عندما يتحوَّل الجلّاد إلى محامٍ عن ضحيته – فيلم The Lives Of Others: قصة جاسوسٍ ألماني خالفَ أعراف مهنته!

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/17 الساعة 09:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/28 الساعة 12:24 بتوقيت غرينتش

قليلة جداً هي الأفلام التي تترك أثراً عميقاً بداخلنا بعد مشاهدتها، ويرافقنا لسنوات. هذه حال فيلم The Lives Of Others (2006) من كتابة وإخراج فلوريان هنكل فون دونرسمارك.

الكاتب والمخرج الألماني مسّ كلّ مشاهد، من خلال رحلةٍ أخذنا فيها داخل شخصية ضابط المخابرات السرّية الألمانية وايسلر؛ فرافقناه خلال كلّ التغيّرات الجوهرية التي طرأت على شخصيته، جرّاء تنصّته إلى تفاصيل حياة الكاتب الألماني جورج درايمان وحبيبته كريستا ماريا زيلاند.

The Lives of others فيلمٌ باللغة الألمانية، كاتبه ومخرجه وممثلوه ألمان، وقد دخل – منذ إصداره في العام 2006 – ضمن قائمة أفضل الأفلام في تاريخ السينما العالمية على موقع IMDb، ويحتلَ اليوم المرتبة 58.

لن نغالي لو قلنا إنه يُعدّ أفضل فيلمٍ أوروبي صُنع منذ 20 عاماً، وهوليوود نفسها تؤكد ذلك. ففي العام 2007، حصل الفيلم الألماني على 76 جائزة عالمية، أبرزها جائزة أوسكار ووجائزة غولدن غلوب وجائزة بافتا، جميعها عن فئة أفضل فيلم باللغة الأجنبية؛ كما أنه رُشّح لـِ 34 جائزة.

تحذير: السطور المقبلة تتضمّن حرقاً لبعض أحداث الفيلم.

يبدأ الفيلم في العام 1984، عندما يحضر جيرد فيسلر – وهو ضابط في الاستخبارات السرّية في ألمانيا الشرقية – مسرحيةً كتبها وأخرجها جورج دريمان (لعب دوره Sebastian Koch)، الذي يملك قاعدة شعبية تعتبره مثقفاً مؤثراً ومثالاً للمواطن الصالح. ينتاب ويسلر شعوراً غريزياً بأن دريمان لا يمكن أن يكون مثالياً كما يبدو، ويعتقد أن مراقبته ضرورية. ففي ذلك الوقت، كانت استخبارات ألمانيا الشرقية (أو ما يُعرف بـِ STASI) تجنّد ضباطها وآلاف المواطنين للتجسُّس على المواطنين، حتى لو لم تكن هناك تهمة بحقّهم، يكفي أن يشكّوا بأمرهم. فألمانيا كانت منقسمة إلى الشرقية والغربية، يفصل بينهما جدار برلين الشهير، وكانت العداوة في أوجها.  

الكاتب والمخرج المسرحي جورج دريمان مع حبيبته كريستا ماريا
الكاتب والمخرج المسرحي جورج دريمان مع حبيبته كريستا ماريا

وزير الثقافة في ألمانيا الشرقية يوافق على أن يقوم فيسلر بالتجسُّس على الكاتب والمخرج المسرحي، لا سيما وأن هناك معلومات غير مؤكدة باشتراكه في عمليات تحريضٍ ضدّ الأفكار الاشتراكية؛ ليكتشف فيسلر لاحقاً أن الوزير كان مهتماً بحبيبة الكاتب كريستا ماريا (لعبت دورها Martina Gedeck) واستغلّه  من أجل معرفة أخبارها.

صنع الضابط الجاسوس غرفةً صغيرةً له على سطح المبنى، الذي يقطن فيه دريمان وكريستا ماريا، وأفرغ وقته لمراقبة حياتهما. وكلّما مرَّ الوقت، الذي يمضيه في التنصّت عليهما، كلما زاد اهتمامه بهما؛ حتى يجد نفسه متورطاً بشكلٍ كبير في تفاصيل حياتهما، ومنبهراً بشخصيتيهما، لدرجة أنه يحميهم في نهاية المطاف، حين يعثر على الآلة الكاتبة التي كان دريمان يطبع عليها منشورات معادية لأفكار الاشتراكية.

الضابط ويسلر في غرفته تجسُّسه الصغيرة
الضابط ويسلر في غرفته تجسُّسه الصغيرة

أهمية الفيلم..

The Lives Of Others فيلمٌ ميلودرامي يحلّل، من خلال قصته العريضة، شخصية الجاسوس ومراحل تحوّلاتها. كيف أن علاقة الكاتب وكريستا ماريا أحيتْ بداخله مفهوم الحب، الذي لم يحصل عليه يوماً. كيف أن شخصيتيهما أبهرتاه وأُعجب بأفكارهما، فأحيتا ضميره، وجعلا منه رجلاً قوياً يرفض أن يرضخ في النهاية إلى نظامٍ مستبدّ.

قوة شخصية فيسلر تكمن في تحوّلها من جلادٍ إلى حامٍ للفنّ والإنسان. وتحوّلها خفيّ. يمضي ساعة بعد ساعة في غرفته الصغيرة، واضعاً سماعات الأذن، ومُصغياً باهتمامٍ إلى تفاصيل حبّهما وخلافهما وتنهيداتهما وشجاراتهما؛ ليقرّر في النهاية أنهما يستحقان الحماية، حين اكتشف زيف وظيفته وأهداف المسؤولين عنه، ولو كلّفه ذلك التضحية بعملٍ أو وظيفة أو مستقبلٍ مهني كامل.

تجدر الإشارة إلى أن الممثل الألماني Ulrich Muhe، الذي أدّى شخصية الجاسوس ويسلر ببراعةٍ تفوق الوصف، توفي في العام الذي تلا عرض الفيلم (2007) بعد صراعٍ مع مرض السرطان الذي أصاب معدته.  


إقرأ أيضاً…

حين تحوَّل أعظم مشهد قتلٍ في تاريخ السينما العالمية إلى حقيقة – إذا كنتَ من محبّي أفلام الرعب، عليكَ مشاهدة أفضلها Psycho!

تشرشل لم يكن متردّداً في قرار الحرب ضدّ هتلر، لم يُجرِ اتصالاً بـِروزفلت، ولم يركب مترو لندن مع الناس.. الأحداث غير الحقيقية في فيلم Darkest Hour!

علامات:
تحميل المزيد