الأربعاء 18 أبريل/نيسان هو اليوم المنتظر في السعودية لعودة دور السينما للعمل من جديد، بعد حظر دام 35 عام تقريباً. في هذا اليوم تعود دور السينما للعمل من جديد من خلال عرض فيلم Black Panther، أو النمر الأسود، في حفل افتتاح أول دار عرض سينمائية.
وسيكون حفل الافتتاح مقصوراً على المختصين في مجال السينما والفن ورجال الحكومة في السعودية، بالإضافة إلى وسائل الإعلام المحلية، تمهيداً لفتح دار العرض للجمهور الشهر المقبل. ويمثل هذا العرض عرضاً اختبارياً لدار العرض الواقعة في منطقة الملك عبدالله في العاصمة.
وبحسب ما ذكرته صحيفة lorientlejour الفرنسية، فإن اختيار هذا الفيلم تحديداً يعطي إشارة على التغيير الذي تشهده المملكة. وقال كلارنس رودريغيز، وهو مراسل أجنبي عمل في الرياض لمدة 12 عاماً، إن رياح التغيير هذه ترافق خطة "رؤية 2030" التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتهدف إلى تنويع مصادر إيرادات المملكة، بدلاً من الاعتماد على النفط.
وأضاف أن الشباب هم أكثر ملاءمة لسياسة ولي العهد، لاسيما أولئك الذين درسوا في الخارج، مؤكداً أنهم في السعودية للعب دور مهم وهم راضون عن هذه الإصلاحات.
قصة الفيلم ثورية
يعد فيلم "النمر الأسود"، الذي يتناول قصة أحد الأبطال الخارقين، عملاً سينمائياً ذا طابع ثوري، بل ويختلف عن الأفلام الأخرى المناظرة له بشكل كامل، وعلى العديد من المستويات، كما يرى الناقد السينمائي نيكولاس باربر.
وفيلم Black Panther هو فيلم أميركي من أفلام الأبطال الخارقين، من إنتاج عام 2018، ويعتمد على شخصية Marvel Comics التي تحمل الاسم نفسه.
ومنذ أن بدأت شركة "مارفل" قبل عقد كامل تقديم أفلام تتناول أبطالها الخارقين الذين يظهرون في قصصها المصورة، كان هناك الكثير للغاية من الشخصيات بيضاء البشرة، التي تهيمن على أدوار البطولة، بينما تُسند أدوار الشخصيات المُساعِدة إلى أشخاصٍ سود البشرة، أو ينتمون لأقلياتٍ عرقية.
أما هذه المرة، فقد اختارت الشركة أن يحمل الفيلم اسم شخصية ملك إفريقي يدعى "تي تشالا"، يجسد دوره الممثل تشادويك بوزمان. ويحظى هذا الملك بقوة وسرعة مذهلتين بفضل جرعة من دواء سحري ورداء مدرع يغطي جسده بالكامل.
وحسب ما ذكر موقع BBC، فمن شأن ذلك، في حد ذاته، جعل هذا الفيلم ثوري الطابع، ولذا كان يمكن أن يشكل ذلك مسوغاً لأن يقرر مخرجه رايان كوغلر الذي شارك أيضاً في كتابة السيناريو أنه ما من حاجة لكسر أي حواجز أخرى، وأن يحيط البطل "تي تشالا" بممثلين مساعدين بيض البشرة، ويجعله يحارب وحوشاً على الأراضي الأميركية.
تدور المغامرات في دولة إفريقية مفترضة تدعى "واكاندا"، تُخفي عجائبها عن العالم الخارجي، الذي تبدو له مجرد دولة عتيقة يسودها الركود ويضربها فقرٌ مدقع، ويقطنها رعاة ماعزٍ يسكنون الأكواخ.
لكن الأمر يختلف في الواقع، فتحت قبةٍ ثلاثية الأبعاد، تقبع عاصمة هذا البلد، وهي عبارة عن نموذجٍ لمدينة فاضلة "يوتوبيا" فائقة التطور والحداثة، ترى فيها مركباتٍ أنيقة مضادة للجاذبية، تمرق وهي تصدر أزيزاً من فرط سرعتها، بين ناطحات سحابٍ لامعة تكسوها نباتات خضراء وارفة.
هذا أيضاً أمر ثوري، فمنذ متى نرى دولة إفريقية بهذه الروعة في السينما العالمية.
والأمر المميز الآخر، هو أنك ستلاحظ أن الفيلم يضم عدداً هائلاً من الشخصيات النسائية ذات السمات المميزة والقدرة على الإمساك بزمام المبادرة والمباغتة، وهو ما يجعل من "النمر الأسود" عملاً يختلف بشكل جذري عن أقرانه، فيما يتعلق بطبيعة الأدوار التي تُسند إلى ممثلات. في المقابل، من الملحوظ قلة عدد الرجال في فريق العمل.
نهاية الحظر وبداية عصر جديد
وأنهت المملكة، التي شرعت في سلسلة من الإصلاحات منذ العام الماضي، الحظر الذي كان مفروضاً على إنشاء دور السينما منذ 35 عاماً. وحصلت شركة AMC Entertainment الأميركية العملاقة على أول ترخيص لإنشاء دور عرض سينمائي بالمملكة.
وسيحضر المدير العام لشركة AMC للترفيه آدم آرون عرض يوم الأربعاء. وكانت الشركة التي تعد أكبر شركة لصناعة السينما في الولايات المتحدة، عقدت اتفاقاً في ديسمبر/كانون الأول 2017، مع صندوق الثروة السيادية السعودي لبناء وتشغيل دور السينما في جميع أنحاء المملكة.
وذكرت الصحيفة الفرنسية أن حكومة السعودية تروج للترفيه، وتخطط لاستثمار أكثر من 50 مليار دولار لتطوير هذا القطاع. ففي عام 2016 أنشأت هيئة عامة للترفيه؛ لتحديد استراتيجية التوسع هذه، كما سيكون لديها مهمة التحقق من الأفلام التي يتم بثها في دور السينما بالبلاد.
وأشارت الصحيفة إلى إعلان السعودية مشاركتها في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، والذي سيعقد في الفترة من 8 إلى 19 مايو/أيار المقبل، أنه من ضمن العلامات التي تؤكد على التطور الذي تشهده المملكة أيضاً.
ولفتت إلى أن وزير الثقافة، عواد العواد، أعلن عن هذا الإثنين 9 أبريل/نيسان، في إطار الزيارة الرسمية لولي العهد إلى باريس؛ حيث التقى بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، موضحاً أنه سيتم بث تسعة أفلام قصيرة في المهرجان.
وتؤكد الصحيفة أنها ليست المرة الأولى التي يشارك فيها فيلم سعودي بمسابقة دولية؛ حيث تم اختيار "وجدة"، للمخرجة السعودية هيفاء المنصور لتمثيل المملكة في حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2014، في فئة "أفضل فيلم بلغة أجنبية".