أصبح عبدالعزيز بوتفليقة (80 عاماً) رئيساً للجزائر منذ عام 1999، وأُعيد انتخابه للمرة الرابعة على التوالي في انتخابات أبريل/نيسان 2014 في استفتاءٍ قاطعته المعارضة.
ألغى البرلمان الحد الأقصى للمدد الرئاسية في عام 2008، مما سمح له بتأمين مدته الثالثة في 2009. قبل أن يصبح بوتفليقة رئيساً، كان وزيراً للخارجية في حكومة هواري بومدين في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، وقضى سنوات عديدة في المنفى بعد موت بومدين.
في أبريل/نيسان 2013 عانى بوتفليقة من سكتة دماغية صغرى، وقضى على إثرها أسابيع عديدة يخضع للعلاج في فرنسا، أفضت به إلى كرسي متحرك، وأصبح ظهوره محدوداً بسبب صحته المتدهورة.
لاحقاً أصبح عبدالمالك سلال، رئيس الوزراء ينوب عنه في الزيارات الخارجية؛ مما روَّج شائعاتٍ عن موته، وأثار مخاوفاً حول انتقال السلطة. وفي عام 2016، أعلن مكتبه تغيراتٍ دستورية، تضمنت عودة المدد الرئاسية المحدودة التي أُلغيت في عام 2009.
ولد بوتفليقة في 2 مارس/آذار 1937. في مدينة وجدة على حدود المغرب، يعرف أيضاً باسم بوتيف، وهو غير متزوج وليس له أبناء. نشأ في أسرة مكونة من 9 أطفال، خمسة أشقاء، وشقيقة واحدة، وثلاث أخوات غير شقيقات.
أحد أخوته هو سعيد بوتفليقة، المتنفّذ في الدولة الجزائرية، وأخوه الآخر مصطفى بوتفليقة، طبيب أنف وأذن وحنجرة وكان الطبيب الشخصي لأخيه عبدالعزيز منذ 1999 وحتى وفاته في يوليو/تموز 2010.
كما أنّ له أخاً آخر يدعى عبدالغني بوتفليقة، يعمل محامياً ويعيش في باريس. بينما يتولّى أخوه ناصر بوتفليقة منصباً رفيعاً في الحكومة الجزائرية منذ أغسطس/آب 2013. أمّا أخته زهور، فقد تدربت على توليد النساء الحوامل (قابلة).
في هذا التقرير ملخّص وترتيب زمني لأبرز محطات حياته.
البداية في البرلمان
في عام 1962 انتُخب عبدالعزيز بوتفليقة عضواً للبرلمان عن ولاية تلمسان. بينما عمل في الفترة من 1962 إلى 1979 لفترةٍ وجيزة وزيراً للشباب والرياضة قبل تعيينه وزيراً للخارجية في حكومة الرئيس هواري بومدين.
وقد فشل عام 1979 في خلافة بومدين في رئاسة الجزائر، ما أدى به بمغادرة البلاد عام 1980، وعاش في بلاد الخليج العربي معظم الوقت. وفي وقتٍ لاحق، عام 1983 أصدر مجلس المحاسبة الجزائري حكماً ضده في قضية اختلاس أموال عامة. وحكم عليه بإعادة الأموال (10 ملايين دولار).
من المنفى إلى رئاسة البلاد!
انتقل إلى أوروبا عام 1983، وبعد 4 سنوات فقط عاد من المنفى، بعدها بسبع سنوات أخرى، رفض عرضاً مقدماً له ليصبح رئيس الدولة لفترة انتقالية مدتها 3 سنوات، وبعد سنة واحدة
بالتحديد عام 1998 أصبح مرشحاً للانتخابات الرئاسية التي عقدت في أبريل/نيسان 1999.
وقد أدّى اليمين الدستورية بصفته رئيساً للجمهورية في أبريل عام 1999.
وفي عام 2000 أي بعد وصوله لكرسيّ الحكم، أصبح بوتفليقة الرئيس الجزائريّ الأول الذي يخاطب المجلس الوطني الفرنسي. وفي عام 2003 أقال رئيس وزرائه علي بن فليس، وهو نفس العام الذي شهد صعود نجم أحمد أويحيى رئيساً للوزراء.
بعدها بشهور في 20 أغسطس/آب أعلن ترشحه لانتخابات أبريل/نيسان 2004، بينما عيّن عبدالمالك سلال، الرجل الذي أصبح ينوب عنه في زياراته الخارجية بعد مرضه لاحقاً، مديراً لحملته الانتخابية.
فاز بوتفليقة بالانتخابات في أبريل/نيسان عام 2004، بنسبة أصوات 83.49 %. وفي 2005 انتُخب رئيساً لجبهة التحرير الوطني التي كانت منقسمة على نفسها منذ أكثر من عام، بين داعمي علي بن فليس (جبهة التحرير الوطني)، وداعمي بوتفليقة وعبدالعزيز بلخادم (حركة تصحيح جبهة التحرير الوطني).
