الحرب قادمة بين إسرائيل وإيران.. هذه الأحداث المتقاربة فتحت الباب أمام صراع كبير قد ينشب العام المقبل

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/27 الساعة 02:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/27 الساعة 02:23 بتوقيت غرينتش

نشر موقع ناشيونال إنتريست الأميركي تقريراً تحدث فيه عن احتمال نشوب حرب بين إيران وإسرائيل بحلول سنة 2019.

وأوضح أنه إذا استخدمت إيران ميليشياتها الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية، بالإضافة إلى قواتها الخاصة لشنِّ هجمات على إسرائيل، فمن المحتمل أن تنشب حرب بين تل أبيب وطهران العام المقبل.

ووفق الموقع، فيقدر عدد المقاتلين العراقيين الشيعة المنتشرين ضمن 10 مجموعات بـ20 ألف مقاتل. أما الميليشيات غير الإيرانية من المرتزقة الأفغان، فيتراوح عددهم بين 15 ألفاً و20 ألفاً، في حين أن عدد الميليشيات الباكستانية يتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف.

وينحصر عدد قوات الحرس الثوري الإسلامي بين 8 آلاف و10 آلاف مقاتل، بينما يتراوح عدد المقاتلين من الجيش النظامي الإيراني بين 5 آلاف و6 آلاف، علما أن هذه التقديرات تعود إلى سنة 2016.

وفي حال جنَّدت طهران ميليشياتها، وقوات أخرى حشدت لتنفذ أهدافاً إيرانية، بالإضافة إلى الحرس الثوري الإيراني، لشنِّ هجمات على إسرائيل، فقد تنشب الحرب بين البلدين بحلول سنة 2019. كنا تساءلنا في يناير/كانون الثاني 2018 ما إذا كانت إيران ستشهد ثورة في سنة 2018؟ والآن نسأل: هل ستخوض كل من إسرائيل وإيران حرباً بحلول سنة 2019؟

في ظلِّ الاعتراف بشرعية المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ستتخذ طهران إجراءات متعسفة أقل لمجابهة المتظاهرين. وبالتالي، قد تجنح طهران، على سبيل المثال، إلى الدخول في حرب مع إسرائيل، لصرف انتباه المواطنين الإيرانيين عن الاضطرابات الداخلية.

في افتتاحية تقريرنا، بتاريخ 17 من يناير/كانون الثاني 2018، تصدَّر تصريح مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، الذي قال: "أقصى توقعاتي أن تروا الشعب الإيراني يواصل تمرده ضد هذه الحملة التي تشنها طهران للقضاء على الاحتجاجات".

وبالمثل، سندرج في بداية هذا التقرير تصريح المدير بومبيو، حول إسرائيل وإيران وكوريا الشمالية، حيث صرح أنه "سواء من خلال حزب الله اللبناني، تمثل إيران تهديداً بالنسبة لكل من لبنان وإسرائيل. وسواء من خلال ميليشيات شيعية، التي يمكن رؤية تأثيرها اليوم، حتى في شمالي العراق، فهي تهدد القوات الأميركية".

وقال بومبيو، إن "هناك تاريخاً طويلاً من العلاقات القوية بين كوريا الشمالية وإيران على مستوى امتلاك الأسلحة النووية. ويتبادل الشريكان التكنولوجيات، مما يجعل من السهل عليهما تطوير القذائف الباليستية والأسلحة النووية".

فرضية تلوح في الأفق

فيما يتعلق بسنة 2018، لم يعد الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران مجرد فرضية تلوح في الأفق، بل بات واقعاً الآن.

وقد تجلَّى ذلك من خلال اعتراض طائرة من دون طيار إيرانية فوق إسرائيل، ومن ثم إسقاط طائرة إسرائيلية من طراز إف 16، أعقب ذلك شنّ ضربات انتقامية ضد أهداف سورية وإيرانية.

وتفتح هذه الأحداث المتقاربة البابَ أمام إمكانية بروز مشاهد لحرب أوسع، خاصة إذا استمرت طهران في تعزيز وجودها في سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة.

في هذا السياق، من الضروري التطرق إلى التهديد الذي وجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، في مؤتمر ميونيخ للأمن، في 18 فبراير/شباط 2018. وقال نتنياهو: "لا تحاولوا اختبار الحل الإسرائيلي".

في المقابل هدد ظريف بأن إيران سترد "بشكل جدي" إذا لم يتم ضمان "مصالحها".

