فشل مجلس الأمن الدولي، في التوصل إلى اتفاق يضع حداً لعمليات القتل المتواصلة في الغوطة الشرقية القريبة من العاصمة السورية دمشق، وأرجأ المجلس مرة أخرى التصويت على قرار للتوصل إلى هدنة، مع وصول عدد الضحايا المدنيين إلى المئات.
وقال مندوب السويد الدائم لدى الأمم المتحدة السفير "أولوف سكوغ" إن مجلس الأمن الدولي لم يتمكن، أمس الجمعة 23 فبراير/شباط 2018، من اعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به بلاده بالتنسيق مع الكويت بشأن فرض هدنة إنسانية في سوريا.
وأعرب في تصريحات للصحفيين بمقر المنظمة الدولية بنيويورك،عن أمله يأمل في أن يجتمع أعضاء المجلس، اليوم السبت، من أجل إصدار القرار.
وأكد سكوغ أن "الموقف يبعث فعلاً على الإحباط، خاصة اذا ما وضعنا الحقائق على الأرض في اعتبارنا، ونأمل في أن نتمكن اليوم من الاجتماع لإصداره.. إن الفجوة مازالت قائمة داخل المجلس".
وبدوره أكد رئيس مجلس الأمن الدولي ومندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي أن التصويت على مشروع قرار الهدنة سيجري ظهر السبت بالتوقيت المحلي لمدينة نيويورك.
ويجري المجلس مشاورات منذ 9 فبراير/شباط الجاري حول مشروع قرار متعلق بهدنة إنسانية، ترافقت مع حملة قصف جوي كثيفة لقوات نظام بشار الأسد على الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة.
وتواجه المفاوضات مشاكل بسبب خلافات بين دول المجلس، لا سيما أميركا وروسيا، حول تصوّر رئيسي في نص القرار يحدد موعد بدء وقف إطلاق النار.
واتهم دبلوماسيون غربيون موسكو بمحاولة تعطيل التصويت على القرار لصالح نظام الأسد، الذي يريد القضاء على بؤرة المعارضة المسلحة الأخيرة قرب العاصمة دمشق. وقالوا إن روسيا تحاول منح نظام الأسد وحلفاءه فرصة إضافية لاقتحام تحصينات المعارضة في الغوطة والسيطرة عليها فعلياً قبل صدور قرار من مجلس الأمن، وفقاً لما ذكره موقع "بي بي سي".
وتعثرت المفاوضات بسبب تعديلات طلبت روسيا إدخالها على مشروع القرار المتعلق بفرض الهدنة، بينها أن وقف إطلاق النار لا يشمل العمليات ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" أو "القاعدة"، بالإضافة إلى "الأشخاص والجماعات والمنشآت والكيانات" التي ترتبط بالمجموعات الإرهابية.
وفي البداية كان مشروع القرار ينص على أن موعد سريان وقف إطلاق النار يبدأ بعد 72 ساعة من تبنيه، لكن هذا التصور لا يزال قيد المناقشة.
واستخدمت روسيا حق النقض 11 مرة ضد مشاريع قرار حول سوريا تستهدف حليفتها دمشق. وفي تشرين الثاني/نوفمبر استخدمت حق النقض لإنهاء تحقيق تقوده الأمم المتحدة حول هجمات بالأسلحة الكيميائية في سوريا.
كما أن أحد أبرز الخلافات الرئيسية بين موسكو وواشنطن والتي أدت إلى إرجاء التصويت، اشتراط موسكو وضع موعد محدد لوقف إطلاق النار وجعله في أقرب وقت ممكن، فيما يصر الأميركيون على وضع زمن محدد.
وأعربت السفيرة الأميركية، نيكي هايلي، عن خشيتها مع استمرار المفاوضات ليوم آخر حول الهدنة، وكتبت هايلي على تويتر: "من غير المعقول أن روسيا تعطّل التصويت على وقف لإطلاق النار يسمح بإدخال مساعدات إنسانية في سوريا".
وأضافت: "كم عدد الأشخاص الذين سيموتون قبل أن يوافق مجلس الأمن على التصويت؟ لنقم بذلك الليلة. الشعب السوري لا يستطيع الانتظار".
تنديد بالقتل
في غضون ذلك، دعا الاتحاد الأوروبي، أمس الجمعة، إلى وقف المجزرة في الغوطة الشرقية، في حين أعربت فرنسا عن استعدادها لاستقبال مدنيين جرحى ممن سيتم إجلاؤهم من الغوطة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على هامش قمة غير رسمية للاتحاد في بروكسل: "يعجز الاتحاد الأوروبي عن وصف الرعب الذي يعيشه سكان الغوطة الشرقية (…) يجب أن تتوقف المجزرة الآن". وأضافت أن "الدخول غير المشروط للمساعدات الإنسانية وحماية السكان المدنيين، يعتبران من الواجبات الأخلاقية".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وجها رسالة مشتركة الجمعة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليطلبا منه الموافقة على مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي لإقرار وقف إطلاق النار في سوريا، كما أعلن الإليزيه.
وفي رسالتهما، طلب ماكرون وميركل الموجودان في بروكسل، من روسيا دعم مشروع قرار يطالب بوقف لإطلاق النار مدة 30 يوماً في سوريا ويرمي خصوصاً إلى تسهيل وصول المساعدة الإنسانية وإتمام عمليات الإجلاء الطبية في الغوطة الشرقية.
وهاجم رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، روسيا وإيران، وقال إنهما تسمحان لنظام الأسد بقتل الأطفال الأبرياء والرجال والنساء في الغوطة الشرقية.
وشدد تاسك على أن الاتحاد الأوروبي يدعو إلى وقف إطلاق نار فوري، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الغوطة.
وفي وقت سابق أمس الجمعة، أعلنت الأمم المتحدة، مقتل حوالي 400 شخص، وإصابة أكثر من ألف آخرين؛ جراء الغارات الجوية على منطقة الغوطة الشرقية لدمشق، خلال الأيام الأربعة الماضية.
ومنذ أشهر، تتعرض الغوطة الشرقية، الخاضعة لسيطرة المعارضة، لقصف جوي وبري من قوات النظام السوري، رغم كونها ضمن مناطق "خفض التوتر"، التي تم الاتفاق عليها في مباحثات أستانة، عام 2017، بضمانة من تركيا وروسيا وإيران.