مهرجان سور الأزبكية لبيع الكتب المستعملة.. كتب رخيصة تتحدى معرض القاهرة الدولي للكتاب

محلات الكتب القديمة في سور الأزبكية لبيع الكتب المستعملة، تلبي طلبات الزبائن في أول أيام مهرجان سور الأزبكية للكِتاب ، لمنافسة معرض القاهرة الدولي للكتاب

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/17 الساعة 16:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/17 الساعة 17:49 بتوقيت غرينتش

يعمل العم حربي، صاحب أقدم محلات الكتب القديمة في سور الأزبكية لبيع الكتب المستعملة، بنشاطٍ، ليُلبي طلبات زبائنه الآتين في أول أيام مهرجان "سور الأزبكية للكِتاب"، الموازي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

داخل محل بالكاد يسع شخصين، تتكدس على اليمين واليسار أرفف من الكُتب القديمة وبضع صحف تعود لفترات تاريخية في حياة المصريين قبل ثورة 23 يوليو/تموز 1952، ومجلات فنية تتحدث عن آلام العندليب عبد الحليم حافظ، وأخرى عن جنازة أم كلثوم وعلى غلافها تبدو جماهير المشيعين الضخمة.

ويتوسط سور الأزبكية العاصمةَ القاهرة، وعلى مقربة منه يقع الجامع الأزهر ومسجد الحسين ودار القضاء العالي ومشيخة الأزهر الشريف ومنطقة الغورية وشارع المعز لدين الله الفاطمي.

ويغيب للمرة الأولى منذ 22 عاماً عن معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخمسين، نتيجة لخلاف بين إدارة المعرض وأصحاب المحلات، الذين يحتجّون على تخفيض عدد الأماكن المخصصة لهم وارتفاع رسومها بشكل كبير.

تتكدس على اليمين واليسار أرفف من الكُتب القديمة وبضع صحف تعود لفترات تاريخية في حياة المصريين/ خاص
تتكدس على اليمين واليسار أرفف من الكُتب القديمة وبضع صحف تعود لفترات تاريخية في حياة المصريين/ خاص

"لهم مهرجانهم ولنا مهرجاننا"

وأطلق بائعو السور، الثلاثاء 15 يناير/كانون الثاني 2019، مهرجان سور الأزبكية للكتاب بدءاً من 15 يناير/كانون الثاني إلى 15 فبراير/شباط 2019، وهي نهاية إجازة نصف العام الدراسي، ونظموا فيه عروضاً خاصة وتخفيضات على كتبهم، المخفضة بالأساس.

فعليات اليوم الثالث لمهرجان سور الأزبكية

Gepostet von ‎الصفحة الرئيسية لسور الأزبكية‎ am Donnerstag, 17. Januar 2019

وقال حربي (63 عاماً)، الذي بدأ العمل بالسور منذ سن الثامنة، لـ "عربي بوست"، بحسرة: "بدأنا المشاركة في المعرض كسور للأزبكية منذ 22 عاماً، ولم نغب سوى مرتين في 2011، بسبب إلغاء المعرض نتيجة لأحداث الثورة، وهذا العام فقط".

الأزمة التي تعرَّض لها بائعو الكتب المستعملة دفعتهم لتنظيم مهرجان خاص بهم، لتنشيط المكان، لأن "حركة العمل ضعيفة جداً للأسف منذ فترة"، يضيف حربي.

ويرى شيخ باعة الكتب المستعملة، أن حرمانهم من المشاركة في معرض الكتاب ينبئ بكراهية أصحاب دور النشر سور الأزبكية، ويتساءل في دهشة: "هل هم يكرهوننا؟! لماذا يخلقون حججاً مثل أن هناك كتباً مزورة؟ يحاولون بذلك تشويهنا بشكل متعمد أمام الرأي العام".

