أطفال لسعوديين في إندونيسيا يبحثون عن آبائهم منهم 40 طفلاً لأب واحد.. الكشف عن أسباب تفضيل أبناء المملكة الزواج من هناك

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/06 الساعة 08:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/06 الساعة 08:00 بتوقيت غرينتش

أعادت قضية الطفلة هيفاء، التي ظهرت في مقطع فيديو وهي تبحث عن والدها المتوفى، النقاشَ مرة أخرى حول قضية زواج السعوديين في إندونيسيا، وما يستتبع هذا الأمر من مشكلات.

وظهرت الطفلة في الفيديو مع والدتها الإندونيسية، التي حَكَت كيف أن زوجها السعودي توفِّي بحادث سير، وأنها ربَّت الطفلة، مؤكدةً أنها تبحث عن عائلة زوجها، من أجل طفلتها. وتجاوبت السفارة السعودية في جاكرتا مع هذا الفيديو، وأكدت أنها تتخذ الإجراءات اللازمة في قضية الطفلة هيفاء سلطان الحربي.

وأوضح سفير السعودية في جاكرتا، أسامة الشعيبي في تصريحات صحفية، أن كثيراً من السعوديين يتزوجون في إندونيسيا دون أن يقوموا بإبلاغ أسرهم، وكثير من هذه الحالات مجهولة، "إندونيسيا دولة كبيرة ومترامية الأطراف، وأي حالة تصلنا نقوم باتخاذ كافة الإجراءات لضمان حقوقها ولمِّ شملها بأهلها".

والصادم وجود رجل سعودي لديه 40 طفلاً ومتزوج من أكثر من امرأة في إندونيسيا. وقال: "توصَّلنا إلى أبٍ في غيبوبة، ومتزوج من أكثر من امرأة، ولديه 40 طفلاً، وهذه القصة تحكي مأساة، وتعظ الآخرين حول حكايات مماثلة ضحيتها أطفال لا ذنب لهم"، بحسب تصريحات السفير.

وفي حوار أجرته جريدة اليوم السعودية عام 2017، تحدثت إحدى النساء الإندونيسيات التي تتوسط لتزويج السعوديين ببنات بلادها بصراحة عن هذه التجارب، وما يستتبعها من مشكلات.

عزيزة باشراحيل سيدة إندونيسية تبلغ من العمر 55 عاماً -وهذا اسمها المعروف لدى كثير من السعوديين الراغبين في الزواج- تقول إنها زوَّجت 30 ألف سعودي على مدار 30 سنة.

تقول إنه يأتي إندونيسيا عددٌ كبير من السعوديين، وبعضهم يرغب في الزواج، ويأتي عندها بحكم المعارف، أو ربما رشَّحها له صديق سبق أن زوَّجته، "أنا أطلب منه تصريحاً رسمياً لأني لا أزوج بدون تصريح". ويرجع ذلك إلى قصة حدثت لها قبل 16 عاماً، حين تلقَّت اتصالاً من سفير المملكة في جاكرتا، طالباً حضورها للسفارة يوم الجمعة.

عند مقابلته، قال لها "يا عزيزة أنت تزوجين كثيراً من السعوديين، وأمام الله أنصحك بأمانة ألا تزوجي أحداً بدون تصريح"، وعاهدته على ذلك ليموت في اليوم التالي.

وأوضحت أن لديها العديد من الدَّلَّالات في أكثر من 20 قرية، ومن ترغب في الزواج من بنات تلك القرى تتصل بها، وإذا جاء سعودي ولديه تصريح تعرض عليه، ويذهبان لزيارة العائلة ويتفقان على الشروط والمهر.

وأوضحت أن قيمة المهور تتراوح بين 1000 إلى 5000 دولار، وأن أغلب طلبات السعوديين تتعلق بالأخلاق والجمال. وذكرت أن أغلى مهر تم تقديمه من خلالها كان عندما جاء تاجر كبير وتزوج امرأة إندونيسية بمهر 30 ألف دولار من غير الذهب والهدايا، وهي فتاة جميلة وصغيرة، ولكن هذا المبلغ كبير جداً جداً بالنسبة لعائلة إندونيسية، على حد تعبيرها.

ما الذي يبحث عنه السعوديون؟


تقول عزيزة، إنهم في إندونيسيا "مساكين"، ومهرهم بسيط، وتقوم المرأة الإندونيسية بكل احتياجات الزوج، فهي تعمل خادمة وأماً وزوجة ومربية.

وتوضح أن الإندونيسية لا تريد الذهب والملابس الراقية والتسوق المفرط، ولعل السعودي يبحث عن هذه المواصفات.

