ها هي بومبي الرومانية تبهرنا من جديد.. اللصوص ساعدوا في اكتشاف أطلالها المطمورة تحت البركان

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/09 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/09 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش

رغم الثراء والثقافة الباديين على صاحبه، فقد وصفه البعض بالبيت المشؤوم.

ولَم يكن هذا البيت وحده هو المشؤوم، بل مدينة بومبي التي يوجد بها، كلها يصح وصفها بالمشؤومة، أو أسوأ مدينة حظاً في التاريخ، إذ راحت ضحية البركان النشط الوحيد في أوروبا، ولكن هاهي تواصل إبهارَنا بما يخرج من تحت أطلالها.

فقد اكتشف علماء الآثار منزل رجل "ثري ومثقف" عاش في مدينة بومبي الرومانية القديمة، التي طُمرت تحت الرماد والصخور، والتي انبعثت بسبب الانفجار البركاني لجبل فيزوف خلال عام 79 ميلادياً، حسب تقرير لصحيفة  Daily Mail البريطانية.

هذا البركان الرهيب لم يدفن بومبي وحدها

يعد جبل فيزوف، الذي يقع على الساحل الغربي لإيطاليا، البركان النشط الوحيد في  قارة أوروبا، ويعتقد أنه واحد من أخطر البراكين في العالم.

فقد أطلق ثوران بركانه مزيجاً قاتلاً من غاز الكبريت السام ومئات الأطنان من الرماد البركاني، التي دفنت مدن بومبي وأوبلونتيس وستابيا بين عشية وضحاها.

كما أثار النشاط الزلزالي لفيزوف سرياناً طينياً مميتاً، مما أدى إلى القضاء على مدينة هيركولانيوم القديمة.

ولكنه حفظ تحت رماده بعضاً من مجد بومبي القديم

وفي الوقت الراهن، تجري أعمال حفر عثر خلالها على اكتشافات جديدة في منزل يعود لملكية خاصة، يُعرف باسم "بيت المستشري" the  House of Jupiter أو كازا دي جيوفي Casa di Giove في جزء ريجيو سبعة في المدينة القديمة.

وقد تم حفر المنزل جزئياً بالفعل بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ثم كشف علماء الآثار النقابَ عن المزيد من اللوحات الجدارية والبقايا المزخرفة، التي تمنحنا فكرة عن الحياة اليومية منذ آلاف السنين.

لقد كانت الأعمال الفنية التي يعود تاريخها إلى 2000 عام في حالة جيدة، على الرغم من نجاتها من أحد أكثر الانفجارات البركانية تدميراً في التاريخ المسجل.

فقد وجد العلماء هذا البيت الجميل، ولكن لماذا سموه بيت المشتري؟

وقد استُوحي اسم المنزل من صورة صغيرة تجسد كوكب المشتري وجدت على قبر وجد في الحديقة.

وكان يعتقد أن ملكيته تعود إلى رجل ثري ومتعلم. وقد زُيِّن المنزل وفق الطراز الروماني الأول primo stile pompeiano. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي هذا المنزل على مدخل مركزي تحيط به العديد من الغرف المزينة بالرخام المزيف المرسوم بظلال مشرقة من اللون الأحمر والأصفر والأخضر.

 وفي هذا السياق، قال مدير حديقة بومبي الأثرية، ماسيمو أوسانا: "لقد تم تجديد الغرف الموجودة في الخلفية، والمخصصة للعائلة، بديكور أكثر عصرية". وقد عثر على آثار لإشعال نار في منزل مجاور كانت السبب في توشّح الصور الجصية الموجودة على الحائط باللون الأسود.

ويبدو أن صاحب هذا البيت المشؤوم  كان ثرياً ويدرك قيمة الفن

"تميز الديمووس، أي المنزل، بزخرفة عتيقة على الطراز الأول لبومبي"، حسبما قال أوسانا لوكالة الأنباء الإيطالية ANSA.

وأضاف: "لا بد أن المالك كان ثرياً ومثقفاً، مدركاً لقيمة الرسم". كما قال أوسانا إن الموقع يعتبر أكبر موقع للحفريات في المنطقة غير المكتشفة من المدينة القديمة خلال فترة ما بعد الحرب.

فقد وجد علماء الآثار داخل أسوار "بيت المشتري" المشؤوم مجموعة رائعة من رؤوس الأسد الطينية وعملات معدنية وأجسام زجاجية وبلاط أسقف مزينة بزخرفة.