وفرضت إدارة المعرض على باعة الكتب القديمة تأجير المتر بـ1500 جنيه، ولدور النشر التابعة لاتحاد الناشرين المصريين بـ960 جنيهاً، وهو ما يعتبره حربي وزملاؤه إجحافاً في حقهم، "كنا ندفع 300 جنيه فقط، نحن لسنا مُلّاكاً، لأنه ليس لدينا دور نشر، نحن بسطاء، ولدينا هامش ربح بسيط".

ويضيف حربي: "في السنوات السابقة كانت هيئة المعرض تخصص 108 محلات للكتب المستعملة لنا، في معرض القاهرة، وكانت 60 مكتبة من سور الأزبكية تشارك، والبقية من أسوار النبي دانيال في الإسكندرية والسيدة زينب".

الآن خفضوا عدد المحال المتاحة لهم إلى 33 محلاً فقط، وهو ما جعلهم يتضامنون مع بعضهم ويقررون المقاطعة، "نحن نعرف ظروف كل زميل في سور الأزبكية، ولا نقبل أن يأخذ أحدنا فرصة للبيع في معرض القاهرة والآخر لأ"، يعلق حربي بغضب، قبل أن يقاطعه أحد البائعين الشباب بقوله: "عم حربي عمدة الأزبكية".

ويشارك في مهرجان سور الأزبكية 133 محلاً وعارضاً ومكتبة، يقول حربي: "ما استطعنا ادخاره من مبلغ اشتراكنا في معرض القاهرة للكتاب سيعود بالنفع على الزوار في مهرجان السور".

وأطلق البائعون صفحة لسور الأزبكية على فيسبوك، يقارب عدد أعضائها الآن  22 ألف متابع، بهدف الترويج لموقفهم، وتعرض أنشطة المهرجان، وكذلك أبرز الكتب النادرة المتاحة.

س وج.. كل ما تريد معرفته عن مهرجان سور الأزبكية للكتاب…س/ متى يبدأ مهرجان سور الأزبكية؟ينطلق مهرجان سور الأزبكية…

Gepostet von ‎الصفحة الرئيسية لسور الأزبكية‎ am Mittwoch, 9. Januar 2019

إغلاق باب رزق

محمود صادق، صاحب محل كتب في سور الأزبكية، يتخصص ببيع الصحف القديمة من بداية عام 1900، وكان يأمل أن يواصل نشاطه في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

صادق كشف لـ "عربي بوست"، عن خيبة أمله، فمنذ عشرين عاماً ومنذ أن كان عمره 13 سنة وهو يشارك في معرض الكتاب، "للأسف، هذا العام لم نستطع المشاركة، كيف أعرض أنا وزميلي لأ، هذا المعرض ننتظره من العام للعام، البعض يستطيع الزواج من عائد المعرض".

ويصف صادق معرضَ القاهرة بأنه باب الرزق الذي جرى حرمانهم منه للأسف، ومهرجانهم ليس موازياً أو منافساً لمعرض الكتاب، الذي رغم كل شيء يأملون أن ينجح، قائلاً: "نحن نحب وطننا وبلادنا، ولا نتوانى عن خدمتها في أي مكان".

فرضت إدارة المعرض على باعة الكتب القديمة تأجير المتر بـ1500 جنيه، ولدور النشر التابعة لاتحاد الناشرين المصريين بـ960 جنيهاً / خاص
فرضت إدارة المعرض على باعة الكتب القديمة تأجير المتر بـ1500 جنيه، ولدور النشر التابعة لاتحاد الناشرين المصريين بـ960 جنيهاً / خاص

أما محيي وهو صاحب مكتبة لبيع الكتب الدينية، فعكس زملائه لا يشعر بالحزن لعدم العرض في معرض القاهرة… فهُم ليسوا تابعين لوزارة الثقافة حتى الآن.

وأضاف لـ "عربي بوست"، أنهم يتبعون فعلياً حيَّ الموسكي والمحليات وبقية المرافق، "نعامَل كأننا كشك سجائر وحلويات وطعام! ما الذي يمنع أن نتبع وزارة الثقافة؟ كيف أتبع المحليات؟! هذه إهانة للثقافة وللدولة وللكِتاب".

