فاز فلاديمير بوتين بإعادة انتخابه رئيساً لروسيا بصورةٍ ساحقة أمس الأحد 18 مارس/آذار، وعَزَت موسكو الفضل في ذلك جزئياً إلى العاصفة الدبلوماسية مع بريطانيا التي نشأت على خلفية تسميم العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال.
فقال أندريه كوندراشوف، المتحدث باسم حملة بوتين، إنَّ "نسبة المشاركة أعلى مما كان متوقعاً بنسبة 8-10%، ولابد أن نشكر بريطانيا العظمى على ذلك"، هذا في حين تشير النتائج الأولية إلى فوز بوتين بنسبة 75.6% من الأصوات في انتخابات الرئاسة التي جرت أمس الأحد، بحسب صحيفة The Financial Times البريطانية.
وأضاف كودراشوف في حفل انتصار لحملة بوتين: "تعرَّضنا للضغوط في اللحظة عينها التي كنا بحاجةٍ فيها لحشد المصوتين. كلما اتُّهِمَت روسيا بشيءٍ عشوائياً ودون أي دليل، اتحد الشعب الروسي حول مركز السلطة. ومركز السلطة اليوم هو بالتأكيد بوتين".
موسكو تطالب بأدلة
وفي أحدث تطور في الأزمة بين لندن وموسكو، دعا الكرملين، الإثنين 19 مارس/آذار 2018، بريطانيا إلى تقديم "أدلة" تثبت اتهاماتها لموسكو بالمسؤولية عن تسميم العميل الروسي المزدوج في 4 آذار/مارس في إنكلترا أو "الاعتذار".
وقال الناطق باسم الكرملين للصحافيين ديمتري بيسكوف "عاجلاً أم آجلاً يجب الرد على هذه الاتهامات التي لا أساس لها: إما عبر دعمها بالأدلة المناسبة أو الاعتذار".
وكان بيسكوف يرد على سؤال حول ما إذا كان تصاعد التوتر مع الغرب عزز شعبية بوتين خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في روسيا الأحد.
ووصف بيسكوف الاتهامات البريطانية بأنها "تشهير ضد روسيا، ولا يمكن فهمها على الإطلاق كما أن دوافعها غير أكيدة".
ودخلت المواجهة بين روسيا والغربيين مرحلة جديدة في مطلع آذار/مارس مع تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته بغاز الأعصاب في إنكلترا.
واتهمت لندن روسيا بأنها مسؤولة عن التسميم وفرضت عليها عقوبات بينها طرد 23 دبلوماسياً روسياً من أراضيها. وموسكو التي أفادت ببراءتها ردت عبر طرد دبلوماسيين بريطانيين وإغلاق المجلس الثقافي البريطاني في روسيا.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الإثنين أن نفي روسيا المتكرر لتورطها في تسميم العميل الروسي السابق في بريطانيا بواسطة غاز الأعصاب "يزداد عبثية".
بوتين يعزز هيمنته
وبهذا الفوز سيمدد فوز بوتين هيمنته السياسية على روسيا إلى نحو ربع قرن حتى عام 2024 وحينها سيكون في الحادية والسبعين من العمر ليصبح ثاني أطول زعماء الكرملين بقاء في الحكم بعد الدكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين، بحسب وكالة رويترز.
وتعهد بوتين بأن يعمل خلال فترته الرئاسية الجديدة على تعزيز دفاعات روسيا في مواجهة الغرب ورفع مستوى المعيشة.
وفي نتيجة متوقعة على نطاق واسع أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات بعد فرز كل الأصوات تقريباً فوز بوتين، الذي يحكم روسيا كرئيس أو كرئيس وزراء منذ عام 1999، بنسبة 76.66 في المئة.
وفي خطاب النصر الذي ألقاه قرب الميدان الأحمر الليلة الماضية قال بوتين لحشد متهلل إنه يعتبر الفوز تصويتاً بالثقة على ما حققه من إنجازات في ظروف صعبة.
وقال بوتين "من المهم جداً أن نحافظ على هذه الوحدة. سنفكر في مستقبل وطننا العظيم" وبعدها رددت الجماهير خلفه هتاف "روسيا!". وأبلغ اجتماعاً لأنصاره بعد ذلك أنه يتوقع أوقاتاً صعبة لكن روسيا لديها فرصة لتحقيق "انفراجة".
وبتأييد من تلفزيون الدولة والحزب الحاكم واستطلاعات الرأي التي منحته شعبية بلغت 80 في المئة تقريباً لم يواجه بوتين تهديداً يذكر من منافسيه السبعة في الانتخابات.
وحصل أقرب منافسيه مرشح الحزب الشيوعي بافل جرودينين على 11.8 في المئة من الأصوات وفقاً للنتائج شبه النهائية بينما حصل المرشح القومي فلاديمير جيرينوفسكي على 5.6 في المئة. ومنع أشد معارضيه أليكسي نافالني الذي يقود حملة لمناهضة الفساد من خوض الانتخابات.
ويقول معارضون إن مسؤولين أجبروا الناس على الذهاب لمراكز الاقتراع لضمان ألا يؤدي عدم وجود منافسة حقيقية إلى انخفاض نسبة الإقبال على التصويت.
وتشير البيانات شبه النهائية إلى أن نسبة الإقبال بلغت 67.47 في المئة وهو ما يقل قليلاً عن نسبة 70 في المئة التي قال الإعلام الروسي إن مؤسسة الرئاسة تتطلع إليها.
وقالت اللجنة المركزية للانتخابات صباح الإثنين إنها لم تسجل أي شكاوى خطيرة بشأن وقوع انتهاكات وأضافت أن هذه الانتخابات شهدت تقريباً نصف عدد المخالفات التي وردت في الانتخابات الأخيرة في عام 2012.
وليس من الواضح إلى متى سيبقى بوتين في الحكم، إلا أن الدستور لا يسمح ببقاء الرئيس سوى لفترتين متتاليتين الأمر الذي سيلزم بوتين بترك المنصب في نهاية ولايته الجديدة كما فعل عام 2008 بعد أن قضى فترتين مدة كل منهما أربع سنوات. وتم تمديد الفترة الرئاسية إلى ست سنوات اعتباراً من 2012.
وبعد إعلان فوزه الليلة الماضية ضحك الرئيس الروسي من سؤال عما إذا كان سيترشح لفترة رئاسية أخرى بعد عام 2024.
ورد بوتين على الصحفي الذي سأله هذا السؤال قائلاً "دعنا نحسبها. هل تعتقد أنني سأظل (في السلطة) حتى أبلغ من العمر مئة عام؟" ووصف السؤال بأنه "مضحك".