تعكس التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران، إشارات ضئيلة لحدوث تسوية للوضع، الذي يمكن أن تزداد حدته بين سنتي 2018 و2019. ولكن هل ستندلع حرب بين الدولتين؟ وكيف سيؤثر ذلك على السلم والأمن الإقليميين؟

أعلن الجيش الإسرائيلي، في 10 من فبراير/شباط 2018، أنه شنَّ "هجوماً واسع النطاق" داخل سوريا لاستهداف بطاريات الدفاع الجوي، والمواقع التي قال إنها ذات صلة بإيران، وذلك بعد تحطم طائرة تابعة له في سوريا. ويعكس هذا الأمر تذكيراً آخر بالأنشطة الإقليمية للجمهورية الإسلامية.

مؤخراً، ظهرت علامات تحيل إلى تقارب سريع في العلاقات بين الجارتين المنفصلتين. فقد وجَّه رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، في 10 فبراير/شباط، دعوةً لنظيره الجنوبي مون جاي إن، من أجل الدخول في محادثات في بيونغ يانغ، وذلك تزامناً مع انطلاق الألعاب الأولمبية الشتوية لسنة 2018.

الخلفية

كان الرئيس دونالد ترامب قد سارع باتهام إيران للمرة الأولى، بالانخراط في زعزعة الاستقرار الإقليمي، بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، في فبراير/شباط سنة 2017. إثر ذلك، بادر بفرض عقوبات شاملة تستهدف برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، في تموز/ يوليو سنة 2017.

في الواقع، كان قرار الإدارة الصادر، في أكتوبر/تشرين الأول سنة 2017، بإعلان الحرس الثوري الإسلامي رسمياً منظمة إرهابية أجنبية، ووضعه في القائمة السوداء بشكل فعلي رفقة أكثر من أربعين كياناً ذا صلة به في صلب الاقتصاد العالمي، كان ضرورياً لاحتواء عدوان النظام الإيراني، حسب ما ذكر الموقع.

وأقدمت وزارة الخزانة الأميركية على فرض عقوبات على إيران، في نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2017، بسبب تورطها في أنشطة إرهابية وعمليات تزوير واسعة النطاق. ولكن يجب بذل المزيد من الجهد لتسريع وتيرة الاضطرابات المتزايدة في البلاد وتقديم الدعم للشعب الإيراني، في ظل سعي البلاد لشن حرب ضد إسرائيل.

من جهة أخرى، أفادت تقارير من مصادر إسرائيلية وعربية باستئناف الحرب الإسرائيلية ضد سوريا. وقد برزت هذه المعضلة في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، في حين ظهرت إيران من جديد على اعتبارها لاعباً ضمن الحرب المحتملة بين إسرائيل وسوريا. منذ سنوات، نشبت "حرب الظل"، بين إسرائيل وإيران التي لا تزال مستمرة، وما فتئت تدفعنا إلى أحداث اليوم وما سيأتي في سنة 2019.

لنمعن النظر في حادثة اعتراض طائرة من دون طيار إيرانية فوق إسرائيل، وإسقاط طائرة إسرائيلية من طراز إف 16، وشن ضربات انتقامية ضد أهداف سورية وإيرانية، تفتح هذه الأحداث المتقاربة الباب أمام مشاهد لحرب أوسع بدأت مظاهرها بالفعل في التجسد، الأمر الذي سيتفاقم في حال استمرت طهران في تعزيز وجودها في سوريا، بعد "هزيمة" تنظيم الدولة.

أحداث متقاربة

أولاً: شنَّت إيران غارة من خلال طائرة من دون طيار على إسرائيل، في حين قام الإسرائيليون بتعقبها وإسقاطها.

ثانياً: أرسل الإسرائيليون مقاتلاتهم إلى سوريا لضرب مركز العمليات الإيرانية، الذي أرسلت منه الطائرة المسيرة، في قاعدة التياس الجوية.

ثالثا: أطلقت القوات التابعة لبشار الأسد العشرات من الصواريخ المضادة للطائرات، البعض منها تم توجيهه نحو الأراضي الإسرائيلية، وهو ما أجبر الكثير من السكان على الاختباء في الملاجئ، كما أجبر طاقم إحدى مقاتلات إفـ 16 على التخلي عن طائرته.

رابعاً: أرسل الإسرائيليون 8 مقاتلات إلى داخل الأجواء السورية، من أجل استهداف حوالي 12 منشأة عسكرية سورية وإيرانية.

خامساً: وعقب ذلك، أطلقت قوات الأسد مجموعة أخرى من الصواريخ المضادة للطائرات، يتراوح عددها بين 15 و20 طائرة، وهو ما أجبر السكان الإسرائيليين مرة أخرى على النزول إلى الملاجئ.

