وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، السفيرَ الأميركي لدى إسرائيل بأنه "ابن كلب"، بسبب تأييده للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما دفع البيت الأبيض للتنديد بقوة بتصريحات عباس، التي اعتبرها "إهانات في غير محلها" بحق السفير الأميركي في إسرائيل، مؤكداً أن على الرئيس الفلسطيني أن يختار بين "خطاب الكراهية" والسلام.
تصريحات عباس
وفي كلمة أمام قمة للقيادة الفلسطينية في مدينة رام الله، حمَّل عباس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية هجوم بقنبلة استهدف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله في غزة، يوم 13 مارس/آذار، في تصريحات تهدد جهود المصالحة مع الحركة.
فيديو| محمود عباس: سفير أمريكا في تل أبيب "ابن الكلب" pic.twitter.com/XQts1alaVX
— بركه (@BrkaQ8) March 19, 2018
واتَّهم الرئيس الفلسطيني السفير الأميركي ديفيد فريدمان بالدفاع عن المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، لقوله إن المستوطنين يبنون على "أرضهم". وأثارت هذه التصريحات انتقاداتٍ من فريدمان، ومن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال عباس في لهجة غاضبة: "ابن الكلب يقول إنهم يبنون في أرضهم، وهو مستوطن، وعائلته مستوطنة، وسفير أميركا في تل أبيب، ماذا ننتظر منهم".
فريدمان يرد
وفريدمان مؤيد قوي لحركة الاستيطان في إسرائيل، وكان من أوائل المؤيدين وأكثرهم تحمساً لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في السادس من ديسمبر/كانون الأول، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إلى هناك.
وردَّ فريدمان على إهانة عباس خلال كلمة في مؤتمر لمكافحة معاداة السامية في القدس، قائلاً "رده كان الإشارة لي بأنني ابن كلب. هل هذه معاداة سامية أم حوار سياسي؟ الحكم لا يرجع لي. أترك الأمر لكم".
وأصدر المبعوث الأميركي لدى الشرق الأوسط جيسون جرينبلات بياناً، وصف فيه تعليق عباس بأنه "غير ملائم تماماً". وقال إن على الرئيس الفلسطيني "أن يختار بين خطاب الكراهية وبين جهود ملموسة وعملية لتحسين حياة شعبه".
ولكن المسؤول الأميركي قال في بيانه، إنه "على الرغم من أن هذه الإهانات بحق أفراد في إدارة ترامب ليست في محلها بالمرة (…) فإننا ملتزمون تجاه الفلسطينيين، وفي سبيل إحداث تغييرات لا بد منها من أجل تعايش سلمي" بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأضاف "نحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على خطتنا للسلام، وسنعرضها حين تتهيأ الظروف الملائمة".
ولاقى إعلان ترامب بشأن القدس ترحيب الإسرائيليين، لكنه أغضب الفلسطينيين الذين ينظمون احتجاجات من حين لآخر منذ ذلك الحين.
وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها الأبدية والموحدة، لكن هذا لا يحظى باعتراف دولي. ولكن الفلسطينيين يريدون القدس الشرقية عاصمةً لدولتهم في المستقبل.
وقال نتنياهو إن قرارات ترامب بشأن القدس أوصلت عباس على ما يبدو إلى المرحلة التي جعلته يشن فيها هجوماً لفظياً على مسؤول أميركي.
وقال نتنياهو على تويتر "للمرة الأولى منذ عشرات السنين تتوقف الإدارة الأميركية عن تدليل الزعماء الفلسطينيين، وتقول لهم: كفى". وأضاف "صدمة الحقيقة جعلتهم يفقدون صوابهم على ما يبدو".
عباس يهاجم حماس
وقال عباس، إنه لم يتحقق أي تقدم في عملية المصالحة مع حركة حماس، مستشهداً بالجهود الأخيرة لتطبيق اتفاق تقاسم السلطة على المعابر المؤدية لغزة، والأمن داخل القطاع.
وتصاعدت حدة المواجهة بين حماس وحركة فتح، التي يتزعمها عباس، منذ نجا الحمد الله واللواء ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية، دون أن يلحق بهما أذى، عندما انفجرت عبوة ناسفة مزروعة على جانب طريق أثناء دخولهما قطاع غزة الذي تهيمن عليه حماس.
وقال عباس "أقدم التهاني بسلامة الأخوين الكبيرين الأخ رامي الحمد الله رئيس الوزراء، والأخ ماجد فرج مدير المخابرات على سلامتهما وسلامة جميع الإخوة من ضباط وجنود وأفراد، الذين تعرَّضوا إلى الحادث الآثم الحقير الذي قامت به حركة حماس ضدهم في قطاع غزة".
ولم يقدم عباس أيَّ دليل على مسؤولية حماس عن الهجوم، لكنه قال إنه لا يثق في أن حماس ستحقق في الواقعة بنزاهة.
وأضاف قائلاً "نحن لا نريد منهم تحقيقاً، ولا نريد منهم معلومات ولا نريد منهم أي شيء لأننا نعرف تماماً أنهم هم حركة حماس، التي وقفت وراء هذا الحادث".
وطالب عباس حماس بالتخلي عن السيطرة على غزة، وإلا فأنها ستخاطر بتحمل المسؤولية الكاملة عن القطاع وسكانه، وعددهم مليونا نسمة، من دون أي مساعدة من سلطته الفلسطينية المدعومة من الغرب.
وقال: "بصفتي رئيساً للشعب الفلسطيني تحمَّلت ما تحملت في سبيل إعادة الوحدة واللحمة إلى الوطن، ووُجهت بالرفض والإصرار من قبل حركة حماس وسلطتها غير الشرعية".
ووصفت حماس تصريحات عباس بأنها غير مسؤولة، وأنها "تحرق الجسور، وتعزز الانقسام". ونفت حماس في السابق مسؤوليتها عن الحادث.
وحاولت فتح وحماس لسنوات التوصل إلى تفاهم بشأن إدارة قطاع غزة، لكنهما فشلتا مراراً في تطبيق اتفاقات تمت بشكل أساسي بوساطة مصرية.