بعد معركته في الرئاسة وجبهة التحرير الوطني، أعاد تنظيم مجلس وزرائه عام 2005، وعيّن رئيس أركان الجيش السابق عبد المالك قنايزية وزيراً مفوَّضاً للدفاع، وعين زعيم حركة مجتمع السلم بوقرة سلطاني وزيراً للدولة.
وفي أغسطس/آب من نفس العام أعلن عن استفتاء في يوم 29 سبتمبر/أيلول على عفوٍ عام أو تخفيف عقوبات لأشخاصٍ مطلوبين، ممن ارتكبوا جرائم عنف، وممن حُكم عليهم بالفعل، "ويستثنى من هذا المتورطون في المذابح، وتفجيرات الأماكن العامة".
وفي ديسمبر/كانون الأول غادر مستشفى في باريس بعد قضائه 3 أسابيع بها، عقب خضوعه لعملية بالمعدة بسبب قرحة بها. وقال الأطباء إنه لا يعاني من أي مشاكل صحية. ولكنّه بعد 4 أشهر دخل عام 2006 أبريل/نيسان مستشفى Val-de-Grace في باريس من أجل "فحصٍ طبي".
بعد سنتين ونيف من تعيينه أقيل أويحيى من منصبه في مايو/أيار 2006 وعيّن بدلاً عنه عبدالعزيز بلخادم.
وفي 2007 أعاد بوتفليقة تعيين بلخادم رئيساً للوزراء بعد الانتخابات البرلمانية. وفي نفس العام فجّر انتحاري قنبلة وسط الحشد الذي ينتظر وصول بوتفليقة في مدينة باطنة شرقي الجزائر. ولم يكن بوتفليقة حاضراً.
لعبة بوتفليقة.. التعديلات الدستورية لرئاسة البلاد
بعدها بعام، استطاع بوتفليقة أنّ يمرِّر في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 تعديلاتٍ دستورية تسمح للرئيس بالاستمرار لفترة ثالثة، بأغلبية المجلسين التشريعيين في البلاد. بعدها بشهرين أعلن رسمياً أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية التي ستقام في 6 أبريل/نيسان 2009.
وقد أعيد انتخابه رئيساً للجمهورية للمرة الثالثة، بعد أن فاز في الانتخابات بنسبةٍ تتجاوز 90% من الأصوات.
في عام 2011 سافر إلى فرنسا من أجل فحوصات طبية جديدة متعلقة بالعملية الجراحية التي خضع لها في 2005.
كما تعهّد بإقامة انتخابات تشريعية "حرة وشفافة" في منتصف عام 2012. لكنه أنكر أنّ الجزائر وصلت حالة ديموقراطية كاملة قائلاً: "لا توجد مقارنة بين ما يحدث في الجزائر، وما يحدث في بريطانيا أو حتى في فرنسا".
في 10 مايو/أيار 2012 تقرّر موعد الانتخابات التشريعية بالبلاد، وقال بوتفليقة في خطابٍ تلفزيونيّ إنه "يتوقع من الأحزاب والاتحادات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني الوقوف سوياً لتحريك المصوتين، خاصة الشباب".
كما شدّد أيضاً على أنه "منع كل.. أعضاء الحكومة من استخدام موارد الدولة، أو عقد زيارات رسمية" لأهداف انتخابية. سيسند للمجلس الجديد مهمة صياغة دستور جديد.
وفي 2013 تحديداً بشهر أبريل/نيسان كان على موعدٍ آخر مع القدر، إذ عانى من سكتةٍ دماغية صغرى، وذهب من أجل الفحوصات الطبية إلى مستشفى Val-de-Grace في باريس، بفرنسا.
وطبقاً لصحيفة تصدر من مكتب رئيس الوزراء فقد كانت "حالته الصحية لا تثير أي مخاوف".
بعدها بشهور وبعد زيادة المخاوف حول حالته الصحية واختفائه من المشهد، نشرت وكالة الأنباء الرسمية التابعة للدولة الجزائرية صوراً له للمرة الأولى منذ دخوله للمستشفى.
ظهر الرئيس في الصور وهو يستقبل رئيس الوزراء عبدالمالك سلال ورئيس أركان الجيش قايد صالح في باريس، بفرنسا.
بعدها عاد الرئيس إلى الجزائر بعد 82 يوماً قضاها في المستشفى في فرنسا. وظهر في مقطع فيديو مسجَّل للتلفزيون الوطني وهو جالسٌ على كرسيٍّ متحرك.
عند وصوله لمطار بوفاريك بالقرب من مدينة الجزائر. أذيع بيان رسمي من مكتب الرئاسة: "بعد انتهاء العلاج والعلاج الطبيعي في فرنسا، يعود الرئيس إلى الجزائر يوم الثلاثاء 16 يوليو/تموز، حيث سيستمر لفترة من الراحة وإعادة التأهيل".
التدهور الصحِّي "لا يؤثّر على أداء الرئيس"
بعدها بشهور بسيطة أعلن عمّار سعداني الأمين العام لجبهة التحرير الوطني إن بوتفليقة "قادر على إدارة الدولة" وأنه اختير في الجبهة مرشحاً للانتخابات الرئاسية القادمة في 2014.
