دوا: هكذا تحولت مغنية New Rules من لاجئة كوسوفية إلى نجمة بريطانيا الأولى.. تفوقت على بيونسيه وريهانا!

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/19 الساعة 06:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/04 الساعة 11:38 بتوقيت غرينتش
Brit award winner Dua Lipa opens touring in Glasgow's SSE Hydro. Featuring: Dua Lipa Where: Glasgow, United Kingdom When: 12 Apr 2018 Credit: Euan Cherry/WENN

بقامتها الطويلة الممشوقة، وشعرها الناعم، ويدها الخشنة، وتاريخها العائلي، وأكثر من مليار شخص شاهدوا أبرز أعمالها، يبدو أن هناك أشياء عدة مثيرة للانبهار لدى الموسيقية البريطانية الشابة دوا ليبا.

أصبحت أغنيتها الساخرة الجديدة New Rules التي تتسم ببعض القتامة والتحدي أيضاً واحدةً من أكثر أغاني الصيف الماضي رواجاً بخلاف التوقعات.

فعبر إعطائها نصائح بشأن العلاقات للنساء الشابات من خلال هذه الأغنية، أصبحت دوا أكثر شعبية من بيونسيه وريهانا.

وبعد أن شاهدها على الإنترنت أكثر من مليار شخص منذ تاريخ بثها، ساعدت الأغنية تلك اللندنية البالغة من العمر 22 عاماً على اكتساب مكانةٍ مميزة كواحدةٍ من أنجح مُغني البوب في إنكلترا.

إذ فازت بجائزتين بريطانيتين، في فبراير/شباط 2018، بينما تُعد أول امرأة تُرشَّح للفوز بخمس جوائز.

تاريخ معقد: ليست مطربة بريطانية عادية

"دوا" ليس اسماً عادياً لمطربة بريطانية، بل هو يعبر عن تاريخ استثنائي، إذ ولدت لعائلةٍ من الأكاديميين من أصل كوسوفي، لكنَّها انفصلت عنهم في فترة التسعينيات بسبب الحرب.

وهي تحظى بحضورٍ يصعب تجاهله (يبلغ طولها أكثر من 1.8 متر أثناء ارتدائها الكعب)، وتتمتع بموهبةٍ في مزج أنواع موسيقى البوب المتباينة.

"كفا دوا الخشنان"، كانا محوراً مهماً في الحوار الذي أجرته صحيفة The Guardian البريطانية معها!.

فهما تتسمان بخشونةٍ لا تستشعرها سوى في أيدي الحطابين، حسب تعبير معد الحوار، يبدو الأمر كما لو أنَّ دوا قضت الأسبوع كله في صهر الطوب، تمرر دوا يديها أمام الجميع في الاستوديو ليلمسوا خشونتهما، بينما تنفلت منها بعض الضحكات والتنهدات.

تلوم مدربها الشخصي قائلةً، "نحن نرفع الكثير من الأوزان ونمارس الملاكمة"، وتشير أيضاً إلى أنَّ جمهور حفلات جولتها العالمية الأخيرة يحتاجون لبعض التشجيع: "أشعر وكأنَّني قضيتُ عاماً في التصفيق بيدي والصراخ قائلةً: "هيا!".

يقول معد الحوار: طلبت مني أن تستشعر كفيَّ، وبعد تأملهما لفترةٍ قصيرة واستشعار بشرتيهما الناعمة، نظرت إليَّ بنظرةٍ متشككة وحنكة، كأنَّها ترغب في أن تسألني: هل سبق لك أن قضيت يوم عملٍ شاقاً؟

لقد صنعت وحوشاً

تقول دوا، دون أن تفكر كثيراً في أغنيتها شديدة النجاح New Rules التي لم تكتب كلماتها بنفسها، على عكس أغانٍ مثل (Blow Your Mind Mwah)، وIDGAF، التي تعبر فيها عن العلاقات غير السعيدة بصراحة ممزوجة ببعض السباب، "تريد أن تكون صادقاً قدر الإمكان في أغانيك. لكنَّك تكتشف جانباً آخر لهذه الحياة حين ترغب في الحصول على بعض الخصوصية، وتشعر بالاستياء لأنَّك كشفت نفسك أكثر من اللازم".

هناك حادثة تعبِّر عن هذا الوضع، والتي كتبت عنها الصحف الشعبية باعتبارها فضيحةً بسيطة، ولكنها في الواقع بدت أنَّها بدت مثالاً نادراً على أحد نجوم البوب وهو يُذكِّر الجمهور بمدى سخافة لعبة البوب هذه ومدى زيفها.

