يقولون إن تقاسم النفوذ في سوريا يشبه اتفاقية “يالطا”.. فماذا تعرف عنها؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/11 الساعة 12:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/11 الساعة 12:59 بتوقيت غرينتش
L-R: Winston Churchill, Franklin D. Roosevelt and Josef Stalin with their advisers at Yalta, in the Crimea, where the Allies decided the future of post-Second World War Europe. The agreement was instrumental to the partitioning of Germany and the inception of the United Nations.

"اللاعبون الكبار ألقوا بقواتهم في سوريا استعداداً لتقاسم مناطق النفوذ فيها على شاكلة اتفاقية يالطا التي رسمت خارطة بعد الحرب العالمية"، هكذا تقول بعض التحليلات السياسية التي تحاول مقارنة تقاسم مناطق النفوذ الأميركية والروسية واللاعبين الإقليميين بما جرى في ألمانيا وأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

يشير المصطلح إلى اجتماع تاريخي عقد في العام 1945، في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء. التقى الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين، والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني وينستن تشرشل في منتجع يالطا في البحر الأسود في شبه جزيرة القرم، لإعادة رسم خارطة أوروبا بالكامل وتقسيم مناطق النفوذ.

تقسمت ألمانيا بين السوفييت والأميركان والبريطانيين، وحتى الفرنسيين الذين كانوا يحتفلون برحيل الاحتلال النازي كان لهم نصيب في الكعكة الألمانية.

لكن ما نتج من يالطا فعلاً هو أوروبا المنقسمة، حيث فرض الاتحاد السوفييتي أنظمة شيوعية قمعية عبر دائرة نفوذه – أوروبا الشرقية والجمهوريات السوفيتية – لمدة نصف قرن تقريباً، وظلت ألمانيا وعاصمتها برلين مقسمة حتى انهيار جدار برلين في العام 1991.

ما قبل يالطا.. تفكك المحور وخلافات الحلفاء

مع اجتياح النازيين الألمان للأراضي الروسية في 22 يونيو/حزيران 1941،صار الاتحاد السوفيتي طرفاً في الحرب العالمية إلى جانب دول الحلفاء.

وبعد هجوم الأسطول الياباني في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه على الأسطول الأميركي في بيرل هاربر بجزيرة أواهو بالمحيط الهادي انضمت الولايات المتحدة أيضاً إلى الحلفاء وصارت كفتهم راجحة.

تراجعت انتصارات دول المحور منذ العام 1942، وتوقف الزحف النازي شرقاً في الأراضي السوفيتية إثر معركة ستالينغراد في ديسمبر/كانون الأول 1942، وبعد معركة "العلمين" وقف زحف الألمان بقيادة إروين رومل نحو مصر في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1942، وبعد تدمير الأسطول الياباني في بحر المرجان في صيف العام 1942 أوقف الزحف الياباني نحو الهند.

استسلمت إيطاليا في سبتمبر/أيلول 1943، ونزل الحلفاء بنجاح في منطقة النورماندي شمال غرب فرنسا المحتلة من قبل النازيين بتاريخ 6 حزيران/يونيو 1944، وفي منطقة البروفانس جنوب شرق فرنسا، وانتهى بذلك معسكر دول المحور

في الجبهة الأخرى لم تكن دول الحلفاء على وفاق أيضاً، ووجدت الكثير من الخلافات خاصة بين الاتحاد السوفيتي والدول الغربية، وانعقد بسبب ذلك مؤتمر يالطا بعد انتصار الحلفاء لتسوية قضايا الحرب وتبعاتها.

الحرب ثم تقسيم أرض الخاسرين.. لماذا عُقد مؤتمر يالطا؟

على سواحل البحر الأسود في يالطا السوفيتية، وقّعت في فبراير/شباط 1945 الإتفاقية بين ستالين وتشرشل وروزفلت، قادة الاتحاد السوفيتي وبريطانيا والولايات المتحدة على الترتيب.

وفي المدينة التي سميت باسمها الاتفاقية، اختلف الرؤساء على كيفية تقسيم ألمانيا ومدينة برلين بينهم فقط أو إضافة فرنسا معهم، لكنهم اتفقوا على محاكمة النازيين كمجرمي حرب بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية.

اتفق الحلفاء على تقسيم ألمانيا، وتحديد الخسائر والأضرار الناجمة عن الحرب لمطالبة دول المحور بدفع تكاليفها، وحسمت قضية الحدود البولندية، ولاحقاً صار لفرنسا الحق في مقاسمة الحلفاء الأراضي الألمانية المحتلة، وتعهد الاتحاد السوفيتي بإعلان الحرب على اليابان على أن يسترد الأراضي التي خسرتها روسيا قبل 40 سنة لصالح اليابان.

ما بعد يالطا، تزايد النفوذ السوفيتي والانقسام الأوروبي

كان يالطا هو المؤتمر الثاني من بين ثلاثة مؤتمرات رئيسية في زمن الحرب بين الثلاثة الكبار في الحرب. وقد سبقه مؤتمر طهران في نوفمبر/تشرين الثاني 1943، وتبعه مؤتمر بوتسدام في يوليو/تموز 1945. كما سبقه مؤتمر في موسكو في أكتوبر/تشرين الأول 1944 الذي لم يحضره الرئيس روزفلت، لكن قام تشرشل وستالين بتقسيم أوروبا بين مناطق النفوذ الغربي والسوفيتي.

اعتبر المؤتمر خطة لإعطاء تقرير المصير للشعوب المحررة في أوروبا ما بعد النازية، وإعادة تأسيس دول أوروبا التي مزقتها الحرب، لكن بعد انتهاء المؤتمر ومع الحرب الباردة بين القطبين الأمريكي والسوفيتي كانت قارة أوروبا تعاني من التقسيم والتفكك.

لم يفِ ستالين بوعوده، ودعم الاتحاد السوفيتي إنشاء نظام شيوعي في بولندا، وشعر البولنديون بخيبة أمل من حلفائهم الغربيين في زمن الحرب وتحولت بولندا رسمياً إلى دولة شيوعية بحلول العام 1949.

بعد يالطا، عبر وزير الخارجية السوفيتي فياتشيسلاف مولوتوف عن قلقه من أن صياغة اتفاق يالطا قد تعوق خطط ستالين، وتوسع المد الشيوعي ليطال بلدان أوروبية، مثل جمهورية بولندا الشعبية والجمهورية الاشتراكية التشيكوسلوفاكية، وجمهوريات رومانيا وبلغاريا وألبانيا، وبالطبع ألمانيا الشرقية.

وفي نهاية المطاف، قدمت الولايات المتحدة التي كانت تفكر في إلقاء القنبلة الذرية على اليابان، والمملكة المتحدة تنازلات في الاعتراف بالمناطق التي كان يسيطر عليها الشيوعيون آنذاك، والتضحية بمضمون إعلان يالطا، حتى ولو بقي شكلياً.

عقد لاحقاً مؤتمر بوتسدام من يوليو/تموز إلى أغسطس/آب 1945، وشمل الرؤساء الأمريكيين والبريطانيين والسوفيت، ونتج عن المؤتر إعلان استسلام اليابان، وضم بولندا وشرق ألمانيا إلى الاتحاد السوفيتي،

علامات:
تحميل المزيد