إذا تصادمت آراؤك مع الحقائق البديهية، هل تصر عليها وتنكر ما هو مثبت؟.. لهذه الأسباب يرفض الناس الحقيقة

“مذهب الإنكار" هو توسعٌ وتعزيز لسلوك الإنكار. من حيث الجوهر، فإن الإنكار ومذهب الإنكار هما ببساطةٍ غيض من فيض الطرق التي استحدثها البشر لاستخدام اللغة لخداع الآخرين وخداع أنفسهم.

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/31 الساعة 16:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/01 الساعة 18:04 بتوقيت غرينتش

جميعنا نعيش حالة من الإنكار حتى للأمور التي أثبت العلم أنها بديهية، لبعض الوقت على الأقل، خاصة عندما تتصادم مع ما نعتقد أنه ثوابت.

فجزءٌ من طبيعتنا البشرية، ومن طبيعة العيش في مجتمع مع بشر آخرين، هو إيجاد طرق ذكية للتعبير عن مشاعرنا، ولإخفائها أيضاً، ولكن هناك من جعلوا من إنكار الحقائق العلمية مذهباً يروّجون له دون أن يأبهوا للإيذاء الذين يسببونه للآخرين؛ بل للبشر أجمعين، كما يقول عالم الاجتماع "كيث كان هاريس" في مقال مطول بصحيفة The Guardian البريطانية.

عندما يصبح الكذب ضرورة

لا يعجز الناس عن إيجاد طريقة للخداع، بدءاً من استخدام اللغة الدبلوماسية المنمقة ووصولاً إلى الكذب البواح، حسب الكاتب.

ولا يلزم أن يكون للخداع نتيجة سيئة، ففي بعض الأحيان يكون ضرورياً إذا كان الناس يرغبون في العيش معاً.

وكما ذكر عالم الاجتماع ريتشارد سينيه، "تقتضي الكياسة الاجتماعية أن تبقي فمك مغلقاً عن أشياء تعرفها بوضوح، ولا تنطق بها، ولا ينبغي لك أن تفعل".

وكما أن بإمكاننا أن نكبح بعض الجوانب بشخصيتنا في أثناء تقديم أنفسنا للآخرين، يمكننا أيضاً أن نفعل الشيء نفسه مع أنفسنا فيما يتعلق بإقرار الواقع أو إنكاره حسب ما تمليه علينا أهواؤنا.

 يعتبرون التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري مجرد أسطورة
يعتبرون التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري مجرد أسطورة

ولكن في هذه الحالة تحديداً يصبح الكذب ضاراً.. وهذا ما يُعرف بمذهب الإنكار

في معظم الوقت نعفي أنفسنا من عذاب الإقرار باحتياجاتنا الأساسية. ولكن متى يصبح هذا الخداع للذات ضاراً؟ حين يتحول إلى عقيدة تتبناها الجموع. بعبارة أخرى: عندما يتحول الأمر إلى "مذهب" وليس مجرد حالة فردية.

"مذهب الإنكار" هو توسعٌ وتعزيز لسلوك الإنكار. من حيث الجوهر، فإن الإنكار ومذهب الإنكار هما ببساطةٍ غيض من فيض الطرق التي استحدثها البشر لاستخدام اللغة لخداع الآخرين وخداع أنفسهم.

يمكن أن يظهر الإنكار بصورة بسيطة تتمثل في رفض قبول تصديق أن شخصاً ما يقول الحقيقة. ويمكن أن يكون مبهماً كما هو الحال في الطرق العديدة التي نستخدمها لتجنب الإقرار بنقاط ضعفنا ورغباتنا الخفية.

إنه ليس مجرد خداع لأنفسنا وللآخرين بل طريقة جديدة كلياً للنظر إلى العالم

أما مذهب الإنكار، فهو أكثر من مجرد صورة أخرى من التعقيدات المبتذلة لخداعنا للآخرين وخداعنا لأنفسنا.

فهو يمثل تحولاً من مجرد الممارسة اليومية للإنكار إلى طريقة جديدة  كلياً في النظر إلى العالم، والأهم من ذلك أنها إنجازٌ جماعيّ.

فالإنكار مستترٌ وروتيني؛ أما مذهب الإنكار فمستعدٌ للنزال دفاعاً عما يراه وغير عادي. الإنكار يختبئ من الحقيقة، أما مذهب الإنكار فيبني حقيقة جديدة أفضل من الواقع.

