اللعبة الكبرى في آسيا قبل بلدان الشرق الأوسط الحديث.. كيف تنافست قوى استعمارية على قلب العالم؟

مهدت الرحلات البحرية التي قام بها كولومبوس وفاسكو دي غاما، وماجيلان ودريك، في نشأة التوسع الإمبراطوري وتنافس الدول الأوروبية في السيطرة على بقية العالم في بداية القرن السادس عشر.

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/11 الساعة 16:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/11 الساعة 21:30 بتوقيت غرينتش

في بداية القرن السادس عشر كانت الاكتشافات الجغرافية في عصرها الذهبي وكان اكتشاف قارات وعوالم جديدة أمراً متكرراً

ومهدت الرحلات البحرية التي قام بها كولومبوس وفاسكو دي غاما، وماجيلان ودريك، في نشأة التوسع الإمبراطوري وتنافس الدول الأوروبية في السيطرة على بقية العالم .

وزجت بريطانيا بنفسها في ساحة التنافس الأوروبي بعد أن كانت متأخرة نسبياً في دخول المباراة، لكنها تفوقت على البلدان الأخرى وأصبحت الإمبراطورية الأكبر التي لا تغرب الشمس عن مستعمراتها حول العالم

بعد قرنين من الرحلات نجحت الجزر البريطانية الصغيرة في تأسيس إمبراطورية هائلة مترامية الأطراف في أرجاء الكرة الأرضية بحلول القرن الثامن عشر، وصار البريطانيون مثلهم مثل الإسبان والهولنديين من قبل يفخرون بممتلكاتهم البعيدة حول العالم، حتى أصبح ملك بريطانيا في بداية القرن العشرين جورج الخامس يحكم ربع مساحة اليابسة على الكرة الأرضية.

تقاسم النفوذ في القرن الثامن عشر

لكن هذه المستعمرات الكبيرة لم تكن مصدر فخر بالنسبة للبريطانيين كما كانت مستعمراتهم في الشرق، وأصبح التنافس بين بريطانيا وفرنسا في آسيا والمحيط الهادي محموماً، وأصبحت الهند البريطانية البعيدة متصلة عبر خطوط مواصلات طويلة جداً بحيث يمكن قطعها في نقاط عديدة.

وهنا جاء نابليون

اكتشف نابليون نقطة الضعف البريطانية عام 1798 عندما احتل مصر سريعاً وأراد أن يضم إليها سوريا ثم ينطلق مروراً بالعراق وحتى الهند البريطانية، كما يشرح لك المقطع التالي

فشل نابليون لكن فكرته لم تنتهِ، لاحقاً قام القيصر الروسي بولس بإرسال جيوشه على الطريق نفسها

تعلمت بريطانيا من درس نابليون المؤلم الذي استطاع باحتلال مصر قطع طريقها البحري إلى مستعمراتها الهندية، وبعد انتهاء الحملة الفرنسية ساندت بريطانيا أنظمة الحكم المحلية في الشرق الأوسط لمنع التوسع الأوروبي مجدداً

كان همها الأساسي أن تحول بين أي قوة أوروبية وبين السيطرة على بلاد الشرق الأوسط وقطع طريقها إلى الهند

عندما دعمت بريطانيا البلاد الإسلامية خوفاً من حرب عالمية

لم تخف حدة التنافس بين بريطانيا وفرنسا، لكن أصبح لبريطانيا منافس جديد وقوي هو الإمبراطورية الروسية الكبيرة.

اكتشفت بريطانيا نفوذ روسيا الكبير في آسيا فأصبح هاجس البريطانيين تقليل النفوذ الروسي المتزايد وحماية مستعمراتها الآسيوية في شرق وغرب القارة.

كانت أفغانستان وتركستان هي طريق روسيا للتمدد نحو الهند الأوروبية، وفي الغرب كانت إسطنبول العريقة التي تحكم الأناضول وغرب آسيا وتشرف على مضائق البوسفور والدردنيل هي طريق روسيا للتمدد البحري والبري.

إضافة لذلك، خشي البريطانيون من انحسار النفوذ العثماني في الشرق الأوسط وحلول قوى أوروبية منافسة لها بدل العثمانيين مثلما حدث عندما احتل نابليون مصر.

نابليون في مصر

كانت الفكرة البريطانية تقول "روسيا تريد تدمير الدولة العثمانية وإذا نجحت في ذلك، فستنشب حرب أوروبية هائلة بين القوى الاستعمارية المتنافسة على تركة العثمانيين"

وجاء دور التجارة والنفط

يصوّر ديفيد فرومكين مؤلف كتاب "سلام ما بعده سلام" هذا التنافس المحموم على الشرق الأوسط بين القوى الأوروبية

الانقلاب العثماني على بريطانيا.. ألمانيا صارت صديق العثمانيين وعدو الإنكليز

أراد أعضاء حزب الأحرار البريطاني الاستفادة انتخابياً من انتقاد الإمبراطورية العثمانية أثناء التنافس المحموم مع غرمائهم من حزب المحافظين، وسعى الحزب لقطع الصداقة بين بريطانيا والإمبراطورية الكبيرة وقلص غلادستون نفوذ بريطانيا في إسطنبول، بعد أن أصبح رئيس الحكومة خلفاً للمحافظين 1880م.

ولما كان العثمانيون بحاجة لصديق أوروبي قوي لمواجهة التوسع الروسي الذي يهدد أراضيهم، فقد استبدلوا الصداقة الألمانية بالتحالف مع بريطانيا وحل بسمارك ألمانيا مكان الإنكليز في بلاط الباب العالي العثماني.

وعندما عاد المحافظون للحكم في بريطانيا كانت الصداقة العثمانية الألمانية قد تطورت كثيراً، وأصبحت الإمبراطورية الألمانية هي الخطر الرئيس على المصالح البريطانية بدل روسيا.

تفوقت ألمانيا صناعياً وتقنياً ونافست بريطانيا اقتصادياً وخسرت الأخيرة الكثير، بينما أنشأت ألمانيا السكك الحديدية التي جعلت من قيصر ألمانيا ملكاً بالغ القوة وضاعفت السكك الحديدية من قدراته مقارنة بالسيادة البريطانية البحرية الأقل تطوراً.

أصبحت روسيا وفرنسا حليفين ضد تزايد النفوذ البريطاني، وصار العثمانيون حلفاء الألمان، ووجدت بريطانيا نفسها في سباق محموم من أجل توسيع النفوذ في آسيا، خاصة بعد أن قسمت بلاد فارس لمناطق نفوذ روسية وبريطانية.

وأصبح الجميع على قناعة في نهاية القرن التاسع عشر بأن الإمبراطورية العثمانية أو تركة "الرجل المريض" كما كانت تسمى في أوروبا هي الكعكة التي سيدور الصراع على اقتسامها بين قوى الاستعمار الأوروبية المختلفة وروسيا

وهذا ما جعل الحرب العالمية الأولى، أقرب للحدوث أكثر من أي وقت مضى.


وإقرأ أيضاً..

99 عاماً بالضبط على المعاهدة التي أنهت الحرب العالمية الأولى.. ماذا تعرف عن "فرساي" التي أسهمت في تشكُّل الشرق الأوسط الحديث؟