كما طالب سعداني الجنرال محمد مدين، رئيس المخابرات الجزائرية بالتنحِّي. معدداً قائمة من الفشل في فترة توليه المنصب، ومن بينها اغتيال الرئيس عام 1992 وهجوم القاعدة على محطة الغاز في يناير/كانون الأول 2013.
في هذه المرحلة عاد بوتفليقة، لمدير حملته الأولى عبدالمالك سلال ليعينه مديراً لحملته الانتخابية. وبالطبع أعيد انتخابه للمرة الرابعة بعد فوزه بالانتخابات بنسبة 81.53% من الأصوات.
وبالطبع فقد أدّى اليمين على الكرسيّ المتحرّك أثناء هذا الحدث، كما ألقى خطاباً مختصراً مدته دقيقتين بعد أن أدى اليمين.
بعد فوزه بفترةٍ وجيزة نشرت وكالة الصحافة الفرنسية تقارير تفيد بأنه في أحد مستشفيات فرنسا، في عيادة في مدينة غرونوبل جنوبي البلاد.
وأفادت تقارير أخرى نشرتها الصحيفة الجزائرية الخاصة في 16 ديسمبر/كانون الأول، أنه نُقل إلى مستشفى Val-de-Grace في باريس من أجل علاج طبي "عاجل". لكنّ مكتب الرئاسة "أنكر" هذه الشائعة.
في أبريل/نيسان من عام 2015 نُشرت تقارير على موقع صحيفة Liberte الجزائرية تبيِّن تمثيل رئيس الوزراء عبد المالك سلال للرئيس بوتفليقة في مناسباتٍ مختلفة، من بينها لقاء مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
كما زعمت الصحيفة أنّ "رئيس الوزراء هو من نفَّذ كل الرحلات الخارجية لمدة عامين على الأقل، حتى التي نُظمت على مستوى رؤساء الدول".
وأضاف تقرير الصحيفة أنّ سلال "أُعطي سلطة التواجد في كل الأماكن في الوظائف والمهام بالنظر إلى تواجده القوي على المنصات السياسية المحلية والدولية، ودور في الحكومة أعلى مما هو عليه. في حين يتراجع دور بوتفليقة من العالم الحقيقي ليكتسب تواجداً صورياً فقط. ويقتصر دوره على استقبال الزائرين للجزائر في محل إقامته في زرالدة، بعد مجموعة محددة من الطقوس"..
وفي نفس العام، بدأت تظهر للصحافة أنّ هناك محاولات توريث من قبل بوتفليقة لأخيه سعيد، بينما أنكر عمار سعداني -الأمين العام لجبهة التحرير الوطني- في مقابلةٍ تلفزيونية أن بوتفليقة يريد توريث السلطة لأخيه الأصغر سعيد، طبقاً لتقرير نشرته صحيفة الشروق اليومي الجزائرية الخاصة.
و.. رئاسة مدى الحياة؟
مرة أخرى كانت الجزائر على موعد لتعديل دستوري، إذ أعلن أحمد أويحيى عام 2016 -وهو في ذلك الحين مدير مكتب الرئاسة- مسودة مراجعة الدستور الجزائري التي طال انتظارها.
تضمنت التعديلات تحديد المدد الرئاسية لمدتين طول المدة 5 سنوات، مما يعني العودة في التعديلات الدستورية لعام 2008 التي سمحت للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بخوض الانتخابات للمرة الثالثة، ومنح اللغة الأمازيغية مكانة اللغة الرسمية إلى جانب اللغة العربية.
في نفس العام ظهر بوتفليقة على التلفزيون الرسمي في حدثٍ فريدٍ من نوعه. وظهر في المقطع على كرسيّ متحرك وهو يفتتح مركز المؤتمرات الدولي المشيّد حديثاً في العاصمة الجزائر، ويصافح متحدث البرلمان، لكنه لا يتحدث.
بالطبع أثّرت صحة بوتفليقة على ظهوره، فقد سافر لفرنسا من أجل "زيارة خاصة.. سيخضع في أثنائها لفحوصات طبية دورية"، وقد تأجّلت عام 2017 زيارة مخططة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسبب تدهور صحة بوتفليقة. وقال بيان من مكتبه إنه يعاني من "التهاب رئوي حاد".
لكن رغم ذلك فإن رجال حكومته أكدوا دائماً أن بوتفليقة "يعمل بشكل طبيعي"، وفي مارس/آذار 2017 وليقطع الشك باليقين ظهر على التلفزيون الجزائري الرسمي للمرة الأولى منذ آخر شائعات عن موته.
كان بوتفليقة يستقبل عبدالقادر مساهل، وزير المغرب للاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية. وظهر جالساً ويحرك عينيه وذراعيه بين الفينة والأخرى ببطء وهو يستمع إلى الوزير الذي يعلمه بالتطورات في ليبيا ومالي. لم يظهر وهو يتحدث في هذه اللقطات.
وربما كان هذا تمهيداً لترشحه لعهدةٍ خامسة! فقد أصدر مكتب الرئاسة تصريحاً ينكر فيه التقارير التي تدَّعي أن بوتفليقة ينوي الترشح للمرة الخامسة لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.