جيش قوامه 180 ألفاً من الأطفال والمراهقين الروس! بوتين يستحدث قوات من العهد السوفييتي.. ومعارضة كبيرة للخطوة

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/23 الساعة 13:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/23 الساعة 13:20 بتوقيت غرينتش

تشهد روسيا، هذه الأيام، استحداث القديم مرةً أخرى، أو بصفةٍ أكثر تحديداً، تشهد روسيا استدعاء ملامح العهد السوفييتي من جديد، بعد تصريحات فلاديمير بوتين الحادة قبل نجاحه في الانتخابات، التي وعد فيها بعودة بلاده كقوة عظمى.

ومن هذه الأمور التي عادت إلى موسكو، ما يعرف بـ"جيش الشباب"، ونشاط عسكري متاح للبنين والبنات على حد سواء، يستعيد ذكريات جمعية الرواد الشباب التي اشتهرت في أثناء الحقبة السوفييتية، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية الخميس 22 مارس/آذار 2018.

ويُذكِّر هذا الأمر الرواد الشباب، في الغالب، بمعسكراتهم الصيفية التي كانت تُقام بهدف غرس الشعور بالحماسة الشيوعية، لكنَّ جيش الشباب تخلى عن النواحي الشيوعية، ونشأ باعتباره أشبه بنسخةٍ مختلطة بين الكشافة وبرنامج تدريب ضباط الاحتياط، مع التركيز على الروح والخدمة الوطنية.

غير أنَّ العلامة المميزة حمراء اللون ظلت كما هي.

فإذا كان الرواد مميزين بارتداء الأوشحة الحمراء حول رقابهم، فإن أفراد جيش الشباب يرتدون قبعات حمراء تحمل دبوساً عليه شعار المنظمة: النجم الأحمر للجيش الروسي موضوع على رأس نسر.

ويضم جيش الشباب، الذي تشكل في مايو/أيار عام 2016، 190 ألف طفل، تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاماً، وينتشر في جميع مناطق روسيا الـ85.

الملتقى الوطني الأول

وبمناسبة "يوم المُدافع عن أرض الآباء"، وهو عيد وطني مهم تحتفل به روسيا في شهر فبراير/شباط كل عام، نظمت وزارة الدفاع الملتقى الوطني الأول للجمعية، حيث جمعت نحو 8 آلاف عضو في حديقة باتريوت، الحديقة الترفيهية التابعة للجيش الروسي بمدينة كوبينكا، على بُعد قرابة 30 ميلاً إلى الغرب من موسكو.

وقد أظهر مركز المَعارض في الحديقة كل السحر والعظمة التاريخية لأحد مراكز التسوق والذي اصطفت على أرضه دبابات متقاعدة، وغيرها من المركبات العسكرية المطلية باللون الأخضر الُممَوَّه.

وبذل منظِّمو هذا الحدث -الذي يعد تجمعاً حماسياً قومياً، وسوقاً للأسلحة، وأولمبياداً للمبتدئين، ومعرضاً للعلوم- جهوداً متميزة لجعل جيش الشباب يبدو رائعاً، بحسب الصحيفة الأميركية.

أولاً، صرحوا بذلك بوضوح حين صرخت ليزا، وهي واحدة من النساء الشابات اللاتي يعملن في مجال الاحتفالات: "جيش الشباب رائع!".

ثانياً، بدأت الفعاليات صباحاً بفقرة لمنسقٍ موسيقيٍّ شغَّل نسخةً محدثة من الألحان الروسية الوطنية القديمة، مضيفاً بعض تقنيات موسيقى الهيب هوب وبعض لمساته الشخصية أيضاً.

تبعت فقرة المنسق الموسيقي مجموعة من فرق البوب ​​الغنائية، ارتدى أعضاؤها تنانير قصيرة ذهبية اللون، وشرعوا يعزفون الموسيقى الصاخبة في الساعة الحادية عشرة صباحاً، لكنَّ بعض أعضاء جيش الشباب أظهروا ضجرهم من اختيارات الموسيقى، ولمحوا إلى أنَّ الجيش يديره مجموعة من السمان، الذين اعتقدوا -على الأرجح- أنَّ الأطفال سيعجبهم هذا النوع من الموسيقى، بحسب الصحيفة الأميركية.

ثالثاً، أتاح الحدث جميع أنواع الأنشطة التي ربما لا يتمكن الشباب من ممارستها دونه؛ مثل التعامل مع البنادق، وتدريب الكلاب، واستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، وقيادة دبابة افتراضية.

كان سيرجي شويغو، وزير الدفاع الروسي، صريحاً بشكلٍ خاص حول الأهمية التي تعيرها الجمعية لخلق رابطة بين شباب روسيا وقواتها المسلحة. جاء هذا الحدث قبل أسبوع واحد من إلقاء بوتين خطابه العدواني، وتعهده بإعادة روسيا إلى مكانة القوة العظمى بصنع الأسلحة العابرة للقارات.

كان وزير الدفاع مستعداً لتقديم التشجيع في الملتقى الشبابي، وقال للشباب إنَّهم سواء خدموا في الجيش أو اهتموا بمجالات أخرى، مثل الفنون المسرحية على سبيل المثال، لا يزال الهدف الأساسي هو مساعدة روسيا على الازدهار. ويبدو أنَّ جميع المشاركين فهموا جوهر الموضوع من أنفسهم.

وقال أرتر كوزمين، الذي كان يدير الطابعة ثلاثية الأبعاد، إنَّ "الفكرة هي تحفيز الطلاب على صنع شيءٍ جديد وتطبيق أفكارهم لمستقبلهم ومستقبل بلدنا"، بحسب الصحيفة الأميركية.

