في ظل موجة الصقيع والثلج "السيبيرية" التي تضرب أوروبا منذ أيام، وأوقعت 57 قتيلاً، وشكَّل المشردون القسم الأكبر من ضحاياها، حاولت السلطات ومبادرات دينية، إسلامية ومسيحية، في مدينة ميونيخ الألمانية، توفير أماكن إقامة ومأكولات ساخنة لقرابة 600 من المشرَّدين في شوارعها وتحت جسورها، كان من بينها "منتدى ميونيخ الإسلامي".
وأعلن المنتدى، الذي يترأسه الإمام بنيامين إدريس، توفير 10 أماكن للمشرَّدين، للمبيت بمسجدهم في شارع "هوترشتراسه" القريب من ساحة "مارينبلاتز"، وذلك مدة أسبوع مبدئياً. وبات المسجد مفتوحاً للمحتاجين منذ يوم الأربعاء 28 فبراير/شباط 2018.
وقال إدريس في بيان، إنهم كمسلمين جزء من مجتمع المدينة، ويودُّون أن يساهموا بدورهم في أن يحصل الناس الذين ليس لديهم سقف فوق رؤوسهم يحميهم وينامون في العراء، على ملجأ دافئ وآمن خلال الليل على الأقل، مضيفاً أن دينهم يربِّيهم على حب الغير، وهو ما يقومون به في مدينتهم ميونيخ.
وقالت صحيفة "إسلاميشه تسايتونغ" إن المنتدى سيوفر الغذاء ومواد النظافة واللباس لمن يريد الإقامة في المسجد، وسيقدم خدمة رعاية نقالة، عبر توزيع الطعام على العشرات من المشردين بالتعاون مع مطعم "ماما".
وذكر تلفزيون "بي آر" البافاري العام أن المنتدى الإسلامي يعد الشوربة والمشروبات الساخنة في المكان الذي أعدَّه لمبيت المشردين، ثم يقوم أعضاء المبادرة بتوزيعها على المشردين. ونقل عن بلال المقدادي، أحد المتطوعين في إعداد الأسرَّة بالمسجد وتوزيع الطعام، قوله إن المبادرة كانت فكرة عفوية من قِبل المسلمين بالنظر إلى البرد الشديد حالياً، وإن تقديم المساعدة المتبادلة، سواء أكان المرء مسلماً أم لا، تقليد عظيم في الإسلام، على حد وصفه.
بعض المشرَّدين يرفضون تقبُّل المساعدة كي يظلوا أحراراً!
ووزع المسلمون ليل الأربعاء/الخميس الخبز والشوربة والشاي على الأناس الذين كانوا يبيتون في العراء، لكن لم يحاول أحد من المشردين الاستفادة من عرض المبيت بالمسجد في الليلة الأولى.
ولا يعد عدم رغبة البعض من المشردين في الاستفادة من المبيت بمكان دافئ كالمسجد المذكور في اليوم الأول- مفاجئاً؛ إذ بينت قناة "بي آر" أنه يبدو أمراً غير معقولاً، رغم واقعيته؛ إذ يفضل بعض الناس النوم في الشارع على الاستفادة من المئات من أماكن الإيواء المؤقتة المتوافرة بالثكنة البافارية، على سبيل المثال.
وعبَّر مسؤولون في قسم الرعاية الاجتماعية بمدينة ميونيخ عن عدم مفاجأتهم من ذلك التصرف، قائلين إنه ليس باستطاعتهم إجبار الناس على قبول عرض المدينة؛ لأن ذلك يعتبر قراراً يتخذه كلٌّ منهم بنفسه.
ويردُّ التلفزيون تفضيل العديد منهم المبيت تحت الجسور أو بصالات محطات القطار في أجواء باردة جداً، إلى أنهم يرون أنفسهم أحراراً على هذا النحو، ليسوا مجبَرين على اتباع قواعد المبيت كعدم شرب الكحول والاستيقاظ في الصباح الباكر، فيما يعاني آخرون أمراضاً نفسية أو يكونون مدمني مخدرات.
انتشار نصائح لمساعدة المشرَّدين
وكان قد تم تداول نصائح وأرقام هاتفية على مواقع التواصل الاجتماعي في ألمانيا، للتعامل مع المشردين؛ إذ تمت دعوة الناس للتحدث معهم، والتأكد من أنهم على ما يرام، أو الاتصال عند الضرورة بما يُسمى "حافلات البرد" التي تقدم المساعدة للمشردين في الشتاء أو بالإسعاف، على نحو ما فعلته صحيفة "دي تزايت" على حسابها بموقع تويتر، وتمت إعادة تغريدها مئات المرات.
Die #Kälte ist eine große Gefahr für Obdachlose. So verhalten Sie sich richtig:
1. Sprechen Sie die Person an
2. Informieren Sie einen Kältebus oder eine entsprechende Notfallhilfe
3. Ist die Person nicht ansprechbar oder unterkühlt, rufen Sie den Notarzt pic.twitter.com/S1Jnt9rj5K— ZEIT ONLINE (@zeitonline) February 27, 2018
فيما دعا موقع "دي فيلت" لعدم الاعتماد على الاتصال بـ"حافلات البرد"؛ لأنها لا تعمل على مدار الساعة، إلى جانب أن المشردين يعرفون المسارات التي يسلكونها عادةً ويتجنَّبون الوجود فيها؛ كي لا يلتقوهم، علماً أن الحافلات تلك تقدِّم لهم الطعام الساخن والمساعدة.
Warum Listen mit angeblichen Kältebus-Nummern kaum helfen: Das könnt ihr im Winter für Obdachlose wirklich tun pic.twitter.com/UyIAkMw4NU
— WELT (@welt) February 26, 2018