هكذا وقعت الـ”بي بي سي” ضحية المواقع المزيفة في إيران.. طهران تعتمد هذه الاستراتيجية منذ 7 سنوات وشخص واحد مسؤول عنها

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/01 الساعة 11:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/01 الساعة 11:58 بتوقيت غرينتش

كشفت مجلة فوربس الأميركية، الخميس 1 مارس/آذار 2018، عن قائمة المواقع المزيفة التي ترعاها الحكومة الإيرانية، من أجل نشر بعض الأخبار الكاذبة أو التشكيك في مصداقية بعض وسائل الإعلام، بهدف منع تأثيرها على المجتمع الإيراني.

وقالت "فوربس" إن لإيران باعاً طويلاً في عالم المواقع المصممة لنشر الأخبار الكاذبة، والتشكيك في مصداقية وسائل الإعلام. كانت أحد الأهداف الرئيسية لإيران في الأعوام الأخيرة، هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). وبلغ حد المضايقات التي تعرض لها صحفيو الـ"بي بي سي"، ما دفعهم لتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة في العام الماضي (2017). وزعمت إحدى شركات الأمن السيبراني الإسرائيلية أنها وجدت مجموعة من المواقع الإلكترونية التي انتحلت صفة الـ"بي بي سي الفارسية" على مدار 7 أعوام.

وبحسب المجلة الأميركية، يعد أحد أشهر المواقع المزيفة موقع bbcpersian.net، الذي ما زال موجوداً حتى اليوم، ويتشابه في تصميمه مع الموقع الأصلي للـ"بي بي سي"، كما أن بعض أخباره قد تبدو صحيحة كذلك. إلا أن غالبية الأخبار المذكورة عليه مناهضة لمقالات الـ"بي بي سي" أو منشورات من مصادر تُتهم الهيئة بتجاهلها. ويضم الموقع كذلك، عدداً من مقاطع الفيديو الأصلية، التي تصحِّح أخطاء التغطية الإخبارية التي تقدمها الـ"بي بي سي الفارسية". على سبيل المثال، أحد العناوين المترجمة لمقال ما، هو كالتالي: "بي بي سي (تنسج الأكاذيب) لتدمير الإسلام والجمهورية الإسلامية"، بينما يقول آخر: "أخبار بي بي سي الهامة: طلاق ممثلَين هوليوديَّين".

وكان المقال الرئيسي، ليوم الأربعاء 28 فبراير/شباط 2018، معنوناً بالتالي: "هجوم الـ(بي بي سي الفارسية) على الحجاب: الضرب على طبل أجوف"، مصحوباً برسم كرتوني لتلفاز بذيل شيطاني، مهاجماً حجاب إحدى النساء. ويقول الإعلان الترويجي للمقال: "بما أن الـ(بي بي سي الفارسية) هي وكالة بريطانية ملكية لتغطية الأخبار، تسعى لنشر الثقافة الغربية والاستعمارية، فإنها تعارض أي نوع من الثقافة الإيرانية والإسلامية وتتناقض معه"، بحسب "فوربس".

من الشخص الذي يقف وراء هذه المواقع؟


وبحسب شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية "كلير سكاي-ClearSky"، التي فصّلت الأخبار الكاذبة في تقرير من 52 صفحة، تعمل هذه المواقع منذ عام 2011. وأُنشئت صفحات على فيسبوك وتليغرام كذلك من أجل دعم هذه المواقع المزيفة، ونشر الأخبار الكاذبة على نطاق أوسع، إلا أن هذه الصفحات لم تشهد نشاطاً في الأشهر الأخير، كما نقلت "فوربس".

وقد نجح القائمون على هذه المواقع في الترويج للأخبار الكاذبة، حتى إن مواقعهم تتصدر نتائج محركات البحث. ففي النسخة الفارسية من جوجل وياهو، يأتي الموقع المذكور في الموقع الثالث من نتائج البحث. ويأتي في صدارة القائمة عبر محرك البحث "يوز"، المدعوم من الحكومة الإيرانية.

