الإسلام مقابل الغرب ومن يملكون مقابل من لا يملكون ودول تتلاعب بقواعد النظام الدولي.. لماذا تعج هذه المناطق الـ5 بالحروب ولِمَ لَمْ تنتهِ؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/04 الساعة 10:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/04 الساعة 10:40 بتوقيت غرينتش

نعيش في عالم من الاضطرابات، وقد تكون الصراعات التي يشهدها العالم اليوم أقل فتكاً من تلك التي شهدها القرن الماضي، لكنَّها تثير الكثير من المخاوف. ما زلنا نشعر بالقلق الشديد.

حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية يمكننا أن نلقي باللوم على الإرهاب والخوف الذي يولِّده، على الرغم من أنَّ حجم الخسائر الذي يُلحِقه بالعالم ليس كبيراً على المستوى الإحصائي، أو رغم صخب وسائل الإعلام المعاصرة ودورتها المفرغة من "الأخبار العاجلة"، ولكنَّ الحقيقة لا تزال تكمن في أنَّ الحروب التي يبدو أنَّها تشحذ همم المتطرفين أو تصدَّرت عناوين الأخبار في السنوات الأخيرة تثير موجات من القلق العميق. وأحد أسباب ذلك القلق هو أنَّنا لا نرى نهايةً في الأفق لهذه الحروب.

ولشرح هذه الصراعات نستخدم ثنائيات متقابلة لتسهيل الفهم مثل: الإسلام مقابل الغرب، ومن يملكون مقابل من لا يملكون، والدول التي "تلعب بقواعد" النظام الدولي ضد الدول "المارقة". وننظر أيضاً في النظريات الجيوسياسية الكبرى -نهاية نظام ويستفاليا، والغرب الذي يواجه "صعود القوى الأخرى"- أو حتى مجرد نسب العنف إلى "الجغرافيا". ولا يبدو أن أياً من هذه التفسيرات يهدِّئ من مخاوفنا، وفق The Guardian.

حرب اليمن

هذا الأسبوع، سيكون محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الشاب، في لندن. ومن الموضوعات التي سيناقشها مع صنَّاع السياسة البريطانيين الحرب المستعرة منذ عام 2015 في اليمن، حيث تقود القوات السعودية تحالفاً للقوى الإقليمية ضد المتمردين الحوثيين.

ولا تسير الحرب، التي هي جزء من سياسة السعودية لتبني موقف خارجي أكثر عدوانية، على ما يرام. وأصبحت هذه الحرب مأزقاً أودى بحياة آلاف المدنيين.

دمج طالبان

وفي الأسبوع الماضي، أعلن أشرف غني، الرئيس المُحاصَر في أفغانستان، عن خطةٍ جريئة لإدماج طالبان في عملية سلام مُلزِمة. وتحدَّث المُعلِّقون عن محاولةٍ أخرى غير مضمونة النتائج، لوضع نهاية للصراع الذي استمرَّ لفترة طويلة، إذ سيجري قريباً نشر جنود غربيين في أفغانستان، الذين كانوا من حديثي الولادة عندما بدأت الحرب في عام 2001.

حروب سوريا

وفي سوريا، حيث تدخل الحرب الأهلية عامها السابع، ليس هناك راحة أيضاً. وتتعرَّض الغوطة، وهي إحدى ضواحي دمشق وتسيطر عليها المعارضة، لقصفٍ يومي بعد سنواتٍ من الحصار. وتناور الميليشيات في جميع أنحاء البلاد لإحداث أي تقدُّم. إذا كان أي شخص يعتقد أن سقوط الرقة، مقر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، من شأنه أن يضع حداً للأعمال الوحشية، فهو مخطئ للأسف.

حروب طويلة بهذه الدول

كما أنَّ هذه "الحروب الطويلة"، التي يمكن أن تشمل الصومال (التي تشهد الحرب منذ عام 1991)، أو ليبيا (منذ عام 2011)، أو مالي (منذ عام 2012)، لا تقتصر على العالم الإسلامي. هناك جنوب السودان، حيث تشهد الحرب الأهلية الشرسة المستمرة منذ 4 أعوام المزيد من التصعيد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث انتهت المزيد من الاحتجاجات بإراقة الدماء الأسبوع الماضي. وجدير بالذكر أنَّ شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية كان بوتقةً لصراع ضخم أدى إلى مصرع 5 ملايين شخص بين عامي 1997 و2003، ولا يزال ذلك الجزء من البلاد غير مستقر منذ ذلك الحين، فالآلاف لقوا مصرعهم وتشرَّد الملايين بسبب النزاع هناك في الشهور الـ18 الماضية، إذ تغلب الفوضى على مساحاتٍ واسعة من هذه الدولة الشاسعة.

