من ذاكرة التاريخ والسينما.. تعرَّف على حكايا “بيرل هاربر”

وأصبح الرئيس الأميركي باراك أوباما هو أول رئيس أميركي يزور مدينة هيروشيما، في لفتة تشير إلى أهمية التعلم من الماضي ونبذ الحروب وويلاتها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/29 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/29 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش

حلَّت علينا منذ أيام، وتحديداً في 27 ديسمبر/ كانون الأول، ذكرى الحادثة التي غيرت وجه العالم حتى يومنا هذا: الضربة العسكرية التي نفذتها قوات الإمبراطورية اليابانية على ميناء اللآلئ في جزر هاواي والمعروف باسم هجوم بيرل هاربور.

غيرت هذه الحادثة وجه العالم لأنها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، واعتبرتها الولايات المتحدة إعلان حرب عليها، ومن ثم أعلنت بعدها الولايات المتحدة دخولها في الحرب، التي انتهت بانتصارها وحلفائها وهزيمة اليابان وألمانيا ودول المحور.

منذ حوالي 6 أشهر، قام الرئيس باراك أوباما بزيارة مدينة هيروشيما، موقع سقوط أول قنبلة ذرية تم إلقاؤها على اليابان، والتي تبعها إلقاء قنبلة ثانية على مدينة ناغازاكي، التي ركعت الإمبراطورية اليابانية لتعلن استسلامها غير المشروط للولايات المتحدة وحلفائها، معلنةً انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وأصبح الرئيس الأميركي باراك أوباما هو أول رئيس أميركي يزور مدينة هيروشيما، في لفتة تشير إلى أهمية التعلم من الماضي ونبذ الحروب وويلاتها.

الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في المتنزه التذكاري لضحايا هيروشيما في مايو ٢٠١٦

وفي بادرة من قِبل اليابان للرد على زيارة الرئيس الأميركي، قام رئيس وزراء اليابان شينزو آبي بزيارة بيرل هاربور يوم 27 ديسمبر/ كانون الأول 2016، ما اعتبرته طوكيو عملاً تاريخياً غير مسبوق.

على الرغم من هذا، فهذه ليست المرة الأولى – كما يشاع – التي يقوم فيها رئيس وزراء اليابان بزيارة بيرل هاربور. فقد قام ثلاثة قادة يابانيين بزيارة بيرل هاربور في أوقات سابقة، وبالتحديد في أعوام ١٩٥١، ١٩٥٦، و١٩٥٧.

قام قادة يابانيون من قبل بزيارة بيرل هاربور في فترات زمنية مختلفة

لمَ يحصد هجوم بيرل هاربور كل هذه الأهمية عند الأميركيين؟


نظراً لطبيعة للولايات المتحدة الأميركية الجغرافية، من ناحية كونها تبعد محيطاً كاملاً عن أوروبا وإفريقيا من جهة، ومحيطاً آخر عن جيرانها الآسيويين، تتمتع الولايات المتحدة بميزة نوعية منحتها الحماية الطبيعية من الهجمات المفاجئة والغزوات المباغتة بسبب هذا البعد الهائل للمسافات.

فقد رجَّح البعض أنه بسبب هذه الحماية الطبيعية كان تأثير هجوم بيرل هاربور هائلاً على نفسية المواطن الأميركي، حيث زعموا أنه زعزع إلى حد كبير هذا الشعور بالأمان الزائف الناتج عن الموقع الطبيعي للدولة الأميركية.

وقد ذهب البعض إلى أن هذا الهجوم كان بمثابة طعنة في قلب الجيش الأميركي أفقدته ما هو أهم من سفنه وأسطوله الذي كان راسياً في ميناء بيرل هاربور مطمئناً إلى بعده عن منال الطامعين، إذ كان فخر البحرية الأميركية، وضرب هذا الهجوم الإحساس بالتفوق المكاني لدى الأميركيين في مقتل، وكان إعلان الرئيس الأميركي روزفلت الدخول إلى الحرب في 29 ديسمبر من عام ١٩٤١، أي بعد يومين من وقوع الهجوم على بيرل هاربور، في بث شهير عبر الراديو سمي بخطاب الخزي "Infamy Speech" أو بخطاب بيرل هاربور.

من ناحية أخرى تشير بعض المزاعم أن الأميركيين أنفسهم هم من تركوا السفن في بيرل هاربور طعماً لليابانيين ليلتقطوه، وتكون هذه الهجمة ذريعةً لدخول أميركا إلى الحرب في أوروبا مدعومة بحشد شعبي للثأر من الهجمات.

فقد كان روزفلت في مأزق سياسي، بسبب وعوده الانتخابية بعدم التورط في الحرب الأوروبية، ولكنه كان أيضاً يراقب التوغل النازي وانتصاراته في أوروبا بقلق بالغ، مما دعا البعض إلى التشكيك في أن أميركا سهلت هجوم بيرل هاربور للحصول على القاعدة الشعبية والدعم المعنوي لدخول الحرب.

كان هجوم بيرل هاربور نقطة تحول في عقيدة الجيش الأميركي، الذي تحول من الغطرسة والغرور والإحساس المبالغ به بالأمان إلى تذوق مرارة الهزيمة ولو مؤقتاً وفي عقر داره، وعلى أرضه.

أدى هذا التحول إلى انقلاب موازين القوى ودخول الولايات المتحدة بثقلها في الحرب العالمية الثانية، التي انتهت بانتصارها وحلفائها على دول المحور.

السفينة الأميركية USS Arizona تحترق من جراء الهجوم الياباني على بيرل هاربور

هجوم بيرل هاربور في ذاكرة السينما


كعادة الأميركيين في تخليد كل الأحداث الهامة في أعمال فنية سينمائية وتلفزيونية، حظي هجوم بيرل هاربر بنصيب كبير في هذه الناحية، وهناك أعمال فنية عديدة تم إنتاجها على أوقات متفاوتة. نستعرض إليكم هنا بعض هذه الأعمال.

يقفز إلى أذهاننا على الفور الفيلم المسمى باسم الهجوم نفسه: "Pearl Harbor" الذي تم إنتاجه منذ فترة قصيرة نسبياً: في عام ٢٠٠١. هناك أيضاً فيلم "The Final Countdown" الذي تم إنتاجه في ثمانينات القرن الماضي، ويحكي في إطار من الخيال العلمي عن طائرة معاصرة سقطت في ثقب زمني لتظهر في اليوم السابق للهجوم. وكذلك تم إنتاج المسلسل المسمى "Winds of War" الذي يستعرض في تيمته الرئيسية الفترة الزمنية للهجوم والحرب العالمية الثانية بشكل عام.

وهناك فيلم "Run Silent Run Deep" الذي يحكي قصة قائد غواصة في هجوم هاربر عاد لينتقم من المدمرة التي أغرقت غواصته، تم إنتاج هذا الفيلم عام ١٩٥٨.

فيلم "In Harm's Way" مشابه بدرجة كبيرة لفيلم "Pearl Harbor" الحديث، حيث تدور أحداثه حول المجندين الذين ودعوا صديقاتهم قبل الذهاب إلى أَتُون الحرب المشتعلة بعد الهجوم على بيرل هاربور، وقد تم إنتاج هذا الفيلم عام ١٩٦٥.

"Tora! Tora! Tora!" يحكي القصة هذه المرة ولكن من وجهتي النظر الأميركية واليابانية وبشكل أكثر اتزاناً وإنصافاً. يتعرض الفيلم للأخطاء التي وقعت من الجانبين الأميركي والياباني، وقد تم إنتاج الفيلم في سبعينيات القرن الماضي.

"From Here to Eternity" هو أقرب الأفلام لوقت وقوع الهجوم، حيث تم إنتاجه عام ١٩٥٣. ويستعرض الفيلم حياة ثلاثة مجندين كان موقعهم في هاواي حيث وقع الهجوم. حاز الفيلم ثماني جوائز أوسكار من أصل ثلاثة عشر ترشيحاً.