مجلة بريطانية شهيرة: السلطات المصرية تقوم بحملة “تبييض” للشرطة في المسلسلات التلفزيونية.. بالتزامن مع ذكرى “أهل إسكندرية” الخامسة

"في منطقة تُحكم فيها الحكومات قبضتها على المنتجين، باتت البرامج التلفزيونية منبراً لتصفية الحسابات السياسية"، بهذا استهلت مجلة The Economist البريطانية تقريرها عن المسلسلات المصرية في رمضان.

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/01 الساعة 14:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/16 الساعة 12:34 بتوقيت غرينتش

"في منطقة تُحكم فيها الحكومات قبضتها على المنتجين، باتت البرامج التلفزيونية منبراً لتصفية الحسابات السياسية"، بهذا استهلت مجلة The Economist البريطانية تقريرها عن المسلسلات المصرية في رمضان.

واستكملت الصحيفة تقريرها: "تعرض القنوات المصرية مسلسلات تلفزيونية تؤيد مواقف النظام المصري بينما تمنع أعمال أخرى تتعرض لها بالنقد مثل مسلسل (أهل إسكندرية)".

"كلبش" على مزاج السلطة

الساعة تدقّ والتوتر يطغى على جلسة الاستجواب. وعلى أمل أن يتمكن من الكشف عن مؤامرة ما، يظل مأمور سجن العقرب يراقب أحد الإسلاميين وهو جالس بمفرده في زنزانته، ليصرخ في وجهه مهدداً ويرحل في نهاية المطاف دون الحصول على إجابات على تساؤلاته.

وقد يشعر أي شخص يكون على إطلاع بطبيعة سجن العقرب بالارتباك بعد متابعة هذا المشهد، إذ أن هذا السجن اشتهر بكونه من أكثر السجون فظاعة في مصر، حيث يُحشر فيه المتمردون والسجناء السياسيون، على حد السواء، داخل زنزانات ضيقة ويتم تعذيبهم.

مع ذلك، يبدو الأمر مختلفاً تماماً في "كلبش"، وهو مسلسل يتمتع بشعبية على التلفزيون المصري، ويظهر فيه السجناء في حلة نظيفة، كما تسير عمليات التحقيق في جو من الأدب واللباقة، دون اللجوء إلى العنف والتعذيب.

نسب مشاهدة عربية مرتفعة خلال رمضان

وتلتف عديد الأسر العربية حول التلفاز خلال شهر رمضان، لتتناول الأطعمة عند وقت الإفطار حد التخمة، وتستلقي بعد ذلك أمام التلفاز لمشاهدة المسلسلات المسائية.

وقد وجدت إحدى استطلاعات الرأي الأخيرة أن نسب المشاهدة ترتفع بحوالي 78% خلال الشهر الفضيل. لكن، هذه البرامج تعد أكثر من مجرد وسيلة للتسلية والترفيه. ففي منطقة اعتادت فيها الحكومات فرض سلطتها السياسية والمالية على المنتجين، باتت البرامج التلفزيونية منبراً لتصفية الحسابات السياسية.

أصدقاء السلطة نجوم المسلسلات

وعلى سبيل المثال، حقق مسلسل "حارة اليهود"  نجاحا مدوياً وغير متوقع في سنة 2015، حيث عمد العمل إلى تقديم صورة حميمية عن حارة اليهود في القاهرة خلال سنة 1948.

تجدر الإشارة إلى أنه دائماً ما يُصوَّر اليهود في الأعمال الدرامية المصرية على أنهم أشرار متآمرون، ولكنهم ظهروا على نحو مفاجئ في ثوب المواطنين العاديين، الذين يتسمون بالوطنية والورع. وقد كان ذلك متناسقاً تماماً مع المزاج العام الذي ساد في ظل حكم عبد الفتاح السيسي، الذي يعتبر إسرائيل إحدى حلفائه، حسب تقرير The economist البريطانية

حرية الاختيار بين بدائل تختارها الحكومة

وخلال هذه السنة، يتمتع المشاهدون بحرية الانتقاء من بين ستة مسلسلات تناقش ظاهرة الإرهاب، ويصور معظمها قوات الأمن على أنهم أشخاص ودودون ومتعاطفون.

