هكذا أحيوا ذكرى عاشوراء في إسطنبول.. ما لا تعرفه عن الشيعة في تركيا

اللون الأسود هو الغالب هنا على الرجال والنساء الذين تجمعوا من أنحاء تركيا حداداً على رحيل الحسين بن علي، في حفل مراسم عاشوراء الذي ينظمه الجعفرية الأتراك سنوياً في حي "زينبية" بإسطنبول

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/21 الساعة 14:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/21 الساعة 15:15 بتوقيت غرينتش
Istanbul,Turkey- November 13, 2013: Muslim men at ceremony in the day of ashura halkal? district of istanbul,Turkey.10th day of the Islamic month Muharrum is considered as the day of Ashura. It is a holy day to Shi'a Muslims around the world.

اللون الأسود هو الغالب هنا على آلاف الرجال والنساء الذين تجمعوا من أنحاء تركيا حداداً على رحيل الحسين بن علي، في حفل مراسم عاشوراء الذي ينظمه الجعفرية الأتراك سنوياً في حي "زينبية" بإسطنبول، ويحضره زعيمهم صلاح الدين أوزغوندوز والأمين العام لحزب الشعب الجمهوري المعارض عاكف حمزتشبي ونائب حزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول شاميل إيريم، والسفير الإيراني في تركيا إبراهيم طاهيريان وعمدة بلدية كوجوك جكمجه تامال كرادينيزلي.

يعظّم المسلمون يوم العاشر من شهر محرّم الذي يصادف عبور النبي موسى البحر ونجاته من فرعون مصر، بينما يحييه بعض المسلمين لمصادفته ذكرى مقتل حفيد النبي محمد، الحُسين بن علي ورفاقه في كربلاء.

وتحظى ذكرى معركة كربلاء بأهمية خاصة لدى المسلمين الشيعة بطوائفهم المختلفة في جميع أنحاء العالم، إذ يحيون يوم 10 محرّم من كل سنة بطقوس جنائزية يلجأ خلالها البعض إلى ضرب أنفسهم وإسالة الدماء حزناً على مقتل الحسين.

مسيرات جنائزية وحلوى.. هنا طقوس تركية مختلفة!

تعيش تركيا حالةً فريدةً من نوعها، فالمجموعة الشيعية الرئيسية هي العلويون، (وهم مختلفون عن العلويين السوريين)، إضافةً إلى وجود نسبةٍ من المسلمين الذين يتبعون المذهب الجعفري وهم على خلاف مع العلويين رغم وجود عناصر صوفيّة قوية عند جميع الطوائف.

في العاشر من محرّم من كل عام، يشهد حي "زينبية" الشيعي التاريخي في إسطنبول مراسم شعبية تحضرها شخصيات سياسة واجتماعية بارزة.

يتمتع حي "زينبية" ببلدية كوجوك جكمجه بمكانة خاصة في قلوب الشيعة؛ إذ يعتقدون أن والدة الإمام الثاني عشر محمد المهدي تنحدر من هذه المنطقة.

 

تشمل الاحتفالات مسيرات عزاء تبكي رحيل الإمام الحسين، قبل أن يقوم مجموعة من الممثلين المحليين الهواة بإعادة تمثيل وقائع معركة كربلاء أمام المتفرجين.

ولا تشهد هذه الاحتفالات عادةً طقوس التطبير (ضرب المعزّين رؤوسهم أو ظهورهم بسيوف أو أدوات حادة أخرى، لإسالة الدماء ندماً على خذلان أهل الكوفة للإمام الحسين حين رحل إليها قادماً من المدينة المنورة)، إلا أن المعزّين يتشحون عادةً بالسواد رجالاً ونساءً وأطفالاً، ويطوفون الشوارع في مسيرات يرددون خلالها عبرات الحزن.

كما يقوم الأتراك بمختلف طوائفهم، بتوزيع حلوى خاصة بيوم عاشوراء تُعرف بـ Aşure (عاشوراء)، تتكون من الفواكه المجففة والحبوب والمكسرات والفواكه الطازجة.

وعلى خلاف مسيرات العزاء التي تشهدها بعض الدول العربية مثل العراق ولبنان والبحرين، فإن معظم الأتراك لا يمارسون اللطم والتطبير.