نزاع القرم

مضى أكثر من 4 سنوات، منذ أن ضمَّت روسيا القرم، وساعدت على إثارة التمرد في شرقي أوكرانيا الصناعي. ومنذ ذلك الحين لقي حوالي 10 آلاف شخص حتفهم، من بينهم 3 آلاف مدني، وشُرِّد أكثر من 1.7 مليون شخص. ورغم التوصُّل إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار، أصبح الصراع منخفض الوطأة خلفية يومية طاحنة لمنطقة لم تعد ترى مخرجاً من بؤسها.

لفهم مدة هذه الصراعات، نحن بحاجةٍ إلى فهم طبيعتها. تُركِّز معظم التحليلات على الدول.

ضعف الدولة والبحث عن الدولة وإسقاط الدولة

وهذا أمر لا مفرّ منه. وتُظهِر خرائطنا العالم مقسماً إلى دول، وهي بمثابة اللبنات الأساسية لنُظمنا السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية، ومفتاح لهويتنا، كما بات واضحاً في السنوات الأخيرة. في أفغانستان، تنشب الحرب من أجل إقامة الدولة، وتستمر بسبب اختلاف الرؤى حول الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه هذه الدولة. أما في سوريا، فتستمر الحرب للحفاظ على الدولة أو للإطاحة بها. وفي اليمن، تقوم الحرب للسيطرة على الدولة. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، تكمن جذور الصراع في ضعف الدولة.

وقد أطالت الدول أيضاً من أمد هذه الصراعات، وأدَّت في بعض الحالات إلى نشوبها، من قبيل طموحات روسيا التعسفية في أوكرانيا، وتدخل باكستان في أفغانستان. كما أنَّ تورُّط العديد من الفواعل الإقليمية والدولية في سوريا يُؤجِّج العنف، سواء عمداً أو عن طريق الصدفة.

ومع ذلك، ورغم أهميتها، فإنَّ الدول ليست هي المُحرِّك الوحيد لهذه الصراعات، عدا الحرب القصيرة بين الهند وباكستان في عام 1999؛ والثاني هو الحرب في العراق في عام 2003.

وغالباً ما تتبع الخطوط الأمامية في هذه الصراعات الجديدة حدوداً تُقسِّم العشائر أو الطوائف وليس البلدان. فهي تقع على طول الحدود بين الطوائف العرقية أو الطائفية، حتى تلك التي تُقسِّم، على سبيل المثال، بين المُلاك والعاملين وبين أصحاب الأرض ومن لا يملكون أياً منها، وبين أولئك الذين يتكلَّمون لهجةً واحدة أو لغةً واحدة، وجيرانهم الذين يتحدَّثون لغة أخرى. هذه الخطوط الأمامية ليس من الصعب تتبعها، على الخريطة أو على الأرض.

في الحقيقة، إذا ما نظرنا في كافة الصراعات حول العالم، وإذا ما عرَّفنا تلك الحروب بصورةٍ أوسع، فسنرى جبهاتٍ في كل مكان، كل منها بها ساحة نزاعها الخاصة المليئة بالضحايا. ففي المكسيك والبرازيل وجنوب إفريقيا والفلبين، يوجد عنفٌ هائل مرتبط بالإجرام وجهود (الدول) للقضاء عليه. ويوجد أيضاً عنفٌ يُرتكب ضد النساء من جانب أولئك الذين يخشون إحراز تقدُّمٍ في النضال من أجل توزيعٍ أكثر إنصافاً للسلطة والمكانة والثروة. وهناك أيضاً عنفٌ اقتصادي، وإلا فكيف نصف الألف قتيل الذين سقطوا في انهيار مبنى في بنغلاديش عام 2013، أو الإصابات التي يتعرَّض لها عمال المناجم في الكونغو الديمقراطية، مجدداً، الذين يُنقِّبون عن سلع حيوية من أجل الصناعات في العالم؟