لا توجد شروط من جانب وسطاء الزواج تجاه السعوديين، فقط التصريح هو المطلوب، رغم أن هناك من الوسطاء من لا يشترط حتى التصريح نفسه.

ويبدو أن أغلب الزيجات تحدث بشكل سري دون علم أهل الزوج نفسه، وهو ما يفتح باب المشكلات داخل العائلة عند اكتشاف وجود أبناء له في دول أخرى، حتى إن البعض يطالب بألا يسافر السعودي بمفرده.

المشكلة في هذه الزيجات تظهر غالباً من جانب الأب، إذ إنه سواء كان الزواج رسمياً بتصريح مسبق أم لم يكن رسمياً، فإن العديد من السعوديين لا يرسلون المال، ولا يكمل الإجراءات، ولا يعطي المعلومات الحقيقية عنه، وبالتالي يضيع الابن.

الأبناء السعوديون في إندونيسيا يحملون الجنسية الإندونيسية دون السعودية، نتيجة تخلي آبائهم عنهم، وعدم السؤال عليهم.

وتقوم الأم أحياناً بإخفاء الأبناء نتيجة خلاف وقع بينهما، وذلك خوفاً من أن يأخذهم إلى السعودية، وخاصة إذا كانت مطلقة. فالقانون الإندونيسي يمنع مغادرة الأبناء مع آبائهم خارج البلاد دون أخذ موافقة الأم مسبقاً.

ونتيجة لتخلي الآباء عن أطفالهم، تكون معيشتهم صعبة، ولا يجدون مصروفات حياتهم، ولا يستطيعون الدراسة، بل إن بعض البنات اللاتي تخلَّى عنهن آباؤهن يضطررن إلى ممارسة أعمال مخلة بالأخلاق.

في عام 2014، قرَّرت إندونيسيا بالتنسيق مع وزارة الداخلية السعودية اتخاذ تدابير جديدة لمواجهة زيجات السعوديين من إندونيسيات بطرق غير نظامية، أبرزها محاكمة المتزوجين من دون موافقة رسمية، إضافة إلى عدم تسجيل اسم الأب في شهادات ميلاد الأطفال.

الهدف من هذه الإجراءات كان القضاء على الزيجات المؤقتة بكل مسمياتها، ووجوب أخذ موافقة رسمية من الجهات المختصة في المملكة، ممثلة في وزارة الداخلية، لأن النظام الإندونيسي يمنع هذه الزيجات.

وتظهر في إندونيسيا ظاهرة أبناء السعوديين، الذين يعانون الأمرّين بعد عودة آبائهم ذوي الحال الميسور إلى بلادهم، وهو ما يضع الأبناء في معاناة من الفقر والعوز داخل الملاجئ.

وكان المنتج السعودي حسين الشريف، قدَّم عام 2013، فيلماً وثائقياً قصيراً بعنوان "أبي"، ناقش خلاله هذه القضية. وتدور أحداث الفيلم، الذي تبلغ مدته 14 دقيقة، عن ظاهرة زواج الخليجيين في إندونيسيا أثناء سفرهم هناك، وما تسفر عنه من إنجاب أبناء يعانون الأمرين بعد عودة آبائهم إلى بلادهم، تاركين أسرهم للضياع.

وعاش بطل الفيلم سلطان المزيد في إندونيسيا قرابة 10 سنوات، واطلع على حالات زواج كثيرة للخليجيين من إندونيسيات، وقام بزيارة عدد كبير من الملاجئ هناك، التقى خلالها عشرات الأطفال الذين يعود نسبهم إلى آباء خليجيين من الفئات الميسورة.

وكان السفير السعودي قد حذَّر في شهر يناير/كانون الثاني السياحَ السعوديين القادمين إلى إندونيسيا، من الإقدام على الزواج دون أن تكون هناك جدية في استمرارية العلاقة؛ ما يتسبب في مشكلات كبيرة بعد الانفصال، خصوصاً في حال وجود أطفال.

وكانت السفارة السعودية في إندونيسيا، في أكتوبر/تشرين الأول، حذَّرت مواطنيها الحاصلين على إذن رسمي بالزواج، من التعامل مع وكلاء الزواج أو دفع تكاليف أو التوقيع على أية أوراق تدينهم، وتتسبب لهم في ملاحقات قانونية، لافتة إلى ما يترتب على ذلك من عقوبات متنوعة، فرضتها السلطات الإندونيسية مؤخراً.

ونصحت بعدم الإقدام على أية خطوة للزواج قبل استشارة السفارة.

تحميل المزيد