بعد اكتشاف في موقع حفريات بالسعودية.. باحثون يسألون: هل انقرض الإنسان البدائي المنتصب لأنه كان كسولاً؟

ويعتقد العلماء أن استراتيجيات الإنسان المنتصب كانت تتمثل في بذل "أقل جهد" ممكن لصناعة الأدوات وتجميع الموارد

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/11 الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/11 الساعة 11:38 بتوقيت غرينتش
Horizontal photography composition of prehistoric caveman family camp in caves of la Balme in France, composed with father, mother and child. These are plastic mannequin model. Image shot in Caves of la Balme (Les Grottes de la Balme). Visited since 1807, the Caves of La Balme, located in La Balme-les-Grottes city, are one of the most outstanding natural areas in France. There are small basins (gours), draperies, stalactites and stalagmites, labyrinths, underground lake. This tourist place is located 40 km from Lyon city, in Bugey mountains, in Isere (on the border of the department of Ain), Rhone-Alpes region in France (Europe). A property release was acquired for this picture.

تشير أبحاث جديدة إلى أن الإنسان البدائي الأول قد انقرض لأنه كان كسولاً. ويعتقد العلماء أن استراتيجيات الإنسان المنتصب كانت تتمثل في بذل "أقل جهد" ممكن لصناعة الأدوات وتجميع الموارد، وهو ما أسهم في اختفاء الأنواع البشرية البدائية، حسب صحيفة The Daily mail البريطانية.

خلافاً للأجناس الأخرى من أسلاف الإنسان، كانت الأدوات التي صنعها الإنسان المنتصب مصنوعة من مواد ذات جودة متدنية عثر عليها في محيطه القريب، وفقاً للخبراء. يشكل هذا تناقضاً حاداً مع الأدوات الحجرية التي صنعتها أنواع أخرى من البشر، بما في ذلك الإنسان البدائي الأول والنياندرتال، الذين تسلقوا الجبال للعثور على أحجار ذات نوعية جيدة ثم قاموا بنقلها عبر مسافات طويلة.

ويعتقد العلماء بأن الإنسان المنتصب (هومو إريكتوس Homo erectus) بدأ حوالي 1.6 مليون سنة حيث أنتشر هذا الإنسان في آسيا وكان يعتقد أن هذا الإنسان قد بدأ بالانقراض عندما بدأت الأجناس الأخرى بالظهور والانتشار، أي قبل ما يقارب من 400 الف سنة. لكن بعض الدراسات والأحافير وخصوصا تلك التي تمت على جزيرة جاوة الأندونيسية أثبتت بأن هذا الإنسان عاش إلى ما يقارب الخمسين ألف سنة مضت، مما يعني أنه عاصر الإنسان الحالي أو ما يعرف باسم الإنسان العاقل.

كسل وعدم تكيف

تكوين التصوير الأفقي لمخيم عائلة الكهف في عصور ما قبل التاريخ في كهوف la Balme في فرنسا ، يتألف من الأب والأم والطفل

ويقول العلماء إن هذا الكسل المقترن بعدم القدرة على التكيف مع المناخ المتغير، ربما كان السبب في انقراض هذا النوع. وقد قام باحثون من الجامعة الوطنية الأسترالية بدراسة السكان القدامى الذين عاشوا في شبه الجزيرة العربية خلال العصر الحجري الأول.

وقد قام الفريق بفحص الأدوات الحجرية المستخدمة من قبل الإنسان المنتصب، التي اكتشفت في صفاقة، التي تبعد حوالي 200 كيلومتر غربي العاصمة السعودية الرياض، في محاولة منهم لمعرفة سبب انقراض هذه الأنواع. ويعتقد العلماء أن الإنسان المنتصب، الذي تطور منذ حوالي 1.9 مليون سنة في إفريقيا، هو أول أسلاف البشر الذين أصبحوا مسافرين عالميين حقيقيين.

من المعروف أن الإنسان المنتصب هاجر من إفريقيا إلى أوراسيا، وانتشر حتى في جورجيا وسريلانكا والصين وإندونيسيا. ولكن في نهاية المطاف انقرض هذا الإنسان منذ حوالي 140 ألف سنة. ووفقاً لأحدث والنتائج التي توصلت إليها الجامعة الوطنية الأسترالية، يرجع سبب الانقراض إلى افتقار الإنسان المنتصب إلى الطموح والفضول والاجتهاد.

