صبي اقتحمه وسرق ملابس الملكة.. قصر باكينغهام مساحته ضعفا البيت الأبيض وصمد أمام النازيين ولكن كادت النساء تسقطه!

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/16 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/16 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش

يفترض أنه واحد من أكثر الأماكن تحصيناً وتأميناً في العالم، ولكن صبياً واحداً تسلَّل إليه أربع مرات، سرق في إحداها قطعة من ملابس الملكة.

إنه واحد من أيقونات العصر، ورمز للعراقة والسطوة البريطانية، التي هيمنت على العالم لقرون.

إنه قصر باكينغهام الملكي البريطاني الشهير.

ولكن رغم الشُّهرة التي اكتسبها هذا القصر الملكي البريطاني، فإنه لم يُبن في الأصل ليكون قصراً ملكياً، كما أن بعض الأساطير والحكايات التي ارتبطت به غير حقيقية، ولكنه يظل مليئاً بالكثير من الغموض والأعاجيب، وشهد العديد من الأحداث التي تجعله جديراً بأن يكون القصر الأشهر في العالم اليوم.

مرحباً بك في باكينغهام.. مساحة شاسعة وأعداد هائلة ستصدمك

طقوس احتفالات القصر ملفتة وفائقة التنظيم
طقوس احتفالات القصر ملفتة وفائقة التنظيم

يمتد القصر الملكي البريطاني الشهير على مساحة كُلية 77 ألف متر مربع، مع واجهة بعرض 108 أمتار وطول 120 متراً وارتفاع 24 متراً.

ومن المؤكد أنك تتساءل الآن كم غرفة تضمّها جنبات هذا القصر الضخم؟

الإجابة هي: 775 غرفة، من بينها 19 مخصَّصة للجلوس، و52 غرفة للضيوف وأفراد الأسرة المالكة، و188 غرفة نوم لطاقم عمل القصر، و92 مكتباً إدارياً، و78 غرفة حمام.

وللقصر العريق 1514 باباً، و760 نافذة، إضافة لحديقة ملكية خاصة على مساحة 40 فداناً هي الأكبر في العاصمة البريطانية لندن بأكملها، بخلاف ملعب للتنس وبحيرة صناعية، ومهبط مروحيات.

تقدم الآن للقاعة الكبرى ثم إلى المكان الذي تنتظرك به الملكة

غرفة العرش في قصر باكينغهام
غرفة العرش في قصر باكينغهام

عندما تدخل ضيفاً إلى القصر تمرّ أولاً عبر القاعة الكبرى، التي يعلوها دَرج رخامي يقود لغرف المعيشة.

ثم عبر القاعة سوف تخطو إلى أشهر غرف القصر، وهي "غرفة العرش" الشهيرة، التي تقابل فيها الملكة إليزابيث الثانية ضيوفها.

هذه الغرفة هي أيضاً المكان المُفضل الذي تقام فيه حفلات الزفاف الملكية.

وعليك الدخول لهذه الغرفة التي كانت الأكبر في بريطانيا   

هناك قاعة للرقص أقامتها الملكة فيكتوريا عام 1850، والتي كانت أكبر غرفة في بريطانيا وقت بنائها بطول 36.6 متر مربع، وعرض 18 متراً مربعاً، وارتفاع 13.5 متر مربع، ثم غرفة معرض الملكة الفني الذي يضم أعمالاً فنية من مقتنيات ملكية نادرة.

القصر الملكي العريق لم يعرف الكهرباء إلا عام 1883، وكان قبلها يستخدم المشاعل والشموع في الإضاءة، واليوم تضمّ جنبات القصر ما يزيد عن 40 ألف مصباح كهربائي لإضاءة دواخله فقط.

ولكن رغم هذه العظمة فإنه لم يكن في الأصل قصراً ملكياً

بتصميم وإشراف المهندسَيْن ويليام ويندي وجون فيتش ارتفع منزل باكينغهام في مكانه الحالي في منطقة ويستمنستر.