قد لا يكون عالمنا عاصفاً بالصراعات التقليدية بين الدول القومية التي نشأت في عصورٍ سابقة، لكنَّه لا يزال مكاناً عنيفاً للغاية. والواقع المؤلم ربما يتمثَّل في أنَّنا لا يجب أن نتساءل: لِمَ تبدو الحروب عصية على الحل اليوم؟ بل أن نتساءل لِمَ يخلق زماننا على سطح هذا الكوكب مثل تلك الحروب المستعصية؟

صراع يدخل عامه الثامن بسوريا


سيدخل الصراع في سوريا قريباً عامه الثامن، ورغم أنَّ القتال الذي كان يستنزف معظم البلاد أصبح محصوراً في منطقةٍ أصغر كثيراً، فإنَّ فرصة السلام الحقيقي لا تزال تبدو بعيدة جداً.

وأفضل ما قد يأمله أي أحد هو حدوث تقدمٍ بطيء باتجاه وقفة محفوفة بالمخاطر، تتخلَّلها نوباتٌ من الوحشية المروعة فيما يبذل نظام بشار الأسد، مُعزَّزاً بدعم موسكو وطهران، جهودَه لإعادة تأكيد سيطرته على البلد المُمزَّق.

ومؤخراً، أصبح ما تنطوي عليه هذه الجهود واضحاً. ففي الأسابيع القليلة الأخيرة، قتلت الغارات الجوية للطائرات السورية أكثر من 600 مدني في الغوطة، إحدى ضواحي دمشق التي تخضع لسيطرة المعارضة منذ 2013.

ومع أنَّ داعش الآن أُرغِم على الخروج من كل الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا تقريباً، فإنَّ جماعاتٍ إسلامية مُتشدِّدة أخرى لا تزال نشطة، بينها منظمة قوية مرتبطة بتنظيم القاعدة. وتواصل مجموعات المعارضة المسلحة الحصول على الدعم اللوجيستي والتمويل من الولايات المتحدة وتركيا والعديد من البلدان الخليجية. وتسيطر مجموعة كردية على مساحة من الأرض في الشمال الشرقي. وفشلت كافة الجهود المتعاقبة في مفاوضات السلام.

لماذا استمرت الحرب طويلاً بسوريا؟


لطالما كانت الحرب السورية دوماً معقدة للغاية، وخِيضَت على طول انقساماتٍ وطنية وطائفية وأيديولوجية وعِرقية. ومن شأن ذلك وحده أن يكفل صراعاً طويلاً، حتى دون تدخل الفاعلين الإقليميين والدوليين. وهمَّشت سياسات القوة الأمم المتحدة، وتراجعت الولايات المتحدة. فكانت النتيجة معاناةً هائلة وبلداً معطوباً سيحتاج ما يقرب من تريليون دولار لإعادة إعمار نفسه، حتى لو أمكن تحقيق السلام. وتركت الآثار السامة للصراع أثرها في مختلف أنحاء العالم.

اليمن


تمر الفوضى والحرب الناتجة عنها في اليمن الآن بعامها السابع. وتكمن المباشرة للصراع الحالي في حصيلة الانتفاضة التي ألهمها الربيع العربي في اليمن، أفقر دول المنطقة العربية، وأرغمت رئيسه المخضرم علي عبدالله صالح على التنحي لصالح نائبه عبد ربه منصور هادي، في ثورة شبابية اندلعت 2011.

لكنَّ أسباباً أخرى تكمن أعمق من ذلك.

لم يسبق وأن كان اليمن، المستعمرة البريطانية السابقة، مستقراً، ولم يصبح مُوحَّداً إلا بعد صراعاتٍ وحشية في التسعينيات. وعلى مدى أكثر من عقدٍ قبل أزمة 2011، رسَّخ الفساد والبطالة ونقص الغذاء والنظام القبلي القوي الشعور الانفصالي في الجنوب، واتحدت تدخلات القوى الإقليمية لتُبقي على مستوياتٍ عالية من عدم الاستقرار.

أكبرالتحديات التي يواجهها هادي كان التمرد الذي قاده الحوثيون، وهي جماعة متمردة من الأقلية الشيعية موجودة في شمال اليمن ولها تاريخ طويل من التمرد ضد الحكومة.