وقد بدأ مؤخراً ينشط بالمجال الأكاديمي ويحجب الحقائق العلمية كالتغيير المناخي والإيدز

في السنوات الأخيرة بدأ استخدام مصطلح "مذهب الإنكار" لوصف عدد من مجالات من "العمل الأكاديمي"، التي يقْدم المشاركون فيها على المشاركة في مشروعات جريئة تتمثل في حجب نتائج مجموعة كبيرة من الأبحاث، مواجهين في ذلك مصاعب يبدو من المستحيل تجاوزها. ويحاججون بأن الهولوكوست (وغيره من الإبادات الجماعية) لم يحدث قط، وأن التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري مجرد أسطورة، وأن مرض الإيدز إما غير موجود وإما غير ذي صلة بفيروس العوز المناعي البشري، وأن التطور مستحيل من الناحية العلمية، وأن جميع صور المعتقدات القديمة في العلوم والتاريخ لا بد أن تُرفض بالكامل.

 المذهب أيضاً أن يخلق مناخاً من الكراهية والشك
المذهب أيضاً أن يخلق مناخاً من الكراهية والشك

وهم لا يصفون أنفسهم بالمنكرين

بطريقة أو بأخرى، يعد "مذهب الإنكار" مصطلحاً مربكاً. فلا أحد يُسمِّي نفسه "إنكارياً" أو "معتنقاً لمذهب الإنكار"، ولا أحد يُسلم بجميع صورها.

في الواقع، تأسس هذا المذهب على أطروحة، مفادها أنه ليس مذهباً للإنكار. ففي أعقاب ظهور فرويد (أو على الأقل وصول أفكاره إلى مستوى العامة)، لا يريد أحدٌ أن يوصم بأنه "في حالة إنكار"، ويبدو أن وصف الناس بأنهم من أتباع مذهب الإنكار مساوٍ لإهانة تقتضي ضمناً أنهم أخذوا مرض الإنكار الخاص وحوَّلوه إلى "عقيدة عامة".

وفي حين يمكن أن يكون الإنكار اليومي مضراً، فهو أيضاً مجرد طريقة عادية ومملة يتبعها البشر للاستجابة لتحدي الحياة في عالم اجتماعي يشيع فيه الكذب وارتكاب الأخطاء ووجود رغبات كامنة لا يمكن للمرء أن يقر بها على الملأ.

أما مذهب الإنكار، فتعود جذوره إلى ميول بشرية ليست شاذة ولا مَرَضية.

وفي واقعة محددة أدى الإنكار إلى موت 330 ألف شخص

وليس ثمة مجال للشك في أن مذهب الإنكار خطر، حسب الكاتب.

وهناك بعض الحالات، يمكننا الإشارة إلى أمثلة ملموسة تسبب فيها هذا المذهب بإلحاق ضرر واقعي.

ففي جنوب إفريقيا، تأثر الرئيس تابو إيمبيكي، الذي شغل المنصب في الفترة ما بين 1999 و2008، بمنكري الإيدز مثل بيتر دوسبرغ، الذي ينكر وجود صلة بين الإيدز وفيروس العوز المناعي البشري (بل وحتى وجود الفيروس من الأساس) وتشكك في فاعلية العقاقير المضادة للفيروسات الرجعية.

وتشير التقديرات إلى أن إحجام إيمبيكي عن تطبيق برامج علاج وطنية باستخدام العقاقير المضادة للفيروسات أسفر عن وفاة 330 ألف شخص.

وعلى نطاق أصغر من هذا، في بداية عام 2017، تفشت حالات الحصبة في أوساط أطفال الأميركيين من أصول صومالية، كنتيجة مباشرة لمناصري النظرية التي عفى عليها الزمن والتي تقول إن مصل MMR يسبب التوحد، وأقنعوا الآباء بألا يقوموا بتطعيم أطفالهم.

ولكن هناك طريقة أخطر لعمل مذهب الإنكار.. هذا ما يفعلونه في الخفاء  

غير أن الصورة الأكثر شيوعاً لتأثير مذهب الإنكار هي أن تعمل في الخفاء أكثر من عملها بشكل مباشر. لم يتمكن منكرو التغير المناخي من تغيير الإجماع العلمي العام على وجوده وعلى أن سببه هو النشاط البشري.

غير أن ما تمكنوا من فعله هو تقديم دعم في الخفاء وفي العلن لمن يعارضون اتخاذ إجراء جذري لمواجهة هذه المشكلة الملحّة.

دائماً ما كان الوصول إلى اتفاق عالمي من شأنه أن يرسي دعامات للتحول إلى اقتصاد مرحلة ما بعد الكربون، والذي من شأنه أن يساعد في إبطاء معدلات زيادة درجة الحرارة، أمراً يمثل تحدياً ضخماً.

وساعد اتباع مذهب الإنكار فيما يخص التغير المناخي في جعل هذا التحدي ربما أكثر صعوبة.

كما أنه يخلق جواً من الكراهية عبر الإطاحة بالحقائق التاريخية

ويمكن لهذا المذهب أيضاً أن يخلق مناخاً من الكراهية والشك. فصور إنكار حملات الإبادة الجماعية ليست مجرد محاولات للإطاحة بحقائق تاريخية راسخة، وإنما هي أيضاً هجومٌ على من نجوا من تلك الإبادات الجماعية، وذرياتهم، مثل ما حدث مع محاولة تبييض سمعة النازيين وإنكار عدد من المذابح التي أنكروها.

