كيف فتحت نهاية حرب نمور التاميل الباب للتهجم على المسلمين والمسيحيين في سريلانكا؟

تعد الحرب الأهلية السريلانكية أسوأ علامة في تاريخ الدولة، وامتدت قرابة ربع قرن من 1983 إلى 2009، وكانت الحرب بين حركة نمور التاميل الانفصاليين والجيش السريلانكي، والتي انتهت بنصر الجيش بعد مقتل مئات الآلاف من المدنيين.

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/21 الساعة 11:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/21 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
Reuters / الحرب الأهلية السريلانكية

تعد الحرب الأهلية السريلانكية أسوأ علامة في تاريخ الدولة، وامتدت قرابة ربع قرن من 1983 إلى 2009، وكانت الحرب بين حركة نمور التاميل الانفصاليين والجيش السريلانكي، والتي انتهت بنصر الجيش بعد مقتل مئات الآلاف من المدنيين.

الحرب الأهلية السريلانكية

بدأت الحرب الأهلية السريلانكية في 23 يوليو/تموز 1983، عن طريق هجمات تمردية متقطعة من قبل حركة نمور تحرير إيلام تاميل الانفصالية، ضد الجيش السريلانكي.

والسبب هو مطالبة التاميليين بإنشاء دولة مستقلة، تسمى إيلام تاميل تاميل، في شمال وشرق الجزيرة.

بعد 26 عاماً من الحملة العسكرية، هزم الجيش السريلانكي نمور التاميل في العام 2009، وانتهت بذلك الحرب الأهلية.

سبَّبت الحرب مصاعب كبيرة للسكان والبيئة واقتصاد البلاد، وتشير التقديرات الأولية إلى مقتل 100 ألف شخص.

32 بلداً صنّفت التاميل منظمة إرهابية

أثناء المرحلة الأولى من الحرب حاولت القوات السريلانكية استعادة المناطق التي استولى عليها نمور تحرير إيلام تاميل.

أدت الأساليب المستخدمة من قبل نمور تحرير إيلام تاميل ضد أعمال الجيش إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية في 32 بلداً، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وكندا، والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

كما اتُّهم الجيش السريلانكي أيضاً بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مثل إطلاق سراح مرتكبي تلك الانتهاكات، وعدم تقديمهم أمام القضاء والاحتجاز دون سبب وجيه، والاختفاء القسري.

Reuters / 32 بلداً صنّفت حركة التاميل منظمة إرهابية
Reuters / 32 بلداً صنّفت حركة التاميل منظمة إرهابية

قوات حفظ السلام واتفاقات وقف إطلاق النار لم تنجح

بعد عقدين من القتال وفشل أربع محاولات لعقد محادثات السلام، بما في ذلك التدخل غير الناجح للجيش الهندي، عبر قوات حفظ السلام الهندية من عام 1987 إلى 1990، أعلن توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار في 2001.

ومع ذلك، وقعت أعمال عدائية محدودة في أواخر عام 2005، وبدء كلا الطرفين في التصعيد، حتى أطلقت الحكومة عدداً من الهجمات العسكرية الكبرى ضد نمور تحرير إيلام تاميل، في أوائل يوليو/تموز 2006.

وأدت الهجمات إلى خروج الحركة من كامل المنطقة الشرقية للجزيرة، ثم أعلنت نمور تحرير إيلام تاميل أنها سوف "تستأنف نضالها الحر من أجل تأسيس دولة".

في 2007، استمرَّت الحكومة في هجومها على شمالي البلاد، وأعلنت رسمياً انسحابَها من اتفاق وقف إطلاق النار في 2 يناير/كانون الثاني 2008، زاعمة أن حركة نمور تحرير إيلام تاميل قد انتهكت الاتفاق 10 آلاف مرة.

نهاية الحركة.. وتحويل المطالب من دولة مستقلة إلى فيدرالية

ومنذ ذلك الحين، وبعد تدمير عدد من سفن تهريب الأسلحة الكبيرة القادمة لنمور تحرير إيلام تاميل، وإيقاف الدعم الدولي لها، أعادت الحكومة سيطرتها على المنطقة بأكملها، التي كان يسيطر عليها التنظيم التاملي.

بما في ذلك عاصمتها، بحكم الواقع كيلينوتشتشي، وقاعدة مولايتيفو العسكرية المهمة، وكامل الطريق السريع إي 9، حتى اعترفت قيادة التنظيم أخيراً بالهزيمة في 17 مايو/أيار 2009.

بعد نهاية الحرب، ادعت الحكومة السريلانكية أن سريلانكا هي أول بلد في العالم الحديث تقضي على الإرهاب فوق أراضيها.

وفي أعقاب هزيمة حركة نمور تحرير إيلام تاميل، خفض التحالف الوطني التاميلي المؤيد لها مطالبه من تكوين دولة منفصلة، إلى تطبيق الحكم الفيدرالي.

نمور إيلام واغتيال رئيس الوزراء الهندي راجيف غاندي

اغتيال رئيس الوزراء الهندي السابق راجيف غاندي، في 21 مايو/أيار 1991، بمدينة سريبرومبودا، بالقرب من مدينة مدراس في الهند.

وذلك أثناء تجمع انتخابي، باستخدام حزام ناسف ارتدتة إحدى منتسبات الحركة، مما أدى إلى وفاة راجيف و16 آخرين كانوا على مقربة منه.

وتعود أسباب هذه العملية إلى أن منفذتها كانت قد تعرَّضت للاغتصاب على يد أحد العناصر الهندية من قوات حفظ السلام.

