لا بأس بجعل بيونسيه بيضاء ووضع ترمب تحت الحراسة، لكن لن نجازف بتمثال لمتحرش.. السياسة تدخل متحف الشمع

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/07 الساعة 11:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/07 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش

في هذا المتحف، الذي تحول لمعلم سياحي أساسي في نيويورك، لا يوجد مانع من لمس التماثيل والجلوس بجانبها أو حتى ضمّها. لأول مرة يمكن للزائرين أن يتصرفوا مع المشاهير كما يشاؤون والتقاط ما يحلو لهم من الصور، ولأول مرة أيضا تصبح السياسة جزء من الوجبة الفنية للمتحف الشهير.

لاينا ديفانس، الكاتبة في صحيفة New York Times الأميركية، كتبت مقالاً لها عن إحدى زياراتها الأخيرة إلى متحف مدام توسو Madame Tussauds للتماثيل الشمعية في نيويورك، وهو واحد من 24 فرعاً في أنحاء العالم.

القائمون على المتحف يتابعون عن كثب التطورات السياسية والفنية والعالمية، ويقدمون للزائرين لمحة مجسمة عن الأحداث التي تحيط بهم.

ويُعَد هذا التغيير الطفيف في التقديم والعرض الخلطة السرية التي تدعم نجاح متاحف توسو واستمرارها على مرِّ 300 عام، وفق ما قالت مدير التسويق الإقليمي كريستين هوغني.

ثمن التذكرة 37 دولاراً، ويمكن أن تنخفض إلى 29 دولاراً إذا تم شراؤها مُقدَّماً عبر الموقع.

 

 

نواكب الانتخابات والزيارات الرسمية

دخول المتحف يتم عبر  عدة مداخل تحمل طابع مدينة نيويورك، تؤدي جميعها إلى قاعة تجربة واقع افتراضي مستوحاة من فيلم Ghostbusters افتُتِحَت عام 2016.

يتكون المتحف من 5 طوابق، ويضم أكثر من 150 تمثالاً. أبرز الإضافات الحديثة فيه ليست شخصيات جديدة، بل دبابيس حملة Time's Up، رمز مواجهة التحرُّش الجنسي بلونيها الأبيض والأسود. ثُبتت على فساتين أبرز الفنانات، مثل الممثلتين الأميركيتين سوزان ساردندون وآن هاثاواي. وكأنَّ الدبابيس تتحدث بالنيابة عن أصحاب التماثيل الشمعية.

حين قرر ترامب التراجع عن زيارة السفارة الأميركية في لندن، نُصِب تمثاله خارج السفارة بدلاً منه.  وعن الشعر الموجود على الرأس، فهو مزيجٌ من الشعر البشري وشعر القطاس. أمَّا  حاجباه، فمصنوعان من شعر سنجاب.

وحين سافر البابا فرنسيس إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى، عَرَض المتحف تمثاله الشمعي في شوارع نيويورك في سيارةٍ بيضاء مكشوفة.

أما عند اتهام مات لاور -المذيع السابق لبرنامج Today الذي يُذاع على قناة NBC- بالتحرُّش الجنسي، أُزيل تمثاله الشمعي بهدوء.

وقالت مدير التسويق الإقليمي كريستين هوغني عن تمثال لاور: "طبيعة الأخبار المنشورة عنه دفعتنا إلى إخراجه من ساحة العرض، لكنَّه ما زال أحد التماثيل الموجودة لدينا هنا بالطبع".

بينما قالت مديرة التسويق بمتحف مدام توسو هوليوود هيلين لاريمور: "لحسن الحظ، لم نضطر إلى إزالة أي تمثالٍ من تماثيلنا في فرع المتحف بهوليوود بسبب الفضائح". وما زالت تماثيل ممثلين تحوم حولهم شبهة التهمة معروضة، مثل: داستن هوفمان والمخرج كوينتن تارانتينو والمغني الراحل مايكل جاكسون والممثل مارلون براندو.

ونسجل أحداث التاريخ بالشمع والحبر الأحمر

مؤسسة المتحف هي ماري توسو، التي ولدت باسم آنا ماريا غروسهولتز، وكانت إحدى الناجيات من الثورة الفرنسية. عاشت تحت رعاية فيليب كورتيوس، الطبيب السويسري وهاوي التماثيل الشمعية.