من هم الجعفرية الإثناعشرية في تركيا؟

تشير تقديرات الصحف التركية إلى أن هناك حوالي 3 ملايين شيعي يعيشون في تركيا؛ مليون في إسطنبول، ومليونان في أجزاء أخرى من البلاد. ومعظم السكان الشيعة في تركيا من أصل أذربيجاني.

وتعتبر أذربيجان بلداً تركياً شيعياً، إذ يتحدث سكانها بلهجات تركية لكنهم من المسلمين الشيعة.

ويرتبط ظهور الشيعية الاثنا عشرية في تركيا إلى حد كبير بالهجرة الأذربيجانية الأخيرة. على الرغم من أن التقاليد والروابط بين الشيعة الاثني عشر قد ضعفت في منتصف القرن العشرين بسبب عدم وجود روابط مع الجاليات الشيعية الأخرى في الخارج، بدءاً من الستينيات، سافر عدد من الباحثين إلى العراق وإيران للتعليم الديني.

وأعاد هؤلاء الباحثون إحياء الطائفة من مدنها الفقهية في النجف وقم، وأضافوا أفكاراً تجديدية تم دمجها مع التقاليد القائمة. اليوم، تشير التقديرات إلى وجود 40 مسجداً شيعياً في إسطنبول و300 مسجد آخر في تركيا.

ما الفرق بين العلويين والشيعة الاثنا عشرية؟

رغم عدم وجود إحصائية تبين التعداد السكاني للعلويين في تركيا، فإنهم يشكلون ثاني أكبر طائفة دينية في البلاد، بعد المسلمين السُّنة.

وخلافاً للاعتقاد السائد، تختلف معتقدات علويي تركيا عن العلويين في سوريا. يرى بعض العلويين الأتراك العلوية هويةً ثقافيةً أكثر منها ديناً. وفي حين يقرأ العلويون النصوص الدينية مثل بقية المسلمين، إلا أنهم لا يصلُّون بالمساجد، وإنما في بيوت الجُمع أو غرف الصلاة، ولا يصلّون 5 مرات في اليوم.

وينتشر الجعفرية في شرق تركيا، بينما يكثر العلويون في جنوب وسط البلاد.

عاشوراء وكربلاء.. المعركة التي تستدعى لأغراض سياسية

وقعت المعركة في العام 680 عندما قتل حفيد النبي محمد على يد قوات الخليفة الأموي يزيد بن معاوية. وبدأ سكان الكوفة المجاورة بممارسة تقاليد الحداد كشكل من أشكال التكفير لعدم مجيئهم لمساعدة حسين، الأمر الذي اكتسب أهمية دينية للمسلمين الشيعة. في السنوات الأخيرة أصبحت الاحتفالات بالحدث مشحونة ومشبعة بالمعنى الطائفي، خاصة في مناطق النزاع في الشرق الأوسط.

لكن عاشوراء هو في جوهره يوم حداد ضد الظلم تشترك فيه أديان ومذاهب مختلفة بينها اليهودية والهندوسية أيضاً، وأصبح يوم الحداد والمواكب والمسيرات الملونة مناسبة طائفية في كثير من الأحيان تتميز في الغالب بمشاركة المسلمين من جميع الأطياف وكذلك الهندوس (في جنوب آسيا) وغيرهم. لكن لأسباب سياسية وتاريخية تتعلق بالاستعمار وصعود سياسات الهوية، فإن الطبيعة المشتركة لعاشوراء قد تراجعت كثيراً خلال القرن الماضي.

وأصبحت احتفالات يوم عاشوراء ذات أهمية سياسية كبيرة، فقد أصبحت على نحو متزايد رمزاً للمجتمعات الشيعية في جميع أنحاء العالم، الذين يعدون أقلية في غالبية البلدان التي يقيمون فيها. ففي دول مثل البحرين والمملكة العربية السعودية، حيث توجد جماعات شيعية مهمة ولكن غير مرئية تقريباً، تعتبر طقوس شهر محرم المرة الوحيدة التي تظهر فيها الهوية المجتمعية الشيعية.

علامات:
تحميل المزيد