ويعلق محيي بأسف، قائلاً إن علماء مصر ومثقفيها بنسبة 80% استمدوا ثقافتهم من سور الأزبكية، "جمهورنا يعرفنا جيداً".

ويتساءل يوسف بدوره عن أسباب الشروط المجحفة الجديدة التي فرضتها إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب: "لدينا كتب لا تجدها في أي أماكن، لماذا نعامَل بهذا الشكل؟! من دون سور الأزبكية لن ينجح المعرض".

سور الأزبكية.. ابن الصدفة

55 عاماً قضاها حربي إلى الآن في جمع الكتب القديمة، فقد توارث المهنة عن جده ثم عن والده.

ويروي عم حربي فخر لـ "عربي بوست"، تاريخ السور، قائلاً: "بدأ عام 1907 في فترة حكم الخديوي عباس حلمي الثاني بالعائلة المالكة.

وقتها اجتمع عدد من الذين كانوا يجوبون المقاهي لبيع الكتب، وفي فترة القيلولة التي كان يقلُّ فيها رواد المقاهي، كان يلجأ بائعو الكتب القديمة إلى سور حجري عريض في حديقة الأزبكية، ولم تكن هناك محلات بالشكل المعروف الآن".

وأضاف حربي، بينما يقطع حديثه ثلاثُ فتيات من دول جنوب شرقي آسيا، جئن للسؤال عن كتاب لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها: "مع الوقت حدث رواج في سوق الكتب، وتوقف البائعون عن التجول بين المقاهي، وتعارف الأمر على أن هذا المكان هو نقطة تجمُّع بائعي الكتب القديمة".

يشارك في مهرجان سور الأزبكية 133 محلاً وعارضاً ومكتبة / خاص
يشارك في مهرجان سور الأزبكية 133 محلاً وعارضاً ومكتبة / خاص

استقرارهم في سوق الأزبكية عرَّضهم لملاحقات شرطة المرافق وقتها، حين كانت دار الأوبرا المصرية في منطقة العتبة أو ميدان الأوبرا الشهير وقتها، لكن بعد ذلك جرى الاعتراف بهم، وحصلوا على رخصة معدنية برقم ترخيص.

ودخل التطوير بالسور، إذ صنع البائعون أكشاكاً خشبية ثم أكشاكاً معدنية، ثم أدخلوا الكهرباء إلى السور، يقول حربي: "السور هو ابن للصدفة".

"حاجة ماسة للدعم"

وقدَّم البائعون شكوى على صفحتهم في فيسبوك لرئيس الجمهورية المصري ورئيس الحكومة، في ديسمبر/كانون الأول 2018، للوصول لحل وسط.

وجاء في شكواهم: "نحن ســور الأزبـكـيـة، في حاجة ماسة إلى دعم الدولة، وعلى الأخص وزارة الثقافة وغيرها. اشتراكنا في المعرض يعتبر موسماً ثقافياً ومادياً وننتظرة سنوياً".

إســـتغــاثـــة ســور الأزبـــكــيــةفي معـــــرض الكــــتـــاب الـــدولــــي2019م الي الســـيد/ رئيس الجمهوريةالي…

Gepostet von ‎الصفحة الرئيسية لسور الأزبكية‎ am Mittwoch, 12. Dezember 2018

فكرة مهرجان سور الأزبكية جاءت حتى لا يتعرض أصحاب محلات الكتب القديمة للخسارة، حيث قام التجار بشراء كميات كبيرة من الكتب بغرض عرضها في معرض الكتاب، خاصة أنها دورة اليوبيل الذهبي، التي تقام في أرض المعارض الجديدة بالتجمع الخامس، لكن شروط الهيئة حالت دون ذلك.

