كل هذا الرعب في بيروت.. النسخة الثالثة من مهرجان “مسكون” تملأ الأشرفية بالوحوش والأشباح ورجال العصابات

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/13 الساعة 18:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/14 الساعة 16:43 بتوقيت غرينتش

كانت كل التفاصيل تبعث الرعب في قلب مدينة بيروت: بوستر مليء بالأشباح والعفاريت التي تتسلق الأعمدة، ديكور غامض، بائعو تذاكر يضعون مكياج يجعلهم أشبه بالوحوش.

سعر التذكرة في سينما متروبوليس بسعر 8 آلافِ ليرةٍ (نحو 5 دولارات) للتذكرة. والمناسبة الدورة الثالثة من مهرجان "مسكون" وهو أول مهرجانٍ عربي متخصص في أفلام الرعب والفانتازيا والخيال العلمي.

"ملصق المهرجان يمثل النظرة إلى بيروت المستقبل في حال استمرت المعطيات الراهنة على حالها، ويصورها مدينة منهارة تسرح فيها مخلوقات متحولة".

هكذا قدمت مديرة المهرجان ميريام ساسين بوستر هذه الدورة:  "نعيش في زمن بات فيه الواقع في لبنان مرعبا أكثر من الخيال، فقررنا أن نقاوم بالثقافة والتعليم والترفيه، والنسخة الثالثة من المهرجان تندرج في هذا الإطار".

من المكسيك: الأطفال يكشفون سر الجريمة الغامضة

في شارع ميشال بسترس بحي الأشرفية الهادئ شرق بيروت تعبأ الجو بالأدرينالين وخرجت صرخات المشاهدين بفعل الظواهر الخارقة والمرعبة، التي جاء بها فيلم Border إلى قاعة العرض عبر مهرجان مسكون.

الفيلم حائز على جائزة أفضل فيلم بقسم "نظرة ما" بمهرجان كان الدولي.

وفيه يروي المخرج الإيراني الأصل علي عباسي قصة الضابط الجمركي والمسافر الغامض. هنا تبدو عن قرب حياة اللاجئين والخوف من الآخر، وتصاعد الحدود بين الدول.

ومن كوريا الجنوبية فيلم Burning، قصة المؤلف الكوري تشانغ-دونغ لي المثيرة. تحكي عن جريمة غامضة لاختفاء امرأة شابة. لتقدم لك قضية الحرية الإبداعية في كوريا.

لا تخف. إنه فيلم  Tigers Are Not Afraid أو Vuelven للمخرجة المكسيكية إيسا لوبيز. حيث ستنجو مجموعة أطفال من الموت بعد أن دخلوا في حرب العصابات.

من تونس: ثلاثة في مواجهة وحوش الغابة

لفت فيلم Dachra للمخرج التونسي عبد الحميد بوشناق الأنظار، عبر توظيف رمزيات رعب مألوفة.

وتدور أحداث الفيلم حول ياسمين، طالبة جامعية بمعهد الصحافة، التي تعمل على فك لغز قضية غامضة تعود إلى من ربع قرن لامرأة ماتت مقتولة بعد تشويهها وإلقائها على الطريق.

في قرية مهجورة وسط الغابة تنطلق مشاهد الرعب بعد أن تكتشف ياسمين، مع زميليها بالمعهد، أنهم عاجزون عن الخروج من الأدغال.

يصطدم الثلاثة بإرث من الشعوذة والخرافات التي تملأ التقاليد الدينية في شمال إفريقيا.

ومن لبنان: إنسان آلي في غمار الحرب الأهلية

إنسان آلي فرنسي يتجول في السبعين عام الماضية من تاريخ لبنان.

يعاصر صعود سويسرا الشرق وازدهارها الاقتصادي في الستينات ثم يذهب إلى الحرب الأهلية العنيفة ليرى ما صنعت بأهلها.

ويصل إلى الانهيار الشامل الذي يشهده لبنان اليوم. إنه فيلم The Last Days of the Man of Tomorrow للمخرج اللبناني فادي باقي.

