مناهج المدارس تُجمِّل وجه الإمبراطورية البريطانية.. ويجب تغيير ذلك حسب زعيم المعارضة البريطانية

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/09 الساعة 11:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/09 الساعة 11:14 بتوقيت غرينتش
Illustration of the First Carnatic War (1746–1748) ,The Mughal Subedar of the Deccan Muzaffar Jang welcomes Joseph François Dupleix.

اقترح جيريمي كوربين زعيم المعارضة البريطانية ورئيس حزب العمال المعارض أن يتعلم أطفال المدارس البريطانية التاريخ الواقعي والحقيقي للإمبريالية والاستعمارية البريطانية، وليس مناهج المدارس التي تجمل وجه الإمبراطورية البريطانية ، وقد يتضمن هذا تاريخ الأشخاص الملونين بوصفهم عناصر أسهمت في الدولة القومية البريطانية، بدلاً من كونهم ببساطة مجرد ضحايا مستعبدين فيها.

تاريخ السود هو تاريخ بريطاني أيضاً

وكما أشار كوربين عن حق قائلاً: "تاريخ السود هو تاريخ بريطاني"، وبالتالي يجب أن تكون دراسته جزءاً من المنهج الدراسي الوطني، بدلاً من أن تُفصل لتكون شهراً واحداً كل عام، حسب  موقع The Conversation.

وهذا اقتراح مرحب به، تقول أستاذة أكاديمية تُدرِّس برامج عن تاريخ جنوب آسيا، والتاريخ الإمبريالي، والتاريخ الاستعماري، والتاريخ العالمي، أواجه صراعاً شاقاً في بداية كل سنة أكاديمية جديدة. وتضيف "العديد من الطلاب الجامعيين الذين ألقاهم لا يعرفون تقريباً أي شيءٍ عن أي موضوع أُدرِّسه."

هؤلاء هم الطلاب الذين درسوا منهج التاريخ المدرسي، الذي يركز تقريباً بالكامل على التاريخ الإنكليزي السياسي والديني، مع مقتطفاتٍ من التاريخ الأوروبي في القرن العشرين. وهذه المقتطفات تعج بشخصياتٍ يمكن تصنيفها ببساطة في دور "الشر"، مثل هتلر وستالين على سبيل المثال.

تضيف ديانا هيث، المحاضرة في التاريخ الهندي والاستعماري بجامعة ليفربول. "لا يعرف الطلاب الذين أقابلهم إلا القليل جداً عن تاريخ بريطانيا الماضي، ناهيك عن علاقات بريطانيا بالعالم الأوسع أو تاريخ العالم خارج أوروبا."

الملونون والنساء والسود، سقطوا من دفاتر التاريخ البريطاني، وهم بالتالي لا يعرفون أي شيءٍ عن الإمبراطورية وإرثها، بما في ذلك الإمبراطورية في بريطانيا.

ودروس التاريخ التي درسوها والنصوص التي قرأوها كلها تقريباً عن رجال بيض أو كتبها رجال بيض، لذا فهم أيضاً لا يعرفون أي شيءٍ عن تاريخ النساء أو تواريخ الأشخاص الملونين كذلك. ويتضمن هذا الأشخاص الذين أدوا دوراً هاماً في تشكيل ماضي بريطانيا.

تاريخ السود هو تاريخ بريطاني

لن يشرع مقترح كوربين فقط في معالجة الهوة الهائلة بين التاريخ الأكاديمي ومنهج المدارس الإنكليزية، لكنَّه سيساعد الطلبة في رؤية الأشخاص الملونين كعناصر تاريخية فاعلة. وربما يساعد المقترح أيضاً في تحدي الطرق الحصرية والأصولية التي تعلم بها الطلاب كيف ينظرون لكل من بريطانيا والعالم الأوسع.

