“حرب الكلب الثانية” لإبراهيم نصر الله تفوز بالـ “بوكر”.. نجحت حكاية راشد المأساوية!

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/25 الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/25 الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش

فازت رواية "حرب الكلب الثانية" للروائي الأردني/الفلسطيني إبراهيم نصر الله، بالجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" في دورتها الـ 11.

جاء ذلك، خلال احتفال، مساء الثلاثاء 24 أبريل/نيسان 2018، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وفق بيان على موقع الجائزة بشبكة الإنترنت.

وقال إبراهيم السعافين رئيس لجنة التحكيم، "تتناول هذه الرواية تحوّلات المجتمع والواقع، بأسلوب يفيد من العجائبية والغرائبية ورواية الخيال العلمي، مع التركيز على تشوهات المجتمع وبروز النزعة التوحشية التي تفضي إلى المتاجرة بأرواح الناس في غياب القيم الخُلُقية والإنسانية".

وأضاف، "تركز الرواية على الشخصية الرئيسية وتحولاتها من مُعارِض إلى متطرف فاسد، وتكشف عن نزعة التوحّش التي تسود المجتمعات والنماذج البشرية واستشراء النزعة المادية".

ما هي جائزة "بوكر"؟

ويحصل كل من المرشحين الستة في القائمة القصيرة على 10 آلاف دولار، في حين يحصل الفائز بالجائزة على 50 ألف دولار، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنكليزية.

وبهذا الفوز، تعتبر رواية "حرب الكلب الثانية" أفضل عمل روائي نُشر خلال الأشهر الـ 12 الماضية، وجرى اختيارها من بين 124 رواية مرشحة تمثل 14 بلداً عربياً.

والجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" هي جائزة سنوية أُنشئت في 2007 تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، وصار يُنظر إليها باعتبارها الجائزة الأدبية الرائدة في العالم العربي.

ترعى الجائزةَ "مؤسسةُ جائزة بوكر" بلندن، في حين تقوم دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي بدعمها مالياً، وفاز بها العام الماضي (2017) الكاتب السعودي محمد حسن علوان عن روايته "موت صغير".

وضمت لجنة التحكيم لعام 2018؛ الأكاديمي والناقد والشاعر والروائي والمسرحي الأردني إبراهيم السعافين رئيساً، مع عضوية كل من الأكاديمية والمترجمة والروائية والشاعرة الجزائرية إنعام بيوض، والكاتبة والمترجمة السلوفينية باربرا سكوبيتس، والروائي والقاص الفلسطيني محمود شقير، والكاتب والروائي السوداني جمال محجوب.

إبراهيم نصر الله.. الملهاة والشرفات.. وأخيراً "بوكر"

وإبراهيم نصر الله من مواليد عمّان 1954 من أبوين فلسطينيَّين هاجرا من أرضهما في العام 1948، عاش طفولته وشبابه بمخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في عمّان بالأردن.

بدأ حياته العملية مُعلماً في السعودية، ثم عاد إلى عمّان وعمل بالصحافة، وتفرغ للكتابة في العام 2006.

تُرجمت 4 من رواياته وديوان شعر إلى اللغة الإنكليزية؛ منها "زمن الخيول البيضاء" التي رُشحت لجائزة "بوكر" في العام 2009، و"قناديل ملك الجليل" المرشحة في العام 2013. واشتهر بشكل خاص بسبب سلسلة رواياته الملحمية "الملهاة الفلسطينية" التي ترسم صورة للمجتمع الفلسطيني قبل 1948 وبعده.

ويجانب "الملهاة"، كتب نصر الله "الشرفات" التي تنتمي إليها الرواية الفائزة بالـ "بوكر"، وهي سلسلة واقعية اعتبرها المؤلف "الوجه الآخر لمشروع الملهاة"، لكنه يهتم بالحالة العربية ومشكلاتها وليس القضية الفلسطينية فقط، وبطريقة سريالية-فانتازية تختلف عن النمط "الكوميدي-المأساوي" الذي ميّز الملهاة.

حرب الكلب الثانية.. قصة راشد الفائزة في 2018

في حوار موقع الجائزة معه قبل إعلان فوز روايته، قال نصر الله إن "ما يميّز روايته "حرب الكلب الثانية" عن بقية رواياته، أنها تتناول المستقبل، وتعطي الأمل بعدم التوقف عن التجريب والتجدد" رغم أن كثيراً من القراء اعتبروها سوداوية وتنتمي إلى فئة "الديستوبيا".

وتمتلئ الرواية بالسخرية من الحكام والشعوب على حد سواء، وبإسقاطات سياسية لا تخفى على القارئ مع توتر وإثارة، وتحكي عن زمن متقدم تسير فيه السيارات الآلية والخيال العلمي.

