عدم تقديم المساعدة والاكتفاء بالفرجة.. جريمة! ما قصة “قانون السامري الصالح”؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/16 الساعة 07:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/16 الساعة 09:17 بتوقيت غرينتش

يحاكم المغرب 3 شبان في قضية فيديو محاولة اغتصاب فتاة قاصر؛ الأول بتهمة هتك عرض، والثاني بتهمة عدم تقديم المساعدة، والثالث عدم التبليغ عن الجريمة. فهل يستوي الجاني والشاهد دون تدخل في نظر القانون؟

القضية التي أثارت جدلاً في المغرب تحت عنوان "#واش ما عندكش ختك" أواخر مارس/آذار 2018، ألقت باللائمة على المعتدي وصاحبيه؛ الأول تفرج على الجريمة وصورها دون محاولة إنقاذ الفتاة، والثاني تلقى الفيديو على الواتساب ولم يبلغ السلطات بما جرى.

قد تبدو تهمة "عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر" غريبة، لكنها مادة من القانون المغربي تنتهي بمرتكبها بالسجن.

إذ تنص المادة 431 من القانون الجنائي المغربي على ما يلي: "من أمسك عمداً عن تقديم مساعدة لشخص في خطر، رغم أنه كان يستطيع أن يقدم تلك المساعدة إما بتدخله الشخصي وإما بطلب الإغاثة دون تعريض نفسه أو غيره لأي خطر، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من 200 درهم (20 دولار) إلى 1000 درهم (100 دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".

الواجب الأخلاقي نزعة لا يجب أن يمنعها الخوف

لا يطبق المغرب وحده هذا القانون، إنما يتخذ عنواناً آخر في عدة دول غربية، اسمه "قانون السامري الصالح" Law of the Good Samaritan، .

القانون معتمد في كل من أميركا وكندا وإيطاليا واليابان وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا والصين وغيرها. ومهمته تأمين الحماية للشخص المتطوع بتقديم المساعدة، إذا ما نتج عن إغاثته إصابة شخص آخر أو حتى قتل لا إرداي؛ وذلك لتقليل تردد الموجودين في تقديم المساعدة خوفاً عن العقوبات والغرامات.

ففي فرنسا، يُعتبر أي شخص لا يقدم المساعدة لشخص معرض للخطر، مسؤولاً أمام المحاكم المدنية والجنائية. عقوبة هذه الجريمة السجن والغرامة، وقد تصل إلى دفع تعويضات مالية للضحايا، وكذلك الأمر في ألمانيا.

لا ينطبق هذا القانون على العاملين في القطاع الطبي أثناء عملهم – على سبيل المثال -، إلا أنه يشملهم إذا ما تطوعوا لمساعدة شخص تطوعاً وخارج ساعات العمل.

والسامري الصالح مثال تاريخي على هذه النزعة

للقانون قصة تاريخية، سمي على اسمها. ويستخدم مصطلح "السامري الصالح" ككناية عن بطل القصة.

القصة موجودة في "إنجيل لوقا" 10:25-37، وتروي عن لسان المسيح قصة مساعدة مسافر، اسمه السامري، إلى مسافر يهودي، علماً أنهما على خلاف. 

تقول القصة:

كان هناك رجل يهودي مسافر من أورشليم إلى أريحا. الطريق كان حوالي 12 كم طولاً ويمتد من أقصى شمال أورشليم إلى أقصى جنوب أريحا. وكان هذا الطريق مكاناً للصوص وقاطعي الطرق ليختبئوا وينتظروا المسافرين.

في ذلك اليوم هاجم اللصوص هذا الرجل، فأخذوا ملابسه وضربوه ضرباً مبرحاً وتركوه بين الحياة والموت. مر كاهنٌ مسافرٌ على نفس الطريق، ولكنه عندما رأى الرجل الجريح تركه ومضى. ثم مر رجل دين يهودي، تجنبه واتجه إلى الجانب الآخر من الطريق وتركه.

إلى أن مر رجل سامري كان مسافراً على نفس الطريق. عادةً السامري لا يساعد اليهودي بسبب التمييز العنصري الكبير الموجود بين الشعبين. كان اليهود يرون في أنفسهم نسلاً نقياً لإبراهيم، بينما السامريون سلالة مخلّطة نتجت عن تزاوج اليهود من المملكة الشمالية مع الشعوب الأخرى.

لكن هذا السامري داوى جراح الرجل وقام بتنظيفها وتعقيمها وربطها، ثم حمله ووضعه على حماره وأخذه إلى فندق وأسكنه في مكان مريح. وفي صباح اليوم التالي أخرج قطعتين من الفضة وأعطاهما لصاحب الفندق وقال له "اعتنِ به وإذا صرفت عليه أكثر فأضفها على حسابي وعندما أعود سأدفع لك".

ألهمت القصة العديد من الأعمال الفنية أدباً وشعراً ورسماً ونحتاً، حتى أصبحت مرادفة لمساعدة أي شخص غريب عابر. ثم تحولت إلى قانون يحمي الواجب الإخلاقي في مساعدة الغير، حتى لو انتهى الأمر بطريقة مأساوية.

علامات:
تحميل المزيد