وفي عام 1761 قام الملك جورج الثالث بشراء منزل باكينغهام من مالكه السير تشارلز شيفيلد، بعدما أعجب بمدى فخامة طراز المنزل العريق، وخصَّص مبلغ 37 ألف جنيه إسترليني لتجديد وتطوير المنزل، وجعله مقر الإقامة الملكي الجديد، وانتقل للعيش فيه هو وأسرته وزوجته الملكة شارلوت، دون أن يُسمى بالقصر الملكي الرسمي، وإنما اشتهر باسم منزل الملكة.

إلى أن جاءه ملك كان مولعاً به، ولكن لم يهنأ به كثيراً

بعدما اعتلّت صحة الملك جورج الثالث، توفي عام 1820، تاركاً العرش لابنه الملك جورج الرابع، بعدما بلغ الستين من العمر.

كان جورج الرابع مولعاً بمنزل باكينغهام العريق، فقد عيَّن المهندس الملكي جون ناش لمهمة تهيئة وتجديد وتوسيع شاملة لمنزل باكينغهام، وتحويله إلى "قصر ملكي رسمي"، وأضاف له واجهة جديدة.

كما أضاف بعض الأجنحة، بالإضافة إلى قوسٍ حجريّ وقاعة اجتماعات كبرى ازدانت برسومات لانتصارات الجيش البريطاني في معاركه الكبرى.

وقد تكلّفت عملية تجديد القصر ما يقرب من 400 ألف جنيه إسترليني، ما يوازي 40 مليون جنيه إسترليني في عصرنا الحالي.

ولكنَّ الملك العجوز لم يعش طويلاً، وتوفي هو الآخر عام 1830، تاركاً العرش لشقيقه الملك ويليام الرابع، الذي لم يرغب في الانتقال إلى القصر الملكي الجديد، وفضَّل أن يستمر في الإقامة في قصر كلارينس الملكي، حتى بعدما أعلن البرلمان البريطاني قصر باكينغهام قصراً ملكياً رسمياً، ولكن لم تمر أكثر من سبع سنوات، توفي بعدها الملك ويليام الرابع في 1837.

وهذه الفتاة الصغيرة هي التي أكسبته هذه الشهرة  

زواج الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت
زواج الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت

لم يكن هناك وريث رسمي للعرش سوى الفتاة ذات الـ18 ربيعاً فيكتوريا، ابنة الأمير إدوارد ابن الملك جورج الثالث وشقيق الملكين ويليام وجورج الرابع.

بعد وفاة جورج الرابع، تولى عملية  تربية فكتوريا أمها الأميرة فيكتوريا ماريا أميرة ساكس كوبرج، الألمانية الأصل، التي أعدَّتها لكي تكون ملكة إنكلترا وأيرلندا، وأصبحت الملكة فيكتوريا هي أول ملكة تقيم رسمياً في القصر الملكي الرسمي باكينغهام.

تزوَّجت بعدها بعامين من ابن خالها الألماني الأصول، الأمير ألبرت، رغم استياء العديد من طبقات الشعب، إثر دخول دم ملكي ألماني إلى القصر الملكي البريطاني، الذي تقدَّمت لزواجه في سن العشرين؛ لأن تقاليد الملكية تمنع التقدم للزواج من الملكة، وأنجبت منه تسعة أبناء عاشوا وتربوا وأنجبوا نسلهم في القصر الملكي، منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا.

ثم كثرت الحكايات عن أنفاقه السرية

ارتبط قصر باكينغهام بالعديد من الأحداث التاريخية الهامة والحكايات التي نُسجت حوله.

من أهم هذه الحكايات التي ما زالت تتردد حتى يومنا هذا ما قيل عن شبكة الأنفاق السرية، التي بُني القصر عليها، والتي تشكّل مهرباً في حالات الطوارئ، أو كطرق موصلة بين منازل الأثرياء والقصر الملكي.

لكن الواقع أن الأنفاق أسفل منطقة ويستمنستر، مروراً بقصر باكينغهام بأكملها هي اليوم شبكة متكاملة لخدمات قطارات الأنفاق والمجاري ومرافق المدينة فقط لاغير.