ووجدت "كلير سكاي" أن المواقع الثلاثة الزائفة التي كشفتها (persianbbc.ir وbbcfarsi.org، إضافة إلى الموقع المذكور) تنتهي إلى علي رضا جافيداراباشي، وهو مواطن إيراني يُعتقد أنه قد عمل في وزارة الاتصالات الإيرانية، استناداً إلى عناوين بروتوكول الإنترنت أو الـ"آي بي" المستخدمة، أو بيانات التسجيل المتاحة، وفقاً للشركة التي زعمت أيضاً أنه عضو في الباسيج، وهي القوات المتطوعة التابعة للحرس الثوري الإيراني. ويُقال أيضاً إنه مسؤول عن أحد المواقع التي تركز على حزب الله، بحسب "فوربس".

وبحسب تقرير كشفته "كلير سكاي"، فإن علي رضا كان مسؤولاً عن حركة الباسيج في عدد من الجامعات والكليات، وأدار موقع "حزب الله نيوز-hezbolahnews.ir". حاولت "فوربس" التواصل معه من خلال عنوان البريد الإلكتروني، إلا أنها لم تتلقَّ رداً حتى وقت صدور المقال.

ويعتقد أوهاد زايدنبرغ، الباحث بـ"كلير سكاي"، أن هذه العملية ممولة من قِبل الحكومة الإيرانية، مشيراً إلى إعلان علي رضا على موقع خاص وعلى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، أنه عمل في وزارة الاتصالات الإيرانية، وأضاف: "إن العملية ضخمة، ونشطة منذ وقت طويل".

وتابع: "على مدار العقود الماضية، حاولت إيران منع التأثير الأجنبي على الهوية الوطنية الإيرانية. والثورة الإسلامية لعام 1979 هي مثال رئيسي على ذلك. ومن ثم، فإن هدف هذه العملية هو إثارة الحمية الوطنية بين الشعب الإيراني ضد وسائل الإعلام الغربية، من خلال اتهامها بالترويج لأجندات سياسية مناهضة لهوية إيران الوطنية"، بحسب المجلة الأميركية.

الـ"بي بي سي" تبحث اتخاذ إجراءات مضادة


وتبحث الـ"بي بي سي"، من جهتها، فيما يجب عليها القيام به لمواجهة هذه المواقع الزائفة. وقال متحدث رسمي للهيئة البريطانية: "نعلم بوجود هذه النطاقات، وإن رأينا أن مواجهتها ستستحق التكلفة والموارد المطلوبة، فسنتخذ الإجراءات اللازمة لإيقافها". وأضاف لـ"فوربس" أيضاً، أن المسؤولين عن الترويج لهذه الأخبار الكاذبة بوسعهم إنشاء موقع جديد لهذا النوع من الأخبار إذا أُزيل الموقع القديم؛ لذا سيكون على الـ"بي بي سي" تقدير ما إذا كان الوقت والتكلفة اللازمة لإزالة مواقع الأخبار الكاذبة من على الإنترنت، يستحقان إنفاق الموارد.

وتواجه الـ"بي بي سي" ضغوطاً متزايدة بإيران. في الأعوام الأخيرة، ذُكرت أسماء بعض العاملين فيها ببعض الأخبار الكاذبة، التي اتهمتهم بارتكاب أفعال جنسية غير مشروعة، أو أعمال يُعاقب عليها بالإعدام في إيران، وحُقق مع عائلات الصحفيين، بحسب الوكالة. وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017، وجهت الـ"بي بي سي" نداء إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعنيّ بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، عقب بدء إيران تحقيقاً جنائياً شمل 152 فرداً من العاملين في الـ"بي بي سي الفارسية"، والعاملين السابقين والمساهمين، بتهمة "التآمر على الأمن القومي"، بحسب المجلة الأميركية.

كما ازداد نشاط إيران وفِرق القرصنة العاملة في إيران على صعيد التجسس الإلكتروني الدولي. وصدر تقرير عن شركة الأمن الأميركية "سيمانتيك" الأربعاء 28 فبراير/شباط 2018، حول إحدى المجموعات الموجودة في إيران، والتي عُرفت باسم "شافر"، واستهدفت خطوط الطيران، وخدمات الطائرات، من ضمن مؤسسات أخرى. وكانت "فوربس" أيضاً قد كشفت العام الماضي (2017) عن دليل على استهداف شركة ديلويت من قِبل بعض القراصنة الإيرانيين باستخدام حساب فيسبوك مزيف، بحسب "فوربس".

علامات:
تحميل المزيد