قال خبيرأسلحة كيماوية إن غاز الأعصاب "نوفيتشوك" طُوِّرَ وأُنتِجَ في مدينة شيخاني الروسية، وهي موطن لمؤسسةٍ بحثيةٍ وسط روسيا.
يضيف هاميش دي بريتون-غوردون أنَّ المعلومات وردت في تقريرٍ قدمته روسيا منذ أعوامٍ عدة إلى الهيئة الدولية التي تراقب الأسلحة الكيماوية، وهي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية.
وطلبت حكومة المملكة المتحدة من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التحقيق في استخدام غاز "نوفيتشوك" في اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في سالسبوري.
مواجهة دولية وصراع دبلوماسي
وقالت تيريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية، في بيانٍ أصدره مجلس العموم الأربعاء 14 مارس/آذار 2018: "نحن نعمل مع الشرطة لتمكين منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من التحقق من تحليلنا بشكلٍ مستقل".
يُتوقع وصول منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية إلى المملكة المتحدة قريباً. ومن ثم،ستتحمل المنظمة عبء زيارة روسيا؛ للتحقق من عدم وجود مخزون من غاز "نوفيتشوك"؛ ومن ثم الإشراف على تدميره إن وجدت منه أي كميات. وإذا أصرت روسيا على عدم امتلاكها مخزوناً من هذا الغاز، فقد يؤدي الأمر إلى مواجهةٍ دولية وصراعٍ دبلوماسي داخل الأمم المتحدة.
وقال بريتون-غوردون: "يجب أن تذهب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى سالسبوري في أقرب وقت ممكن؛ لإجراء تحقيق مستقل، ثم الذهاب إلى روسيا لزيارة الموقع. إذا لم يكن لدى (روسيا) ما تُخفيه، فلماذا إذن تستخدم حق الفيتو؟ قد يكون ذلك بمثابة اعتراف بالذنب. أعتقد أنَّ هذا هو أول خطأ كبير لبوتين منذ وقتٍ طويل".
تُعد شيخاني -وفق The Guardian- النسخة الروسية من مدينة بورتون داون بالمملكة المتحدة، التي تعد موطناً للعديد من مرافق الأبحاث العسكرية المتخصصة في الأسلحة الكيمياوية والإشعاعية وغيرها.
بريتون-غوردون، هو القائد السابق لفرقة الأسلحة النووية والإشعاعية والبيولوجية والكيمياوية البريطانية المُنحلة، وقاد كذلك الفرق المماثلة في حلف الناتو. أضاف بريتون-غوردون أنَّ شيخاني كانت الموقع الوحيد لصناعة غاز "نوفيتشوك" وإنتاجه، رافضاً أي اقتراح بإمكانية وجود تلك المادة الكيماوية في أي دولة أخرى من دول الاتحاد السوفييتي السابق، مثل أوزبكستان وأوكرانيا. وقال: "ليس لديهم أي مكان آخر".
لقيَ تأكيد بريتون-غوردون بخصوص شيخاني دعماً من فيل ميرزايانوف، الخبير الروسي السابق في الأسلحة الكيماوية، الذي عمل على برنامج "نوفيتشوك" قبل أن ينشق ويهرب إلى الولايات المتحدة. ذكر ميرزايانوف، في كتابه State Secrets: An Insider's Chronicle of the Russian Chemical Weapons Programme، أنَّ غاز "نوفيتشوك" طُوِّرَ بين عامي 1971 و1973 على يد بيتر كيربيتشف، العالم الكبير في شيخاني.
وحسبما ذكر ميرزايانوف، كانت هناك العديد من المختبرات، حيث كانت تُصنّع غازات الأعصاب، مثل "الريسين".
أُنشِئَت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، المكونة من 192 عضواً، للإشراف على تنفيذ اتفاقية تحظر استخدام الأسلحة الكيماوية. وقَّعت كلٌ من روسيا والمملكة المتحدة على الاتفاقية. وإذا اعترضت روسيا تحقيقات المنظمة، فإنَّه يمكن نظرياً للمنظمة إحالة القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيثُ تمتلك روسيا حق الفيتو. ولديها أيضاً خيارٌ آخر بنقله إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يمكن استخدام حق الفيتو هناك.
وفق صحيفة The Guardian، يمكن إحالة القضية مباشرةً إلى محكمة العدل الدولية لحلها. إلا أنَّ منظمة حظر الأسلحة الكيماوية معروفة ببطئها وروتينيتها المفرطة، إلى جانب حذرها من التعرض للخطر والابتعاد عن خوض المواجهات السياسية.
ورداً على سؤال ما إذا كانت المنظمة قد وافقت على طلب المملكة المتحدة إجراء تحقيق، ردَّت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، في رسالةٍ عبر البريد الإلكتروني جاء فيها: "لا يملك قسم الشؤون العامة بمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أي معلومات بخصوص هذا الأمر الآن".
وأعرب حلف الناتو عن قلقه الشديد حيال ما يقول إنَّه أول استخدام لغاز أعصاب في تنفيذ هجوم على أرض إحدى دول أعضاء الحلف منذ إنشائه عقب الحرب العالمية الثانية. ودعا روسيا "للرد على أسئلة المملكة المتحدة، وضمن ذلك تقديم توضيحٍ شامل ووافٍ لبرنامج نوفيتشوك إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية".