نمر يأكل القمر ثم الأرض أو هجوم على الملك.. ماذا تعرف عن أساطير الخسوف القمري في الثقافات المختلفة؟

أذهل خسوف القمر الثقافات في جميع أنحاء العالم، وألهم العديد من الأساطير والخرافات المدهشة، والتي يصور الكثير منها الحدث على أنه فأل سيئ. وهذا ليس مستغرباً، لأنه إذا كان أي شيء يخالف الإيقاعات العادية للشمس أو القمر فإنه يؤثر بشدة علينا وعلى حياتنا.

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/28 الساعة 10:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/28 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
planetary moon red blood with clouds

أبهر قمرٌ دموي اللون مراقبي النجوم في كثير من أنحاء العالم مساء الجمعة 27 يوليو/تموز 2018 وهو يدخل رويداً رويداً في ظل الأرض في أطول خسوف بالقرن الحادي والعشرين.

ومن رأس الرجاء الصالح حتى الشرق الأوسط ومن الكرملين إلى ميناء سيدني شخصت أبصار الآلاف نحو السماء لرؤية القمر الذي أعتم ثم تحول لونه إلى البرتقالي والبني والقرمزي لدى توغله في ظل الأرض.

"القمر الدموي" يلهم الأساطير حول العالم

وأطلق عليه القمر الدامي؛ لأن أشعة الشمس تخترق الغلاف الجوي للأرض في طريقها إلى القمر، ويحول الغلاف الجوي للأرض الأشعة إلى اللون الأحمر بالشكل ذاته الذي يصطبغ فيه قرص الشمس باللون الأحمر عند الغروب.

وفي الوقت نفسه يقترب المريخ من الأرض؛ لذلك شاهد المتابعون ما بدا لهم أنه نجم يتراوح لونه بين الأحمر والبرتقالي وكان في الواقع الكوكب الأحمر (المريخ)

لا يبدو المصطلح "الدموي" معبراً عن خسوف القمر، ولا يبدو دقيقاً كذلك، لكنه يزيد الإثارة والاهتمام بقصص المجتمعات القديمة والحديثة حول السماء.

أذهل خسوف القمر الثقافات في جميع أنحاء العالم، وألهم العديد من الأساطير والخرافات المدهشة، والتي يصور الكثير منها الحدث على أنه فأل سيئ. وهذا ليس مستغرباً، لأنه إذا كان أي شيء يخالف الإيقاعات العادية للشمس أو القمر فإنه يؤثر بشدة علينا وعلى حياتنا، حسب الروائي الشهير دان براون.

الحقد القمري، نمر سيأكل القمر ثم الأرض

بالنسبة للعديد من الحضارات القديمة، جاء "دم القمر" مع نية شريرة. فسَّر شعب الإنكا القديم في أميركا اللاتينية اللون الأحمر العميق على أنه نمر  يهاجم ويأكل القمر. وكانوا يعتقدون أن النمر قد يحول انتباهه إلى الأرض، لذا كان الناس يصرخون ويهزون رماحهم ويجعلون كلابهم ينبحون ويصيحون، على أمل صنع ضجيج كاف لإبعاد النمر.

إنه هجوم شامل على الملك

وفي بلاد ما بين النهرين القديمة، اعتبر خسوف القمر هجوماً مباشراً على الملك. ونظراً لقدرتهم على التنبؤ بالكسوف بدقة معقولة، فإنهم يقومون بتحديد المدد حسب الخسوف. أحدهم سيعلن نفسه كعاهل، بينما الملك الحقيقي سيختبئ وينتظر أن يمر الكسوف. الملك الوكيل لاحقاً يختفي بسهولة، وتتم إعادة الملك القديم.

الشيطان يشرب إكسير الخلود

بعض الحكايات الشعبية الهندوسية تفسر خسوف القمر كنتيجة للشيطان راهو الذي يشرب إكسير الخلود. الآلهة التوأم الشمس والقمر قطعت رأس راحو، ولكن بعد أن شرب الإكسير وأصبح رأس راحو خالداً. يسعى الثأر، ويطارد رأس راحو الشمس والقمر لارتكابهم الجريمة. وإذا ألقى القبض عليهم يصبح لدينا كسوف، ويبتلع القمر، الذي يظهر من عنقه المقطوع.

فأل سيئ في الهند

بالنسبة للكثير من الناس في الهند، فإن خسوف القمر يحمل ثروة سيئة. تتم تغطية الطعام والماء وتؤدي طقوس التطهير. يجب على النساء الحوامل على وجه الخصوص ألا يأكلن أو يقمن بأعمال منزلية، من أجل حماية أطفالهن الذين لم يولدوا بعد.