زعيم المعارضة يشعر بالخجل من تاريخ بلاده

قوبلت هذه المقترحات على أية حال بنوعٍ من الغضب المتوقع من المحافظين اليمينيين البيض متوسطي العمر. ووفقاً لتوم لوغتون، عضو البرلمان المحافظ المتفائل المؤيد لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أظهرت المقترحات كوربين أنَّ كوربين "خجلٌ" من تاريخ بلده، وكان مهتماً بـ"انتقاد" بريطانيا أكثر من الاحتفال بـ"كمية الخير الهائلة التي قدمناها للعالم طوال قرون".

هناك "أشياء سيئة" حدثت باسم الإمبراطورية

وفقاً للوغتون، لا شك أنَّ هناك "أشياء سيئة" حدثت باسم الإمبراطورية، لكنَّ بريطانيا يجب أن تكون فخورةً بإرثها الضخم، بما في ذلك دورها في إلغاء تجارة الرقيق العالمية. ورداً على المقترح أيضاً استخدم جاكوب رييس موغ، المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أيضاً، إلغاء بريطانيا لتجارة العبيد للاحتفاء بالإمبراطورية في برنامج نيك فيراري على قناة LBC. وأشار إلى أنَّه بينما كانت هناك "نقاط سوداء" في التاريخ الاستعماري البريطاني، كان فيه أيضاً بعض "الأمور الجيدة" التي كانت "رائعةً حقاً".

إنكار الإمبراطورية: قهر واستغلال الملايين

تبرهن الردود المماثلة على الجهل العميق بالتاريخ الاستعماري والإمبريالي البريطاني، خاصةً أثر الإمبراطورية على المستعمِرين، وليس فقط على المستعمَرين. لكنَّ حالة إنكار الإمبراطورية تلك هي التي تجعل آراءً مثل آراء لوغتون ورييس موغ ممكنة. فالقول إنَّ الإمبراطورية كانت لها "تأثيرات جيدة" هو إنكار لما انطوت عليه، أي عزو وإخضاع وقهر واستغلال ملايين البشر.

وهناك صفحات جيدة، لكنها ليست كثيرة

يمحي ذلك أيضاً العنف الهيكلي والرمزي الهائل الذي أطلقت الإمبراطورية عنانه. وتمجيد دور بريطانيا في إلغاء تجارة الرقيق ممكن فقط إذا أنكرنا الأشكال المختلفة للعنف الاقتصادي والسياسي والثقافي الذي أطال أمد تجارةً مماثلة في بريطانيا وإمبراطوريتها، بالإضافة إلى الإرث الجاري لهذه الأشكال من العنف.

واستعراض الإمبراطورية كشيءٍ فيه "الجيد" و"السيئ" يعني أيضاً استعراض الماضي بعباراتٍ مبسطة. والادعاء أنَّ الطلبة يجب فقط أن يدرسوا "الأشياء الجيدة" من الماضي يُبرز أيضاً سؤالاً مهماً، وهو:

من الذي سيحدد "الأشياء الجيدة"؟

يفترض ذلك أيضاً أنَّ تعليم أطفال المدارس "الأشياء السيئة" يجعلهم خجولين من ماضي بلادهم. إلا أنَّ ألمانيا أوضحت أنَّ تعليم الأطفال استكشاف الأحداث التاريخية المعقدة لا يجعلهم يكرهون بلادهم. بل بدلاً من ذلك، يمكن أن يخدم في تعزيز "نزعةٍ قومية مضادة للتعصب القومي"، تتعرض فيها كل الأفكار القومية للنقد، بما في ذلك استعراض الماضي بمصطلحاتٍ قومية.

وكما أخبرني تلامذتي، فالقدرة على استكشاف الفترات التاريخية المعقدة مثل تاريخ الإمبراطورية، واكتشاف الروابط اللانهائية بين الناس في أماكن مختلفة من العالم، ودراسة نصوص المفكرين والمؤثرين الهنديين، كل هذا منحهم فهماً أفضل بكثير لأنفسهم ولمكانهم في العالم. أو كما قالها أحد الطلبة، مكنهم هذا من "النضوج كأفراد". وهذا بالطبع هو ما يفترض أن يفعله التعليم.

علامات:
تحميل المزيد