استولى المتمردون على العاصمة اليمنية صنعاء في يناير/كانون الثاني 2015 وأرغموا هادي وحكومته على الفرار خارج البلاد. أدَّى ذلك إلى تدخُّلٍ إقليمي قاد إلى أزمةٍ إنسانية تضع الملايين على حافة المجاعة. فشنَّ تحالفٌ من الدول الخليجية بقيادة السعودية – حظي بدعمٍ لوجيستي واستخباراتي أميركي وبريطاني وأوروبي – ضرباتٍ جوية ضد الحوثيين. وحاصر التحالف أيضاَ اليمن لمنع إيران من تهريب الأسلحة إلى المتمردين. وتنفي طهران الاتهام.

لِمَ استمرت الحرب طويلاً باليمن؟


تضمن الديناميات المناطقية والطائفية المعقدة والبغيضة عدم وجود طرف واحد قوي بما فيه الكفاية للفوز، في حين يضمن التدخل الخارجي للجميع إمكانية البقاء في المعركة. وجرَّ الصراع أكثر من 12 دولة إليه ويرتبط بصراعات قوةٍ إقليمية أوسع نطاقاً. وربما يحلّ اتفاقٌ بشأن الفيدرالية السلام، لكن يبدو ذلك مستبعداً في الوقت الراهن.

جمهورية الكونغو الديمقراطية


إذا ما انزلقت جمهورية الكونغو الديمقراطية من جديد في ذلك النوع من الصراع الذي شهدته البلاد مترامية الأطراف بين عامي 1997 و2003، فعلى الأرجح ستُنسى سنوات الهدوء النسبي التي حلَّت بعد تلك الفترة.

اشتعلت حرب السنوات الستة التي بدأت قبل أكثر من 20 عاماً مضت جرَّاء سقوط الرئيس موبوتو سيسي سيكو وفاقمها تدخل كافة القوى الإقليمية، وانجذب الكثيرون ببساطة بسبب الفرصة المواتية لنهب موارد البلاد المعدنية والتعدينية. ولا تزال تلك الموارد تمثل عامل جذب، حتى لو لم تكن هناك شهية حالياً بين جيرانها للمخاطرة بذلك النوع من الفوضى الذي أدَّى إلى أكثر من 5 مليون قتيل.

مع ذلك، هناك علامات على تدهور الوضع: السلطة المركزية الضعيفة للرئيس جوزيف كابيلا الذي تجاوز ولايته الرئاسية بـ15 شهراً؛ وانهيار القانون والنظام في المناطق التي تشهد سيطرةً حكومية كبيرة قط؛ والصراع المتنامي بين زعماء الحرب والمجموعات العرقية؛ والمعارضة المُفتَّتة؛ وتشتت المجتمع الدولي؛ والحاجة الهائلة للمساعدات الإنسانية.

هل ستشتعل الحرب من جديد في الكونغو؟


بدأ القتال وسقوط القتلى بالفعل، مُتمثِّلاً في حركة تمرد عنيفة في إقليم كاساي أدَّت بدورها إلى ردٍ حكومي وحشي تسبَّب في حركة نزوحٍ جماعي. وتزداد الكوليرا وغيرها من الأمراض وسط الفئات الضعيفة من السكان. وتعاني بعثة الأمم المتحدة المنتشرة في الكونغو الديمقراطية من هجماتٍ متزايدة وقُتِل 14 من قوات حفظ السلام في ديسمبر/كانون الأول الماضي في أسوأ خسارة تعانيها المنظمة في هجومٍ واحد منذ 1993.

ومن المقرر إجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل، مع أنَّ الكثيرين يشكون في إجرائها. وتُمثِّل الانتخابات فرصةً لوقف انزلاق واحدةٍ من أهم الدول الإفريقية من جديدٍ إلى فقرٍ وصراعٍ ربما يكون أكبر حتى. لكنَّ قلةً فقط تشعر بالتفاؤل.

أفغانستان


لم تعرف أفغانستان سلاماً منذ منتصف السبعينيات. وقد بدأ الصراع الحالي الذي تقاتل فيه طالبان ضد الحكومة في كابول، عام 2001، مع الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وقد دعمت الولايات المتحدة أول رئيس، حامد كرزاي، ثم دعمت خلفه، أشرف غاني، بمساعداتٍ عسكرية ضخمة ومساعداتٍ أخرى. وقد قُتِلَ أكثر من ألفيّ جندي أميركي، وعشرة أضعاف هذا الرقم من الجنود الأفغان، وما لا يقل عن 30 ألف مدني. ومع ذلك، فطالبان اليوم نشطةٌ في أكثر من ثلثيّ الأحياء الإدارية في أفغانستان، على الرغم من سيطرتها على أقل من حي من بين كل عشرين حياً. وقد استولت الحركة، عام 2015، لوقت وجيز على مدينة قندوز.