كانت دوا قد انفصلت عن حبيبها بول كلاين، العضو بفرقة الروك الأميركية (LANY)، وانتشرت تكهناتٌ مثيرة للشك بخصوص تواصلها مع أحد أحبائها السابقين، وهو طاهٍ يدعى إسحاق كارو. فكرت إحدى المعجبات في كلمات أغنية New Rules، حيثُ أوضحت دوا ما يجب فعله، وما يجدر تجنبه بعد الانفصال (القاعدة الأولى: لا تردي على مكالماته).

غرَّدت هذه الفتاة لدوا قائلة، "أختاه، لقد خرقتِ قواعدك الجديدة (في إشارة إلى اسم أغنيتها New Rules)".

وردَّت عليها دوا بعد نحو دقيقةٍ واحدة، وكان هذا في منتصف ليل ذلك اليوم: "أختاه، هدِّئي من روعك".

ضحكت بارتباك وهي تستعيد هذه الواقعة، وقالت في حديثها، "لم يفهم الناس أنَّ الفكرة وراء الأغنية هي اعتزال من يؤذونهم، وظنوا أنَّها تعبر عن كل ذكرٍ قابلوه في حياتهم. رأيتُ دعاباتٍ تقول: لم أجب على مكالمات أبي أو أشقائي الذكور لشهورٍ في الواقع. وقلت لنفسي: "أنا آسفةٌ جداً. لقد صنعت وحوشاً'".

تؤمن دوا بأنَّ البوب ​​يجب ألا يُؤخَذ على محمل الجد، "يجب أن يكون ممتعاً، عليك أن تستمتع به، وألا تنزعج من كل شيء". فالموسيقى هي المفر من العالم الحقيقي الذي لديه الكثير من الطرق لإزعاجنا بالفعل.

المؤرخ المفصول: لقد تعرّضوا للكثير

تنحدر دوا من عائلة ألبانية "تعرَّضت للكثير" على حد قولها، وتضيف "كل من جدي وجدتي ووالديَّ مروا بالكثير". حاولت بذل قصارى جهدها لتختزل قصتهم المعقدة.

وُلِدَت والدتها أنيسة لأبٍ كوسوفي وأمٍ بوسنية. في التسعينيات، طرقت الحرب أبواب البوسنة أولاً، حيثُ عاشت أم أنيسة، ثم حلَّت على كوسوفو، حيثُ كانت أنيسة تعيش حينئذٍ مع خطيبها، دوكاغجين ليبا (والد دوا).

كان دوكاغجين ابن مؤرخٍ معروف، وهو سيت ليبا، الذي كان في ذلك الوقت رئيساً لمعهد كوسوفو للتاريخ. وعندما بدأ النزاع يندلع في كوسوفو، انتهت مهنة سيت فجأةً.

وتروي دوا، "عندما جاء الصرب، أرادوا من الكثير من المؤرخين إعادة كتابة تاريخ كوسوفو، وأن يغيروه إلى أنَّها كانت دوماً جزءاً من صربيا. كان جدي واحداً من هؤلاء الأشخاص الذين رفضوا فعل ذلك، لذا فقد وظيفته، لأنَّه لم يكن يريد أن يكتب تاريخاً لا يراه حقيقياً".

وفي العام 1992، لجأ والدها (دوكاغجين وأنيسة) إلى لندن، بينما بقي والداهما في كوسوفو والبوسنة.

توفي جدها سيت ليبا في العام 1999، وهو العام الذي انتهت فيه حرب كوسوفو، وقالت دوا "أُصيبَ بنوبةٍ قلبية. ولأنَّ الحدود كانت مغلقة، لم يستطع والدي العودة لرؤيته".

بريطانية أم ألبانية: لماذا كرهت هذا الاسم المدهش؟

وُلِدَت دوا في شمال غربي لندن في العام 1995، أي بعد هجرة والديها، وتحكي قائلةً: "رأيتُ والديّ يعملان يومياً طوال حياتي".

ففي كوسوفو، كان والدها يتدرب ليكون طبيب أسنان، ووالدتها تتدرب لتكون محامية، لكنَّ الرحلة المفاجئة إلى لندن أفسدت كل هذا، ولفترةٍ طويلة عمل والدا دوا يعملان في خدمة المقاهي والحانات. وفي المساء، أخذ والدها دورات أعمال، وتلقت والدتها تدريباتٍ في مجال السياحة والسفر. وتضيف عن ذلك: "بينما كنتُ أذهب إلى المدرسة كانا يفعلان المثل. أنا فخورة به الآن، ولكن عندما كنتُ أصغر، كل ما أردتُه هو أن يكون اسمي هانا، أو سارة، أو إيلا"، هكذا تعلق على اسمها المدهش الذي اقترحته جدتها: "دوا"، والذي يعني الحب بالألبانية.