وأخيراً، يبدو أن القبول بتوسع الحضور العسكري الإيراني في سوريا سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى نشوب صراع أكبر بكثير، بين الإسرائيليين من جهة، والإيرانيين والميليشيات الشيعية التي تعرف بقوات الحشد الشعبي من جهة أخرى.

وتمثل هذه الميليشيات مظلة تجمع تحتها العديد من المجموعات المسلحة الأخرى الأصغر حجماً.

في الواقع، أكد السفير السابق دينيس روس من معهد واشنطن، أن "الكثير من قادة هذه الميليشيات زاروا الحدود الإسرائيلية بشكل مستفز خلال الفترة الأخيرة". كما تدور معارك على امتداد الخط الفاصل بين إسرائيل وسوريا، وتشارك فيه بشكل مباشر وحدات إيرانية أخرى إلى جانب الحشد الشعبي.

المضي قدماً

أولاً: لنلقي نظرة على موقف وزارة الخارجية الأميركية في هذا الصدد. بينما عمدت دمشق وطهران إلى توجيه تهديدات لإسرائيل، صدرت عن الخارجية الأميركية رسالة مفادها أن إسرائيل تقف وحدها في هذه المواجهة.

لماذا؟

في الواقع، وخلال جولته في الشرق الأوسط، زار وزير الخارجية ريكس تيلرسون عمان، وأنقرة، والقاهرة، والكويت وبيروت، دون أن يزور القدس. وبعد الاعتداءات الإيرانية باستخدام الطائرات المسيرة، يتوجب على تيلرسون زيارة إسرائيل.

وقد أصدرت وزارة الخارجية 10 بيانات صحفية، خلال شهر شباط/فبراير، تقول فيها إن "الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء التصعيد الحالي للعنف في الحدود الإسرائيلية، وتدعم بقوة سيادة إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها.

يضع تصعيد وتيرة التهديدات المقصود من قبل إيران، وطموحها لفرض هيمنتها وقوتها، كل سكان المنطقة، انطلاقاً من اليمن وحتى لبنان، في موضع خطر.

وتواصل الولايات المتحدة السعي للتصدي لكل الأنشطة الإيرانية في المنطقة، في حين تدعو لوضع حد للممارسات الإيرانية التي تهدد السلام والاستقرار.

ثانيا: أكد البنتاغون أنه لم يشارك في هذه العملية العسكرية، حيث صرح أن "إسرائيل تعد أقرب شريك أمني لنا في المنطقة، ونحن ندعم تماماً حقها الكامل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات المحيطة بأرضها وشعبها".

من جانبه، أفاد أدريان رانكين غالاوي، المتحدث باسم البنتاغون، قائلاً: "نحن نشاطر الكثيرين في المنطقة المخاوف التي يشعرون بها، وخاصة إزاء إمكانية أن تهدد الأنشطة الإيرانية المقوضة للاستقرار السلام والأمن في العالم. نسعى للدفع نحو موقف دولي أقوى، في مواجهة الأنشطة الخبيثة الإيرانية".

في المقابل، من الضروري أن يتجسد المزيد من الدعم، من جانب وزارتي الخارجية والدفاع، حيث تشير دراساتنا إلى أن هناك حاجة لزيادة الدعم العسكري الموجه لإسرائيل، الذي يشمل تغيير طائرات إف 16، التي نجحت الدفاعات الأرضية السورية في استهدافها خلال عملية الرد الإسرائيلي على الهجوم بطائرة من دون طيار.

في سياق متصل، أفادت دانييل بليتكا، من مؤسسة أمريكان إنتربرايز، أن "الولايات المتحدة لم تستفد من خيارات القوة العنيفة والقوة الناعمة في المواجهة مع إيران في سوريا واليمن وباقي أنحاء المنطقة. تمثل إيران تهديداً صاعداً لا شك فيه ولا مفر منه، على الأقل بالنسبة لإسرائيل، ولن يكون هناك أي خيار إلا المواجهة".

لا تعد إسرائيل الوحيدة التي باتت مهددة بسبب إيران، حيث يمنحها برنامجها للصواريخ الباليستية القدرة على استهداف أماكن أخرى في كل المنطقة، خاصة أنها تملك الآن أكبر مخزون من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط.

وتعمد طهران في ظل رغبتها ردع الولايات المتحدة إلى تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات، مثل تلك التي تمتلكها بيونغ يانغ، يمكنها استهداف الأراضي الأميركية، حسب ما أكده تقرير تقييم التهديدات العالمية الصادر عن وكالة الاستخبارات الأميركية، في فبراير/شباط سنة 2018.

تحميل المزيد