معركة الكونغرس من أجل إنهاء الحرب في اليمن.. واشنطن تُعاتب الرياض والورقة الرابحة إثبات أن الحرب غير شرعية

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/11 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/11 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش

قالت مجلة National Interest الأميركية، إن محاولة جديدة في الكونغرس الأميركي لإنهاء تورط الولايات المتحدة في اليمن، تمتلك هذه الحملة اندفاعاً ونشاطاً، وقائمة طويلة من الراعين والداعمين في الكونغرس والإعلام.

ولم يوضح معاونو الكونغرس الذين اجتمعوا مع الصحفيين في مكتب السيناتور مايك، الأسبوع الماضي، تفاصيل المحادثات التي أجروها مع البيت الأبيض، بشأن الإجراء الجديد، الذي سيؤدي إلى التصويت على استمرار دعم أميركا للرياض.

وفق National Interest عبر بعض معاوني البيت الأبيض سراً عن تحفّظاتهم على تقارب الإدارة الأميركية وتعاونها مع زعماء المملكة في عام 2017، ومن بين ذلك التقارب الزيارة الشهيرة إلى السعودية، التي تضمَّنت رقصاً بالسيف، وميدالية ذهبية، واحتشاد الزعماء حول كرةٍ أرضية مضيئة.

لكنَّ علم الإدارة الأميركية بذلك الإجراء الذي يرعاه كلٌّ من مايك لي وبيرني ساندرز وكريس ميرفي، وعدم انتقادها له علناً حتى الآن على الأقل، ربما يعني شيئاً ما.

هناك الكثير من المؤشرات الآن حول خسارة المملكة العربية السعودية والرجل الأهم فيها ولي العهد محمد بن سلمان، لبعض الدعم الذي حصلت عليه في بداية حكم ترامب، حين احتضن البيت الأبيض المملكة بإخلاص.

عتاب السعودية بهدوء


منذ ذلك الحين، عاتبت إدارة ترامب السعوديين بهدوء لكن علناً، وتدخَّلت دبلوماسياً لمحاولة ضمان وصول المساعدات الضرورية إلى اليمن.

وتعاون مايك لي مع بيرني ساندرز وكريس ميرفي، الديمقراطيين اللذين يكاد يكون ترشحهما للرئاسة مؤكداً، له دلالته كذلك. إذ قال مصدر مطلع أنَّ: "مايك لي يكره ماكونيل أكثر من أي أحد"، مشيراً إلى زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل.

أما ميرفي، الذي يحاول الظهور بمظهرٍ وطني، فيستخدم لغة خطاب مؤيدة لجهود وزارة الخارجية ومعارضة للحرب (لكنَّها صارمة تجاه موسكو)، ويعمل مع وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت. وتذمَّر في حديثه من انعدام فاعلية وزارة الخارجية تحت إدارة ريكس تيلرسون. ويتبنَّى ساندرز رأياً مشابهاً، على وجه الخصوص ما قاله السنة الفائتة في خطابه بولاية ميزوري، حيثُ ألقى ونستون تشرشل خطاب "الستار الحديدي".

العقبة الواضحة هي زعيم الأغلبية المرتاب بشدة من لي، ومن فرض قيودٍ صارمة على سلطة الرئيس الأميركي عامةً.

لكن يرى صحفي وناشط مخضرم مناهض للحرب مطلع على تلك الجهود، أنَّ التيارات المؤثرة في الأمر أكبر من ماكونيل. وقال إنَّ البلد "ممزق تماماً في الوقت الحالي، لديك أشخاصٌ في موقع بريتبارت ومجموعة فريدوم ووركس يدعمون هذه المحاولة"، مشيراً إلى أنَّ "يسار الوسط" أصبحت سياساته تميل لأفكار "المحافظين الجدد" بشكلٍ أكبر. وقال إنَّ الجمعة القادم 16 مارس/آذار، سيكون اليوم الوطني لمناهضة الحرب. وأضاف: "هذا عظيم، ستقف منظمة كودبينك ومجموعة فريدوم ووركس على نفس الجبهة".

