ابن بطوطة الرحالة المغربي الشهير الذي جاب كل العالم وجمع رحلاته في كتاب سماه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، لا زال حتى يومنا هذا يعد مرجعاً تاريخياً مهماً لتلك الحبقة التاريخية، كما لا يزال أيضاً محط جدل حول مكان دفنه الحقيقي بالمغرب.
الباحثون المغاربة اختلفوا في المدينة التي تحتضن رفاة ابن بطوطة، حيث يوجد بمدينة طنجة ضريح مفتوح أمام السياح على أنه قبره، يزوره كل سنة الآلاف للوقوف على تاريخ رجل جاب العالم واكتشف ثقافاته المتعددة قبل قرون، فيما يقول المؤرخ الشهير عبد الهادي التازي إنه مدفون في مدينة غرب المغرب تدعىى تامسنا.
من هو ابن بطوطة؟
اسمه بالكامل هو أبو عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي، وعرف بابن بطوطة. ولد بمدينة طنجة شمال المغرب يوم 24 فبراير/شباط 1304، وهناك خلاف في تاريخ وفاته مابين 1368 أو 1369.
بدأ ابن بطوطة مغامراته سنة 1325، برحلة أداء مناسك الحج بمكة، لكنه لم يعد إلى المغرب إلا بعد 29 سنة من السفر المتواصل، جاب خلالها 44 بلداً في الشرق وآسيا مثل الهند وجزر المالديف والصين وروسيا.
المرحلة الثانية من رحلات ابن بطوطة قادته بداية إلى الأندلس ومنطقة الصحراء وأفريقيا الغربية، واستمرت من سنة 1346 إلى سنة 1349.
هل القبر في طنجة؟
لا تُذكر مدينة طنجة – أقصى شمال المغرب على مضيق جبل طارق – إلا وذُكر الرحالة الشهير ابن المدينة ابن بطوطة، حيث لا يختلف اثنان من ساكني المدينة حول كون ضريحه هو ذلك الذي يوجد في نهاية زقاق ضيق بالمدينة القديمة، والذي لا يعثر عليه السياح إلا بعد جهد جهيد، بالرغم من أن هنالك لافتة معلقة قرب الضريح باللغة العربية والفرنسية والإنكليزية.
"عربي بوست" سألت عينةً متنوعةً من سكان المدينة إن كانوا يعتقدون أن ابن بطوطة مدفون فعلاً بالمدينة. وكان الجواب بالإيجاب دون أي تردد أو تفكير حتى، معظمهم قال إن قبر الرحالة موجود فعلاً بالمدينة، رغم أن بعضهم لا يعرف أين يوجد هذا القبر بالضبط، وكثير منهم لم يسبق له أن زاره أو تعرف عليه.
شكوك من مؤرخ المملكة
في حوار مع قناة "الجزيرة" مع مؤرخ المملكة المغربية د. عبد الهادي التازي، سأله عن حقيقة وجود قبر الرحالة ابن بطوطة بطنجة من عدمه، فكان جواب المؤرخ أنه وبعد التحقيق والدراسة، تبين أن الرحالة دفن بـ "أنفا" التي هي الدار البيضاء حالياً، ودليله في ذلك أن الرحالة ابن بطوطة اشتغل في آخر أيامه قاضياً بمنطقة تامسنا غرب المغرب.
وأضاف التازي أن عالمين، وهما ابن الخطيب وابن حجر، أكدا للسلطان المغربي الحسن الأول، حينما حاول التأكد من مكان وجود قبر الرحالة، فَرَاسَلَ في ذلك مجموعة من علماء طنجة آنذاك، وقد أكدوا له بأنه لم يدفن بالمدينة.
ابن طنجة: جثمانه بيننا هنا
أما الأكاديمي المتخصص في التاريخ وابن مدينة طنجة، رشيد التفرسيتي، فله عدد من الإصدارات عن حقيقة الجدل حول موقع قبر الرحالة ابن بطوطة.
وقال التفرسيني جازماً، إن قبره هو الذي يوجد بالمدينة القديمة لطنجة، وأن تعليقات مؤرخ المملكة عبد الهادي التازي في الموضوع "مجرد آراء شخصية لمؤرخ يُحترم، لكن هي أراء تنقصها الدلائل العلمية".
ورغم تعدد الروايات حول مكان دفن ابن بطوطة، فإن الموضوع ما زال مفتوحاً على البحث العلمي والتاريخي، فيما يتشبث أبناء طنجة بنوم الرحالة الأبدي فوق أرض مدينتهم، كأنهم يحاولون أن يحتفظوا بجزء من تاريخ رجل عظيم لهم ولأبنائهم من الأجيال القادمة.