وأكدوا أن اختيار موعد إجازة نصف العام ليس الهدف منه مزاحمة معرض القاهرة الدولي، لكنه لاستغلال إجازة المدارس والجامعات، وهو ما يساعد على وجود جيد، موضحين أن أغلب تجار سور الأزبكية يهتمون بتقديم الكتب القديمة والمستعملة، خاصة تلك التي يصعب وجودها في المكتبات ودور النشر الأخرى، مثل الكتب والموسوعات التراثية القديمة، وبعض الأعمال الروائية الكلاسيكية، وتقدَّم بتخفضيات كبيرة، لتشجيع القراء على الشراء.

 بـ100 جنيه في سور الأزبكية يمكن أن تشتري 4 أو 5 كتب قيّمة على الأقل / خاص
بـ100 جنيه في سور الأزبكية يمكن أن تشتري 4 أو 5 كتب قيّمة على الأقل / خاص

ويعد السور أيضاً متنفساً مهماً لمحبي القراءة من الطبقات المتوسطة والفقيرة في مصر ممن لا يقدرون على تحمُّل أسعار الكتب المرتفعة بالفعل.

وقال عمرو سلطان، الباحث بالشؤون الإيرانية، وهو يبحث عن كتاب متخصص عن الدولة الفارسية: "أبحث عن نسخة مستعملة من كتاب (مَدافع آية الله)، وعدد آخر من الكتب".

وتابع بإحباط: "ميزانيتي لا تتجاوز 100 جنيه، والكتاب الواحد الجديد منها يتجاوز هذا الثمن بكثير".

أما منى مصطفى، فتقول إنها تلجأ إلى السور، "لشراء أنواع الكتب كافة،  بـ100 جنيه هنا يمكن أن أشتري 4 أو 5 كتب قيّمة على الأقل".

ترضية محلات السور

لكن رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، الدكتور هيثم الحاج علي، قال في تصريحات تليفزيونية، إنه جرى الاتفاق مع أصحاب السور على عمل معرض آخر لهم بعد معرض القاهرة، بعنوان "معرض الكتاب المخفَّض"، فيما يشبه ترضية ما لأصحاب السور، الذين وجدوا شروط معرض القاهرة مجحفة.

وأكد بقوله: "حاولنا أن يكون سور الأزبكية معنا بكل قوته".

لكنه أضاف: "تبعاً للقواعد الجديدة التي وضعناها هذا العام وحتى يكون المعرض أكثر تنظيماً… هذا أدى إلى تقليل المساحات المتوافرة لسور الأزبكية".

وأشار إلى أنهم حاولوا عقد اتفاق على تنظيم معارض للكتاب المخفض بعد المعرض، أو مع إنشاء الصالات الجديدة ستتم زيادة القاعات المخصصة لهم.

معرض القاهرة على أطراف القاهرة!

ويشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام 1230 ناشراً من 35 جنسية.

وينظَّم معرض القاهرة للكتاب هذا العام، في مقر مركز مصر للمعارض الدولية بمنطقة التجمس الخامس، البعيدة عن منطقة وسط القاهرة بنحو 35 كيلومتراً، وهو المركز الذي يقام فيه المهرجان للمرة الأولى بعد 34 عاماً من إقامته بأرض المعارض في مدينة نصر.

وللاستجابة لعدد المشاركين، اتفقت الهيئة العامة للكتاب مع الهيئة العامة لنقل الركاب و"مواصلات مصر"، لتوفير حافلات ركاب بخطوط سير معينة، لتسهيل وصول رواد المعرض إلى المقر الجديد.

ومنذ عام 1969 حتى عام 1983، أقيم المعرض الدولى للكتاب بأرض المعارض الدولية في الجزيرة، ثم انتقل المعرض إلى أرض المعارض الدولية بمدينة نصر اعتباراً من المعرض الدولى السادس عشر للكتاب عام 1984.

هند مفتاح، الطالبة في كلية الاقتصاد، لـ "عربي بوست"، اعتبرت موقع معرض القاهرة الجديد بعيداً جداً وغير مناسب للجميع.

وتابعت ضاحكةً: "معرض سور الأزبكية أقرب وأوفر لميزانيتي".

علامات:
تحميل المزيد