أقامت ماري سلسلة عروض متنقلة للتماثيل الشمعية التي صنعتها في أنحاء إنكلترا بين عامي 1802 و1835، وأقامت بعد ذلك معرضاً دائماً في لندن. (بدعم من بنجامين فرانكلين والفيلسوف الفرنسي فولتير).

ازدهر المتحف في لندن طوال القرن 20، ويضم مجموعةً متغيرة من التماثيل الشمعية بين الحين والآخر، من بينها تماثيل بعض أفراد العائلة المالكة، بالإضافة إلى غرفة رعب واسعة حيث يُعرَض تمثالا أدولف هتلر وزعيم الدعاية السياسية في عهده جوزيف غوبلز.

وصُبِغ التمثال الشمعي لهتلر -الذي يقع على بعد مسافةٍ قصيرة من تمثال المهاتما غاندي- بالطلاء الأحمر في عام 1933 على يد ثلاثة رجال وامرأة، وعلَّقوا كذلك لافتةً على التمثال مكتوبٌ عليها "هتلر السفاح".

وفي العام 2008، قُطِع رأس تمثال هتلر في فرع متحف مدام توسو الذي كان مُفتتحاً لتوه آنذاك في العاصمة الألمانية برلين على يد الزائر الثاني الذي دخل المتحف.

ونسحب التماثيل ذات الإشارات العنصرية

يؤثر الجدل حول السياسة والهوية في متحف توسو بانتظام. فمع أنَّ بزوغ عصر الشبكات الاجتماعية أثبت أنَّه مُفيد لسلسلة المتاحف، سبَّب بعض المشكلات كذلك.

في 2017، سُحِب تمثالٌ شمعي للمغنية الأميركية بيونسيه من ساحة العرض بالمتحف مؤقتاً، بعد احتجاجاتٍ غاضبة مفادها أنَّ التمثال تعرض للتبييض حرفياً ومجازياً.

وبعد كشف النقاب عن التمثال لمغنية الراب الأميركية نيكي ميناج في مدينة لاس فيغاس الأميركية، بدأ الزوار فوراً اتخاذ أوضاع معينة لالتقاط صور فاضحة مع التمثال. كانت ترتدي ملابس كاشفة، ما دفع إدارة المتحف إلى إصدار بيان أكَّدت فيها أنَّها سوف تتخذ إجراءاتٍ أمنية أكثر وتُعيد تصميم التمثال.

وبينما يُغلق المتحف يوماً واحداً فقط كل عام لحضور حفل الأوسكار، يحدد القيمون عليه عدد الزوار يومياً بالمئات.  

ونضع ترمب نفسه تحت الحراسة

أستاذة الأدب المُقارن واللغة الفرنسية في جامعة كاليفورنيا، ميشيل بلوم، ومؤلفة كتاب عن التماثيل الشمعية قالت إن "التماثيل الشمعية تبدو حيةً وميتةً في الوقت نفسه. فالتمثال الشمعي يمكن اعتباره شخصاً حياً بينما هو يُشبه الجثث إلى حدٍ بعيد. أعتقد أننا ننجذب إلى كليهما".

 

لكن السياسة لن تغيب كلياً، إذ ينتهج المتحف تقليداً متمثلاً في صناعة تمثالٍ شمعي للرئيس الأميركي الموجود في المنصب. وجديرٌ بالذكر أنَّ التمثال الشمعي لدونالد ترمب -الذي اتُّهِم شخصياً بالاعتداء الجنسي من عدة نساء- محميٌ خلف حبلٍ أحمر ويحرسه موظف. لا يُسمَح للزوار بالتصوير معه إلا  بإشراف الموظف. فالبعض تراوده أفكار غريبة أحياناً في المتحف.  

وفي ختام الزيارة يتضح أنَّ زوار متحف توسو هم المتحكمين فعلياً في صياغة تجربته؛ وهو المكان الوحيد الذي يمتلك فيه الجمهور كلمةً عُليا تلقائية على الأثرياء والمشاهير، سواءٌ كانت مناسبةً أم لا. 

علامات:
تحميل المزيد