ردت إسرائيل على إيران بجملة من فيلم Mean Girls: “لمَ أنت مهووسة بي؟”.. هكذا أصبحت الصور المتحركة جزءاً من الدبلوماسية العالمية

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/13 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/13 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش

هذا الأسبوع، أمر المرشد الأعلى لإيران، آية الله على خامنئي، ببدء التحضيرات لتخصيب اليورانيوم إذا ما انهار الاتفاق النووي المبرم عام 2015 كلياً. لكن اللافت أكثر من إعلان خامنئي الخطير كان رد السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة على هذا السيناريو؛ صورة متحرِّكة GIF لشخصية ريجينا جورج من فيلم Mean Girls.

وبعدما غرَّد آية الله مستخدماً وسم "مسيرة العودة الكبرى" بقوله: "موقفنا تجاه إسرائيل هو ذات الموقف الذي طالما تبنيناه. إنَّ إسرائيل ورمٌ سرطاني خبيث في منطقة غرب آسيا يجب استئصاله والتخلُّص منه: هذا ممكن وسيحدث بالفعل"، ردَّت سفارة إسرائيل في تغريدة مستخدمة صورة متحركة لشخصية ريجينا جورج، الحسناء الشقراء اللئيمة من فيلم Mean Girls (أو البنائت اللئيمات) وهي تقول: "لمَ أنتِ مهووسة بي؟".

كانت  تلك آخر الحالات التي يتصرَّف فيها البلدان كما لو كانا نجمين متخاصمين من تلفزيون الواقع، مستخدمين صوراً متحركة وصوراً ساخرة (ميمز أو memes) لتوجيه إهاناتٍ "مستترة" عبر الحدود.

كييف رداً على روسيا: "أنتم لا تتغيَّرون أبداً، أليس كذلك؟"

هذا النوع من الخطاب السياسي الساخر والمعاصر ظهر مؤخراً في أكثر من موقف ومن أكثر من دولة.

خُذ كمثال شبه جزيرة القرم، حيث يغلي نزاعٌ مسلَّح بين القوَّات الأوكرانية والروسية ببطء منذ عام 2014. كانت الحرب دامية في كثيرٍ من الأحيان، لكن إلكترونياً، تتعارك الدولتان باستخدام مصطلحاتٍ أكثر مرحاً.

الشهر الفائت مايو/أيار، تجادل حسابا تويتر الرسميان للدولتين حول مَن يحق له المطالبة بتبعية آن دي كييف، المعروفة بـ"آن الكييفية"، زوجة الملك هنري الأول، أحد ملوك فرنسا في القرن الحادي عشر.

ومدفوعاً بالاستياء من زعم حساب روسيا أنَّ الشخصية الملكية المولودة في كييف كانت روسية، نشر الحساب الأوكراني صورةً متحركة مأخوذة عن حلقة من مسلسل The Simpsons يقلِب فيها السفير الروسي لدى الأمم المتحدة لوحة مكتوب عليها اسم "روسيا" لتصبح "الاتحاد السوفييتي"، معلقاً: "أنتم لا تتغيَّرون أبداً، أليس كذلك؟".

وجاء ذلك رداً على تغريدة سابقة قال فيها الحساب الروسي: "نحن فخورون بتاريخنا المشترك. إنَّ دولنا (ووضع رموز مصغَّرة لأعلام روسيا، وأوكرانيا، وروسيا البيضاء) تتشارك التراث التاريخي ذاته، على ذلك أن يوحِّد دولنا سوياً، لا أن يفرِّقها".

لم تكن تلك المرة الأولى التي استخدمت فيها أوكرانيا صوراً متحركة مأخوذة من عروض تلفزيونية لتسديد ضربةٍ لروسيا. فعندما طردت أوكرانيا 13 دبلوماسياً روسياً إثر هجوم سالزبري في المملكة المتحدة، والذي جرى فيه تسميم عميل سابق من المخابرات السوفييتية (KGB) وابنته، استعان الحساب الأوكراني آنذاك بشخصية The Master من مسلسل Doctor Who ليودِّعهم قائلاً: "مع السلامة!".

أرفق الحساب الصورة المتحركة في تغريدةٍ كُتِب فيها: "أوكرانيا تطرد 13 دبلوماسياً روسياً في سياق جهودٍ منسَّقة بالتعاون مع 14 دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تنديداً بهجوم سالزبري وتسميم سيرغي سكريبال وابنته يوليا".