ويمكن أن تكون الأخطار التي تمثلها صورٌ أخرى من المذهب النازي ملموسة بدرجة أقل، ولكنها ليست أقل خطورة. فإنكار التطور، على سبيل المثال، ليس له أي مردود كريه مباشر؛ وإنما يعمل على تعزيز التشكك في العلم والبحث على نحو يغذي صوراً أخرى من الإنكار ويقوض عملية وضع السياسات استناداً إلى الأدلة العلمية.

المذهب أيضاً أن يخلق مناخاً من الكراهية والشك
المذهب أيضاً أن يخلق مناخاً من الكراهية والشك

وحتى بعض صور الإنكار المتطرفة مثل القول بأن الأرض مسطحة تضر بجهود العلماء رغم هزليتها

رغم صعوبة أخذ صور الإنكار الأكثر تطرفاً، على محمل الجد، مثل النظريات التي تقول إن الأرض مسطَّحة، فإنها تساعد في خلق بيئة تتفكك فيها محاولات العلماء والساسة للاتساق مع الواقع، لصالح شيوع التشكك وتصديق أن الأشياء ليست كما تبدو عليه.

وقد شهدت الفترة الماضية زيادة حادة في الأصوات مرتبطة بمذهب الإنكار، وتعدد الآراء، وتنافر الأصوات في هذا الجدل، جميعها أمور كفيلة بزرع بذور الشك في صدر أي إنسان حيال ما ينبغي له الإيمان به.

ولكن، لماذا زادت قوة مذهب الإنكار؟.. المفاجأة أنه يستفيد من منجزات العلم ليهاجمه

تحول مذهب الإنكار من الهوامش إلى القلب من الجدل العام، وأعانته على ذلك بشكل جزئي التقنية الحديثة.

فمع تزايد حرية الوصول إلى المعلومات على شبكة الإنترنت، وبعد أن أصبحت إمكانية "البحث" مفتوحةً أمام كل من يملك متصفح ويب، ومع علوّ الأصوات التي كانت هامشية من قبل، تضاعفت فرصة تحدي الحقائق المسلَّم بها بشكل كبير. ولم يعد من الممكن نبذ أي شخص أو تهميشه أو إبعاده لأنه غريب الأطوار والأفكار.

وهو يساعد على تصديق الأكاذيب

يقدِّم هذا المذهب رؤية قاتمة لعالمٍ منفلت الزمام، لا يمكن التسليم بأي شيء فيه ولا الوثوق بأي شخص.

ومن المفارقات أنك إن صدَّقت أن هناك من يكذب عليك باستمرار، فسيزداد خطر قبولك أكاذيب الآخرين. وعلى ذلك، يعد مذهب الإنكار خليطاً من الشك القهري والسذاجة القهرية.

وقد جوبهت محاولات إدخال دراسة "علم الخلق" إلى جانب التطور في مدارس الولايات المتحدة الأميركية بصلابة شديدة. وأصبح من الروتيني أن نرى أرباب هذا المذهب وهم يُقصون من المجلات العلمية والمؤتمرات الأكاديمية.

من المفهوم جيداً أن مذهب الإنكار يولد غضباً وسُخطاً، لا سيما في نفوس من يجدون فيه تحدياً مباشراً لما يؤمنون به. لو كنت من الناجين من الهولوكوست، أو مؤرخاً، أو عالماً للمناخ، أو أحد ساكني بعض السهول الفيضية، أو عالم جيولوجيا، أو باحثاً متخصصاً في الإيدز، أو شخصاً أصيب طفله بالعدوى من مرض يمكن الوقاية منه بسبب طفل آخر لم يتلقَّ التطعيم، يمكن أن تشعر بأن مذهب الإنكار يهاجم محور حياتك، أو صميم معتقداتك، أو حتى حياتك نفسها. هذا النوع من الناس يرد الصاع صاعين لأصحاب مذهب الإنكار.

إذاً، كيف يمكن محاربة مذهب الإنكار؟

ومن بين ما يمكنهم فعله، في بعض الدول، هو دعم قوانين ضد الإنكار، كما حدث بفرنسا من حظر إنكار الهولوكوست، حسبما يرى الكاتب.

غير أن أكثر الاستجابات للإنكار شيوعاً هي دحض أفكاره. وكما أن أرباب هذا المذهب لهم كيانٌ كبير ومتنامٍ من الكتب والمقالات ومواقع الإنترنت والمحاضرات ومقاطع الفيديو، فإن مناهضيهم أيضاً يردون بمؤلفات تخصهم. وتخضع مزاعم أرباب مذهب الإنكار للدحض نقطة بنقطة، في سباقٍ حلزوني لا تُترك فيه حجة واحدة، مهما بدت سخيفة، دون تحدٍّ. بعض محاولات الدحض تتسم بالصبر والتحضر، وتتعامل مع أصحاب مذهب الإنكار ومزاعمهم بجد؛ بل وحتى باحترام؛ وبعضها الآخر يتعامل بغضب واحتقار.