وقد سعى السيسي جاهداً، بالتعاون مع الجنرالات، إلى قمع تمرد الإسلاميين الذي دام طويلاً، إلا أن الجيش واصل مواجهة صعوبات حتى على مستوى أبسط مهامه الأساسية، حسب تقرير المجلة البريطانية.

وتغيير الأحداث في المسلسلات

ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول، قُتل العشرات من رجال الشرطة بعد وقوعهم في كمين. لكن، وقع التغاضي عن ذلك في مسلسل "نسر الصعيد"، حيث تمكن بطل المسلسل من القضاء على الإرهابيين بكل سهولة.

وعاد الممثل الكوميدي المحبوب في مصر، عادل إمام، بقوة من خلال مسلسل "عوالم خفية"، حيث يلعب دور صحافي يكتشف تورط أحد كبار المسؤولين في أعمال مشبوهة. لكن، يبدو أنه قد وقع استبعاد هذا العمل أيضاً من جملة العناوين البارزة.

الجدير بالذكر أنه في فبراير/شباط، قُبض على الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات في مصر، هشام جنينة، بعد أن صرح بأنه اطلع على وثائق سرية حول جرائم ارتكبها الجيش خلال ثورة 2011. وبعد محاكمة سريعة، حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات في سجن عسكري. مع ذلك، يأمل معجبو الممثل عادل إمام في أن تكون نهاية شخصيته في المسلسل أقل مأساوية.

ودعوى ضد منتج مسلسل

ولم تمنع هذه الصور البرّاقة من إثارة غضب بعض المشاهدين. ففي إحدى حلقات مسلسل "كلبش"، هاجمت مجموعة من الإرهابيين نقطة تفتيش في مدينة الفيوم التي تقع على بعد 100 كيلومتر جنوب غرب القاهرة. وعلى خلفية ذلك، رفع أحد المحامين دعوى قضائية ضد منتجي المسلسل، متهماً إياهم بتشويه صورة محافظة الفيوم.

وأساءت بعض البرامج الأخرى إلى الحكومات، إذ كان من المقرر ظهور الصحفي المصري إبراهيم عيسى، في مسلسل "أرض النفاق"، وهي دراما تروي أحداثها قصة عاملٍ مكافح. ولكن دور عيسى أزعج محطة البث السعودية التي تعرض المسلسل.

من جانبه، اتهم عيسى المملكة العربية السعودية "بغزو عقول المصريين". وبعد تقدم أحد المسؤولين السعوديين بشكوى، أعيد تصوير المسلسل مع الاستغناء عن عيسى. كما أثار مسلسل آخر، يتحدث عن إرهابي مصري يلتمس اللجوء لدى السودان، احتجاج وزارة الخارجية السودانية.

والذكرى الخامسة لمنع "أهل الإسكندرية"

ويتناول المسلسل الذي أخرجه "خيري بشارة" ومن بطولة "بسمة" و"هشام سليم" و"عمرو واكد" قصة فساد ضابط شرطة قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، لكنه يتعرض للعقاب من رؤسائه، وكذلك يعرض الفساد في الإعلام ورجال الأعمال في سياق اجتماعي.

وحسب كاتب المسلسل بلال فضل فقد بلغت "تكلفة المسلسل 22 مليون جنيه من ميزانية الدولة"، منتقداً قرار المنع بعد أن " تم عرضه على الرقابة ولم يبدوا عليه أي ملاحظات كما أن أبطال المسلسل من كبار الأبطال في مصر."

ونفى فضل علاقة المسلسل بجماعة الإخوان مؤكداً "المسلسل اتعمل بعد سقوط الإخوان، ده بدأ في يناير 2014، وعرض بعد عام من رحيل الإخوان، ياريت هيكل -قاصداً أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب- كان يعمل من بنها".

وكتب فضل في الذكرى الخامسة من المنع منتقداً طريقة الدولة في التضييق على الأعمال الفنية التي تتعرض لها بالنقد.

وكان أسامة هيكل الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي قال إن "الاتجاه العام إلى عدم عرض العمل -أهل إسكندرية- نهائياً وإهلاكه، لأن الإطار العام له فيه مساس بالأمن القومي المصري وهو أمر مرفوض تماماً"

وقال رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، إنه لم يمنع عرض المسلسل لكنه "يعترض أن يكون بطله ضابطاً فاسداً"

 

تحميل المزيد