قالت شبكة cnbc الإخبارية الأميركية الثلاثاء 6 مارس/ آذار 2018، إنه يتعين على السلطات السعودية أن تحرك أسعار الفائدة خطوة بخطوة مع بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي، كي يصبح الريال السعودي جاذباً للمستثمرين.
وأضافت الشبكة الأميركية مع توقع ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، ستكون بعض الأسواق الناشئة أكثر عرضة من غيرها لتشديد الأوضاع النقدية عام 2018. وتعد المملكة العربية السعودية في بؤرة الاهتمام على هذا الصعيد، إذ أنها بالفعل في خضم إصلاح اقتصادي واسع.
رغم أن العام الماضي كان مواتياً للدول النامية، إلا أن المستثمرين يتذكرون "نوبة التناقص التدريجي" المؤلمة التي حدثت قبل عدة سنوات، عندما أشار مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى أنه سيبدأ في التراجع عن عمليات شراء السندات الضخمة التي تحافظ على معدلات فائدة منخفضة، مع ضخ السيولة في الأسواق، بحسب الشبكة الأميركية.
ومن المرجح أن تكون بعض الأسواق أفضل من غيرها، لكن المراقبين يقولون إن البلدان ذات العملات المرتبطة بالدولار، مثل المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، ستتأثر كثيراً بالنتائج.
أسواق نطاق الدولار
وأشارت الشبكة الأميركية إلى أن الأسواق التي يطلق عليها اسم "نطاق الدولار" تتمتع بسياسة نقدية تتحدد، جزئياً على الأقل، وفقاً لمجلس الاحتياطي الفدرالي، وبالتالي من المرجح أنها ستتأثر برفع أسعار الفائدة.
وقال إد الحسيني، كبير المحللين لأسعار الفائدة والعملات لدى شركة الاستثمار كولومبيا ثريدنيدل، للشبكة الأميركية "إذا لم تسفر ارتفاعات أسعار الفائدة الفيدرالية عن زيادة قوة الدولار، كما يحدث عادةً، فإن هذه البلدان لن تتأثر كثيراً".
وأضاف، "إذا تحركت أسعار الفائدة الأميركية بسرعة كبيرة، فإنها ستسفر عن تفكيك الأصول [ذات العائد المرتفع] على نطاق أوسع، ولن تكون الأسواق الأكثر سيولة في الأسواق الناشئة في مأمن من عمليات التصفية"، مشيراً إلى نوبة الغضب التي اجتاحت السوق في عام 2013 بسبب التخفيض التدريجي كدليل عملي على هذه الفكرة، بحسب سي إن بي سي.
اقتفاء أثر الاحتياطي الفدرالي خطوة بخطوة
السؤال الرئيسي للمستثمرين في الأسواق الناشئة هو ما إذا كان الدولار سيرتفع إذا قرر مجلس الاحتياطي الفدرالي رفع أسعار الفائدة. وإذا ظل الدولار مستقراً أو في اتجاه أكثر ضعفاً، فإن المعدلات المحلية لا تزال جذابة على نطاق واسع.
قد ترتفع العملات المرتبطة بالدولار بشكل ملحوظ، خاصة الريال السعودي الذي يعادل 3.75 دولار أميركي. على مدى عقود، حافظت دول الخليج على عملاتها على مستويات معينة للدولار، لذلك فإن السياسة الأميركية الأكثر تشدداً قد تقوض جهودها لإدارة اقتصاداتها، بحسب الشبكة الأميركية.
وهذه القضية حساسة بشكل خاص بالنسبة للمملكة العربية السعودية، التي تُحوِّل اقتصادها قبل طرح أولي متوقع لشركة النفط المملوكة للدولة أرامكو السعودية. في حين أن معظم مراقبي السوق لا يعتقدون أن المملكة سوف تتخلى عن ترتيباتها النقدية، فإن السياسة الأميركية قد تؤدي إلى المزيد من عدم اليقين في وضع غير مستقر.
وقال ماركوس شينيفكس، وهو محلل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى تي إس لومبارد، لـ"سي إن بي سي"، "من أجل الحفاظ على الربط، يتعين على السلطات السعودية أن تحرك أسعار الفائدة خطوة بخطوة مع بنك الاحتياطي الفدرالي، بحسب الشبكة الأميركية.
إذا لم يرفعوا أسعار الفائدة مع رفع بنك الاحتياطي الفدرالي لها، فسيصبح الريال غير جذاب، لأن الدولار سيعطي معدل عائد أعلى من الريال، في حين لا يزال قابلاً للتبادل بنفس المبلغ، سيكون حافزاً كبيراً" للمستثمرين للمراهنة على ربط الريال بالدولار.
السعودية سترفع سعر الفائدة
وبحسب الشبكة الأميركية فإن مع رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة، من المرجح أن تحذو مؤسسة النقد العربي السعودي حذوه. ووفقاً للمستثمرين، هنا تكمن المعضلة لصانعي السياسة السعوديين: فالبلاد لا تزال تحاول التعافي من حالة الركود، وآخر شيء يحتاجه الاقتصاد هو جرعة مستمرة من التشديد، كما أوضح تشينفيكس.
وأضاف إن خطط ولي العهد "محمد بن سلمان لتجديد الاقتصاد السعودي مع الحفاظ على الاستقرار المالي العام ستكون أصعب بكثير مع هذه السياسة النقدية غير الملائمة".
ليس لدى الدول المرتبطة بالدولار مثل السعودية وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة خيار خفض قيمة العملة للمساعدة في التعويض عن ارتفاع أسعار الفائدة المحلية. وبدون تخفيض سعر العملة – والدفعة الاقتصادية التي تقدمها الصادرات – ربما تزداد شروط الائتمان تشديداً، بحسب الشبكة الأميركية.
وقال تشيفينيكس "إن الخطر هو أن يترجم هذا إلى انخفاض معدل النمو، ويجب تعويضه عن طريق الحوافز المالية الممولة من الاقتراض الحكومي الإضافي بأسعار فائدة أعلى".
ومع استقرار أسعار النفط، تتطلع السعودية إلى ما يمكن أن يكون خطوة هامة على الساحة العالمية – وهي اكتتاب بشركة أرامكو السعودية الكبير والاستراتيجي، والذي يراقبه المستثمرون في جميع أنحاء العالم، بحسب الشبكة الأميركية.
وقال شيفينيكس إنه إذا رغب محمد بن سلمان في تحقيق الانتعاش الاقتصادي وفي نفس الوقت رفع أسعار الفائدة، فإنه سيضطر إلى إنفاق المزيد من المال العام.
وقال المحلل، "كلما كان الوضع المالي أسوأ، احتاج المستثمرون إلى المزيد من الحذر في دراسة كيفية تخطيط الحكومة لاستخراج الأموال من شركة أرامكو عندما يتم إدراجها في النهاية. فلا أحد يريد أن يمتلك حصة في شركة عندما يعلم أن المساهم الرئيس يوشك على الإفلاس".