هل حُلَّ لغز الرؤوس الصخرية على جزيرة الفصح ؟ الحضارة المفقودة استخدمتها للـ”إشارة إلى مصادر المياه العذبة”

ربما استخدم شعب الرابانوي القديم، الذي عاش على جزيرة الفصح، الرؤوس الصخرية الضخمة الغامضة لتحديد مصادر المياه العذبة

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/13 الساعة 12:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/17 الساعة 14:07 بتوقيت غرينتش
Easter Island visit

ربما استخدم شعب الرابانوي القديم، الذي عاش على جزيرة الفصح ، الرؤوس الصخرية الضخمة الغامضة لتحديد مصادر المياه العذبة،  صحيفة The Daily Mail البريطانية.

لطالما حيَّرت تلك التماثيل العملاقة، المنثورة في جميع أنحاء الجزيرة، الباحثين. لكنَّهم يعتقدون الآن أنَّها مجرَّد علامات لتحديد مصادر المياه العذبة التي احتاجت إليها حضارة الرابانوي البائدة للبقاء على قيد الحياة؛ إذ كشفت دراسة جديدة أنَّ الحضارة القديمة ربما شملت مجتمعاً مكوناً من آلاف السكان عن طريق الاعتماد على تصريف المياه الجوفية الساحلية مصدراً رئيسياً لـ"المياه العذبة".

وأجرى فريقٌ من علماء الآثار، يضم أعضاء من جامعة بينغهامتون وجامعة ولاية نيويورك، قياساً لنسبة ملوحة المياه الساحلية المحيطة بجزيرة الفصح. فعثروا على مناطق قريبة من الشواطئ يقلُّ عندها تركيز الملح بما يكفي ليشرب البشر بأمان. أمَّا التماثيل الشهيرة على الجزيرة، فعندها تقع المناطق عالية التركيز بالقرب من السواحل.

جزيرة الفصح أو جزيرة القيامة هي جزيرة بركانية مثلثة الشكل تقريباً تقع في المحيط الهادي الجنوبي، وهي جزء من تشيلي، وتبعد حوالي 3600 كيلومتر (2237 ميل) عن غرب تشيلي القارية

وتعتبر إحدى أكثر الجزر المعزولة المسكونة في العالم، وتبلغ مساحتها 163.6 كيلومتر مربع (63 ميل مربع)، ويبلغ عدد سكانها 3791 (إحصاء السكان لعام 2002)، وتشتهر بالتماثيل الصخرية الواقعة على طول الأشرطة الساحلية.

وقال كارل ليبو، أستاذ علم الإنسان في جامعة بينغهامتون: "صحيحٌ أننا نعلم الآن المزيد عن مواقع المياه العذبة، لكنَّ مواقع تلك الآثار (التماثيل الكبيرة) والمعالم الأخرى لها معنى رائع: فهي تقع حيث تتوافر المياه العذبة على الفور".

وأضاف ليبو أنَّ المشروع التالي للمجموعة سينطوي على محاولة فهم مدى ارتباط توافر المياه العذبة في مواقع معينة، بأساليب بناء التماثيل الضخمة على الجزيرة ووسائله.

كانوا يشربون ماء البحر!

جديرٌ بالذكر أنَّ التقارير التي أجراها أوروبيون حول أول الاستكشافات على الجزيرة في القرن الـ18، تتضمَّن وجود ممرات، حيث يشرب السكان الأصليون مياه البحر ببساطة.

ونظراً إلى أنَّ جسم الإنسان لا يمكنه معالجة مياه البحر عالية الملوحة، فذلك يدعم نظرية تصريف المياه الجوفية، التي تبناها الفريق.

وقال ليبو: "سلَّطت تلك المعلومات في النهاية الضوء على الظروف التي دفعت تلك المجتمعات إلى التكاتف لتحقيق تلك الإنجازات الهندسية العظيمة، ومكَّنتها من ذلك".

وأردف: "بمعرفة المزيد عن السلوك المجتمعي، يمكن أن نفهم بعمقٍ أكبر، الظروف العامة اللازمة للتعاون الجماعي، سواء في الماضي أو المجتمع المعاصر".

تسمح عملية تصريف المياه الجوفية الساحلية للبشر بجمع المياه العذبة الصالحة للشرب مباشرة حيثما تظهر على ساحل الجزيرة.

وبقياس نسبة الأملاح في المياه الساحلية، واكتشاف أنها آمنة للاستهلاك البشري، وتنحية خيارات المصادر الأساسية الأخرى لشرب المياه، خلُص الباحثون إلى أنَّ مصارف المياه الجوفية كانت عاملاً حاسماً لمعيشة آلاف السكان، الذين يُعتقد أنهم اتخذوا الجزيرة مأوىً لهم.

وقال ليبو: "تمتص التربة البركانية المسامية مياه الأمطار سريعاً؛ ما أدى إلى نقص الجداول والأنهار".

وأردف: "لحسن الحظ، تتدفق المياه تحت الأرض إلى أسفل وتخرج في النهاية من الأرض مباشرةً عند نقطة التقاء الصخور الجوفية المسامية بالمحيط".

وأضاف: "عندما تكون حركة المد والجزر منخفضة، يؤدي هذا إلى تدفق المياه العذبة مباشرة إلى البحر. وبذلك، يستطيع البشر الاستفادة من مصادر المياه العذبة تلك عن طريق الحصول على المياه عند تلك النقاط".

تختلط المياه العذبة بالمالحة قليلاً، لتُنتِج ما يسمى "المياه نصف المِلحية"، ولكنها ليست مالحة بالدرجة التي تكون مستويات الملح فيها ضارة على البشر الذين يشربونها.

ويعني ذلك أن سكان الجزيرة كانوا نادراً ما يستخدمون الملح في طعامهم؛ لأن المياه التي كانوا يشربونها كانت تُسهِم بحصةٍ كبيرة في استهلاكهم اليومي من المِلح.