لِمَ استمرت الحرب طويلاً بأفغانستان؟


إحدى الأسباب ترجع إلى الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في السنوات التي تلت غزو 2001. إذ كانت الجهود في أفغانستان قليلة الموارد وسيئة الإدارة. وفُقِدَت فرصٌ مبكرة لبناء تسوية سياسية مستقرة وثبت أنَّ الحصول على انتصارات عسكرية سهلة نسبياً أمر مكلف.

أحد العوامل الأخرى المهمة انخراط القوى الإقليمية، لا سيما باكستان. إذ ترى إسلام آباء وجود حكومة صديقة لها في كابول أمراً محورياً لأمنها الإستراتيجي وقد دعمت طالبان بصفته وكيلاً لها، ووفَّرَت مساعدة لوجستية وملاذاً آمناً لقادته.

لكن ثمة أسباباً أخرى. فتقريباً كل المناطق الداعمة لطالبان تهيمن عليها عرقية البشتون، لاسيما تلك التي تسيطر عليها قبائل بعينها. ومناطق زراعة الأفيون من العوامل المهمة أيضاً.

ومن المذهل كيف أنَّ خريطة المناطق الخاضعة لتأثير طالبان تشبه الخريطة ذاتها منذ 20 عاماً، عندما كانت الحركة في طريقها للسلطة. وقد كان الوضع حينها، كما هو الآن، يصدق عليه سمعة أفغانستان بكونها "مقبرة الإمبراطوريات".

أوكرانيا


وافق شهر فبراير/شباط الماضي الذكرى الرابعة لضم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للقرم، والتحريض على تمرد في الشرق الصناعي لأوكرانيا، وهي "إحدى الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفييتي" مستقلة منذ عام 1991 وتقع على واحدة من أعظم خطوط الصدع الثقافية واللغوية في عالم اليوم.

وقد قُتِلَ آلافٌ من المقاتلين والمدنيين. وحذَّرَت وكالات الإغاثة أواخر العام الماضي من أنَّ 4.4 مليون شخص تأثروا بشكل مباشر من استمرار الأعمال العدائية، بينما يحتاج 3.8 مليون شخص لمساعدة عاجلة.

وتعود جذور الحرب إلى عام 2013، عندما تظاهر عشرات الآلاف في كييف وأماكن أخرى، متهمين الحكومة وقتها بالتراجع عن خطط للتوقيع على اتفاقية تجارية مع الاتحاد الأوروبي بعد ضغوط من الكرملين.

استخدمت الحكومة العنف ضد المتظاهرين، الذين أطاحوا بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش العام التالي. وقد أدى هذا الأمر إلى اضطرابات في المناطق الناطقة بالروسية في شرق أوكرانيا وجنوبها. واستمر القتال بين القوات الحكومية والانفصاليين المدعومين من روسيا حتى عام 2015، ونفت موسكو مزاعم كييف أنها ترسل قوات وأسلحة ثقيلة إلى المنطقة.

واشترطت "اتفاقية مينسك" وقفاً لأطلاق النار وحالة دستورية خاصة للأراضي الواقعة تحت سيطرة المتمردين في إقليم دونيتس، الذي سوف يندمج مرة أخرى في أوكرانيا ويجري انتخابات. لكنَّ شيئاً من ذلك لم يتحقق، ووصل عدد خروقات وقف إطلاق النار إلى آلاف الحوادث. وقد قتل أكثر من 100 جندي أوكراني في إقليم دونيتس العام الماضي، وذلك بحسب الأرقام الرسمية. وقد ازداد هذا الصراع القذر المميت تجذراً منذ ذلك الوقت وصولاً إلى حدود أوروبا ذاتها، لكنه تلقى اهتماماً لا ينفك يتناقص من المجتمع الدولي.

لِمَ استمرت الحرب طويلاً بأوكرانيا؟


ليس لموسكو نية في التخلي عن مكاسبها التي كسبتها بصعوبة، على الرغم من ضغوط العقوبات. ولا تريد أوروبا والولايات المتحدة المخاطرة بمواجهة. والمشاعر داخل أوكرانيا وصلت إلى أقصى درجات الاستقطاب. وليس ثمة الكثير من الدلائل على أي تغير في هذا المأزق في صراع وصف بأنه "غير مرئي" و"متجمد".

تحميل المزيد