وتقليديين للغاية

قال الدكتور سيري شيبتون من كلية الثقافة والتاريخ واللغة بالجامعة الوطنية الأسترالية: "يبدو أنهم لم يحرصوا على تحصيل الأفضل لأنفسهم. ولا أستطيع أن أتقبل أنهم كانوا مستكشفين يتطلعون إلى الأفق، إذ يبدو أنه لم يكن لديهم هذا الشعور بالتعجب والتساؤل مثلنا"، حسب الصحيفة البريطانية.

وقد أوضح الدكتور شيبتون أن فشلهم في إحداث أي تقدم تكنولوجي -حيث تحولت بيئتهم إلى صحراء بعد جفافها- ساهم أيضاً في زوال السكان، وقد تبين أنهم "لم يكونوا كسالى فحسب، بل كانوا محافظين جداً أيضاً".

كما أشار شيبتون إلى أن "عينات الترسبات أظهرت أن البيئة المحيطة بهم كانت آخذة في التغير، لكنهم كانوا يفعلون الأشياء نفسها باستخدام تلك الأدوات. ولم يكونوا يُحرزون أي تقدم على الإطلاق، ولم تكن مواد أدواتهم بعيدة عن مجاري هذه الأنهار الجافة الآن. وأعتقد أنه في النهاية أصبحت البيئة جافة للغاية بالنسبة لهم".

وأُجريت أعمال الحفر والمسح في عام 2014 بموقع صفاقة بالقرب من محافظة الدوادمي وسط المملكة العربية السعودية. وقد نشر البحث في ورقة للمجلة العلمية PLoS One scientific journal.

مجتمعات الصيد والافتقار للتساؤل والتعجب

يعتقد الخبراء أن الإنسان المنتصب عاش في مجتمعات الصيد وجمع الثمار. وتشير الأدلة الأثرية إلى أن هذا الإنسان استخدم النيران وصنع أدوات حجرية أساسية. كما قال الباحثون إن الافتقار إلى التساؤل والتعجب كان واضحاً في الطريقة التي صنعت بها تلك الأنواع أدواتها الحجرية وجمعت بها مواردها.

ويعانون من الكسل العقلي والبدني

وقد بيّن الدكتور سيري شيبتون أنه "من أجل صناعة أدواته الحجرية، استخدم الإنسان المنتصب أي نوع من الصخور يمكن أن يجدها مُرماة بالقرب من مخيّمه، التي كانت في الغالب ذات جودة متدنية نسبياً مقارنةً بما استخدمه صانعو تلك الأدوات في وقت لاحق".

وأضاف الدكتور شيبتون: "في الموقع الذي كنا ندرسه، كان هناك نتوء صخري كبير من الحجر ذي جودة عالية على بعد مسافة قصيرة فوق تلة صغيرة. ولكن بدلاً من السير إلى تلك التلة، كانوا يستخدمون أي قطع كانت تتدحرج وتستقر في القاع".

وعندما فحص الباحثون نتوءاً صخرياً قريباً من منطقة معروفة، لم يجدوا علامات تدل على حدوث أي تعديل عليها أو تحف فنية أو استغلال للموقع. وحيال هذا الشأن، أشار الدكتور شيبتون إلى أنهم "كانوا يعلمون أنها كانت هناك، ولكن بما أنه كان لديهم ما يكفي من الموارد المناسبة التي قد يفكّرون فيها، بدا الأمر وكأنهم كانوا يقولون: لماذا نهتم؟".

ولكن هذا السلوك يتناقض مع ما فعلته الأجناس اللاحقة في الفترات المتأخرة، بما في ذلك الإنسان العاقل الأول والإنسان البدائي نياندرتال، حيث تظهر بعض الأدلة أنه تسلق الجبال من أجل العثور على أحجار ذات نوعية جيدة، ثم قام بنقلها عبر مسافات شاسعة لاستخدامها في صنع أدواته.


واقرأ أيضاً..

ما العلاقة بين وقوفنا على قدمين وامتلاكنا ذكاءً دون باقي المخلوقات؟ تعال نرى ماذا قال العلماء