سيكون اللقاء التاريخي المرتقب بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وزعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، محط اهتمام بالغ، وسيُتابع بشغف لم يسبق له مثيل، منذ استضافة الزعيم الصيني الراحل ماو زيدونج للرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، أو المحادثات التي أجراها، رونالد ريغان مع الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في سويسرا المحايدة.
وأثارت موافقة ترامب على اللقاء المثير وجهاً لوجه مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، تساؤلاً فورياً: أين سيكون اللقاء؟، حيث يُتوقع أن ينعقد في مايو/ أيار المقبل.
بلدان محايدة
وتساءل جيم والش، كبير الباحثين ببرنامج الدراسات الأمنية بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا "هل يعني ذلك أن الزعيم كيم سيأتي إلى واشنطن، أم أن رئيس الولايات المتحدة سيذهب إلى كوريا الشمالية؟"، وفقاً لما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم الجمعة 9 مارس/ آذار 2018.
وأشار والش إلى أن "هناك خيارات أخرى: فمن المتصور أنه من الممكن أن يلتقي الرئيسان في كوريا الجنوبية. فلا توجد خطة محددة لدى أحد. وهناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به من الآن حتى شهر مايو/أيار".
وتتضمن البلدان المحايدة المحتمل أن ينعقد بها أول لقاء بين زعيمي البلدين الصين، أو اليابان، أو كوريا الجنوبية. وربما تتمثل الخيارات الأخرى في مقر الأمم المتحدة بجنيف، أو نيويورك، أو المنطقة الكورية منزوعة السلاح الواقعة بين الكوريتين.
وأشارت "الغارديان" إلى أن هناك احتمالاً بعيداً يتمثل في مزرعة ترامب في مارلاغو بولاية فلوريدا، حيث التقى بالعديد من زعماء العالم، ومن بينهم الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وفي وقت سابق من أمس الخميس، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، إن ترامب "سوف يقبل الدعوة للقاء كيم جونغ أون في مكان وموعد يتم تحديدهما لاحقاً".
ويتفق المحللون بصفة عامة على ضرورة ألا يمنح ترامب الفرصة لكيم لاستضافته بالعاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ.
حلول من الماضي
ونقلت شبكة MSNBC الأميركية عن السفير الأميركي السابق إلى كوريا الشمالية كريستوفر هيل قوله: "نصيحتي للرئيس ألا يذهب إلى بيونغ يانغ وألا يدعو كيم جونغ أون لزيارة واشنطن".
واستطرد هيل قائلاً إنه كان هناك حلول مبتكرة في الماضي، من بينها إجراء قمة على متن إحدى السفن، حيث التقى جورج بوش عام 1989 مع الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف على متن إحدى السفن الروسية التي كانت ترسو بأحد موانئ مالطا، وهي القمة التي تمت الإشادة بها بعد أن ساعدت على إنهاء الحرب الباردة.
وأضاف هيل أن أحد "أسباب انعقاد مداولات البلقان في دايتون بأوهايو [وهي الاتفاقية التي أدت إلى انتهاء الحرب الأهلية في البوسنة] أنه لم يكن هناك أحد يرغب في حضور الأطراف إلى واشنطن ومشاهدة إخفاق الأمر برمته؛ ولذلك ربما كنا نستطيع إجراءها في مكان آخر بالولايات المتحدة أو بدولة أخرى".
وتابع المصدر نفسه الذي ترأس وفد الولايات المتحدة في المحادثات السداسية حول القضايا النووية لكوريا الشمالية: "لا أعتقد أن أحداً كان يفكر في هذا الأمر ولكني متأكد أنهم سيتوصلون إلى حل يرضي جميع الأطراف".
الصين خارج التوقعات
واستبعد هيل أن يكون لقاء ترامب وكيم جونغ في الصين، وقال: "لأنني أعتقد أن كوريا الشمالية تريد أن تبين أنها تستطيع التعامل مع الولايات المتحدة، دون وساطة الصين".
واتفق محللون آخرون على استبعاد الصين من استضافة الاجتماع. وقال فرانك أوم، كبير خبراء الشأن الكوري الجنوبي بمعهد الولايات المتحدة للسلام في واشنطن: "على حد علمي، كيم لم يغادر بلاده مطلقاً منذ توليه السلطة؛ ولذا لا أعتقد أن ذلك سيحدث في دولة أجنبية مثل كوريا الجنوبية أو الصين أو الولايات المتحدة. وفي ذات الوقت، يصعب تصور أن توافق الولايات المتحدة على زيارة دونالد ترامب إلى بيونغ يانغ".
ويشير أوم إلى احتمال إقامة اللقاء في بانمونجوم في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين. ومن المقرر أن تنعقد قمة بين الكوريتين خلال الشهر المقبل في دار السلام ببنامونجم على الجانب الكوري الجنوبي من المنطقة منزوعة السلاح.
وذكرت صحيفة "الغارديان" أن الكولونيل المتقاعد دانيال ديفز، زميل مؤسسة أولويات الدفاع، قال إن "هناك الكثير من الإيجابيات والسلبيات. ويرى البعض ضرورة انعقاد الاجتماع بمكان محايد. وهناك أيضاً نقاط إيجابية لانعقاده على الأراضي الأميركية. لا أعتقد أنه ينبغي أن يذهب ترامب إلى بيونغ يانغ أو حتى سول، بل ينبغي أن ينعقد الاجتماع في مكان ما مثل طوكيو".
ومع ذلك، سوف يحظى اختيار المكان بأهمية أقل من مضمون المفاوضات. وقد أقر والش، الذي زار كوريا الشمالية قائلاً: "أشعر بالحماس والذعر. تنتابني كل هذه المشاعر في ذات الوقت. فقد تكون بداية أمر بالغ الأهمية أو ربما يخفق اللقاء في تحقيق أهدافه وينتهي بنا الأمر جميعاً في منطقة محفوفة بالمخاطر".