المصري رامي مالك وبطولة جديدة في هوليوود، إنه التاريخ المعقد لأسطورة الروك من أصول شرقية: فريدي ميركوري

هرب مع آلاف العرب من مسقط رأسه، ولكنَّ حظه كان أفضل منهم؛ فقد تحوَّل إلى واحد من أشهر نجوم الروك، بعد أن تخلى عن اسمه العربي واتخذ اسم إله روماني، قبل أن يصبح النجم الأسطوري لفريق كوين.

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/17 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/17 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش

هرب مع آلاف العرب من مسقط رأسه، ولكنَّ حظه كان أفضل منهم؛ فقد تحوَّل إلى واحد من أشهر نجوم الروك، بعد أن تخلى عن اسمه العربي واتخذ اسم إله روماني، قبل أن يصبح النجم الأسطوري لفريق كوين.

تختلط في قصة فريدي ميركوري، الذي وُلد باسم فاروق بولسار، مآسي وغموض الشرق بجموح الغرب.

فالفنان الذي أثار الجنون في أرجاء العالم الغربي وُلد في الخامس من سبتمبر/أيلول عام 1946 بزنجبار في تنزانيا حالياً، عندما كانت مستعمرة بريطانية، لوالدين جاءا من ولاية غوجارات الهندية.

والمفارقة أن اسمه الأصلي فاروق، وهو لقب الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب الذي فُتحت بلاد فارس في عهده، بينما كان والداه ينتميان إلى الطائفة البارسية التي تعتنق ديانة إيران القديمة الزرادشتية، وهي طائفة يُعتقد أن أصولها تعود للفرس الذين هاجروا إلى الهند بعد الفتح العربي.

وقبل أيام طرحت شركة 20th Century Fox الإعلان الدعائي الرسمي لفيلم السيرة الذاتية المنتظر Bohemian Rhapsody، بطولة الممثل رامي مالك ذو الأصول المصرية، ويحكي الفيلم حياة المطرب العالمي الراحل فريدي ميركوري وفرقته "Queen".

الهرب فراراً من الموت يفتح لهذا اللاجئ الصغير طريق المجد

 كان والده يعمل موظفاً ببنك بريطاني في زنجبار، ولكن فاروق أو فريدي قضى معظم طفولته بالهند، ثم عاد إلى جزيرة زنجبار، غير أنه اضطر إلى الهرب منها إلى إنكلترا مع والديه مع اندلاع الثورة في الجزيرة، التي كان يحكمها العرب قبل خضوعها للاحتلال البريطاني.

وتسببت هذه الثورة في مقتل وطرد آلاف العرب والهنود من قِبل الثوار الأفارقة الذين كانوا يريدون إلحاق الجزيرة بتنجانيقا، وهو ما حدث بالفعل، وليصبح اسم البلاد تنزانيا.

بدأت موهبة فريدي في النبوغ مُبكرَاً، فبعد أن قضى الجزء الأكبر من طفولته في الهند، والتحق بمَدرسة سانت بيتر الداخلية في بأشجان، بولاية ماهاراشترا الهندية، تعلّم أول دروسه الموسيقية في العزف على البيانو وهو بسن السابعة.

وبعد الهجرة إلى بريطانيا، بدأ فريدي فصلاً جديدَاً من حياته كطالب يدرس فن الغرافيك والتصميم بكلية إيلينغ التقنية، حتى تخرج في عام 1969.

بعد 25 عاماً من اللحظة التي وُلد فيها الطفل "فاروق بولسار"، وقف هذا الطفل وقد أصبح اسمه فريدي ميركوري نسبةً إلى إله الحرب عند الرومان، على أشهر مسارح العالم مع فرقته "كوين"، ليصبح أشهر مُغنى روك في العالم.

البداية مع فرقة كوين: متعسرة رغم جمالها

وقع فريدي تحت تأثير سحر فرقة "Blues"، ليبدأ ولعه بموسيقى الروك، حتى عام 1970 الموعد المُقدر لصداقة ستُساعد على تأسيس إحدى أهم الفرق الغنائية في السبعينيات، حيث التقي فريدي، عازفَ الغيتار "براين ماي" وعازف الطبلة "روجر تايلور" من فرقة "سمايل".

تطورت الأمور بين أعضاء الفرقة، ليعتلي فريدي منصب مغني الفرقة الأساسي بعد استقالة المغني السابق، ويتغير اسم الفرقة من "سمايل" إلى "كوين"، وسرعان ما انضم إليهم "جون ديكون" عارف القيثارة في عام 1971، لتُصبح الفرقة مكتملة العدد.

وعلى الرغم من المزيج المثير للإعجاب من الانسجام الصوتي المهيب وعمل الغيتار المتقن المتعدد الطبقات ، فشلت الفرقة بالبداية في جذب الكثير من الاهتمام خارج المملكة المتحدة.

الانطلاقة الحقيقية: الأداء اللافت على المسرح

سرعان ما اكتملت أركان فرقة "كوين"، ليبدأ العمل الجاد سريعَاً، حيث أصدرت الفرقة ألبومين متتاليَين عامي 1972 و1973، لكن لم تحظَ تلك الألبومات بالشهرة الكافية، ليأتي ألبوم Sheer Heart Attack عام 1974 فيخالف التوقعات ويلقى صدى واسعاً، وتستمر الفرقة في تحقيق نجاح تلو الآخر.

حتى وصل النجاح إلى قمته مع إصدار أغنية Bohemian Rhapsody، التي ربما تتعرف إليها من فيلم Suicide Squad عندما أعاد منتجو الفيلم استخدامها ضمن أحداثه، ما يثبت أن موسيقى فريدي مميزة بشكل كبير، وتدفع العديد من صانعي الأفلام إلى إعادة استخدامها مرة أخرى في الوقت الحالي.