روسيا لبريطانيا: علاقاتنا بردت ونحن لا نخشى من البرد

قد تكون السفارة الروسية في لندن هي الأكثر ضراوة في ما يخص التسلُّح بالصور الساخرة. فهيَ لا تسخر فقط من الحكومة البريطانية بنكاتٍ عن مدى برودة العلاقات بين البلدين، بل لديها أيضاً "نادٍ دبلوماسي"، وهوَ أشبه بنادي معجبين يُطلَب من أعضائه إعادة تغريد منشورات الحساب. وفي المقابل، بإمكانهم الفوز بجوائز وحفلات استقبال محتملة في السفارة. وبشكلٍ أساسي، فإنَّ السفارة تستغل معجبيها لترويج نكاتها حتى تصل لقاعدة أوسع من الجماهير.

وغرَّد الحساب من قبل بصورةٍ لترمومتر، وعلَّق قائلاً: "درجة حرارة العلاقات بين روسيا والمملكة المتحدة تتدنَّى لتصل إلى 23 درجة مئوية تحت الصفر، لكنَّنا لا نخشى المناخ القارس".

 

تنفيس موظفين صغار أم تصريحات علنية خطرة؟

هذه التغريدات سخيفة على نحوٍ جلي، لكن هل يعني هذا أنَّه لا يجب أخذها على محمل الجد؟ هل هيَ مجرَّد تنفيس مِن موظفين حكوميين صغار عمَّا في صدورهم، أم هل يجب علينا النظر إليها بصفتها تصريحاتٍ علنية خطيرة؟

تِلك أسئلةٌ تضطر الولايات المتحدة للاشتباك معها كلما أمسك الرئيس دونالد ترمب بهاتفه، ويجادل البعض أنَّه من الأفضل تجاهل تغريدات الرئيس والتركيز على أفعاله.

لكنَّ كونستانس دانكومب، وهي محاضِرة في شؤون العلاقات الدولية بجامعة موناش الأسترالية كتبت أبحاثاً عن دور الشبكات الاجتماعية في الدبلوماسية المعاصرة، تقول إنَّه ليس بإمكاننا تجاهل ما يحدث على الإنترنت.

"الدبلوماسية لا تعني الحفاظ على سلوكٍ مهذب دائماً"

وتقول كونستانس لصحيفة The Guardian: "علينا أخذ تلك الاندفاعات على تويتر بجدية، إما باعتبارها تُرسِل إشارات دبلوماسية، أو أنَّها استجابات شخصية لشعور ذلك الشخص بأنَّ صورة بلاده قد شُوِّهَت أو قُوِّضَت. الدبلوماسية لا تعني الحفاظ على سلوكٍ مهذب دائماً، ويوظِّف الدبلوماسيون استخدام إهاناتٍ خفية أو تلميحاتٍ مستخفِّة لدعم صورتهم الوطنية أو للتعامل مع تصرُّفات نظرائهم".

وتجادل كونستانس بأنَّ ما تغيَّر هوَ درجة العلانية التي أصبحت عليها نوبات التنفيس تِلك. إذ يتم تبادل تصفية الحسابات بين الدول باستخدام لغةٍ من الثقافة الدارجة يراها ويفهمها الجميع، عبر توجيه رسالةً واضحة كان لربما يصعُب إيصالها بأية طريقةٍ أخرى.

والقالب الفكاهي يسمح للرسائل بتخطي الحواجز

وقالت: "استخدام الصور الساخرة والصور المتحركة، التي تنتمي للثقافة الشعبية، يضع الإهانات في إطار السخرية أو المزاح، ما يجعل آراء الدبلوماسي أو زعيم الدولة سهلة الوصول إليها، ويسمح لمعناها بتخطِّي حاجز التفاعل المؤسسي أو الشخصي".

ولكن لا يمتلك الجميع موهبةً فطرية في تسيير مِثل هذه الرسائل المتبادلة. فبعد أن غرَّد ترمب مراراً متحدثاً عن مدى سوء اتفاقية باريس للمناخ، بل وأشار حتى إلى أنَّ الساحل الشرقي الأميركي البارد قد "يستفيد من بعض الاحتباس الحراري"، لم يستطع دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبي، مواكبة كلمات ترمب الطنانة.

فغرَّد مخاطباً ترمب: "من فضلك لا تغيِّر المناخ (السياسي) إلى الأسوأ".

ربما تجب الإشادة بتغريدة تاسك لاحتفاظها بما يُشبه السلوك السياسي. أو ربما تكون الطريقة الوحيدة للانتصار في هذا العالم الجديد هي محاربة النار بالنار، وأنَّه كان يتعين عليه الرد على ترمب مستعيناً باقتباسٍ آخر من فيلم Mean Girls: "العالم يصبح ساخناً. وربما يكون أكثر سخونة (إثارة) حتى من ريجينا جورج".

 

علامات:
تحميل المزيد