«قدمتُ لابنتك الطعام، جلستْ في حضني وقبلتني، ثم قررتُ أن آكلها».. هذا العجوز المسكين كان واحداً من أخطر المجرمين وقاتلي الأطفال في تاريخ أميركا

«عزيزتي السيدة بود/ لقد قدّمت لابنتك الجبن والفراولة، وتناولنا غدائنا، لقد جلست في حضني وقبلتني، ثم قررت أن آكلها، كم كان لذيذاً مذاقها». كاتب الرسالة هو السفاح المجنون ألبرت فيش.

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/24 الساعة 09:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/27 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش

"عزيزتي السيدة بود/ لقد قدّمت لابنتك الجبن والفراولة، وتناولنا غدائنا، لقد جلست في حضني وقبلتني، ثم قررت أن آكلها، كم كان لذيذاً مذاقها". كاتب الرسالة هو السفاح ألبرت فيش.

لكنها كانت رسالة مجهولة تلقتها السيدة بود بعد 6 سنوات من اختفاء طفلتها والبحث عنها. لم تعرف من المُرسل لكن التحقيقات توصّلت إلى أنه كان ألبرت فيش.

بوجهٍ تملأه التجاعيد وعينين تظهر فيهما الطيبة وضعف الشيخوخة؛ كان ألبرت فيش يطل على ضحاياه، أما ما هو خلف هذا الوجه "مصاص الدماء"، و"ذئب بشري" كما أُطلق عليه فيما بعد.

السفاح ألبرت فيش عاش طفولة قاسية

وُلد ألبرت في 19 مايو/أيار 1870 بالعاصمة الأميركية واشنطن، وسط عائلة لها تاريخ طويل من المرض النفسي والعقلي.

فكان عمّه يُعاني من الهوس الديني، وعاشت أخته في مستشفى للأمراض العقلية، كما كان بعض أفراد عائلته الآخرين يُعانون من الهلاوس السمعية والبصرية.

أما والده الذي كان يتجاوز 75 عاماً ويكبر والدته بنحو 50 عاماً، فقد تخلى عنه في سنٍ مُبكرة وأُرسل إلى دار للأيتام.

كانت هذه الدار مكاناً شديد الوحشية والعنف، حيث تعرض فيها للضرب المنتظم والإهانات والتعذيب، وكثير من الأفعال السادية الأخرى.

إذ كانت إدارة الدار تُشجِّع الأطفال على إيذاء بعضهم البعض، حينها بدأ ألبرت يمتلك تعريفاً مُختلفاً للعنف فهو فعل يجلب السعادة للقائم به! وربما بدأ من هنا رحلته الوحشية.

عن هذه الفترة قال ألبرت: "كنت هناك حتى وصلت إلى سن التاسعة، وهذا هو المكان الذي بدأت التعرف على الخطأ به.

كنّا نتعرض للجلد بشكل دائم وعشوائي بلا أسباب مُحددة، ورأيت الصبية يقومون بكثير من الأشياء التي لا ينبغي عليهم القيام بها".

في عام 1880 حصلت والدة ألبرت على وظيفة حكومية، حينها كان والده قد توفي، فتمكَّنت الأم من إخراج طفلها من دار الأيتام.

ولكن كان ذلك متأخراً، بعدما كان قد تأثَّر كثيراً بما تعرض له في دار الأيتام، فتعلَّم كيف يتلذذ بالعنف وكيف يأتي بالأفعال السادية ضد الآخرين.

بعد أن انتقل ألبرت للعيش مع والدته، بدأت تتكون علاقة صداقة بينه وبين أحد الفتية، وكانا يقومان معاً ببعض الأفعال المُثيرة للاشمئزاز، مثل شرب البول، والافتتان بالرغبات الجنسية الشاذة.

ألبرت فيش إلى نيويورك: حياة اجتماعية أكثر لكن بدايةً لعنف أكبر

مَثَّل عام 1890 بداية جديدة لألبرت مع العنف، إذ انتقل خلال هذا العام إلى نيويورك، وبدأ في ممارسة جرائمه ضد الأطفال، فقد كان يتحرش بهم، ويُغريهم بالذهاب معه بعيداً عن منازلهم.

كما يقوم بتعذيبهم مُستخدماً المسامير والسكاكين والآلات الحادة، ثم يغتصبهم، وكثيراً ما كان يقتلهم ويأكل لحومهم.

مع الوقت نمّت خيالاته الجنسية وأصبحت الجرائم التي يقوم بها ضد الأطفال أكثر شيطانية وغرابة.

مارس ألبرت حياته الاجتماعية بشكلٍ طبيعيّ؛ فلم يمنعه مقدار الشذوذ والعنف داخله من الزواج عام 1898، ولكن بسبب تصرفاته الغريبة لم تستطع زوجته تكملة حياتها معه.

فهربت زوجته في عام 1917 مع رجلٍ آخر، وهو ما جعل ألبرت يتأثر كثيراً ويدخل في حالة نفسية أكثر سوءاً، وبدأ يعاني من هلاوس سمعية، واتخذت هلاوسه طابعاً دينياً، فادّعي أنه يتبع كلمات يوحنا الرسول.

وما يثير الاستغراب أن يد ألبرت لم تمتد بالإيذاء لأطفاله الست، وإن شهدوا على بعض سلوكياته الغريبة مثل حُبِّه أكل اللحوم نيئة.

بعد فشل زواج ألبرت، بدأ في توجيه عنفه تجاه النساء أيضاً إلى جانب الأطفال، فبدأ يُراسل بعض النساء طالباً منهن أفعالاً جنسية قبيحة ومُقززة لإحداث الألم، وهو ما لم يلق قبولهن، وقد قُدمت هذه الرسائل لاحقاً كدلائل لإدانة ألبرت أثناء مُحاكمته.

