بأي زمن نعيش؟.. علماء يؤكدون أننا دخلنا عصراً جيولوجياً جديداً صنعه البشر وآخرون معترضون

وباجتماع عُقد في يونيو/حزيران 2018، أعلنت اللجنة الدولية لعلم الطبقات (ICS) التقسيم الجديد للزمن، والذي سيظهر منذ الآن على جميع الرسوم البيانية الرسمية التي تصوِّر تاريخ الأرض الجيولوجي.

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/20 الساعة 12:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/20 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
Earth maps courtesy of NASA: http://visibleearth.nasa.gov/

رسمياً.. "عصر ميغالايا-Meghalayan age" الجيولوجي هو الاسم والتصنيف الجديد للفصل الزمني الحالي الذي يعيشه كوكب الأرض.

فقد صُنفت السنوات الـ4200 الماضية، مؤخراً، على أنها فصل جديد في تاريخ الأرض، وأصبح اسمها عصر ميغالايا، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Independent البريطانية.

عصر بدأ بكارثة على مصر والصين

وباجتماع عُقد في يونيو/حزيران 2018، أعلنت اللجنة الدولية لعلم الطبقات (ICS) التقسيم الجديد للزمن، والذي سيظهر منذ الآن على جميع الرسوم البيانية الرسمية التي تصوِّر تاريخ الأرض الجيولوجي.

وهذا العصر الذي تم تصنيفه حديثاً بدأ بالجفاف العالمي، الذي كانت له عواقب مدمرة على الحضارات القديمة من مصر إلى الصين، ويشكل عصر ميغالايا في الوقت ذاته، القسم الأخير من فترة أطول تُعرف باسم حقبة الهولوسين، وهو الاسم الذي يطلق على السنوات الـ11.700 الماضية من تاريخ الأرض.

ويعد عصر ميغالايا فريداً من نوعه؛ لأنه الفترة الأولى في التاريخ الجيولوجي للأرض التي تتزامن مع حدث كبير، حيث كانت المجتمعات الزراعية تكافح للتعافي من تغير المناخ.

ولكن كيف يقسم العلماء تاريخ الأرض؟

يستخدم علماء الجيولوجيا الرسم البياني العالمي الخاص بتاريخ طبقات الأرض لإظهار التقسيمات المختلفة في تاريخ الكوكب الذي يبلغ عمره 4.6 مليار سنة، كلٌّ منها يتميز بالأحداث الكبرى مثل تفكك القارات أو تغير المناخ.

ومن أجل تبسيط هذا التاريخ الطويل والمعقد، عمد علماء الجيولوجيا إلى تقسيم تاريخ الأرض ونشأة الكائنات عليها إلى حقب وعصور وفترات متسلسلة زمنياً، وكل منها يتميز بظروف بيئية محددة وبظهور أو سيادة مجموعة معينة من الكائنات أو مظهر ما من المظاهر الطبيعية.
وحسب هذا السُّلَّم، قُسِّم الزمن الجيولوجي حسب العمر النسبي للصخور إلى "دهور"، وهذه إلى "حقب"، والحقب إلى "عصور"، والعصور إلى "فترات"، والفترات إلى "مراحل".

يتميز كل عصر بتأثيره العالمي وتغير ملحوظ في الصخور والرواسب.

وهذا العصر الجيولوجي الجديد جاءت مؤشراته من الهند

واقتُرح مفهوم ميغالايا، لأول مرة، منذ 7 سنوات؛ بسبب آثار كيميائية محددة موجودة في الرواسب الكلسية التي تتدلى على سقوف الكهوف أو التي تبرز من أرضياتها.

وتعتبر الرواسب الموجودة في ولاية ميغالايا، الواقعة في شمال شرقي الهند، أفضل دليل على ذلك، حتى الآن؛ ومن ثم سُمي  العصر الجديد باسمها.

حُددت مرحلتين جديدتين في حقبة الهولوسين -مراحل غرينلاند ونورثغريب- بناء على عينات الجليد المستخرجة من غرينلاند، ووُضعت هي والصواعد الكلسية في أرشيفات محمية، للمزيد من الدراسة.

ولكنَّ علماء آخرين يرفضون هذا التقسيم، فهم يَرَوْن أن البشر قد بدأوا عصراً جديداً

ومع ذلك، فقد اعترض بعض الباحثين على تحديد عصر الميغالايا، لا سيما مع استمرار مناقشات حول تعريف فترة جيولوجية جديدة تقوم على النشاط البشري، تسمى "الأنثروبوسين".

وقد أعرب علماء، مثل البروفيسور مارك ماسلن (من جامعة كلية لندن)، شاركوا في الجدل حول الأنثروبوسين، عن مخاوفهم بشأن فرض هذا العصر الجديد بشكل مفاجئ.

وقال ماسلن لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "بعد طرح الورقة الأصلية ثم المرور بعدة لجان علمية مختلفة، أعلنوا عصر [الميغالايا] فجأة، ووضعوه على الرسم البياني".

وأضاف: "لقد أصبح الأمر رسمياً، نحن في عصر جديد؛ من كان يدري؟".

ويقول: "لدينا الآن الكثير من التعريفات الجديدة، التي ربما تتناقض مع مجموعة العمل الأنثروبوسينية، (التي تطالب بإضافة عصر جديد يسمى الأنثروبوسين)".

ويرى هؤلاء العلماء أن مطالبتهم بالإعلان عن هذا العصر تستند إلى ما يعتبره معظم العلماء أهم تغيير على الأرض في آخر 10 آلاف سنة (التغيير الذي أحدثه البشر في البيئة)".

ويستند المطالبون بإضافة عصر الأنثروبوسين الجديد للسُّلَّم الجيولوجي إلى دخول كوكب الأرض عصراً جديداً.

ويتميز هذا العصر بتقلص دور العوامل والدورات الطبيعية في تشكيل أنماط الحياة وطبقات الأرض الترسيبية، وزيادة تأثير الأنشطة البشرية ودور الجنس البشري عموماً في تغيير أحوال البيئة والمناخ وجميع الأنظمة الحيوية في أنحاء المعمورة بالكامل.

الغريب أن هذا العصر الجيولوجي الذي صنعه البشر بدأ منذ وقت قريب جداً

سبق أن اعتبر مجموعة من الخبراء أن العالم  دخل رسمياً في حقبة "الأنثروبوسين-Anthropocene"  في عام 1950، وهي حقبة جيولوجية تتميز بالتأثيرات التي أحدثها البشر على الكوكب.

وقالت المجموعة البحثية المسماة اختصاراً "WGA"، في مؤتمر عُقد العام الماضي (2017) بكيب تاون، إن حقبة الأنثروبوسين قد بدأت في عام 1950؛ لأن ذلك العام يشكل بداية عصر اختبارات القنابل النووية والمواد البلاستيكية غير القابلة لإعادة الاستخدام، بالإضافة للنمو السكاني الكبير.

وأصبح عصر الأنثروبوسين مصطلحاً أكاديمياً طنّاناً بسرعةٍ كبيرة، كما أصبح مصطلحاً منتشراً بين العامة في السنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من  أن مفهوم الأنثروبوسين قد عُمِّم في الأوساط البيئية كعلامة على الأذى الذي يسببه البشر للكوكب، فإنه يظل مفهوماً مثيراً للجدل، حيث يرى العديد من العلماء أنه يفتقر إلى الأدلة الجيولوجية التي تدعمه، على الرغم من اسمه اللافت.


واقرأ أيضاً..

إمبراطوريات النوبة.. قصة حضارة قديمة غيَّبتها الرمال والعنصرية