لا يمكن هزيمته عبر القانون، وهو يعتبر نفسه منتصراً حتى لو تم دحضه

ثمة درس هنا: في المجتمعات الديمقراطية على الأقل، لا يمكن إلحاق الهزيمة بمذهب الإنكار من خلال القانون، أو من الدحض، أو من خلال محاولة الخصم من رصيد مؤيديه.

هذا لأنه بالنسبة لأرباب هذا المذهب، يعد وجود هذا المذهب انتصاراً في حد ذاته؛ إذ يدور المذهب في جوهره حول محاججة أن "الحقيقة" قُمعت على يد أعدائها. ومواصلة وجودهم عمل بطولي في حد ذاته، وانتصارٌ لقوى الحقيقة.

بطبيعة الحال، يمكن أن يتحرق أرباب مذهب الإنكار شوقاً لتحقيق نصر أكثر اكتمالاً، كأن يتم تهميش نظريات التغير المناخي بفعل السلوك البشري في الأوساط الأكاديمية. ولكن، حتى اللحظة، يمكن لمذهب الإنكار أن يحقق مزيداً من الانتصارات المتواضعة دون تحقيق نصرٍ كامل.

بالنسبة لأي شخص يعتنق مذهب الإنكار، كل يوم يتواصل فيه استخراج براميل البترول وحرقها يومٌ جيد؛ وكل يوم يمتنع فيه الأبوان عن تطعيم صغيرهما يومٌ جيد.

فالزمن ليس في صف مناهضي مذهب الإنكار

فمع تسارع توجه التغير المناخي إلى مرحلة اللاعودة، ومع موت الناجين من الهولوكوست واحداً تلو الآخر وعدم وجودهم للإدلاء بشهادتهم، ومع التهديد بأن تصبح الأمراض التي سبق أن كانت على وشك الاختفاء، أوبئة، ومع التوجه الذي يفيد بأن هناك مجالاً للشك في أن تصبح النتائج العلمية المفروغ منها أمراً روتينياً، تصبح المهمة التي تنتظر داحضي دعاوى الإنكار أكثر إلحاحاً وصعوبة.

لا غرو إذاً في أن الذعر يمكن أن يدب في أوساط من يحاربون مذهب الإنكار وأن الغضب يمكن أن يسيطر على بعضهم، حسب الكاتب.

ولكن ثمة طريقة أفضل للتعامل مع مذهب الإنكار

الطريقة لمواجهة مذهب الإنكار تتسم بالنقد الذاتي، وفقاً للكاتب.

نقطة البدء هي طرح سؤال صريح: لماذا أخفقنا؟ ولِمَ لم ينجح من يمقتون الإنكار فينا في إيقاف تقدم مسيرته؟ ولماذا تحولت القدرة اليومية على الإنكار إلى جهد منظم لتقويض قدرتنا الجماعية على فهم العالم وتغيير نحو الأفضل؟

بدأت هذه الأسئلة تطرح في بعض الدوائر، وهي خرجت غالباً نتيجة حالة من القنوط.

فكثيراً ما يبدي من يحشدون ضد الاحتباس الحراري الناتج عن السلوك البشري استياءهم من أنهم كلما زادت المهمة إلحاحاً، استمر الإنكار في التفلت والتهيج (أضف إلى ذلك اللامبالاة والصور "الأنعم" للإنكار). ويبدو أنه ما من شيء ناجح في حملتهم لتوعية البشرية بالتهديد الذي تواجهه.

فتغيير آرائهم أمر أصعب من باقي البشر

إن المكابرة التي يمكن أن يصر الناس بها على أفكار ثبتت عدم صحتها أمرٌ حاضرٌ في العلوم الاجتماعية بأبحاث العلوم العصبية. فالبشر ليسوا مجرد مخلوقات تزن الأدلة والحجج بحياد. ولكن، هناك فرقٌ بين البحث الدفين عن توكيد لوجهات نظر موجودة بالفعل، وهو أمرٌ نقدم عليه جميعاً إلى حد ما، والمحاولة المتعمدة بإلباس هذا البحث ثوب السعي للوصول إلى الحقيقة، كما يفعل أصحاب مذهب الإنكار.

ويضيف المذهب طبقات إضافية من التوكيد والدفاع حول الممارسات النفسية التي يشاركها أنصار المذهب على نطاق واسع في ظل وجود هدف (لم يُفصح عنه قط) للحيلولة دون انكشاف تلك الممارسات.

