جميلة وأنيقة وتنضحُ حياةً وشباباً، هذه هي الصورة التي كانت تسعى الفنانة والإعلامية المغربية وئام الدحماني إلى ترسيخها في أذهان مُعجبيها ومتابعيها الكُثُر على الشبكات الاجتماعية، قبل أن ينزل عليهم خبر وفاتها المفاجئ كالصَّاعقة.
تأكيد وفاة وئام البالغة من العمر 34 عاماً بسكتة قلبية في أبو ظبي، جاء سريعاً من طرف بعض أفراد عائلتها المغاربة وأصدقائها الفنانين والصحافيين، فيما سار نجومٌ عرب إلى نشر تدوينات وتغريدات تنعيها، مُتحسِّرين على فُقدانها بهذه الطريقة المفاجئة وفي عز شبابها.
كيف رحلت وئام؟
منذ سنوات قليلة فقط، لم يكن المغاربة يعرفون من تكون وئام الدحماني، المقيمة بالإمارات العربية المتحدة، إذ عملت الراحلة على تكثيف زياراتها للمغرب كما كانت محط َّ اهتمام الصحف المغربية والبرامج التلفزيونية والإذاعية، "كانت متألقة مثقفة، وتُجيب بعفوية وصراحة، ردَّت على أسئلتي المحرجة بابتسامة ثم دمعة فأُمنية، أحببتها بصدق" تقول الصحافية المغربية خولة أجعيفري.
دموع الدحماني كانت قريبة خلال حواراتها الصحافية، خاصة عندما تُسأل عن الضغوط التي تتعرض لها والانتقادات الكبيرة التي تطال سُمعتها بسبب طريقة ارتدائها للملابس.
منذ إعلان وفاة الفنانة التي غيَّبها الموت فجأة، يبقى السؤال الذي يطرحه الجميع: لماذا أصيبت بأزمة قلبية قاتلة وهي في ريعان شبابها، علماً بأنها لا تعاني – وفق ما يبدو – أي أمراض مزمنة؟
مُتابعون للفنانة خَمَّنوا أن وئام كانت تمر بأزمات نفسية حادة كانت تصل حدَّ الاكتئاب وهو ما أفصحت عنه هي نفسها في عدد من الحوارات التي جمعتها الصَّيف المنصرم بصحافيين وإعلاميين مغاربة.
قلبها الصغير لم يتحمل!
"تأتي أوقات أقول فيها:هذه نهايتي. لا أستطيع تحمل ضغوطات أكثر من الأهل والمجتمع والجمهور ومن أقرب الناس، خداع، كذب، نفاق.."، تقول وئام بصوت متألم وبغصَّة في حلقها، متابعة حوارها، "أبكي ساعة أو ساعتين وفكرت في الانتحار مراراً، لكني بعدها أستغفر ربي وأقول لا يمكن هذا مستحيل".
كانت وئام وبالرغم من ابتسامتها التي لا تفارق محياها تجيب بدُموعها المُنسابة لتُأكِّد، "أحسست بالعالم مظلماً من حولي، ولم أعد أبالي لا بالحياة بالأضواء ولا بالشهرة، كرهت نفسي وحياتي، لا أريد هذه الحياة وهذه الدنيا، قررت الانتحار والذهاب، حياة الفنان صعبة جداً.. صعبة بزاف".
وئام التي لم تكن تُخفي خضوعها لعدد من عمليات التجميل، سبق وشاركت مُعجبيها تفاصيل دقيقة توثق لعمليتين جراحيتين استغرقتا 10 ساعات متواصلة، شملتا زراعة الشعر لتصغير الجبهة وعملية شد الوجه بإحدى عيادات التجميل بمدينة سيول بكوريا الجنوبية، فيما خضعت في وقت سابق لعملية تكبير الصدر.
شابة متعددة المواهب
ما بين المغرب والإمارات، عاشت وئام متعلقة بالبلدين وتشبَّعت بثقافتيهما وتحدثت لهجتيهما، وإن كانت آخر خفقات قلبها دقَّت في الإمارات، فإن أول صرخاتها كانت بمدينة الرباط، عاصمة المغرب في 22 آب/أغسطس 1983، وهي المولودة لأب مغربي وأم إماراتية.
عاشت وئام طفولتها وجزءاً من مراهقتها بالمغرب، لتنتقل في الـ 17 سنة إلى الإمارات للعيش رفقة والدتها وإخوتها فهد وشمسة وجواهر، وتباشر دراستها بالجامعة الأميركية بالشارقة وتحصل على بكالوريوس الهندسة البيئية – قسم كيمياء -، ثم تتجه للمجال الإعلامي، لتكون بدايتها عبر تقديم برنامج "دبي هذا الصباح" ثم "سهرة رياضية نسائية" على قناة أبو ظبي.
ولأنها تكره الملل، وفق تصريحاتها، قررت وئام تحويل بَوصَلَتها إلى مجال الغناء والتمثيل، وقدمت أول أغنية لها حملت عنوان "أهلاً وسهلا" في العام 2010، فيما تم تصوير الكليب في الهند وهي التي عُرفت بحبها وتعلُّقها بالثقافة الهندية، حيث قدمت برامج عديدة تهتم بالسينما الهندية مع قنوات "زي للمشاريع الترفيهية" و"زي أفلام"، وتوالت الكليبات بعدها.
في العام 2011، خاضت وئام غمار مجال التمثيل وذلك بعد أن شاركت في مسلسل "ظلال الماضي" و"ملحق بنات" و"سيلفي" وآخرها كان "أصعب قرار" في العام 2017، واستمرت بالتمثيل والغناء إلى أن وافتها المنية، وقد كانت تستعد لتقديم برنامج كان من المفروض أن يُعرض على شاشة التلفاز شهر رمضان المقبل، فيما كانت تستعد لتقديم فيلم خليجي يجمعها بالممثلة المغربية المعروفة بشرى أهريش.
حزن كبير اعْترى الفنانة أهريش التي نَعَت صديقتها وجارتها، لتصفها بـ "الجميلة والطموحة"، وتقول عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، "البارحة فقط أكملت شراء ملابس الفيلم الجديد، البارحة فقط كانت فرحة كطفلة، قبل ساعتين كانت مثلنا تتنفَّس".
الفنانة التي أثارت الجدل بسبب لباسها وكليباتها وعدد من تصريحاتها، ولاقت انتقادات كثيرة من طرف إعلاميين مغاربة وخليجيين، أكدت غير مرة حُبَّها الشديد للشهرة والأضواء، نافية بشكل قاطع أن تلجأ لأي تصرف غير لائق من أجل الوصول لهذا المبتغى، "عرض علي بطولة فيلم إباحي هندي ورفضتُه" قالت الممثلة.
الانتقادات الجارحة والمسيئة، كانت قَدر الإعلامية منذ ظهورها على شاشة التلفاز، وهو ما استمر حتى بعد إعلان وفاتها، فبالرغم من رحيلها عن الدنيا لم يجد رواد فيسبوك وتويتر غضاضة في انتقادها ورفض الترحم عليها بل وشتمها، والتأكيد على أن الله لن يشملها برحمته ولن يدخلها الجنة!