كما أن صبياً اقتحمه 4 مرات

وشهد باكينغهام واقعة طريفة، عندما اقتحم صبي ذو 14 عاماً يدعى إدوارد جونز القصر أربع مرات مختلفة، أولاها عام 1883، ومرة منها سُلِّم إلى الشرطة وبحوزته إحدى قطع الملابس التحتية للملكة فيكتوريا، ومرة أخرى تنكَّرَ في زي مُنظف مداخن، وتم القبض عليه مختبئاً في غرفة ملابس الملكة.

أمّا عن اللحظات التاريخية الشهيرة في تاريخ القصر فأبرزها أول ظهور عام للملكة فيكتوريا في شرفة الجانب الشرقي، لتحية الجماهير عام 1851، بعدما انتهت أعمال التوسع التي أمرت بها ببناء جناح كامل لأسرتها للإقامة، ومن ثم صار تقليداً ملكياً أن تظهر الملكة وأفراد عائلتها لتحية الجماهير عبر تلك الشرفة نفسها.

ثم حاولت النساء اقتحامه والنازيون لم يستثنوه

محاولة اقتحام شهدها القصر عام 1914 من قبل مسيرة من النساء المتظاهرات، الذين عرفوا باسم Suffragettes، للمطالبة بحق الاقتراع السياسي للمرأة، والتي قدرت بحوالي 20 ألف امرأة بقيادة الناشطة إيميلين بانكورست، والتي قادت المُتظاهرات إلى حديقة القصر، في محاولة لتسليم عريضة رأي للملك جورج الخامس.

لكن الشرطة منعتهن واشتبكت معهن وسط أضواء آلات تصوير الصحف، التي وصفت الحادثة بأنها مواجهة بين نساء شرسات وقوات الشرطة.

وتم في إثرها سجن الناشطة إيميلين باكورست والعديد من رفيقاتها.

الملكة إليزابيث الأم تتفقد الدمار عقب قصف قصر باكينغهام الأول 1940
الملكة إليزابيث الأم تتفقد الدمار عقب قصف قصر باكينغهام الأول 1940

ثم جاء الحادث الأشهر في القرن العشرين بالنسبة للمعلم الملكي، وهو قصف قصر باكينغهام أثناء الحرب العالمية الثانية، من قبل قوات ألمانيا النازية عام 1941.

ورغم ذلك تمسكت الملكة إليزابيث الأولى وزوجها الملك جورج الخامس -والدا المكلة الحالية- بالمكوث في القصر وعدم مغادرته، رغم خطورة الموقف، جراء القصف الذي شنَّته طائرات هتلر على العاصمة الإنكليزية.

وأدى القصف الذي كان محدوداً لوفاة أحد أفراد قوات تأمين القصر إثر سقوط قذيفة على أحد جوانب القصر، بخلاف قصف سابق عام 1940، الذي أسفر عن تدمير كنيسة صغيرة ملحقة بالقصر.

والآن هو الأشهر عالمياً ولكن ليس الأكبر

رغم شهرته الواسعة وتاريخه العريق فإن باكينغهام ليس الأكبر بين القصور الملكية في العالم.

إذ إن هناك قصراً ملكياً أوروبياً آخر يفوق مساحة، وهو قصر مدريد الملكي في إسبانيا، الذي شُيد عام 1764 على مساحة كُلية 135 ألف متر مربع ويضم 3418 غرفة، بخلاف أكبر قصور العالم بالمساحة الكُلية بحسب موسوعة جينيس للأرقام القياسية، القصر الإمبراطوري الصيني في العاصمة الصينية بكين. والذي يغطي مساحة 720 ألف متر مربع، ويضم تسعة آلاف غرفة.

ورغم ذلك فإن قصر باكينغهام البريطاني الملكي يبلغ ضعفين ونصف مساحة البيت الأبيض، مقر الرئاسة الأميركية.

 وبحسب تقديرات الأسعار الحالية للعقارات في لندن، تبلغ قيمته العقارية حوالي 19.375 ألف جنيه إسترليني للمتر الواحد، أي ما يقارب 1.5 مليار  جنيه إسترليني، دون أن يحتسب أي اعتبارات تاريخية وأثرية للصرح الملكي الأكثر شهرة في أوروبا.


إقرأ أيضا..

ماذا سيحدث في اليوم الأول لوفاة الملكة إليزابيث الثانية.. الوزراء يتدربون سراً لهذا اليوم الأسود