مدينة الخلافة والعشق الحصينة.. أطلال “الزهراء” الأندلسية على قائمة اليونسكو أخيراً بعد بقائها ألف سنة طي النسيان

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/02 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/02 الساعة 20:41 بتوقيت غرينتش
أطلال "الزهراء" قرب قرطبة - أسبانيا

"إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء، مشتاقا"

والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَا

هكذا بدأ ابن زيدون قصيدته الأشهر التي يعبر فيها عن شوقه وحبه لولادة بنت المستكفي.

لكن مدينة الزهراء التي تذكر فيها الشاعر والوزير الأندلسي محبوبته "بقيت آثارها في طي النسيان طوال ما يقرب من 1000 عام لتعود للنور من جديد في بداية القرن العشرين". حسب بيان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو على موقعها الإلكتروني.

وكانت المدينة عاصمة الأندلس زمن الخليفة الأموي عبدالرحمن الناصر الذي بنى فيها القصر والجامع والحدائق والمباني الإدارية، لكنها دمرت تماماً خلال الحرب الأهلية التي دارت بين الأمراء الأمويين  في الأندلس حول عرش الخلافة في بداية القرن الخامس الهجري، ولم يبقَ منها سوى أطلال.

شاهد بقايا مدينة الزهراء الأندلسية في هذا الفيديو

أخيراً: "الزهراء" الأندلسية في قائمة التراث العالمي

أدرجت لجنة التراث العالمي، المجتمعة في المنامة منذ تاريخ 24 حزيران/يونيو برئاسة الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، اليوم موقعين ثقافيين من إسبانيا وإيطاليا في قائمة التراث العالمي، وذلك إبّان دورتها الحالية.

 والموقعان هما مدينة إيفري الصناعية الإيطالية، ومدينة الزهراء في إسبانيا التي تعود لزمن "الخلافة" في البلاد التي كانت تسمى الأندلس قبل خمسة قرون.

وقد سبقت الزهراء في القائمة ذاتها معالم أندلسية أخرى، هي مسجد قرطبة وقصر إشبيلية وقصر الحمراء.

مدينة الزهراء تعود لزمن الخلافة الأموية في الأندلس

تعدّ مدينة الزهراء التي تعود لزمن الخلافة موقعاً أثريّاً لمدينة كانت قد شيّدت في منتصف القرن العاشر على يد الأمويين لتكون مقرّاً لخليفة قرطبة. وبعد الازدهار الذي شهدته المدينة عدة سنوات، فقد تعرضت للنهب خلال الحرب الأهلية التي أنهت حكم  الخليفة في عام 1009-1010.

وقد بقيت هذه الآثار في طيات النسيان طوال ما يقرب 1000 عام لتعود للنور من جديد في بداية القرن العشرين. وتضم هذه المنطقة الحضرية المتكاملة بنى أساسية مثل الشوارع والجسور والشبكات المائية والمباني وعناصر الزينة والأغراض المستخدمة في الحياة اليومية، حسب بيان اليونسكو.

أطلال الزهراء الباقية

وتقدّم المدينة معارف جمّة عن الحضارة الإسلامية الغربية المندثرة في الأندلس عندما كانت في أوج مجدها، حسب اليونسكو.

وستستمر أعمال الدورة الثانية والأربعين للجنة التراث العالمي حتى تاريخ 4 يوليو/تموز الجاري.

ويشرح لك الفيديو التالي، معالم المدينة وقصرها وجامعها ومبانيها استناداً لمواقع الأطلال والآثار الباقية منها

الزهراء.. العاصمة الجميلة والحصينة

"الزهراء" حالياً هي أنقاض مدينة عربية شاسعة ومحصنة من القرون الوسطى، بناها عبد الرحمن الثالث (الناصر) (912-961)، الخليفة الأموي الأول من قرطبة، وتقع على المشارف الغربية من قرطبة، وكانت العاصمة الفعلية للأندلس، حيث كان قلب الإدارة والحكومة داخل أسوارها.

بُنيت في عام 936-940 ، وتضمنت المدينة قاعات استقبال احتفالية، ومساجد، ومكاتب إدارية وحكومية، وحدائق، ونوافير، وورش عمل، وثكنات، ومساكن وحمامات. تم توفير المياه من خلال قنوات المياه.

بنيت الزهراء شمالي غرب قرطبة بنحو خمسة أميال، بعدما ازدحمت قرطبة (العاصمة السابقة).

وتقع "الزهراء" على سفح "جبل العروس" واستمر بناؤها قرابة الأربعين عاماً في عهد الناصر وابنه المستنصر الذي التزم وصية أبيه باستكمالها.

وجلب الناصر مهندسين وعمالاً وفنانين من كل مكان بما في ذلك بغداد والقسطنطينية، واستخدم الرخام الأبيض والأخضر والوردي بعد أن جلبه من شمال إفريقيا والمشرق العربي والقسطنطينية أيضاً.

رمز الخليفة القوي أم هدية الأمير العاشق

كان السبب الرئيسي في بنائها فكرة سياسية: هيبة الخليفة تطلبت إنشاء مدينة جديدة، رمزاً لسلطته، وتقليداً للخلافة الشرقية في بلاد الشام. وفوق كل ذلك، أظهر تفوقه على خصومه وأنداده الكبار مثل الفاطميين في شمال إفريقيا، وكذلك العباسيين في بغداد. تقول الأسطورة أيضاً إنها بنيت كتقدير لزوجة الخليفة المفضلة.

امتد اعتبار المدينة عاصمة البلاد في عهد ابن عبد الرحمن الثالث بن الحكم الثاني (حكم 961-976)، ولكن بعد وفاته سرعان ما توقفت لتكون المقر الرئيسي للخلفاء. ففي عام 1010 تمت إقالته في حرب أهلية، وبعد ذلك تم التخلي عنها.

وجرى حفر المواقع الأثرية للمدينة القديمة بدءاً من بداية القرن 20. وتم حفر واستعادة حوالي 10 في المائة فقط من 112 هكتاراً (0.43 ميل مربع)، ولكن هذه المنطقة تشمل المنطقة الوسطى، مع "مسكنين خاليين، ومجمع حمامات، ومبنيين أرستقراطيين، وأحياء الخدم، وساحات تابعة لحراس القصر؛ وبعض المباني الإدارية الضخمة.. ومجمع القصر وقاعة الاستقبال وتحيطه حدائق كبيرة، وخارج هذه المنطقة يقع "المسجد الجامع".

القصر والجامع الكبيران بالزهراء

بنى عبدالرحمن الناصر قصراً كبيراً في مدينة الزهراء سماه "قصر الخلافة".

وكانت جدرانه الرخامية المذهّبة محاطة بحدائق جميلة، وزًيّن بالصور والتماثيل، ووًضع فيه أنفس التحف والتماثيل المذهّبة.

وبنى الناصر أيضاً المسجد الجامع في أقل من شهرين، وشارك مئات المهندسين في إنشائه وجعلوا له قباباً وأعمدة فاخرة كبيرة.


وإقرأ أيضاً..

كتبوا فصولاً في الحُبِّ والعلاقة بين الرجل والمرأة.. الفرق بين فقهاء الأندلس العاشقين وشيوخ اليوم!

الأندلس.. الحب الذي لا يخفت