غزا الفايكنغ أوروبا بفضل ابتكار تكنولوجي غير متوقع. فقد تعلموا كيفية إنتاج القار (القطران) على نطاق صناعي ويعتبر ذلك سر نجاح الفايكنج الذين استخدموه كعازل مضاد للماء في سفنهم الطويلة، وهو ما مكَّنهم من شن حملات نهب ممتدة وواسعة النطاق في جميع أنحاء أوروبا وعبر المحيط الأطلسي، حسب علماء الآثار الذين تحدثوا لصحيفة The Guardian البريطانية.
يرجع هذا الاكتشاف إلى أندرياس هينيوس، من جامعة أوبسالا. فقد أشار إلى أنه وجد أدلة حاسمة على أنه في العصور القديمة، ازداد إنتاج حفر القار في إسكندنافيا بشكل كبير في الوقت الذي بدأ فيه الفايكنغ اجتياح أجزاء أخرى من أوروبا.
كان من الممكن أن يبلغ إنتاج هذه الحفر 300 لتر من القار في الدورة الإنتاجية الواحدة، وهو ما يكفي لعزل عدد كبير من السفن. يقول هينيوس "تطور إنتاج القار من نشاط صغير إلى إنتاج كبير الحجم، إِذْ انتقل إلى أراضي الغابات في الخارج خلال عصر الفايكنغ".
ويضيف قائلاً "جاء هذا التغيير نتيجة للطلب المتزايد على القار والمدفوع بالثقافة البحرية المتطورة".
عندما اجتاح الفايكنغ أوروبا
تدفق الفايكنغ تجاراً ومحاربين في موجات هجرة من إسكندنافيا لاجتياح أوروبا في القرن الثامن.
كتب الراهب ألكوين من يورك، بعد نهب الفايكنغ لدير ليندسفارن في نورثمبريا عام 793 بعد الميلاد، "ها هي كنيسة القديس كوثبرت لُطخت بدماء كهنة الرب. المكان الأكثر قدسية من كل الأماكن في بريطانيا أصبح غنيمة لشعوب وثنية".
بحلول القرن الحادي عشر، سيطر الفايكنغ على مساحة شاسعة من بريطانيا، واستقروا في أيسلندا، وغرين لاند، وأميركا الشمالية، وهاجموا الموانئ الإسبانية، حيث أطلق عليهم الموريون لقب "السحرة الوثنيين".
واستفادوا من التغير المناخي
وكان من بين العوامل المقترحة التي أدت إلى هذه الزيادة الكبيرة، التغير المناخي الذي عزز الزراعة، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أعداد السكان، الذي دفعهم بدوره إلى الإبحار بسفنهم إلى أراض جديدة.
بينما يقول آخرون إن الملوك المحليين كانوا يتنافسون على النفوذ كما قاموا بتمويل الحملات لجلب الأموال والكنوز ليبرهنوا على قوتهم.
ساعدهم القار السحري، وهذه هي الطريقة
والآن بعد أن طرح هينيوس نظريته، ساعد القار الفايكنغ ليصبحوا مطرقة الآلهة في أوروبا. يقول هينيوس، لطالما استُخدم القار في عزل القوارب منذ آلاف السنين.
إِذْ جرى تصنيعه في حفر تُملأ بأخشاب الصنوبر، وتُغطى بطبقة عشبية، ثم تُضرم فيها النيران. فقد عُثر على أفران محلية صغيرة للقار في السويد تعود لأوائل العِقْد الأول من القرن الحالي. تعود هذه الأفران إلى ما بين عامي 100 و400 بعد الميلاد.
وجرى اكتشاف السر أخيراً
إلا أنه عُثر على حفر أكبر بكثير أثناء عمليات إنشاء الطرق، وجرى تحديد تاريخها بين عامي 680 و900 بعد الميلاد، إبان بزوغ نجم الفايكنغ. في البداية، كان يُعتقد أن هذه الحفر كانت تُستخدم في صناعة الفحم، لكن كشفت أبحاث هينيوس أنها كانت من أجل غرض آخر: وهو صناعة القار.
وبنوا مصانع لإنتاجه بكثافة
لا ترتبط هذه الأفران بأي مستوطنات مأهولة، كما أنها تقع بالقرب من غابات الصنوبر، التي كانت العنصر الأساسي فيها.
يقول هينيوس إن هذه المواقع الصناعية كانت تُستخدم فقط لإنتاج القار بكميات كبيرة. وتمكّن الفايكنغ فيما بعد من الإبحار بسفنهم الطويلة لشن هجماتهم. يقول هينيوس "يشير حجم أساطيل عصور الفايكنغ المتأخرة إلى حاجة كبيرة ومستمرة لهذا المنتج".
وربما اكتشفوا أميركا أولاً
على الشاطئ الشرقي لأميركا الشمالية، ثمة أدلة على وجود الفايكنغ الأوربيين، عاش فيها البحارة الاسكندنافيون في الأراضي الأميركية، وقد تم اكتشاف موقعين مختلفين في كندا الحالية لمستوطنات إسكندنافية تعود للقرن العاشر الميلادي وتعد دليلاً على وصول الفايكنغ لغرين لاند وكندا قبل 5 قرون من رحلة كولومبوس.
ويعتقد أن بحارة من الفايكنغ عبروا من شمال أوروبا إلى غرين لاند، ومنها لشمال شرقي أميركا الشمالية، حيث عاشوا هناك وكانت لهم صلة بالسكان الأصليين أيضاً.