"فاسم دوا كان يجبرني على شرح أنَّني من كوسوفو، وهذا بدوره جعل وجوه الكثيرين تحمل تعبيراً معيناً، مزيجاً من الافتتان والحزن. كان التعاطف البادي على وجوههم يحمل نيةً طيبةً، لكنَّ الحرب الوحشية ليست أول ما يريد أي طفل أن يفكر فيه الآخرون عندما يلتقونه لأول مرة".

كيف أدى القرار "الذي اتخذ بالمطبخ" بالعودة إلى اكتشاف ذاتها؟

كانت دوا في الـ 11 من عمرها عندما أجلسها والداها على طاولة المطبخ ليعلنا أخباراً مهمة. تخرج الأب دوكاغجين دراسته، وعُرِضَت عليه وظيفةٌ في عاصمة كوسوفو.

كانت دوا في نهاية المرحلة الابتدائية، تقول :"شعرتُ بالإثارة. كنا دائماً ما نتحدث الألبانية في المنزل، وكان لدي أبناء عم في كوسوفو لم أقابلهم قط".

ورغم مشكلات الدراسة، تقول: كانت هناك أسبابُ عديدة لحب مدينة بريشتينا. ساعد العيش هناك دوا على فهم أنَّها لم تكن من أهل لندن كما كانت تعتقد دائماً، بل إنَّها "تأتي من مكانين".

من الناحية الموسيقية، بدأت تهتم بالهيب هوب الأميركي لأول مرة. كان المغنيان سنوب دوغ وميثود مان في جولةٍ غنائية بالمدينة، وكانت هذه الحفلات هي الأولى التي تحضرها دوا. غرست فيها هذه التجربة حباً لموسيقى الراب استقر إلى جانب هوسها القوي بموسيقى البوب المبهجة.

 لكن دوا قررت العودة إلى لندن، وتقول عن هذه اللحظة: "لم أكن أعتقد أنَّني سأتمكن من النجاح في ذلك على نطاقٍ عالمي، وأنا أعيش في كوسوفو".

الخدعة: كيف راوغت والديها والشرطة من أجل لندن؟

بالطبع لم تخبر والديها بذلك في هذه السن، بل فكرت في "خدعة". فأقنعت والديها بأنَّ هدفها الرئيسي كان الذهاب إلى جامعةٍ بريطانية جيدة، ونجحت في إقناعهما فعلاً ووافقا. وبعد عودتها إلى لندن، اعتنى بها أصدقاءٌ لوالديها، والتحقت فعلاً بمدرسة سيلفيا يونغ في عطلات نهاية الأسبوع، وبدأت في تسجيل نسخٍ غنائية تجريبية حمَّلتها على موقعي يوتيوب وساوندكلاود.

قالت دوا إنَّ سلوكها كان جيداً أغلب الوقت أثناء هذه الفترة. لم توشك الشرطة على القبض عليها سوى مرةٍ واحدة، عندما عنفها شرطي هي وبعض زملائها بسبب إلقائهم سائل حمام فقاقيع من إحدى النوافذ.

وقالت، "بكل صراحة؟ كنت طفلة حسنة السلوك حقاً. كنتُ أعرف مدى ذعر والديّ عند سماحهما لي بأن أفعل شيئاً ما، ولم أكن أرغب في خذلانهما، جزئياً لأنَّني لم أكن أريدهما أن ينتقلا إلى لندن ليعتنيا بي.

كما كانت أختي الصغيرة وأخي (رينا وغجن، الآن يبلغان 17 و12 عاماً) قد استقرا للتو في إحدى المدارس ببريشتينا. لم أكن أرغب في تقسيم العائلة العائلة، وشعرتُ بالثقة وبأنَّه يمكنني الاعتماد على نفسي. كانت تربطني علاقة جيدة بوالديّ، فقد وثقا بي".

الانطلاقة: تجربة غير موسيقية تتحرج منها قليلاً

تُصاب دوا بالحرج قليلاً عند الإشارة إلى إحدى المحاولات التي قامت بها في بداية حياتها.