كان يساعد فتاةً وصبيَّين في بناء روبوت بلاستيكي صغير أبيض بذراعٍ حمراء يؤدي تحيةً عسكرية.

انتقادات للمنظمة

وبحسب "نيويورك تايمز"، وُجِّهت بعض الانتقادات للمنظمة بأنَّها تهدف إلى تحويل طليعة الجيل القادم إلى روبوتات مبرمجة خاضعة للجيش الروسي ومعادية للقيم الغربية الليبرالية، وعرض أحد مقاطع الفيديو على يوتيوب صوراً لاحتفال لجيش الشباب وهم يحييون الرئيس بوتين، جنباً إلى جنب مع مقطع فيديو لمسيرة لشباب هتلر تعود إلى عام 1943.

لكنَّ ديمتري ترنينكوف، زعيم المنظمة، رفض الفكرة القائلة بأنَّها عسكرية بشكل مفرط، وقال متسابق كرة السلة الأولمبي السابق، الذي منعه الروس من ممارسة الرياضة 4 سنوات؛ بسبب تعاطيه المنشطات: "هؤلاء شباب جادون ذوو مظهر جيد ببريقٍ في أعينهم"، بحسب الصحيفة الأميركية.

وتابع قائلاً: "إنَّ حركتنا غير سياسية على الإطلاق. أهم شيء بالنسبة لنا هو أن تكون بلادنا قوية وعظيمة، وهذا بالتحديد هو ما نسعى إليه".

وكانت الفعاليات الأزحم هي المسابقات الرياضية، ونطاق الرماية الإلكتروني، ومحاكاة قيادة الدبابات.

ويَعتبر بعض الأعضاء جيش الشباب هو مسارهم الانحداري تجاه الانضمام إلى الجيش النظامي. قال مراهقان من مدينة ريازان في جنوب شرقي موسكو، إنَّهما يعتقدان أنَّ أنشطةً مثل خوض رحلة تمتد إلى 12 ميلاً عبر تضاريس مليئة بالعقبات والأجهزة المتفجرة، ستعطيهما أفضلية عندما ينضمان إلى الجيش في النهاية، بحسب الصحيفة الأميركية.

لم يكونا قلقين من أن يخدما في النزاعات خارج روسيا، مثل القوات المبعوثة إلى أوكرانيا أو سوريا.

ظهرت لوحات تصوّر الحرب السورية، على طول أحد الجدران المكان.

وأشار ألكسي بولتينكوف، (17 عاماً)، إلى أنَّ الجنود النظاميين مُنحوا خيار توقيع وثيقة للانتشار في سوريا أم لا، وقال إنَّ "الأموال التي يتقاضاها الجنود هناك باهظة"، مع أنَّها بدت كأنَّها وصفة سريعة للتعرُّض للقتل.

وقال: "لن أوقّع مثل هذا العقد ما لم يكن بلدي معرضاً للخطر".

اعترف أعضاء آخرون بأنَّ مقاطع الفيديو العسكرية التي تُعرض على الشاشات، والهتافات المتكررة باسم "روسيا.. روسيا"، قد تقنع بعض الشباب سريعي التأثر، بأنَّ عليهم الخروج والقتال بغض النظر عن هوية الخصم، بحسب الصحيفة الأميركية.

وقال إلدار كورميلين (17 عاماً): "قد تكون الحكومة قادرة على استغلالهم بسهولة بالغة، وهذا ليس أمراً جيداً".

لا توجد أمامهم خيارات

وبحسب "نيويورك تايمز"، انضم كورميلين وأصدقاؤه إلى جيش الشباب؛ لعدم توافر الكثير من الخيارات الأخرى بحيهم في موسكو بخلاف ممارسة ألعاب الفيديو على حد قوله، وكان يأمل حمل بندقية في وقتٍ لاحق من ذلك اليوم، لأول مرة في حياته.

إذ قال: "لا توجد فرص كثيرة في روسيا لرؤية بندقية حقيقية".

وحضر نحو 10 محترفين؛ لتقديم المشورة المهنية، لكنَّ بعضهم بدا غريباً بعض الشيء -وهذا في حال كان صادقاً من الأساس- بالنسبة للشباب، مثل المراسل التلفزيوني الذي قال إنَّ الصحفيين، مثلهم مثل الأفراد العسكريين، غالباً ما ينتهي بهم الأمر مُطلَّقين بسبب بعدهم عن زوجاتهم وأزواجهم في كثيرٍ من الأحيان.

كان فاسيلي نيستيرينكو هو الرسَّام الذي عُرِضَت لوحاته التي تصوِّر الحرب السورية، وكان أكبرها لوحة تكريمية لأعمال شهيرة من أواخر القرن الـ19، رسمها إيليا ريبين، والتي نقلت رؤيته للحروب الشهيرة في الإمبراطورية الروسية.

واقتبس نيستيرينكو في نسخته التي تسمى "رسالة إلى أعداء روسيا"، العديد من الشخصيات في لوحة ريبين، لكنَّه حدَّث أزياءهم ووضعهم داخل ساحة معركة سورية.

وقال نيستيرينكو إنَّ جيش الشباب يعد كذلك تكريماً للماضي، وهو مزيج من الكومسومول، جناح الشباب في الحزب الشيوعي، وشباب الرواد، وتابع: "في أثناء العصور السوفييتية، كان يسمى الرواد والكومسومول، وهو الآن مختلف قليلاً، لكنَّه يحمل الفكرة نفسها".

علامات:
تحميل المزيد