ضحايا ألبرت فيش من الأطفال السود والأيتام المُعاقين

منذ بداية زواجه كان ألبرت عامل طلاء جدران المنازل، وعمل أيضاً في العديد من الولايات المُختلفة. يُرجع البعض ذلك إلى أنه كان كثير التجوال ليتمكن من اختيار ولايات مأهولة بالسكان الأميركيين من أصل إفريقي.

كان هذا هدفه الذي حدده بذكاء ودقة، مُعتقداً أن الشرطة لن تبذل الكثير من الوقت والجهد للبحث عن قاتل الأطفال الأميركيين الأفارقة مُقارنة بطفل قوقازي.

لهذا السبب أصبح أغلب ضحاياه من الأطفال السود أو الأيتام المُعاقين عقلياً.

استخدام الآلات الحادة في إيلامهم، وصولاً إلى دقّ المسامير في أجسادهم، ثم قتلهم وأكل لحومهم، وإرسال خطابات لذويهم لإخبارهم كم كانت لحومهم لذيذة.

كان ألبرت مُغرماً بتقليد السفاح الألماني فريتز هارمان، والذي كان مُدمناً لاغتصاب الأطفال الذكور، واشتهر بلقب "مصاص الدماء" لأن متعته كانت أن يعضّ الطفل حتى يُفارق الحياة وأن يمصّ دمه كذلك.

خدع وحيل للوصول لضحايا جُدد

في عام 1928، نشر شاب يدعى إدوارد بود كان يبلغ عمره 18 عاماً إعلاناً بأحد الصحف يتضمَّن رغبته في البحث عن عمل، أجاب ألبرت على إعلان إدوارد وقدّم نفسه له باسم السيد "فرانك هاورد" المُزارع الذي يبحث عن شاب قوي للعمل معه بمزرعته.

بعدها، حدد ألبرت موعداً سيأتي فيه لاصطحاب إدوارد للعمل في مزرعته، وفي الموعد وصل مُحملاً بالهدايا لجميع أطفال عائلة الشاب وتناول غداءه معهم.

بعد الغداء شرح لهم ألبرت أن عليه الذهاب لحضور حفل عيد ميلاد في منزل أخته، وأنه سيعود لاحقاً لاصطحاب إدوارد للمزرعة.

ثم اقترح عليهم أن تنضم ابنتهم الكبرى جريس البالغة من العمر 10 سنوات إلى حفل عيد الميلاد، لتمرح مع الأطفال من سنها.

وبالفعل جهز الوالدان الفتاة التي كانت مُتحمسة للغاية لحضور الحفل، لكنها لم تعد لبيتها مرة أخرى بعد أن خرجت بصحبة ألبرت.

الرسالة التي أوقعت بالسفاح

استمر التحقيق في اختفاء جريس لمدة 6 سنوات كاملة، لم تظهر خلالها نتائج؛ تلقت والدة الطفلة رسالة مجهولة عام 1934، يُخبرها المُرسل تفاصيل قتل ابنتها.

كان المُرسل يشرح للأم كيف تم تجريد ابنتها من ملابسها ثم خنقها وتقطيعها إلى قطع وأكلها. وعن طريق تتبُّع هذه الرسالة استطاعت الشرطة أن تصل إلى منزل كان يعيش فيه ألبرت فيش.

وبعد أن أُلقي القبض عليه بدأ على الفور في الاعتراف بقتل جريس وعدة مئات من الأطفال الآخرين.

السفاح يعترف بجرائمه دون أدنى شعور بالذنب!

كان ألبرت يعترف بتفاصيل جرائمه من التعذيب والقتل وهو يبتسم، إلى الحد الذي جعل المُحققين يشعرون أنهم يرون الشيطان نفسه.

وفي 11 مارس/آذار عام 1935 بدأت مُحاكمة ألبرت، الذي تعمَّد أن يُظهر براءته من خلال إقناع المحكمة بكونه مجنوناً. وأن هناك أصواتاً في رأسه تطلب منه قتل الأطفال، وهذه الأصوات هي ما جعلته يفعل مثل هذه الجرائم المروعة.

وعلى الرغم من أنَّ العديد من الأطباء النفسيين أكدوا إصابة ألبرت بالجنون بالفعل، فإن هيئة المُحلفين رأت أنه عاقل ومُذنب.

وبعد مُحاكمة قصيرة لم تتجاوز 10 أيام، وحُكم عليه بالموت صعقاً بالكهرباء، وهو الحكم الذي تم تنفيذه في 16 يناير/كانون الثاني عام 1936.

حياة السفاح ألبرت فيش في أعمال سينمائية

هناك أفلام سينمائية صُنعت من وحي حياة ألبرت فيش، مثل: The Silence of the Lambs الذي تم إنتاجه عام 1991.

تدور قصته حول  مخبرة شابة فى المباحث الفيدرالية الأميركية تبدأ عملها بالبحث عن قاتل متسلسل يقوم بسلخ ضحاياه من النساء.

تلجأ للدكتور هانيبال ليكتر المسجون مدى الحياة على ذمة قضايا قتل وأكل لحوم البشر ليدلّها على الفاعل، لكن عليها اكتساب احترامه أولاً ليوافق على مساعدتها.

كذلك الجزء الثاني منه تحت اسم Hannibal الذي أُنتج عام 2001 وتدور قصته حول شخص ثري يُدعى ميسون فيرجر، وهو أحد ضحايا هانيبال ليكتر الناجين، والذي يسعى وراء الإيقاع به وتعذيبه ثم قتله انتقاماً منه.