وهذا أمرٌ يجعل تغيير آراء أتباع مذهب الإنكار مهمة أصعب من تغيير آراء سائر البشرية المتسمة بالعناد.

وعلى أية حال، هناك اختلافات داخل هذا المذهب.. ولكنهم يشتركون في شيء واحد

ثمة أنواع متعددة من أصحاب مذهب الإنكار: بدءاً من أولئك الذين يتشككون في جميع أشكال المعرفة الموجودة، ووصولاً إلى أولئك الذين يناصبون نوعاً بعينه من المعرفة العداء؛ وبدءاً من أولئك الذين يسهمون بجدٍ في خلق مدرسة فكرية للإنكار، ووصولاً إلى من يستهلكونها دون صخب؛ وبدءاً ممن يتملكهم اليقين في مذهبهم، ووصولاً إلى أولئك الذين يتشككون بينهم وبين أنفسهم في مذهب الشك الذي يتبعونه.

 أما الشيء المشترك بين جميع هذه الأنواع، فيمكنني أن أقول إنه نوعٌ خاصٌ من الرغبة. هذه الرغبة، في إثبات كذب شيء ما، هي المحرك الأساسي لمذهب الإنكار.

وهم ليسوا أغبياء أو مرضى

وليس التعاطف مع معتنقي مذهب الإنكار أمراً هيناً، ولكنه أساسيّ. الإنكار ليس ضرباً من الغباء أو الجهل أو التضليل أو المرض النفسي.

كما أنه ليس كالكذب. بطبيعة الحال يمكن أن يكون أصحاب مذهب الإنكار أغبياء وكذابين وجهّالاً، ولكنّ هذا يمكن أن ينطبق على أي منا. ما يصدق على أصحاب مذهب الإنكار هو أنهم مأزومون وبؤساء.

فهذا المذهب يمثل نوعاً حديثاً جداً من التأزم.

 عالم الإنترنت أرجع مذهب الإنكار إلى مساحات بعيدة
عالم الإنترنت أرجع مذهب الإنكار إلى مساحات بعيدة

إنما هم ظهروا كردة فعل على تطور العلم

فهذا المذهب يعد ظاهرةً لعصر ما بعد التنوير، أو رد فعل على "الانزعاج" الذي شعر به العديد من الناس حيال نتائج الأبحاث العلمية الحديثة.

اكتشاف التطور، على سبيل المثال، مصدر انزعاج للملتزمين حرفياً بما ورد في الكتاب المقدَّس عن الخلق. وكذلك فإن مذهب الإنكار رد فعل على الانزعاج الذي طرأ على الإجماع الأدبي الذي ظهر في عالم ما بعد التنوير. في العالم القديم، كان بوسعك أن توجِد زخماً حول نفسك بمجرد أن تعلن بفخر عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في حق العالم.

فلم يعد من الممكن أن تتفاخر بالمذابح التي ارتكبتها ولكن يمكن إنكارها

أما في العالم الحديث، فإن القتل الجماعي والتجويع الجماعي، والكوارث البيئية الجماعية لم يعد من الممكن إكسابها شرعية على الملأ.

ومع ذلك، لا يزال هناك بشر كثر يرغبون في القيام بنفس الأشياء التي اعتاد البعض مِن قَبلِهم فعلَها، فنحن في جوهرنا لا نزال كائنات لديها رغبات. نريد أن نقتل وأن نسرق وأن ندمر وأن ننتزع أشياء الغير، حسب الكاتب.

نريد ما يحفظ علينا جهلنا وإيماننا الذي لم يشُبه الشك.

كما يمكن أن تستخدم الطرق العلمية بطريقة مقلوبة

مذهب الإنكار محاولة نظامية لمنع التحدي والإقرار، وللإشارة إلى أنه ما من شيء يجري إنكاره. وهو نادراً ما تقوضه دعوات مواجهة الحقيقة.

مأساة أنصار مذهب الإنكار هي أنهم يقرون بصحة الحجة مقدماً، فإنكار التغير المناخي مستندٌ على إقرار خفي مشابه بأنه لو كان التغير المناخي بفعل البشر واقعاً بالفعل، فسيكون علينا أن نفعل شيئاً حياله.

غالباً ما يجري تصوير الإنكار، والظواهر ذات الصلة، بأنها "حربٌ على العلم". هذا سوء فهم عميق للمذهب، وإن كانت أسبابه متفهمة.

بلا شك لا يتبع مذهب الإنكار، ولا غيره من صور العلم المزيفة الأخرى الطرق العلمية الشائعة.

فمذهب الإنكار يمثل في واقع الأمر قلباً للطرق العلمية، ويستند العلم الناتج عنها على فرضيات مشوبة بأخطاء فادحة، غير أن مذهب الإنكار يفعل هذا كله باسم العلم والتعلم.

