يكره الصينيين ويحب اليابانيين.. مذكرات أينشتاين عن رحلاته تكشف وجهاً عنصرياً غير متوقَّع

ومع ذلك، فإن مقتطفات من المذكرات الخاصة بالفيزيائي، والتي تفصّل رحلاته حول إسبانيا وفلسطين واليابان والصين وسنغافورة في أوائل العشرينيات من القرن العشرين، ربما تقلل من مكانته وصورته الناصعة بشكل كبير.

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/13 الساعة 19:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/13 الساعة 19:41 بتوقيت غرينتش

لم يكن ألبرت أينشتاين مشهوراً باعتباره عالِماً وراء نظرية النسبية وحسب؛ بل أيضاً باعتباره أيقونة إنسانية وشخصية مثيرة للجدل بآرائها العامة. ومع ذلك، فإن مقتطفات من المذكرات الخاصة بالفيزيائي، والتي تفصّل رحلاته حول إسبانيا وفلسطين واليابان والصين وسنغافورة في أوائل العشرينيات من القرن العشرين، ربما تقلل من مكانته وصورته الناصعة بشكل كبير، حسب صحيفة The Guardian البريطانية.

يتم تذكُّر الفائز بجائزة نوبل والمدافع عن الحقوق المدنية لمواقف من قبيل مناهضة التمييز في أميركا (وطنه الجديد)، ومعارضة النازيين بألمانيا (بلده الأصلي)، ورفضه تولي منصب رئيس الدولة في إسرائيل، وانتقاداته السياسة الأميركية، وقد سبق أن نعت ذات مرة، العنصرية بأنها "مرض متفشٍّ لدى البيض"، لكنّ وجهاً آخر من تعليقاته أظهر روحاً عنصرية غير متوقعة تجاه الأشخاص الذين قابلهم في رحلاته، وخاصة الصينيين بشكل خاص، بينما كانت تعليقاته عن اليابانيين إيجابية للغاية.

آراء أينشتاين عن الصينيين

وتُظهر هذه المذكرات، التي كُتبت بين شهرأكتوبر/تشرين الأول سنة 1922 ومارس/آذار سنة 1923، تأملات العالم في أسفاره، وعلومه، وفلسفته وفنه. وفي الصين، يصف أينشتاين الشعب هناك بأنه "كادح لكنه قذر ومنبوذ". كما كتب أيضاً عن "الصينيين الذين لا يجلسون على المقاعد في أثناء تناول الطعام، ولكنهم يجلسون القرفصاء مثلما يفعل الأوروبيون عندما يقضون حاجتهم في الغابات وارفة الظل، وكل هذا يحدث بهدوء وبشكل آمن". أما الأطفال هناك، فوصفهم بـ"فاقدي الإحساس والمتبلّدين".

وبعد أن كتب في وقت سابق عن "كثرة النسل" "والخصوبة" عند الصينيين، أضاف أينشتاين أنه "سيكون من المؤسف أن يحل الصينيون محل جميع الأجناس الأخرى. وبالنسبة لأمثالنا، يعد مجرد التفكير في ذلك أمراً كئيباً على نحو لا يوصف"، حسب صحيفة The Guardian البريطانية.

ملاحظات صادمة أخرى

وقد قال زئيف روزنكرانز، رئيس التحرير ومساعد مدير "Einstein Papers Project" في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: "أعتقد أن الكثير من الملاحظات صدمتنا، وخاصة ما يقوله أينشتاين بشأن الصينيين. ويعتبر ذلك نوعاً من أنواع التناقض مع الصورة العامة لرمز العمل الإنساني العظيم. أظن أن قراءة تلك المذكرات ستكون أمراً صادماً، خاصةً أنها تتناقض مع تصريحاته العامة. لقد كان ظهورها للعلن غير متوقع؛ لأنه لم يكن ينوي نشرها".

قام روزنكرانز بتحرير وترجمة "The Travel Diaries of Albert Einstein"، الذي نُشر للمرة الأولى كمجلد مستقل من قِبل دار نشر جامعة برينستون. ويتضمن هذا المجلد نسخاً من مذكرات تم إرسالها عن طريق الفاكس.

وقد تم نشر المذكرات باللغة الألمانية فقط كجزء من الأوراق المجمعة لألبرت أينشتاين التي تتكون من 15 مجلداً، مع ترجمات تكميلية مقتضبة إلى اللغة الإنكليزية. وحيال هذا الشأن، قال متحدث باسم دار نشر جامعة برينستون إن "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرض مذكرات سفر العالِم لكل شخص لا يعد من الباحثين المهتمين جديّاً بأينشتاين".

"أمة شبيهة بالقطيع"

وفي صفحات أخرى من مذكراته، التي يُعتقد أنها أُرسلت إلى ربيباته (بنات زوجته) في برلين بينما كان هو وزوجته برحلة إلى آسيا وإسبانيا وفلسطين، وثّق أينشتاين رأيه حول الصينيين، حيث ذكر أنه "حتى أولئك الذين يعملون كثيراً لا يعطون الانطباع بأنهم واعون بمعاناتهم. إنهم يمثلون أمة شبيهة بالقطيع، حيث غالباً ما يكونون أقرب إلى الآلات منهم إلى البشر".

