فُصِلَ الرجال الذين بقوا في منطقة الغوطة الشرقية التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية عن عائلاتهم، وقُسِّموا في مجموعاتٍ، وعلى ما يبدو جرى تخصيصهم للقتال لصالح الرئيس بشار الأسد، بحسب ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية.
ففي عطلة نهاية الأسبوع، نقلت حافلات النظام 2000 رجل وعائلاتهم من المدن الجنوبية بالغوطة، وهي منطقة في ضواحي دمشق، إلى محافظة إدلب بالقرب من الحدود التركية، وهي واحدة من المناطق المتبقية من مناطق سيطرة المعارضة. ومن المتوقع أن يتبعهم المزيد. والأسبوع الماضي نُقِل 7 آلاف شخص آخر إلى الشمال من مدينة حرستا، أولى المدن الكبيرة التي استسلمت.
وقال الأشخاص الذين بقوا لأقاربهم وأصدقائهم إنَّهم يُقسَّمون إلى مجموعاتٍ للرجال ومجموعات للنساء والأطفال. ونشر جنديان تابعان للنظام صورة على الإنترنت يقفان فيها أمام حجرة مليئة بالأطفال والنساء يرتعدون خوفاً.
وترى الصحيفة البريطانية أن التفسير الأكثر احتمالاً هو أنَّه يجري إعداد الرجال للالتحاق بالخدمة العسكرية من أجل تعزيز قوات النظام المستنزفة على الخطوط الأمامية.
قال أبو رعد، أحد المنفيين من الغوطة ويعيش الآن بألمانيا، بعدما تحدث إلى أقاربه، إنَّ "الرجال الذين استسلموا يمكثون في نقاط التوزيع العسكرية، ولا يُسمَح للشباب بالتحرك من المعسكرات حتى يحصلوا على كتاب الخدمة العسكرية".
لم تتمكَّن المعارضة، المنقسمة إلى 3 مجموعات متشاحنة في كثيرٍ من الأحيان، من الصمود أمام قوة نيران النظام، المدعوم بسلاح الجو الروسي والميليشيات التي درَّبتها قوات الحرس الثوري الإيرانية.
أسفرت حملة جوية مدمرة عن مقتل أكثر من 1600 مدني في الهجوم الأخير الذي استمر شهراً، ما شكَّل ضغطاً على المعارضة من أجل الاستسلام بدلاً من السماح باستمرار المعاناة.
قال محمد ربيع، وهو ناشط إعلامي من حرستا كان في قافلة الحافلات المتجهة لإدلب الأسبوع الماضي: "كي أكون أميناً، رحَّب الناس بقوات النظام". وقال إنَّه لم تخرج تقارير مؤكدة عن اعتقال أولئك الذين اختاروا البقاء، ولو أنَّه أضاف أنَّ القوات الحكومية قامت بأعمال نهب.
وقال إنَّ مصير أولئك الذين بقوا لا يزال غير واضح. وأضاف: "سمعنا من جنود النظام أنَّهم سيحتجزون الرجال الشباب لتجنيدهم بعد ذلك في الخدمة العسكرية".
وقال ربيع إنَّ المدنيين الذين بقوا في البلدات التي استسلمت كانت لديهم القدرة على التنقل بحرية، لكن لا يمكنهم المغادرة إلا إذا كان لديهم "كفيل" -أي قريب يكفله- أو أحدٌ ما في الجيش أو ميليشيا حزب الله اللبناني.
وقدَّرت الأمم المتحدة أنَّ أكثر من 350 ألف مدني كانوا في منطقة الغوطة الشرقية عند بدء الهجوم. وأكبر المدن، دوما، هي الوحيدة التي لا تزال تقاوم الاستسلام. وأُعلِن وقفٌ لإطلاق النار فيما يتفاوض النظام مع جيش الإسلام، المجموعة الإسلامية المدعومة سعودياً التي تسيطر على المدينة.
وسيضع عشرات الآلاف الآخرون الذين ربما يغادرون إلى إدلب حين تنتهي عملية الاستسلام مزيداً من الضغط على المرافق. فالمحافظة بالفعل تستضيف نحو مليون شخص من المشردين داخلياً، وأغلقت تركيا الحدود أمام مزيدٍ من اللاجئين.
تخضع المنطقة جزئياً لحكم هيئة تحرير الشام، وهي مجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة كانت تُعرَف من قبل بجبهة النصرة. ويوجد أيضاً حضور للجيش التركي كـ"مراقبين" على الخطوط الأمامية مع النظام، لكن ليس من الواضح ما إن كان ذلك سيكون كافياً لمنع هذه المنطقة من أن تصبح الهدف التالي الذي يتعرَّض للهجوم.