تغطية موقع بريتبارت لهذا الموضوع تعد معجزةً بالفعل. فالموقع الذي يُزعَم انتماؤه لليمين المتطرف يغطي حراك ساندرز-لي-ميرفي المناهض للحرب بنفس قوة ودعم أي موقع آخر على الإنترنت.

وأشاد ماتيو بويل المحرر السياسي لموقع بريتبارت في واشنطن بـ"الائتلاف الشعبوي بين الحزبين" الذي "تحرك" لإنهاء تورط الولايات المتحدة "غير الشرعي" في الحرب. وكتب بويل في مقالٍ طويل للغاية على موقع بريتبارت إنَّه في عصر حكم "البيوكانانيين الجدد" (نسبةً إلى بات بيوكانان) للبيت الأبيض "يعد تراجع الولايات المتحدة عن المشاركة غير المبررة في الحروب الخارجية المكروهة في الواقع موقفاً شعبياً، وهو جزء من رؤية بات بيوكانان للسياسة المحافظة، التي تطورت إلى سياسة الرئيس دونالد ترامب القومية الاقتصادية"، وهو مصطلح مفضل لدى ستيف بانون، كبير المستشارين الاستراتيجيين السابق للرئيس ترامب، ومدير موقع Breitbart. وقال مصدر في الشركة إنَّهم "يعملون بكل جهدهم وسرعتهم" لتحقيق هذا.

ويقول الداعمون للحراك في الكونغرس وخارجه، إنَّ الفكرة هي إرغام المدافعين عن الحرب على الدفاع عن الوضع الراهن. وشكا مسؤولون سابقون في وزارة الخارجية الأميركية لوقتٍ طويل، من أنَّ هناك أصلاً شريراً لدعم الولايات المتحدة للائتلاف: بعد أن وقّعت إدارة أوباما اتفاق إيران، كان هناك تخوفٌ لافت من أنَّ واشنطن بدأت تتجه أكثر نحو طهران (وهو ما نفاه أوباما)، وحول السعوديون جهودهم في اليمن إلى موقفٍ صعب بالنسبة للأميركيين، فإمَّا أن يتصرف الأميركيون اتساقاً مع تصريحاتهم عن مواجهة التمدد الإيراني، أو يصمتوا.

لكن هناك ورقة رابحة محتملة، يمكن أن يستخدمها داعمو هذا الإجراء إذا لم ينجح الإقناع: إثبات أنَّ الحرب غير شرعية؛ إذ صرح ناشطٌ يعمل مع أعضاء مجلس الشيوخ الذين يقودون الحراك قائلاً: "يوجد إجماع من المجلسين والحزبين على انحراف السلطة التنفيذية عن السلطات الدستورية المنصوص عليها"، مشيراً إلى سلطة الكونغرس لإعلان الحرب.

وأمرٌ مهم آخر هو أنَّ هذا الإجراء ليس موجهاً ضد ترامب، فالإدارتان الديمقراطية والجمهورية كلتاهما أشرفتا على المحاولة، بالإضافة إلى أنَّ دعم الولايات المتحدة للحرب بدأ تحت حكم الرئيس السابق أوباما. وصرَّح أحد كبار مساعدي ساندرز للصحفيين، الأسبوع الماضي، بأنَّ "الأمر يتعلق بالقيام بالشيء الصائب معاً".

وبينما يستعد الرئيس ترامب للقاءٍ محتمل مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، هل من المحتمل أنَّ يكون البيت الأبيض راغباً عبر جهودٍ سرية في تخليص أميركا من صراعٍ آخر في الوقت نفسه؟ رشَّح جاكوب هيلبرون المحرر في مجلة ناشيونال إنترست دونالد ترامب للفوز بجائزة نوبل للسلام، في إصدار اليوم من المجلة اللندنية The Spectator. هل يعقل أنَّ ترامب الذي ينتقده اليسار باستمرار كمحرض على الحرب والنزاع يريد حقاً إحلال السلام في عالمنا اليوم؟.

تحميل المزيد