إذا لم تشاهده بعد، فأنتَ الخاسر الأكبر – لهذه الأسباب يحتلّ فيلم The Shawshank Redemption صدارة ترتيب الأفلام العالمية على IMDB منذ 24 عاماً!

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/26 الساعة 14:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/26 الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش

عُرض فيلم The Shawshank Redemption، أو "الخلاص من شاوشنك"، للمرَّة الأولى في العام 1994؛ ورغم مرور كلّ هذه السنوات، إلا أنه لا يزال يتصدَّر قائمة أفضل 20 فيلماً في تاريخ السينما العالمية على موقع IMDB.

تبدأ أحداث الفيلم – التي نُسجت وفقاً لرواية أدب السجون، للمؤلف العالمي ستيفن كينغ "ريتا هيوارث والخلاص من شاوشنك" – في ولاية مين الأميركية في العام 1947، عندما يُدان المحاسب آندي دفرين (وهو نائب مدير أحد البنوك الشهيرة) بتهمة قتل زوجته وعشيقها لاعب الغولف. ومع وجود كلّ الأدلة التي تدين دفرين، يدخل سجن Shawshank محكوماً عليه بالسجن المؤبد، إلا أنه يبقى مصرّاً على براءته من تهمة القتل.

لم يحقّق فيلم The Shawshank Redemption نجاحاً تجارياً يُذكر، عندما عُرض في صالات السينما في العام 1994؛ وتُشير بعض المصادر إلى أن منافسته مع أفلامٍ قوية مثل Forrest Gump للنجم توم هانكس، وPulp Fiction لجون ترافولتا وسامويل ل. جاكسون، قد يكونا السبب في ذلك.

ولذلك، قام كاتب رواية الفيلم ستيفن كينغ بإعادة المبلغ الذي تقاضاه من مخرجه فرانك دارابونت، بعد عرضه بعدة أعوام، مصحوباً برسالةٍ قال فيها ممازحاً: "في حال احتجتَ مالاً للكفالة.. مع حبّي".

ورغم ذلك، يُعدّ الفيلم من أفضل وأهمّ الأفلام التي أنتجتها السينما العالمية. وفي حال كنتَ من محبّي السينما، ولم تشاهده، فمن الضروري أن تفعل قريباً جداً؛ وستندم أنكَ لم تتابعه. لماذا؟

تحذير: السطور المقبلة تتضمّن حرقاً لأحداث الفيلم.

يتعرَّف آندي دفرين (تيم روبنز) في السجن على آليس ريد (مورغان فريمان)؛ وبما أن ريد كان الشخص الذي يمكنه إحضار أيّ غرضٍ من خارج السجن، فقد طلب منه دفرين أن يحضر له مطرقة صغيرة، لأنه يودّ ممارسة هوايته المفضلة في خلق أشكالٍ متنوّعة من الخشب.

من هنا، بدأت تظهر ملامح شخصية دفرين العصية على الاستسلام لمعطيات الأمر الواقع. ورغم أنه حُكم عليه بالسجن المؤبد وخسر حياته ظلماً، لكنه قرَّر عدم الانصياع للواقع. فقد سعى بكلّ مثابرة وصبر من جعل حياته في السجن مشروعاً للارتقاء نحو الأفضل: من نحت التماثيل، ثم إنشاء المكتبة التي جمع الأموال لها عن طريق إرسال الطلبات لمجلس الشيوخ، بشكلٍ أسبوعي ملحّ طيلة 6 سنوات؛ حتى قرّر المجلس منح السجن 500 دولار كل عام من أجل تطوير المكتبة، التي تولّى دفرين إدارتها وأضفى نكهةً فنية وثقافية على السجناء. حدث كلّ هذا بسبب عزيمة وإصرار دفرين، ما يؤكد أن رسالة الفيلم الأساسية هي عدم الاستسلام أبداً. 

أحاديث الأمل تدور داخل السجن

في المرّة الأولى التي استجاب فيها مجلس الشيوخ لطلب دفرين، منحه بعض الكتب والأسطوانات الموسيقية، التي استغنت عنها مكتبات الولاية. وفي أحد المشاهد، قرّر تشغيل واحدة من أسطوانات الموسيقى، عن طريق مكبّر الصوت، ليستمع كلّ سجينٍ إلى أنغام موسيقى موزار الكلاسيكية وهي تصدح داخل أرجاء السجن، متجاوزة كل حدود الجدران. ولعلّ هذا المشهد من أجمل المشاهد، حين أغلق دفرين الباب لمنع وصول حرّاس السجن إليه وإطفاء الموسيقى، وجعل السجناء يستمتعون بتلك الموسيقى ويشعرون بنسمة الحرية ولو لقترةٍ لا تتعدّى الدقائق. بعد تلك الحادثة، قرَّرت إدارة السجن حبس دفرين بشكلٍ انفرادي لأسبوعين.

وفور خروجه من الانفرادي، سأله أحد السجناء إن كان الأمر الذي قام به يستحق العقاب؟ فأكد له دفرين أنه لم يكن وحيداً في الانفرادي، كانت معه موسيقى موزار "هذا هو جمال الموسيقى. لا يمكن لأحد أن ينتزعها منك. هناك شيء بداخلك لا يستطيعون الوصول إليه، لا يستطيعون لمسه، شيء لكَ وحدك.. إنه الأمل".

يدور الحديث في مشهدٍ آخر بين دفرين وصديقه ريد، فيقول دفرين لصديقه إنه سيذهب إلى مدينة زيهاوتنجو المكسيكية بعد خروجه من السجن، ويشتري فندقاً صغيراً على شاطئ المحيط مباشرة، كما سيقتني المراكب المتهالكة ويعيد إصلاحها ليأخذ زوار الفندق في رحلات من أجل الصيد. وهنا يردّ عليه صديقه ريد بأن هذه أحلام مستحيلة، وعلى صاحبها أن يتوقف عن الأمل، لأنه أمرٌ خطير وقد يودي به إلى الجنون. ليعود المشاهد ويتأكد في نهاية الفيلم أن دفرين كان محقاً، وأن الأمل هو خلاص الإنسان الوحيد.

الصورة تخطف الأنظار

بدءا من دخول دفرين لسجن Shawshank، برعت الكاميرا في تصوير مشاهد الجدران، وكانت الإضاءة المنخفضة عاملاً أساسياً لإيضاح مدى ظلامية الوضع داخل السجن. هذه الظلامية التي عاشها دفرين بكلّ جوانبها. فبعد مرور مدة قصيرة على سجنه، يتعرّض للاغتصاب على يد مجموعة من الشباب. كما يقوم آمر السجن بقتل أحد المساجين، عندما أخبره دفرين أنه يملك دليلاً على براءته من تهمة قتل زوجته. فكان الحديث عن الأمل في ظلِّ تلك الظروف محض هراء. ومع ذلك، تمسّك به دفرين. وهنا برع المخرج، في إدارته لحركة الكاميرا، بإيصال الرسالة.

ولآمر السجن نورتون، الذي يلعب دوره الممثل Bob Gunton، قصة منفصلة. فهو قاسٍ لا يرحم، ومتورط بعملية غسل أموال، أدخل دفرين نفسه فيها؛ وتمكن بعد هروبه من السجن أن يثبت احتياله طوال تلك الفترة، من خلال عملية احتيالٍ ذكية جداً قام بها دفرين. 

أما عندما صدحت الموسيقى داخل أرجاء السجن فقد اختفت الجدران من المشهد، وزادت الإضاءة في مشهدٍ بديع جسّد دور الموسيقى في إزالة الأسوار، من دون استعمال الكثير من الكلمات؛ فكانت ملامح الحرية حاضرة، وظهرت على وجوه الأبطال، وتبدّدت القضبان لوهلة ليشعر السجناء بالتحليق مع الأصوات.

الممثلون برعوا في الأداء

أدى الممثل الأميركي تيم روبنز بطولة الفيلم، بظهوره في دور دفرين، وشاركه البطولة الممثل الأميركي مورغان فريمان بدور ريد. ومن المعلومات المثيرة للاهتمام أن دور دفرين عُرض على الكثير من نجوم هوليوود، مثل توم كروز ونيكولاس كيدج وكيفين كوستنر وتوم هانكس، لكن كانت لكلّ هؤلاء ظروف عملِ اضطرّتهم لرفض الدور. لذا، أُسند الدور في النهاية إلى روبنز.

والحقيقة أن أداء روبنز كان رائعاً، إذ جسّد الشخصية بهدوءٍ شديد من دون صخب أو مبالغة في التمثيل، ممّا أعطاها مصداقية؛ فبدا وكأن روبنز يعيش تلك الحياة بالفعل. هناك مشاهد اتحد فيها البطل مع القصة، لعلّ أبرزها لحظة خروجه من السجن هرباً، عن طريق النفق الذي حفره من داخل غرفته طيلة 19 عاماً – بالمطرقة الصغيرة التي طلبها من ريد في بداية الفيلم – فبدا روبنز وكأنه يتنشق هواء الحرية فعلاً.

أما مورغان فريمان، وبالإضافة إلى دوره المؤثر في الفيلم، فقد أضاف صوت الراوي الذي أدّاه عنصر قوةٍ للعمل. فبدا وكأن المشاهدين يقرأون العمل من خلال صوت فريمان. وفريمان كان سجّل صوته قبل البدء بتصوير الفيلم، داخل استديوهات خاصة، وهو نوعٌ من التحدّي أراده مخرج الفيلم.

ونتيجة الدور الهائل لصوته، أصبح فريمان واحداً من أعظم مؤدي الصوت في العالم حتى الآن، والحقيقة أن أغلب مشاهده الممتعة تجسّدت في نظرات الإعجاب والتقدير التي كان ينظر من خلالها إلى دفرين، من دون أن يلاحظ صديقه تلك النظرات القوية.

موسيقى تصويرية خيالية

تختلط مشاهد فيلم The Shawshank Redemption بموسيقى تصويرية بديعة للرائع توماس نيومان. وقد رُشح الفيلم لسبع جوائز أوسكار، كان من بينها جائزة أفضل موسيقى تصويرية. فقد ارتكزت الموسيقى على الاستعانة بأوبرا "زواج فيغارو"، التي تعدُّ من أعظم أعمال موزار؛ بالإضافة إلى أغنية So was red، التي مثلت ذروة العاطفة في أحداث نهاية الفيلم. فمثلت الأغنية، إلى جانب لقطات الكاميرا، جسّدت أعظم مشاهد انتصار الأمل بتحقيق دفرين حلمه في نهاية المطاف.

باختصار، وفي حال لم تشاهد الفيلم، عليكَ بمتابعته على الفور. ستتعلّم درساً عن الصبر، والقدرة على التحمُّل، والتخطيط، والإرادة.

علامات:
تحميل المزيد