تثير الأسلحة الروسية الجديدة التي كشفها فلاديمير بوتين الخميس 1 مارس/آذار 2018، مستعرضاً مواصفاتها ما بين "غير محدودة المدى" و"تفوق سرعة الصوت" و"على الليزر"، مخاوف من سباق تسلُّح جديد مع واشنطن. لكن، ما هي حقيقة الخطر الذي تشكله؟ وما الذي يجنيه الرئيس الروسي فعلياً من إعلانه؟.
ما هي هذه الأسلحة؟
تشمل الأسلحة الجديدة التي عرضها بوتين، مستعيناً بصور افتراضية وبِدَوِيّ انفجارات، صاروخ كروز "غير محدود المدى" يعمل على الدفع النووي ويسلك خطاً لا يمكن التكهن به.
كما عرض صاروخاً باليستياً عابراً للقارات يُدعى "سارمات"، زنته 200 طن، ويمكن تجهيزه برؤوس نووية، سيحل محل المخزون الروسي الحالي من الصواريخ.
وبين التجهيزات الأخرى التي عُرضت، آلية تتحرك تحت الماء أسرع من الغواصة، ونوعان من صواريخ "تفوق سرعة الصوت"، وسلاح ليزر غامض المواصفات.
هل ينبغي التخوف منها؟
دعا بوتين، في خطابه، الغرب إلى "الإنصات" للقوة العسكرية التي استعادتها روسيا، مؤكداً في الوقت نفسه أنه "لا يهدد أحداً".
وشرح خبراء عسكريون روس، من جهتهم، أن هذه الأسلحة ليست جديدة، في حين رأى بعض المراقبين أنها لم تُنجَز بعد.
وقال المحلل العسكري الروسي ألكسندر غولتس: "كنا على علم بـ(سارمات)، كما كنا على علم بأن تطوير هذا الصاروخ يواجه صعوبات كبرى".
وأقر بوتين نفسه، في مقابلة أجرتها معه شبكة "إن بي سي" الأميركية، بأن الأسلحة التي عرضها لا تزال في مراحل مختلفة من التطوير، مؤكداً في الوقت نفسه أن بعضها جاهز للاستخدام.
من جهتهم، أكد الأميركيون أنهم "على استعداد تام" للتصدي للأسلحة التي عُرضت الخميس.
ما هو هدف بوتين؟
ألقى بوتين خطابه العسكري النبرة قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الروسية، المقررة في 18 مارس/آذار 2018، والتي يُتوقع أن يفوز فيها بولاية رابعة من 6 سنوات< لعدم وجود معارضة فعلية له. وأشار بوتين، في كلمته، إلى الإهانة التي تلقتها روسيا في السنوات التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، حين "لم يكن أحد ينصت" لموسكو. ويحظى الرئيس بشعبية واسعة في روسيا، حيث يعتبر العديدون أنه أعاد لموسكو مكانتها في العالم. وقال المعارض الرئيسي للكرملين أليكسي نافالني، إن المجال العسكري هو الموضوع الوحيد، حيث يمكن لبوتين "أن يكذب من دون أية محاسبة"، موضحاً أنه لو تباهى مثلاً بالإنجازات في مجال التعليم أو النظام الصحي الروسي، لكان بوسع الناخبين التحقق بأنفسهم من أكاذيبه.
"سباق تسلُّح" جديد؟
قدَّم بوتين الجهود الروسية لتطوير أسلحة جديدة على أنها "رد" على الأنشطة العسكرية الأميركية في العالم وعند حدود بلاده، ولا سيما مع نشر واشنطن منظومة دفاعية مضادة للصواريخ بأوروبا الشرقية وكوريا الجنوبية.
وعلى الرغم من نفي الكرملين سعيه لخوض "سباق تسلح" جديد، فقد أكد بوتين لشبكة "إن بي سي"، أن هذا السباق بدأ من قبل، مع انسحاب واشنطن، في عهد جورج بو،ش من معاهدة الحد من الصواريخ المضادة للقذائف الباليستية (إيه بي إم).
وقال الخبير أليكسي ماكاركين، لـ"فرانس برس": "في الولايات المتحدة، بعد مثل هذا الخطاب، ستصوت النخبة السياسية بكاملها من أجل زيادة النفقات العسكرية"، معتبراً أن بوتين وجَّه "تحدياً" إلى واشنطن.
ما هي العواقب؟
زاد خطاب بوتين من تدهور العلاقات الروسية-الأميركية، التي تعاني بالأساس تبعات الخلافات المتواصلة حول أوكرانيا وسوريا وقضية التدخل الروسي في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.
وردَّت واشنطن باتهام موسكو بارتكاب "انتهاك مباشر" للمعاهدات الدولية التي وقَّعتها روسيا.
وإن كانت إعلانات بوتين من شأنها أن تعزز موقع روسيا على المدى القريب في اختبار القوة الجاري بالعالم، إلا أن هذه الخطة قد تنقلب ضد موسكو، برأي غولتس.
وحذر من أن "سباق التسلح خلال الحرب الباردة، كانت نهايته وخيمة للاتحاد السوفييتي. فهو قوَّض الاقتصاد السوفييتي، وروسيا لا تملك الموارد ذاتها التي كان يملكها الاتحاد السوفييتي".
وختم بالقول: "ثمة ما يدعو إلى اعتقاد أن النهاية ستكون سيئة لموسكو".