الجدير بالذكر أن تلك الأغنية، وقت صدورها، قد استطاعت المحافظة على تصدُّر قوائم أفضل الأغاني نحو 9 أسابيع.

يظهر تميُّز فريدي، بشكل جلي، في طريقة أدائه على المسرح، علاوةً على اختيار أزياء مبهرة مُلتصقة بالجسم، والشغف والقوة والحيوية التي يؤدي بها أغانيه على المسرح، بجانب قدرات صوته الرائعة ومساحات صوته المميزة التي أهّلته لإجادة الغناء في العديد من الطبقات الصوتية الغنائية، علاوة على قدرة فريدة على تقديم المُتعة الفنية بجانب الأداء الصوتي الباهر، والتواصل الحسي والفني مع الجمهور.

الذروة: رقم قياسي عالمي في حضور الجماهير

واستطاعت فرقة "كوين"، بحلول أوائل الثمانينيات، أن تصبح فرقة ذات شهرة دولية، مما جذب الانتباه بشكل خاص إلى عروضها المتقنة في أماكن مُتعددة حول العالم، علاوة على الحفلات الضخمة التي قادها فريدي، حتى أصبحت الفرقة في صدارة فرق الروك بالعالم.

ومن خلال قدرة فريدي على إبراز نفسه وموقع الفرقة، حققوا رقماً قياسياً لأعداد الجماهير في ذلك الوقت عندما قدَّم عرضهم أمام 231 ألف متفرج في ساو باولو بالبرازيل عام 1981.

حياته الشخصية: ترك حُب عمره وظل يعتبرها زوجته التي لم يتزوجها

في أوائل السبعينيات، كان لدى ميركوري علاقة طويلة الأمد مع ماري أوستن، التي قابلها من خلال عازف الغيتار بريان ماي، وعاش معها عدة سنوات في غرب كنسينغتون بلندن.

بحلول منتصف السبعينيات، بدأ المغني علاقة مع رجل أميركي. وفي ديسمبر/كانون الأول 1976، أخبر ميركوري أوستن عن  ميوله الجنسية، الأمر الذي أنهى علاقته الرومانسية معها.

ولكن ظلا صديقين مقرَّبَين على مر السنين، وكان يشير في كثير من الأحيان إلى أنها صديقته الوحيدة.

وفي مقابلة عام 1985، قال ميركوري عن أوستن: "سألني كل المحبين عن سبب عدم استطاعتهم استبدال ماري أوستن، لكن هذا ببساطة مستحيل. فالصديق الوحيد الذي حصلت عليه هو ماري، ولا أريد أي شخص آخر".

"بالنسبة لي، كانت بمثابة زوجتي، نحن نؤمن بعضنا ببعض، وهذا كافٍ بالنسبة لي". كما كتب العديد من الأغاني عن أوستن، وترك لها منزله بلندن في وصيته، قائلاً لها: "كنت ستكونين زوجتي وكان سيكون لكي على أية حال".

اللحظات المؤلمة: ضحية مرض الإيدز القاتل

عُرف عن فريدي ميله الجنسي إلى الرجال والنساء معاً، وانخرط في العديد من العلاقات مع عدة شركاء، حتى انتهى الأمر بالإعلان المأساوي الذي قام به عام 1991 بعد اختفائه عدة سنوات عن الساحة الفنية.

فقد أطلَّ المطرب المشهور على الجمهور مُعترفاً بإصابته بفيروس نقص المناعة (الإيدز). وخلال فترة حياته الأخيرة، توقَّف عن تناول الدواء، وكانت صديقته القديمة ماري أوستن تزوره باستمرار.

ولم يلبث فريدي طويلاً بعد هذا الإعلان، حيث فارق الحياة وهو بعمر الـ45، وذلك في الـ24 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1991، وكانت ماري هي التي أبلغت أُسرته.

ما بعد النهاية: رامي مالك يستعد لتجسيد شخصيته

على الرغم من مرور 20 عاماً منذ أن فارقنا فريدي ميركوري، فإن أسطورته لا تزال محفورة في أذهان الملايين من معجبيه حول العالم.

حتى وصل الأمر إلى أن البعض دعا إلى إطلاق مُبادرة "فريدي ليوم واحد" عام 2010؛ لتشجيع مُحبيه على إحياء ذكراه كل عام في يوم عيد ميلاده، وقد أبدى المعجبون رد فعل غير عادي تجاه هذه المبادرة، ما بين أُناس ارتدوا ملابس فريدي هذا اليوم تعبيراً على حبهم، مروراََ ببثّ أغانيه طيلة اليوم.

وقد أنتجت شركة 20th Century Fox فيلماً ضخماً؛ وفاءً لذكرى هذا المبدع العظيم، يتناول قصة حياته.

وسيجسد دور فريدي، المُمثلُ الأميركيُّ المصريُّ الأصل رامي مالك، الحاصل على جائزة إيمي عن دوره في مسلسل Mr robot عام 2016، بالتعاون مع جوني ديب وبِين ويشاو والفيلم من إخراج براين سينجر، صاحب سلسلة أفلام X Men.

ومن المتوقع أن يجسد الفيلم قصة حياة فريدي منذ بدايته مع الفرقة حتى مراحل حياته الأخيرة، في مُحاولة لتخليد تلك الحقبة الموسيقية شديدة الإبداع، وسيضع التاريخ المعقّد لفريدي عبئاً أكبر على رامي مالك، وسيكون اختباراً حقيقياً لموهبته.

ومن المقرر أن يُعرض الفيلم بصالات العرض السينمائي في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2018 بالمملكة المتحدة، و2 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 في الولايات المتحدة.

تحميل المزيد