هم يجلّون العلم ولكنهم يسعون لاستبداله بنوع آخر يلائمهم  

في الواقع، يشكل مذهب الإنكار إجلالاً لمكانة العلم والتعلم في العالم الحديث، ويسعى أتباع هذا المذهب بكل قوتهم إلى الحصول على اعتراف العامة بحملهم للمكانة التي يؤهل لها العلم.

ولكن يهدف المذهب إلى استبدال نوعٍ من العلم بآخر، ولكنه لا يهدف إلى استبدال العلم نفسه.

وفي حين كان مذهب الإنكار أحياناً جزءاً من هجوم ما بعد الحداثة على العلم، فإن معتنقي هذا المذهب مهتمون بمفاهيم الموضوعية العلمية، شأنهم في ذلك شأن أرباب المذهب الوضعي، لا يقلون عنهم في شيء.  

حتى مَن يلتزمون بإخلاص ببدائل العقلانية الغربية والعلوم الغربية، يمكنهم التلويح بالخطاب الإنكاري الذي يحاكي النمط العلمي الذي يكرهونه بحذافيره. وأحياناً يبدو مناهضو التطعيمات، على سبيل المثال، وكأنهم يرغبون في الجمع بين الشيء ونقيضه: أي أن يحصلوا على إقرارٍ بنقضهم للطب الغربي من الطب الغربي ذاته.

ومن هذا الصراع على مَن يمسك بزمام العلم ظهر مصطلح "العلم التافه"

ويمكن أن يتشابه الخطاب المستخدم من جانب أرباب مذهب الإنكار وخطاب منتقديه في الحرب المستميتة على من سيمسك بزمام العلم. طُبق مصطلح "العلوم التافهة" على إنكار التغير المناخي، وكذلك على الدفاع عن وجوده.

يمكن للعلوم الشائعة أن تكون أيضاً متصلبة وعاجزة عن رؤية مَواطن النقص فيها.

نادراً ما يمكن فصل المصالح البشرية، إن أمكن أصلاً فصلها، عن الطرق التي نلاحظ بها العالم. في الواقع، أظهر علماء الاجتماع الذي يدرس العلوم، كيف أن الأفكار الحديثة المتمثلة في المعرفة العلمية المحايدة تخفي وراءها الروابط التي لا انفصام لها بين المعرفة والمصالح البشرية.

ولكن المشكلة أن الشخص المنكر للاحتباس الحراري ليس مختصاً في علم البيئة لا يمكنه أن يقبل حقيقة أنه ليس في واقع الأمر مختصاً في البيئة، ومنكر الإيدز ليس ناشطاً في مكافحة الإيدز لا يمكنه أن يقر بالحاجة إلى علاج غربي لمكافحة المرض، وهلمّ جراً.

الكارثة زادت عندما ظهر خطاب الإنكار الجديد على يد ترمب وتحدث عن المؤامرة الصينية

في السادس من نوفمبر/تشرين الأول 2012، حين كان دونالد ترمب يعد الساحة بالفعل لترشحه للرئاسة، بعث بتغريدة عن التغير المناخي، قال فيها: "مفهوم الاحتباس الحراري اختلقه الصينيون لنزع الميزة التنافسية من الصناعة الأميركية".

بدا هذا حينها مجرد مثال آخر لجعل إنكار التغير المناخي أمراً معتاداً على آذان العامة من جانب اليمين الأميركي. فرغم كل شيء، لم تقدم إدارة بوش الثانية شيئاً يُذكر لمكافحة التغير المناخي، والكثير من الشخصيات الجمهورية البارزة تقاتل بضراوة ضد علوم المناخ الشائعة. غير أن شيئاً آخر كان يجري حينها، فقد كانت التغريدة نذيراً بظهور خطاب جديد في مرحلة ما بعد الإنكار.

فادعاء ترمب ليس من النوع الذي يلقي به "عامةً" منكرو الاحتباس الحراري، فربما كان رؤيةً مشوَّشة لحجة يشيع استخدامها في أوساط اليمين الأميركي، مفادها أن اتفاقيات التغير المناخي العالمية من شأنها أن تضعف الاقتصاد الأميركي على نحو يعوزه الإنصاف لصالح الصين.

وكعادة ترمب في كل ما يصدر عنه، ألقى بهذه التغريدة جزافاً في وجه العالم دون سابق تفكير. وهذه ليس الطريقة التي يتبعها مذهب الإنكار في العادة، فأرباب مذهب الإنكار عادة ما يعملون لعقود للخروج بنص محكِّم يشبه العلم، يبدو في أعين غير الخبراء ملتبساً بالحقيقة. وضع أرباب هذا المذهب أساليب علمية بديلة ومعدَّلة يمكنها أن تلقي بظلال من الشك على الحقائق مهما بلغ رسوخها.