فبالإضافة إلى محاولتها أن تشتهر لكونها موسيقية، أطلقت دوا مدونة أزياء تحمل عنواناً لطيفاً: "Dua Daily". بدأت هذه المدونة عند نهاية دراستها في المدرسة الثانوية، واستمرت في نشر تدويناتٍ بها لمدة عامين أو ثلاثة أعوام حتى نهاية فترة مراهقتها.

متابعة مثل هذه المنشورات أمر مثير للاهتمام، فهي ترصد تطور امرأة شابة على مدار السنين، من طفلة بريئة إلى مغنية احترافية في لندن تُفكر في "مدى أهمية التشبيك"، إذ اختبرت عالم عرض الأزياء وعالم التمثيل (شاركت في إعلان لبرنامج X Factor).

 في هذه المرحلة كانت تحاول أن تدفع أي شخصٍ تقابله من مجال صناعة الموسيقى إلى أن يستمع إلى نسخها الغنائية التجريبية.

في النهاية، استمع لغنائها بين ماوسون، وكيل أعمال لانا ديل راي. ووقَّع معها عقداً، وبدآ في تحضير جلسات تسجيل طويلة وغامرة مع أطرافٍ مختلفة. (وكتبت على المدونة: "أنا الآن في عامٍ فاصل، وعلي أن أركز بشكل أكبر على أنشطةٍ أخرى. أعني بذلك، الموسيقى!").

وبالفعل انتظر العميل ومدير الأعمال أن يستمعا لشيءٍ يحمسهما. ويبدو أنَّ أفضل إنتاج دوا كان يخرج عندما يندمج لوناها المفضلان، أغاني الراب المتقلبة وموسيقى البوب الجذَّابة.

رفضها الجميع: كيف صنعت من الأغنية عملاً "مليارياً"؟

كتبت أغنية New Rules لعددٍ كبير من الفنانين، ولكنَّهم رفضوها جميعاً، ومن بينهم فرقة الفتيات Little Mix. وعندما حاولت دوا تسجيلها، صبغتها بشيءٍ جديد، وهو إيقاع متراخٍ وغاضب، ما جعل منها نشيداً مناسباً جداً لملل هذا العصر. وبعد أن شاهدها أكثر من مليار ونصف المليار، أصبحت الأغنية الجديدة هي ورقتها الرابحة، وصانعة شهرتها. وفي بريطانيا في فبراير/شباط 2017، كان أداؤها للأغنية هو نجم الأمسية.

رسائلها الأخيرة: أبي والنساء معاً

رُشحت دوا لخمس جوائز مختلفة. فازت أغنية New Rules بلقب أحسن أغنية منفردة، وفاز ألبوم Dua Lipa، الذي حقَّق مبيعات وصلت إلى مليون نسخة، بجائزة أحسن ألبوم.

وفي النهاية، فازت دوا بجائزتين، أفضل مطربة منفردة، وأحسن موهبة بريطانية صاعدة، ما عنى صعود المسرح مرتين وإلقاء كلمتين مختلفتين تماماً.

الأولى كانت سياسية. إذ قالت دوا: "أتمنى أن نجد الكثير من النساء على هذه المسارح. وأن تفوز نساء أكثر بالجوائز. وأن تحكم نساء أكثر العالم".

 وعندما استدعت ذكريات ذلك الخطاب، قالت دوا إنَّه لم يفتها أنَّها كانت المرأة الوحيدة المرشحة لعددٍ آخر من الجوائز في فئاتٍ يُزعم أنَّها للجنسين.

كانت كلمتها الثانية في نفس الليلة أنعم، وأرق، حسب تعبير The Guardian، بخاصة جملة "طارد حلمك. السحر حقيقة".

تعلمت دوا من تجربة عائلتها أن تستمر، وأن تعمل دائماً، وأن تحاول تحسين فرصها لتحظى بحظٍّ أوفر.

وقالت: "يعود جزءٌ كبير من شخصيتي الآن إلى مراقبتي لعائلتي، وتعلمي منهم كيفية التكيف مع الأماكن والظروف المختلفة… وكان أبي يقول لي دائماً: "عليكِ أن تعملي بجد، لتحصلي فقط على القليل من الحظ". لذا، فإجابتي عن سؤالك هي أنِّي أؤمن بالجانب الرومانسي من الأمر. وأؤمن بالعمل الجاد الثابت أيضاً".

تقول : إليكَ ما تعلمته من والديّ: كل شيء يأتي بالعمل الجاد. بعد ذلك، ربما تصب الأمور في صالحك".

والآن  تقوم دوا  بجولةٍ فنية عالمية.