وجه أكثر وداً.. القمر المريض يحتاج لرعاية

لكن ليس كل خرافات الكسوف محفوفة بمثل هذه الظلمات. فقد اعتقدت قبائل الهوبا ولويزيانو الأميركيين الأصليين من كاليفورنيا أن القمر قد أصيب أو مرض. بعد الكسوف، يحتاج القمر بعد ذلك إلى الشفاء، إما عن طريق زوجات القمر أو من رجال القبائل. لويسينو، على سبيل المثال، سوف يغني ويردد أغاني الشفاء للقمر المظلم.

صراع بين الشمس والقمر

وإجمالاً، فإن بعض الأساطير تبعث على الارتياح على الارتياح مثل أسطورة شعب باتاماليبا في توغو وبنين في إفريقيا. تقليدياً، ينظرون إلى خسوف القمر على أنه صراع بين الشمس والقمر – وهو صراع يجب على الشعب أن يلعب دوراً لتشجيع الشمس والقمر على حل الخلاف. وبحدوث الخسوف يكون قد حان الوقت لتهدئة العداءات القديمة، وهي ممارسة تظل قائمة حتى يومنا هذا.

في الثقافات الإسلامية، يُفسر الخسوف بالقدرة الإلهية بدون خرافات، تمثل الشمس والقمر احتراماً كبيراً لله، لذلك خلال صلاة الكسوف، تردد صلوات خاصة بما في ذلك دعاء الخسوف ودعاء الله بالصفح والتسبيح بما يؤكد عظمة الله.

الخسوف لا يحدث في عيد الفصح المسيحي

وبالعودة مرة أخرى إلى الدم، فقد عدلت المسيحية تصورها لخسوف القمر بدلاً من أن يكون غضب الإله، أصبح يرتبط بعقيدة صلب المسيح. ومن الجدير بالذكر أن عيد الفصح هو يوم الأحد الأول بعد أول بدر كامل في الربيع، مما يضمن أن الكسوف لا يمكن أن يقع في عيد الفصح يوم الأحد، والخسوف يعد علامة محتملة على يوم القيامة، كما يقول الروائي الأمريكي في مقال بصحيفة الاندبندنت البريطانية.

ونبوءات أخرى حديثة ومخيفة

في الواقع، تم تعميم مصطلح "دم القمر" في عام 2013 بعد صدور كتاب "أربعة أقمار دموية" من قبل القس المسيحي الشهير جون هيغي. وهو يروج لعقيدة مروعة تعرف باسم "نبوءة قمر الدم" وتسلط الضوء على تسلسل قمري من أربع مرات من الخسوف الكلي حدثت في 2014/15. يلاحظ هيغي أن الأربعة جميعهم كانوا في أيام العطل اليهودية، وهو ما حدث فقط ثلاث مرات من قبل – يبدو أن كلاً منها تميز بأحداث سيئة، حسب دان براون.

تم رفض النبوءة بواسطة مايك مور (الأمين العام لشهود المسيحيين لإسرائيل) في عام 2014 ، لكن المصطلح لا يزال يستخدم بشكل منتظم من قبل وسائل الإعلام وأصبح مرادفاً مقلقاً لخسوف القمر. بالنظر إلى الخرافات المستمرة، فإنه من غير المفيد بشكل كبير أن يحاول العلماء تذكير الجميع بأن ما يسمى بـ"قمر الدم" لا يمكن أن يكون مخيفاً. قد يكون الأمر مثيراً للإعجاب، وقد يكون الأطول لمدة قرن، ولكنه ببساطة مجرد خسوف.

"قمر الدم" يجمع العلوم والخرافات

لذا، باستخدام مصطلح "قمر الدم"، فإننا نجمع بين الخرافات والعلوم، إن "قمر الدم" يجذب الاهتمام في السماء والخسوف القمري، ولكن بدلاً من انتظار الهلاك والدمار، يمكننا أن ننظر إليه بشكل أفضل على غرار التفسير الإسلامي – كتوضيح ومثال للحركات الرائعة والمذهلة لنظامنا الشمسي، إنه فرصة للمعرفة بالكون والتمتع بالاستثناء، حسب الروائي الأمريكي براون.

لذا نقترح عليك الآتي: مشاهدة كسوف القمر على النحو الذي تتكشف به السماء فوقك. أعطه اسمك الخاص، وأعطه معنى خاصاً بك، واستمتع به مع أصدقائك وعائلتك. وأعتقد أنكم ستجدون أن مصطلح "دم القمر" لا يمكن أن ينصف المشهد الجميل والعجيب الذي  تشاهدونه.


ليس خسوفاً فحسب، بل المريخ سيظهر واضحاً.. هذه أفضل الطرق لمشاهدة الحدث الفلكي الليلة

علامات:
تحميل المزيد