فهو مذهب معدّل يمكن تسميته بـ "الإنكار الكسالي" الذي يستند إلى الآباء المؤسسين

يعتمد ترمب وأمثاله من أتباع مذهب الإنكار "الكسالى" الداعين إلى تجاوز الحقائق على معرفتهم أن أجيالاً من معتنقي مذهب الإنكار قد خلقت ما يكفي من الشك بالفعل، وبات كل ما ينبغي على أشخاص مثل ترمب فعله هو الإشارة بغموضٍ في اتجاهٍ إنكاريّ.

وفي حين يستفيض مذهب الإنكار في الشرح، فإن أصحاب مذهب ما بعد الإنكار يؤكدون ببساطة ما شرحه أسلافهم. وفي حين يتسم مذهب الإنكار بالتعمق وإمعان النظر، فإن ما بعد الإنكار يتعامل بالبديهة. وفي حين يحرص مذهب الإنكار على النظام، فإن ما بعد الإنكار يتسم بالفوضى.

والإنترنت يتحمَّل جزءاً من المسؤولية

كان الإنترنت عاملاً مهماً في إضعاف حالة الانضباط الذاتيّ داخل مذهب الإنكار؛ إذ تدفع حالة الوفرة في المعلومات في عالم الإنترنت مذهب الإنكار إلى مساحات بعيدة، لدرجة أنه بدأ في التفكك.

ولا يوجِد الجيل الجديد من أبناء هذا المذهب أفكاراً راسخة جديدة تمثل بديلاً عمّا مضى، بقدر ما يسعون إلى طمس فكرة الأفكار الراسخة في حد ذاتها. ويعطي العمل الجماعي المؤسسي لبناء حاجز دفاعيّ جوهريّ ضد الإجماع العلمي سبيلاً لظهور حالة أشبه ما تكون بالتناحر الجماعي.

من بين الأمثلة على ذلك حركة "كشف الحقيقة حول أحداث 11 سبتمبر/أيلول. ولأن الهجمات وقعت في عالم متشابك بالفعل، لم تتمكن حركة الإنكار التي نتجت عنها أبداً من إطلاق فكرة راسخة بالطريقة التي كان مذهب الإنكار يعمل بها في مرحلة ما قبل الإنترنت. ويمكن لمن يصدقون أن "الرواية الرسمية" لهجمات 11 سبتمبر/أيلول كانت محض كذبة، يمكنهم أن يصدقوا أن ثمة عناصر داخل الحكومة الأميركية كانت على علم مسبق بالهجمات وسمحت بحدوثها، أو أن اليهود/إسرائيل/الموساد هم من كانوا خلفها، أو أن قوى خفيّة في "النظام العالمي الجديد هي من دبرت لها، أو أن مزيجاً ما من هذا كله هو ما دبر لها.

ويمكن أن يصدقوا أن البرجين قد أُسقطا عن طريق التدمير بالتحكم عن بُعد، أو أنه ما من طائرات قد اصطدمت بهما، أو أن البرجين كانا خاليين من الأرضيات، أو أن الطائرتين كانتا خاليتين من الركاب.

وأخطر ما في مذهب ما بعد الإنكار أنه يجعلك ترى العالم وفقاً لهواك

ما يهم في منهج ما بعد الإنكار هو ليس التأسيس لمصداقية علمية بديلة، بقدر منح الذات شيكاً على بياض لرؤية العالم وفقاً لهواك.

وفي حين لم يخلع منهج ما بعد الإنكار عباءة الإنكار بعد، فإن مذهب الإنكار على الطراز القديم قد بات محل تشككٍ من بعض من يمارسونه، بينما يتخذون خطواتٍ تجريبية أوليّة تجاه عصر جديد. ويبدو هذا جليّاً بصورة خاصة فيما يخص اليمين المتطرف العنصري، حيث بدأت هيمنة إنكار الهولوكوست تتآكل.

والآن هم يركزون على العداء للمهاجرين

كشفت التمحيص الذي تتسم به حركات اليمين المتطرف في العامين الماضيين عبارات كانت في السابق تظل مكتومة في الصدور، أو لا يتم البوح بها إلا خلف الأبواب الموصدة.

في أغسطس/آب من عام 2017، على سبيل المثال، قال أحد زعماء منظمة كو كلوكس كلان لصحافي: "قتلنا 6 ملايين يهوديّ المرة الماضية. فبالتالي لا يمكن أن نعتبر رقم 11 مليوناً (من المهاجرين) رقماً كبيراً".

وانتهت مقالة نشرتها صحيفة Daily Stormer الأميركية استباقاً لمسيرة حاشدة للقوميين البيض في شارلوتسفيل في الشهر نفسه: "المحطة التالية: شارلوتسفيل، فيرجينيا (مدينة أميركية شهدت مواجهات بين متعصبين بيض ومناوئين لهم، وشهدت مقتل متظاهر إثر حادثة دهس استهدفت مظاهرة ضد اليمينين)، أما المحطة الأخيرة: معسكر أوشفيتز (معسكر ببولندا كان من أكبر معسكرات الاعتقال النازية وكان مخصصاً لليهود).