و قنديل البحر (2016) من الجزائر يأتيك بأسطورة الأم التي اعتدى عليها مجموعة من الرجال قبل أن يقتلوها فتتحول إلى حورية بحر قاتلة مملؤة بالرغبة في الانتقام.

ويقدم المخرج الجزائري داميان أنوري عبر قصتها إدانة عميقة للمجتمع الذكوري واستبداد الرجال.

الأفلام الثلاثة أبطال المهرجان الرئيسيين عرضوا الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها أفلام الرعب في المنطقة.

أما المناقشات والمحاضرات فأوضحت التحديات التي تقف في مواجهة تلك الإمكانيات.

ورعب آخر يخرج من خلف عباءة الرقابة يتوج بالجوائز

لم يجد فيلم Nocturnal Deconstruction فرصة للعرض في سينما متروبوليس التي استضافت المهرجان بعد أن منعت السلطات الرقابية بقوى الأمن العام عرضه

تقدم المخرجة اللبنانية لورا العلم قصة المرأة التي أرادت التغلب على الفراغ في حياتها بتجريب دواء يقضي على مشاكل الثقة بالنفس ويهب من يتناوله القدرة على حب النفس من جديد.

كان سبب المنع وجود مشهد جنسي مثلي، إلا أن الحظر لم يمنع الفيلم من الحصول على جائزة أبّوط إحدى جوائز المهرجان.

وكذلك منع من العرض الفيلم الفرنسي Climax، ويروي قصة الراقصين الفرنسيين الذين ذهبوا إلى مدرسة مهجورة ليتدربوا فيها فتتحول السهرة الراقصة إلى كابوس بسبب حبوب الهلوسة. وبرر المنع بعرضه المُفرط في تناول المخدرات.  

ترى مريم ساسين مؤسسة المهرجان هذا المنع تصرفاً جنونياً. وتسأل متعجبة كيف يمكن منع الجمهور من مشاهدة فيلم في هذا العصر.

وتقول: "إن جماهير غاسبار نوي ستتمكن من مشاهدة الفيلم على أي حال. هذا التصرف لا يجلب لهم سوى الدعاية السيئة".

محبو الرعب حول العالم جاؤوا إلى بيروت عبر مسكون

ميزانية مسكون ضئيلة، نجحت المنتجة مريم ساسين، والمخرج أنطوان واكد، مؤسسا المهرجان، في جمعها لشغفهما بأفلام الرعب، رغم ذلك كان هناك حضور دولي لافت.

حيث ناقش ألكسندر فيليب، المخرج الأميركي للأفلام الوثائقية، وصاحب فيلم "مشهد 78/52" في محاضرة له صعود صناعة أفلام الرعب في المنطقة والحفاظ عليها.

بينما قدم المخرج الفرنسي سيرغ برومبيرغ عرضاً سينمائياً حياً لخص فيه أفضل ما قُدِّم في دورة المهرجان.

بجانب حضور لافت لكاريل أوخ، المخرج الفني لمهرجان Karlovy Vary السينمائي التشيكي، وإيفريم إيرسوي، المخرج الإبداعي لمهرجان Austin لأفلام الرعب والفانتازيا بولاية تكساس، وأنايس إيمري، المخرجة الفنية لمهرجان Neuchâtel International لأفلام الرعب والفانتازيا في سويسرا.

اكتشاف الرعب فن لا يتقنه الكثيرون

الغالبية العُظمى من المشاهدين تفضل الذهاب إلى الأفلام المشهورة والمعروفة مسبقاً عن اكتشاف الجديد.

هذا ما تقوله مريم ساسين لموقع  Middle East Eye. فتُشير إلى الإقبال المرتفعة على فيلم Burning -صاحب الضجة العالمية- خلال المهرجان.

بينما كانت حظوظ فيلم Border، أو فيلم  Tigers are Not Afraid أو فيلم الرعب الكوميدي الإيراني Pig أقل بكثير.

 تبرر ساسين سبب ذلك أن الجمهور اللبناني لا يميل لسبر أغوار الجديد. لأنهم أصبحوا كسولين.

تحميل المزيد