ويكره نساءهم أيضاً

وأضاف أينشتاين لاحقاً، وفقاً لما أفاد به روزنكرانز، "جرعة أخرى من كراهية النساء الشديدة" إلى رهاب الأجانب الذي يعانيه، ذلك أنه قال: "لاحظت الاختلاف الضئيل بين الرجال والنساء هناك. ولا أفهم أي نوع من الجاذبية الكبيرة تتمتع بها النساء الصينيات التي تفتن رجالهن، لدرجة تجعلهم غير قادرين على الحد من النسل".

وللفقراء نصيبهم من الكراهية

أما في مدينة كولومبو عاصمة سريلانكا، فيصف أينشتاين طريقة "عيش السكان المحليين وسط قذارة كبيرة وروائح كريهة منبعثة على أرض الواقع"، مشيراً إلى أنهم "لا يعملون كثيراً، وحاجاتهم قليلة"، وواصفاً الدورة الاقتصادية لحياتهم بـ"البسيطة".

لكن اليابانيين على النقيض

وعلى النقيض من ذلك، غلبت الإيجابية على تصورات أينشتاين عن اليابانيين الذين التقاهم، حيث ذكر أن "اليابانيين غير متباهين، ولطفاء، وجذابون، ويتمتعون بروح نقية لا يمتلكها أي شخص آخر". وأكد العالِم أنه "يجب على المرء أن يحب هذا البلد ويعجب به". لكن، أشار روزنكرانز من جانبه إلى أنه يستنتج أن"الاحتياجات الفكرية لهذه الأمة تبدو أضعف من احتياجاتها الفنية، فهل يمكن اعتبار ذلك أمراً طبيعياً؟".

كما كتب روزنكرانز أن "الآراء التي صرح بها أينشتاين في مذكراته حول الأصل البيولوجي للدونية الفكرية المزعومة لليابانيين والصينيين، فضلاً عن الهنود، لم تكن بالتأكيد تقليلاً من شأن هذه الأجناس. لكن، يمكن اعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية".

لماذا تُعتبر تعليقات أينشتاين عنصرية حقيقية؟

وفي هذه الحالات، يتم تصوير الشعوب الأخرى على أنها أقل شأناً بيولوجياً، وهو ما يمكن اعتباره عاملاً مميزاً للعنصرية. أما فيما يتعلق بالملاحظات التي تثير القلق، والتي تحيل إلى أن الصينيين "سيحلّون محل جميع الأجناس الأخرى"، فيمكن اعتبارها الأكثر دلالة في هذا الشأن، حسب صحيفة The Guardian البريطانية.

وأضاف روزنكرانز أن أينشتاين يعتبر أن الأعراق الأجنبية بمثابة تهديد، وهو ما يمثل إحدى خصائص أيديولوجيا العنصرية. مع ذلك، تتجسد الملاحظة، التي يجب أن يعتبرها القارئ الحديث الأكثر عدوانية، في تظاهر أينشتاين بعدم فهمه السبب الكامن وراء اعتبار الرجال الصينيين نساءهم جذابات بما فيه الكفاية كي ينجبوا منهن أطفالاً.

بناء على ذلك، يجب أن نستنتج أن أينشتاين أدلى ببعض التعليقات العنصرية وغير الإنسانية في مذكراته، وقد كان بعضها مزعجاً للغاية.

وقد صرّح روزنكرانز لصحيفة The Guardian، بأنه على الرغم من أن وجهات النظر، كتلك التي كان يتبناها أينشتاين، كانت سائدة في ذلك الوقت، فإنها لم تكن منتشرة على نطاق عالمي. وأضاف روزنكرانز أن "هذا عادة ما يكون رد الفعل الذي أتلقاه؛ إذ علينا أن نفهم أن أينشتاين كان بالنسبة لمفهوم (روح العصر) جزءاً من الزمن. لكن، أعتقد أنني حاولت أن أضع ملاحظاته في سياق أشمل. لقد كانت مذكراته تحوي وجهات نظر أخرى أكثر تسامحاً".

وفي مقدمة كتابه، ذكر روزنكرانز مدى أهمية استكشاف كيفية كتابة أيقونة في مجال العمل الإنساني من قبيل أينشتاين، ملاحظات تتعلق برهاب الأجانب حول الشعوب التي صادفها. تجدر الإشارة إلى أن صورة أينشتاين كانت تُستخدم سابقاً في حملة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحت شعار "مجموعة من المتعلقات ليست الأمر الوحيد الذي يجلبه اللاجئ إلى بلده الجديد. لقد كان أينشتاين لاجئاً".

كما اعتبر روزنكرانز أن "الإجابة عن هذا السؤال تبدو ملائمة للغاية في عصرنا الحالي، حيث تنتشر كراهية الآخر في العديد من الأماكن حول العالم. ويبدو أن أينشتاين كان في بعض الأحيان يمر بأوقات عصيبة في التعرف على نفسه لدى الآخر".

علامات:
تحميل المزيد