الجديد أنهم يخلطون عمداً بين الجدية والدعابة

في الواقع، تُظهِر صحيفة Daily Stormer أحد أبرز منشورات اليمين المتطرف على شبكة الإنترنت، رشاقة طافحة في الموازنة بين الإنكار، وما بعد الإنكار، والكراهية في نفس الوقت، باستخدام حس الدعابة كطريقة لإذابة الحدود بين هذه المفاهيم الثلاثة. ولكن، ليس ثمة شك في ماهية المحطة الأخيرة.

وكما قال أندرو أنجلين، مدير الموقع، في دليل إرشادي للمساهمين بالكتابة فيه، والذي تسرب فيما بعد إلى الصحافة: "ينبغي ألا يكون الشخص غير المؤدلج قادراً على تمييز ما إذا كان ما نقوله مزاحاً أم حديثاً جاداً".

ويضيف: "ما أريده بالفعل أن أصيب القارئ بالصدمة لأسترعي انتباهه. ولكن هذا لا يشكل فارقاً كبيراً".

إن هذه التحولات جعلت التعامل معها مربكاً

تعني إمكانية التحوَّل التاريخي عن مذهب الإنكار أنه ما من مفر الآن من مواجهة بعض القضايا المربكة: كيف نرد على الأشخاص الذين لديهم رغبات وأخلاقيات مختلفة تماماً عما لدينا؟ كيف نرد على الأشخاص الذين يفرحون لوقوع الإبادة الجماعية ومعاناة الملايين ويفرحون بالفساد والجشع، أو على الأقل لا يمانعون من وجوده؟

يحول الإنكار، وغيره من الطرق الأخرى الكثيرة التي اخترعها الإنسان الحديث لإخفاء رغباته، دون مواجهة حقيقية مع الحقيقة المربكة التي تفيد أن بعضاً منا ربما يرغب في أشياء يراها معظمنا معيبة أخلاقياً.

فمن الصعب معرفة دوافعهم.. الفوضى أم التمني

من الصعب أن نعرف ما إذا كان منكرو الاحتباس الحراري يتوقون سراً إلى الفوضى والألم اللذين يحملهما الاحتباس الحراريّ إلى العالم، أم أنهم لا يأبهون لهذه الفوضى وذاك الألم، أو ربما يرغبون بشدة في ألا يكون الاحتباس الحراري أمراً صحيحاً، ولكن رغبتهم في إبقاء الأشياء على ما هي عليه تهيمن عليهم.

ومن الصعب أن نعرف ما إذا كان منكر الإيدز الذي يعمل على منع الأفارقة من الوصول إلى مضادات الفيروسات الرجعية، لا يدرك مدى قوة تلك المضادات في تحديد مصير البشر، أم أنه في مهمة لإنقاذ الأفارقة من شرور الغرب.

ولكن هذا الجدل يمكن البناء عليه لتحقيق تطور إنساني حقيقي

إذا كان هذا العالم الجديد من النقاش الإلكتروني الذي لا قيود عليه، كما يتجلى في مثال ترمب، سيغري المزيد من أتباع مذهب الإنكار للانتقال إلى مرحلة ما بعد الإنكار وما بعدها، فسنعرف أخيراً أين وصلنا. وبدلاً من ملاحقة أشباح، سيكون علينا أن نفكر في الخيارات الأخلاقية الصارخة التي نواجهها نحن معشر البشر، وكيف نتعامل مع الأشخاص الذين تعد رغباتهم مختلفة اختلافاً صارخاً عن رغباتنا؟

ربما إذا استطعنا أن نرتقي إلى مستوى التحدي الذي تمثله تلك الأسئلة، سنمهد الطريق لوجود سياسة خالية من الأوهام والنفاق الأخلاقي، حيث يمكن أن نشهد نزالاً مفتوحاً حول ما تعنيه ماهية الإنسان.

وربما يشكل هذا أساساً أمتن نعيد عليه إشعال جذوة الأمل في التطور الإنساني، ولكن ليس التطور المستند إلى وهم ما كنا نود أن تكون عليه حقيقتنا، وإنما على سرد ماهية حقيقتنا بالفعل.

اقرأ أيضاً

نعم، يجب أن تهتم بالتغير المناخي! فاستمراره سيدفعك لإيذاء نفسك، ويشعل حروباً بين البشر

 

 كأنّ هتلر لم ينتحر وموسيليني لم يُعدم! وزيرة خارجية أميركا السابقة: "ترمب" يعيد الفاشية للحياة مجدداً

 

 

المصريون كان لديهم الحل ثم تركوه.. ارتفاع الحرارة: المشكلة الكبيرة القادمة المتعلقة بعدم المساواة بين الفقراء والأغنياء

علامات:
تحميل المزيد