Social Media/ اغتيال رئيس الوزراء الهندي السابق راجيف غاندي، في 21 مايو/أيار 1991، بمدينة سريبرومبودا، بالقرب من مدينة مدراس في الهند.
Social Media/ اغتيال رئيس الوزراء الهندي السابق راجيف غاندي، في 21 مايو/أيار 1991، بمدينة سريبرومبودا، بالقرب من مدينة مدراس في الهند.

أسباب الحرب الأهلية السريلانكية

ترجع أصول الحرب الأهلية السريلانكية إلى الحقد السياسي المستمر بين الأغلبية السنهالية والأقلية التاميلية.

وتعود جذور النزاع الحديث إلى الحكم الاستعماري البريطاني، عندما كانت تعرف البلاد باسم سيلان.

ظهر في البداية القليل من التوتر بين أكبر مجموعتين عرقيتين في سريلانكا، السنهاليين والتاميليين، عندما تم تعيين بونامبالام أروناشالام، وهو تاميلي، ممثلاً للسنهاليين بالإضافة إلى التاميليين في المجلس التشريعي الوطني.

في 1919، اتَّحدت الأغلبية السنهالية والمنظمات السياسية التاميلية لتشكيل المؤتمر الوطني السيلاني، تحت قيادة أروناشالام، للضغط على الحكومة الاستعمارية للحصول على مزيد من الإصلاحات الدستورية.

ومع ذلك، شجّع الحاكم البريطاني وليام مانينغ مفهوم "التمثيل الطائفي"، وأنشأ مقعد بلدة كولومبو في 1920، والذي سبب صراعاً بين التاميل والسنهاليين.

ومن 1948 إلى 2002 كانت هناك 38 مجموعة فدائية تقريباً قاتلت مرة واحدة على الأقل لاستقلال تاميل إيلام.

من ضمن هذه المجموعات: نمور تحرير تاميل إيلام، ومنظمة تحرير تاميل إيلام، وجبهة التحرير الثورية لشعب إيلام، ومنظمة تحرير شعب تاميل إيلام، ومنظمة إيلام الثورية للطلاب، وجيش تاميل إيلام، وجيش حرية إلانكاي التاميلي، والتحرير الاجتماعي الثوري الاشتراكي.

نهاية حرب التاميل مع الجيش فتحت الباب للبوذيين للتهجم على الإسلام

وحسمت بهزيمة منظمة نمور التاميل عام 2009 على أيدي الجيش السريلانكي، وانتهاء مشروع إقامة دولة مستقلة للأقلية الهندوسية المتمركزة في شمالي الجزيرة وشرقيها.

لكن ما إن انتهت تلك الحرب المشؤومة بالقوة، حتى فتح المجال لأزمات سياسية واجتماعية قد لا تقل خطورة عن الحرب، وثار جدال واسع بشأن ملفات كثيرة خلفتها موجة التشدد البوذي التي أعقبتها.

وتبلورت على شكل حلف سياسي بين المتشددين البوذيين ومعسكر الرئيس السابق ماهيندرا راجابانغسا، كانت حلقة الوصل فيها الفساد والمحسوبية والانتقام من الأقليات.

علاوة على أن الانتصار مكَّن الرئيس السابق راجابانغسا من تعيين نحو ثلاثمائة من أقربائه وذويه في مناصب عليا وحساسة، فقد أطلق أيدي حلفائه المتشددين البوذيين لاستهداف الأقلية المسلمة التي تصل نسبتها إلى 10% من مجموع السكان.

وذلك على الرغم من أن المسلمين السريلانكيين دفعوا ثمناً باهظاً بسبب تمسكهم بوحدة البلاد، وتعرضهم لحملة تهجير قسري شملت مئات الآلاف منهم.

iStock/ نهاية حرب التاميل مع الجيش فتحت الباب للبوذيين للتهجم على الإسلام
iStock/ نهاية حرب التاميل مع الجيش فتحت الباب للبوذيين للتهجم على الإسلام

ودخلت البلاد في مرحلة تُنذر بحرب جديدة بين الغالبية البوذية (السنهالية العرقية) -التي تشكل نحو 70% من السكان- والأقليات، ولاسيما المسلمين والهندوس.

وتمثلت أبرز مظاهر التشدد البوذي في الهجوم على القرآن، ومحاربة الطعام الحلال، والحجاب، وشنّ حملة واسعة ضد رجال الأعمال والتجار المسلمين.

كما فتحت نهاية هذه الحرب توجيه العداء إلى المسيحيين الكاثوليك الذين يعتبرون قوة موحدة في هذا البلد، إذ يتنوعون بين التاميل والسنهالية.

وذلك لدعمهم تحقيقات خارجية في جرائم ارتكبها الجيش السريلانكي بحق التاميل خلال الحرب الأهلية التي انتهت عام 2009.

وخلَّف النزاع الذي استمر بين 1972 و2009 ما بين 80 و100 ألف قتيل، بحسب الأمم المتحدة.

متعددة الأديان والأعراق.. لكن الغالبية من البوذيين

تعد سيريلانكا دولة ذات تعددية دينية وعرقية يعيش فيها الجميع، ولكن البوذيين هم الأغلبية فيها، كما أن أولى النصوص المعروفة لهذه الديانة كتبت في سريلانكا.

ويشكل البوذيون 70% من السكان، إلى جانب 12% من الهندوس و10% من المسلمين و7% من المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت.

ويبلغ عدد سكان الأقلية الكاثوليكية نحو 1.2 مليون شخص من إجمالي عدد السكان الإجمالي لسريلانكا، البالغ 21 مليون نسمة.

على المستوى العرقي، يشكل السنهاليون غالبية السكان 75% في 2012، إضافة إلى التاميل 11%، الذين يتركزون في شمال وشرق الجزيرة.

تتوزع الطوائف الأخرى بين العرب التاميل والهنود والماليزيين والبورغر (أحفاد المستوطنين الأوروبيين).


تحميل المزيد