ما يخيفني فعلاً، قال الدكتور خليل، هو أن تتجاوز المسألة أفراداً بعينهم، أي ألا يكون لكل إنسان عدة أشباه، عشرة، أو مائة فقط، ما يخيفني فعلاً، أن تكون هذه الظاهرة هي البداية على طريق أن نغدو في النهاية على صورة شخص واحد، نضحك ونبكي ونغضب ونمشي تماماً مثله، وربما يكون هذا الشخص واحداً من المشاهير الذين نشاهدهم كثيراً، ربما يكون مغنياً، أو نجماً تلفزيونياً، أو لاعب كرة قدم شهيراً أو نجماً سينمائياً..! ربما يكون طاغية على قيد الحياة أو مُصْلحاً؛ تخيلوا أن نكون كلنا طغاة، أعني كلنا، أو كلنا مُصْلحين، أعني كلنا! يا للهول! قال ذلك وهو ينظر صوب مقدم البرنامج دون أن يضحك.
قاطعه المذيع دون أن يبتسم وقال: وربما يكون رئيساً، أو ملكاً، أو أميراً، أو إمبراطوراً، أو سمّه ما شئت..! أم أنك تستبعد هذا؟
ارتبك الضيف، فحوّل مقدم البرنامج سؤاله إلى ضيفه الثاني، أستاذ الأحياء التطوري:
هل يمكن أن تتطور المسألة، دكتور خالد، لما هو أبعد من هذا بعد أن سمعنا أن هناك، وأحب أن أدعوها (إشاعات)؛ لأنني لا أستطيع أن أتخيل حجم الكارثة لو أن ذلك قد حصل، وهذه الإشاعات تقول إن هناك حالات تشابه بدأت تظهر بين الناس وحيواناتهم الأليفة.

لا ننصحك بقراءة هذه الفقرة إذا كنت لا تريد حرق أحداث الرواية

يتم اعتقال "راشد" وتعذيبه، لكن بطل الرواية يظل صامداً لا يكسره شيء حتى ينال الحرية، لكنه يتعاون مع السلطة بعد خروجه، ويقوم باستنساخ زوجته التي يحبها؛ حتى لا يفقدها في أي مكان، فيحوّل سكرتيرته لهيئة زوجته، وتبدأ المأساة التي يفقد فيها الناس اختلافاتهم فيمتلأ المجتمع بالعنف والقسوة والقتل للتخلص من النسخ المكررة.

سابقاً – أي في زمننا الحالي – كان الناس يقتلون بعضهم؛ لأنهم مختلفون، الآن -في زمن حرب الكلب- أصبح الناس يقتلون بعضهم؛ لأنهم متشابهون، لا بد لأحد ما أن يخبرنا ما الذي يريده الإنسان!

وقال نصر الله لموقع الجائزة إن شخصية راشد، بطل الرواية، ليست مبنية على شخصية حقيقية محددة، "لكنها نموذج مكثف في بُعده الأقصى لما يمكن أن يصل إليه الإنسان في كل مكان، وأقول كل مكان؛ لأنني أعتقد أن هذه الرواية ليست عن إنسان عربي؛ بل عن الإنسان في كل مكان؛ الإنسان الذي يرهن كل مواهبه وطاقاته لتدمير الآخرين وامتلاك أرواحهم وأجسادهم والتحكم في مصائرهم. وقد كنت دائماً معنيّاً بعلاقة الإنسان بالسلطة، بمختلف وجوهها، سواء كانت سلطة عسكرية أو أمنية أو دينية أو اجتماعية، ومشروعي الروائي (الشرفات) معنيّ بصورة كبيرة بهذا الجانب".

الروايات الـ 5 التي لم تفز بـ "بوكر"

تنافست فى هذه الدورة بالقائمة القصيرة 5 روايات أخرى غير الرواية الفائزة، هي:

"زهور تأكلها النار" للكاتب السودانى أمير تاج السر، والتي تحكي عن ثورة دينية متطرفة أودت بـ "خميلة" – بطلة الرواية – ذات الأب الثري والأم الإيطالية إلى أن تغير اسمها وتصبح "سبيّة" لدى جماعة متطرفة.

والرواية الثانية هي "الحالة الحرجة للمدعو ك" للكاتب السعودى عزيز محمد، والتي تحكي عن شاب ساخط وحيد يصاب بالسرطان ثم يبدأ بالشكوى من كل شيء حوله، ويعاني مَن حوله، في نظام يدور حول الفرد، لكنه يعتمد على نظام التأمين الصحي والمستشفى والأقارب والأصدقاء لتجاوز مأساته بلا فائدة.

والثالثة هي "ساعة بغداد" للكاتبة العراقية شهد الراوي، والتي تحكي عن طفلة تعيش ببغداد في تسعينيات القرن الماضي، وتجد نفسها في ملجأ مع عائلتها؛ خوفاً من الغارات الجوية الأميركية.

والرواية الرابعة هي "الخائفون" للكاتبة السورية ديمة ونّوس، وتحكي عن سلمى التي تعاني تسلط الخوف والقلق على الإنسان السوري في حقبة ما بعد الثورة، وتلتقي سلمى مع نسيم في مصحة نفسية ويجمعهما الخوف من النظام والمستقبل، وتشعر سلمى بأن نسيم يكتب رواية تشبهها كثيراً، وقالت المؤلفة إن هذه الحيلة الفنية مبررة؛ لأن القصص والمصائر والمشاعر السورية متشابهة كثيراً أمام الخوف المشترك الذي عاشوه.

كانت مرشحة للفوز بالـ"بوكر العربية": "الخائفون" رواية تحاول ترويض الوحش وتكشف عن جمهورية الخوف في سوريا

 

أما الرواية الأخيرة، فهي "وارث الشواهد" للكاتب الفلسطيني وليد الشرفا والتي تحكي عن سجين فلسطيني وحيد يتذكر طفولته في أثناء حرب يونيو/حزيران 1967، ورحلة أبويه وجدّه في التهجير القسري من قريتهم "عين الحوض" التي حوّل الإسرائيليون اسمها إلى "عين الهود"، وبعد عودته من الدراسة بالخارج يشتبك مع رجال شرطة ويقتل أحدهم بالخطأ، لتبدأ رحلته في السجن.

تحميل المزيد