكاتبة.
وتعتبر كل هذه الحوادث الأمر الوحيد الذي حاد عن مساره ضمن حلم كروز، منذ الثمانينات، الذي يتمثل في التمتع بالاحترام كممثل مهم، وليس كبديل. وطالما هناك أجزاء جديدة ومهمة من سلسلة "Mission Impossible" ستصل إلى قاعات العرض مع أموال ضخمة واستعراضات مبهجة، سيظل كروز يعرج بسعادة إلى خزانة الدواء للحصول على المزيد من الضمادات، من أجل الجروح التي تسببها هذه المهمة المستحيلة.
إقرأ أيضاً..