لقد قام العلماء بعمليات تنقيب في المنطقة المحيطة بالمنزل، حيث اكتشفوا الرصيف القريب والممر المجاور. في هذا السياق، قال أسانا إن مشروع التنقيب سيستمر حتى عام 2020.

كما عثر العلماء على اكتشاف نادر إلى جانب المنزل  

حفر علماء الآثار أيضاً، خلال الأشهر القليلة الماضية، شارعاً من المنازل ذات شرفات سليمة دفنت هي الأخرى بسبب الثوران الهائل. وقد كانت بعض الشرفات تحتوي على جرار أمفورا الخزفية، وهي عبارة عن مزهريات طينية مخروطية الشكل، كانت تُستخدم لحفظ النبيذ والزيت في العصور الرومانية القديمة.

حظي هذا الاكتشاف بترحيب كبير باعتباره اكتشافاً جديداً. وتأمل وزارة الثقافة الإيطالية في إعادة تأهيله وفتحه للجمهور. ويعود إعلان سلطة بومبي التابعة لوزارة الثقافة اكتشاف الشرفات إلى مايو/أيار الماضي.

وأفادت الوزارة أن الشرفات كانت "اكتشافاً حديثاً" لهذا الجزء من المدينة المدفونة، التي لم تُكتشف بعد بالكامل. ولأن ثوران بركان فيزوف دفن تحته ما يصل إلى ستة أمتار من الرماد والأنقاض البركانية، فإنه من النادر العثور على الطوابق العلوية بين أنقاض المدينة القديمة المدمرة.

وورد في إحدى البيانات أنه سيتم ترميم الشرفات، وستُفتح المنطقة للعموم من خلال توفير جولات سياحية. وقال متحدث باسم الموقع الأثري في بيان نشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي: "هذا النوع من الاكتشاف يعتبر جديداً في هذه المنطقة من بومبي. فبعد حوالي 2000 سنة من ثوران جبل فيزوف في 79 ميلادية، تواصل بومبي منحنا كنوزها".

وقد وجد علماء الآثار سلسلة من المباني بثلاث شرفات كبيرة، في منطقة ريجيو سبعة، التي كانت محور التنقيب.

الغريب أن آثار النبيذ ما زالت موجودة على الشرفات

وقال العاملون في الفريق: "لقد اكتشفنا كذلك أن إحدى الشرفات قد وقعت على أمفورا من النبيذ، والتي من المرجح أن تكون قد تُركت هناك لتجف بعامل الشمس". وأضاف العاملون قائلين: "سيتم ترميم الشرفات وتضمينها في كل برنامج جديد للزوار.

وورد في البيان: "ظهرت سلسلة من المباني ذات ثلاث شرفات كبيرة في المنطقة التي يجري التنقيب فيها. كما عُثر في إحدى الشرفات على أواني نبيذ موضوعة على جانبها، ربما وضعت على هذا الشكل لتجفيفها تحت أشعة الشمس".

وفي الوقت الراهن، سيُرمم الخبراء المنازل، التي ستكون مفتوحة للعموم كجزء من مسار جولة جديد في الموقع الشعبي، وذلك بمجرد الانتهاء من إنجاز العمل المكلفين به.

وحتى لصوص المقابر ساعدوا في العثور على اكتشاف في المدينة الرومانية

في وقت سابق من هذا الأسبوع، تم اكتشاف بقايا قديمة للخيول العسكرية التي ماتت قبل 2000 عام تحت الجحيم الذي طمس بومبي، بفضل مساعدة لصوص المقابر. فقد كان المجرمون يستخدمون الأنفاق التي حفروها للبحث عن الأمتعة الثمينة في أنقاض الفيلا الرومانية، التي تقع في إحدى ضواحي المدينة التي دمرت منذ زمن بعيد.

وقد حث عمل هؤلاء المجرمين حراس موقع التراث العالمي لليونسكو للبدء في حفرياتهم الخاصة، من أجل وضع حد لأنشطتهم وحماية ما تبقى من الأعمال الفنية. كما استخدم الباحثون المسح بالليزر لرسم خريطة لشبكة من الأنفاق غير القانونية التي حفرها اللصوص، والتي يبلغ طولها 200 قدم، قبل أن يبدؤوا في عملية التنقيب.

فضلاً عن ذلك، أعدَّ الباحثون المخطط الكامل للحصان الذي اكتشفوه باستخدام تقنية صب الجبس، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر داخل الموقع.

وقد تم استعادة بقايا البشر والبغال والحمير والحيوانات الأخرى التي كانت ضحية لثوران جبل فيزوف في عام 78 ميلادياً باستخدام هذه التقنية.